تركيا الحديثة استطاعت أن تقيم علاقات مميزة بمستعمراتها العربية السابقة, يجمعهم الإسلام السني المعتدل!؟,فكان للشركات التركية نصيب الأسد من مشاريع التنمية, ناهيك عن ملايين السياح العرب الذين يقصدون تركيا لأجل التسوق أو الترفيه وما ينتج عن ذلك من عوائد تقدر بمليارات الدولارات.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا وقفت تركيا إلى جانب احداث الشغب في دول ما يسمى الربيع العربي رغم انها كانت تقيم علاقات مميزة مع حكامها!!؟. هل هي رغبة جامحة في إعادة السيطرة على المنطقة العربية بعد أن فقدت الأمل في الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي؟ ,أم أنها محاولة لتثبت للغرب بأن لها فضاء متوسطي تستطيع من خلاله تصريف منتجاتها وبأنها دولة اقليمية لا بد من اشراكها في ايجاد حلول للمنطقة؟ فهي الى جانب أنها تقيم علاقات مع العرب فإن لها علاقات مميزة مع الكيان المغتصب لفلسطين ,فالخطوط الجوية التركية الرسمية قامت العام المنصرم بنقل ما يربو على المليون مسافر من وإلى مطارات فلسطين المغتصبة.
السيد أردوغان !! رمى بكل ثقله في الأحداث الجارية بليبيا, فتحالف مع اخوانها لكي يسيطروا على الأوضاع, وقد ساندته في ذلك دولة قطر التي اصبحت المقر الرئيس للإخوان المسلمين في العالم ومفتيهم العام الشيخ القرضاوي, قيادات الاخوان في ليبيا تتقاطر على تركيا بل البعض يقيم هناك اقامة شبه دائمة, فأقاموا المشاريع الاستثمارية التي نهبوها من خزينة الشعب الليبي الذي لم يعد قادرا على الإيفاء بأبسط سبل العيش ,كما أن بعضهم يذهب لتلقّي الأوامر ونيل البركة.
مع أفول نجم الاخوان(الدواعش بمختلف مسمياتهم)في الشام فإن السلطات التركية تقوم بعمليات ترانسفير لهؤلاء الى ليبيا(الحلقة الاضعف),كما أنها تزودهم بمختلف أنواع الأسلحة والمؤن بحرا وجوا,وخاصة العصابات الإجرامية في بنغازي ما جعلها ترتكب أشنع الجرائم من قتل وتشريد وهدم منازل بحق السكان الآمنين العزل على مدى 3سنوات وتحقق النصر على العصابات الإجرامية بفعل القوات المسلحة والقوى المساندة لها.تركيا تقوم بكل ذلك لأجل استمرار الازمة وتثبيت عملائها في السلطة التي اغتصبوها بقوة السلاح,فهي تعلم يقينا بان الشعب الليبي أصبح مدركا لدورها الخبيث.
أخيرا وليس آخرا, لقد ضبطت تركيا بالجرم المشهود من خلال قيام السلطات اليونانية(العدو التقليدي)بالقبض على السفينة التركية ( اندروميدا ) وهي محملة بمواد تدخل في صناعة المتفجرات (410طن) متجهة الى ليبيا, خارقة بذلك قرارات مجلس الامن والأمم المتحدة بشان حظر تسليح الجماعات المتقاتلة في ليبيا, ان ذلك يعتبر تدخلا سافرا في الشأن الداخلي لليبيا واعتبار تركيا دولة راعية وممولة للإرهاب.
إن ما يقوم به أردوغان يعكس مدى خشيته من سقوط عملائه (الاخوان الذين يعضون بالنواجذ لأن تبقى الأمور على ماهي عليه الآن)في حال إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعدم تدخل المال الانتخابي ,والسؤال هل ستقوم المنظمة الأممية ومؤسساتها الإنسانية وبالأخص الحقوقية بإجراء تحقيق بالموضوع لأجل جلاء الحقيقة وكف جرائهم التي طالت كافة مناحي الحياة ومعاقبة المرتكبين من دول ومنظمات(جمعيات خيرية! )وأفراد, ليكونوا عبرة للآخرين, ونتمنى أن تتوقف أنهر الدماء التي لا تزال تسفك ,وتتوحد الجهود لأجل بناء الوطن الذي أصبح غالبية أبنائه تحت مستوى خط الفقر, يتلقون المساعدات الانسانية البسيطة, بينما أمواله المنهوبة يستثمرها العملاء في تركيا والمغرب وتونس ومصر والأردن.