إنتهى المؤتمر السوري السوري في سوتشي برعاية وتنسيق روسي، وأتى بمخرجات مهمة وضرورية لسوريا المستقبل، لكنها بديهية والهدف الرئيسي من عقده لم يحدث ألا وهو إحداث خرق مهم في العملية التفاوضية.
المؤتمر أظهر بوضوح مدى ضعف المعارضة السورية في توحيد صفوفها وأن تكون هناك كلمة جامعة لها، إضافة الى انه اظهر مدى تبعية قرارها للخارج، حيث رفضت في البداية الدخول الى سوتشي وبقيت في ارض المطار بسبب وجود العلم السوري الذي يمثل الدولة وليس شخص، حيث ان العلم خالي من صورة الرئيس السوري بشار الاسد، او اي رمز لعائلته، والوانه تمثل الدولة الاموية والعباسية والراشدية والفاطمية ودماء شهداء سوريا عبر الزمن، وهذا العلم كان علم الوحدة بين سوريا ومصر ومن وضعه هو الرئيس المصري جمال عبد الناصر، واعيد في عام 1980 لتبقى الوحدة العربية واهدافها قائمة، ورفض المعارضة الجلوس على طاولة يوجد هذا العلم عليها او حتى المشي في شارع وهو يوجد فيه، يضع عدة اسئلة حول العقيدة التي تحملها هذه المعارضة، اما موافقتها على المشاركة بعد اتصالات من مسؤولين في الخارجية التركية، يضع اسئلة اكبر حول انتمائها الوطني وسيادة قرارها.
عندما ننظر الى قائمة من حضر من قبل جميع الوفود نرى عدم شخصيات فعالة على الارض السورية، وهناك مثل يعرفه الجميع وهو "اذا كثر الطباخين خربت الطبخة" وفي سوتشي كان هناك 1600 طباخ فماذا نتوقع منهم ان يطبخوا؟ اهم ما خرج به المؤتمر هو الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية من ممثلي الحكومة والمعارضة لإصلاح الدستور وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254، ولكن لننتظر هنا ونضع سؤال وهو لماذا قال البيان اصلاح دستوري وليس وضع دستور جديد للبلاد؟ اذا الدستور الحالي قابل للعيش والبقاء والاستمرار وليس سيئا فلماذا المعارضة كانت ترفضه طوال السنوات الماضية؟
سوتشي لم يراد له النجاح منذ البداية، وقبل ان ينطلق اعلنت الشخصيات الفعالة في المعارضة السورية وهي الشخصيات التي تهيمن عليها السعودية والولايات المتحدة، مقاطعة الاجتماع وذلك الى جانب 40 فصيلا مسلحا، وهو ما نسف امال نجاح المؤتمر، وذلك الى جانب عقد مؤتمر مفاجئ في فيينا قبل سوتشي بايام قليلة لتقول واشنطن وبارس ولندن والرياض انهم هم الفاعلون على الارض ولن يقبلوا بسوتشي وهي رسالة فهمتها موسكو بشكل واضح، واثناء انعقاد المؤتمر قالت فرنسا بان الحل يجب ان يكون تحت مظلة الامم المتحدة وجنيف، وكان هذا التصريح القشة الاخيرة التي كسرت ظهر سوتشي. وهذه الامور مجتمعة كرست فكرة ان الحل في سوريا يجب ان يكون عسكريا ومن ثم الذهاب الى لقاء سياسي يضع الخطوط العريضة لسوريا المستقبل وهو امر فهمته موسكو.
الاجتماع اظهر بوضوح ان المعارضة السورية عاجزة عن انتاج او قبول اي مقترح للحل في سوريا، وهذا المؤتمر او ما سبقه من اجتماعات اممية لم يعطوا اي دفعة مهمة للمفاوضات. سوتشي نجح بنقطة مهمة وهي انه استطاع ان يجلس الوفود جميعها تحت سقف واحد ووجها لوجه، ونأمل بان تجلس جميعها تحت مظلة الوطن يوما ما، او لنبحث عن مدينة اخرى ربما يكون فيها المفتاح السحري لحل الازمة السورية.