أصل كلمة الدبلوماسية:
هي كلمة يونانية اشتقت من كلمة دبلوم او دبلون ومعناها طبق أو طوى أو ثنى فلقد كانت تختم جميع جوازات السفر ورخص المرور على طرق الامبراطورية الرومانية، و قوائم المسافرين والبضائع على صفائح معدنية ذات وجهين مطبقين ومخيطين سوياً بطريقة خاصة وكانت تذاكر المرورهذه تسمى (دبلومات ) واتسعت كلمة دبلوما حتى شملت وثائق رسمية غير معدنية التي تمنح المزايا أو تحتوي على اتفاقات مع جماعات أو قبائل أجنبية .
قال شيشرون عن الدبلوماسية عام ( 106- 43 ق.م ) استخدم كلمة دبلوما بمعنى التوصية الرسمية التي تعطي للأفراد الذين يأتون الى البلاد الرومانية وكانوا يحملونها معهم ليسمح لهم بالمرور وليكونوا موضع رعاية خاصة.
انتقلت الدبلوماسية اليونانية الى اللاتينية والى اللغات الأوروبية ثم الى اللغة العربية.
1- الدبلوماسية في اللاتينية :
تعني الشهادة الرسمية اوالوثيقة التي تتضمن صفة المبعوث والمهمة الموفد بها ، والتوصيات الصادرة بشأنه من الحاكم يقصد تقديمه و حسن استقباله أو تسير انتقاله بين الاقاليم المختلفة وكانت هذه الشهادات او الوثائق عبارة عن أوراق تمسكها قطع من الحديد ( تسمى دبلوما ) .
2- أما المعنى الثاني : الذي استعمله الرومان لكلمة دبلوماسية والذي كان يفيد عن طباع المبعوث أوالسفير و قصدت باللاتينية ( بمعنى الرجل المنافق ذي الوجهين ) .
الدبلوماسية بالمفهوم الفرنسي :
تعني مبعوث اومفوض أي الشخص الذي يرسل في مهمة ( اما كلمة سفير فتشتق من كليتيه ،أي تابع ، خادم وهو لقب يمنح فقط لممثلي الملوك) .
إن الاسبان كانوا أول من استخدم كلمة سفارة او سفير بعد نقلها عن التعبير الكنسي بمعنى الخادم او السفارة .
فاتسع مفهوم الدبلوماسية فيما بعد وأصبحت تستعمل في عدة معان :
أ- معنى المهنة .
ب- معنى المفاوضات
ت- ومعنى الدهاء و الكياسة.
ث- ومعنى السياسة الخارجية .
الدبلوماسية في اللغة العربية فكانت كلمة ( كتاب) للتعبير عن الوثيقة التي يتبادلها أصحاب السلطة بينهم والتي تمنح حاملها مزايا الحماية والامان.
و كلمة سفارة تستخدم عند العرب بمعنى الرسالة أي التوجه والانطلاق الى القوم ، بغية التفاوض وتشتق كلمة ( سفارة من سفر) أو ( أسفر بين القوم إذا أصلح ) و ( كلمة سفير هو يمشي بين القوم في الصلح أو بين رجلين ) .
تعريف الدبلوماسية :
1- تعريف معاوية بن أبي سفيان يقول :" لو ان بيني و بين الناس شعرة لما قطعتها إن أرخوها شددتها وإن شددتها أرخيتها" ( !!! )
2- تعريف ارنست ساتو: "ان الدبلوماسية هي استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة.
3- تعريف شارل كالفو: الدبلوماسية هي علم العلاقات القائمة بين الدول كما تنشأ عن مصالحها المتبادلة وعن مبادئ القانون الدولي، و نصوص المعاهدات والاتفاقات ومعرفة القواعد والتقاليد التي تنشأ وهي علم العلاقات أو فن المفاوضات أو فن القيادة والتوجيه.
4- تعريف هارولد نيكلسون : يقول أن الدبلوماسية هي إدارة العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات او طريقة معالجة وإدارة هذه العلاقات بواسطة السفراء والممثلين الدبلوماسيين فهي عمل وفن الدبلوماسيين .
5- يقول الدكتور عدنان البكري: ان الدبلوماسية هي عملية سياسية تستخدمها الدولة في تنفيذ سياستها الخارجية في تعاملها مع الدول والأشخاص الدوليين الآخرين وإدارة علاقاتها الرسمية بعضها مع بعض ضمن النظام الدولي.
6- يقول مأمون الحموي: إن الدبلوماسية هي ممارسة عملية لتسيير شؤون الدولة الخارجية وهي علم وفن علم ما تتطلبه من دراسة عميقة للعلاقات القائمة بين الدول ومصالحها المتبادلة ومنطوق تواريخها ومواثيق معاهدتها من الوثائق الدولية، في الماضي والحاضر وهي فن لأنه يرتكز على مواهب خاصة عمادها اللباقة والفراسة وقوة الملاحظة.
الدبلوماسية و القانون الدبلوماسي:
يقول براديه فودريه : ان القانون الدبلوماسي هو ذلك الفرع من القانون الدولي الذي يتناول بصفة خاصة تنسيق العلاقات الخارجية للدول.
يقول جينيه :ان القانون الدبلوماسي هو فرع من القانون العام الذي يهتم بصورة خاصة بممارسة وتقنين العلاقات الخارجية للدول، و صيغ تمثيلها في الخارج وإدارة الشؤون الدولية وطريقة قيادة المفاضات.
الدبلوماسية – و التاريخ الدبلوماسي:
في التاريخ الدبلوماسي : يقول الدكتور أبو هيف هو دراسة تاريخ الدبلوماسية في ماضيها تتبع المراحل المختلفة التي مرت بها في مجال العلاقات البشرية ومصائر الشعوب وعن طريق هذا التاريخ يمكن معرفة مجريات السياسة الدولية في الماضي و اتجاهها، و دوافع الحرب عن طريق المفاوضات و المعاهدات ان تعيد تنظيم المجتمع الذي يعيش فيه .
الدبلوماسية القديمة – أهمها :
1- الدبلوماسية البدائية ( القبلية)- الفئة الأولى تقول أن:
أ- يقول بلاغا : يرجح تاريخ الدبلوماسية الى الكرسي البابوي حيث كانت الخطوة الاولى للدبلوماسية في ايطاليا قد خطتها الدبلوماسية البابوية، ودبلوماسية المدن الايطالية ( و خاصة دبلوماسية البندقية) .
ب- يقول موات: ان الدبلوماسية بدأت عام 1451 في نهاية حروب المئة عام .
ت- يقول هل : ان الدبلوماسية بدأت مع القرن العشرين أي مع مرحلة الدبلوماسية العلنية .
*الفئة الثانية تقول نشأة الدبلوماسية بنشأة المجتمع وتطوره :
1- يقول نيوملن: ان التاريخ يذكر ان القبائل البدائية والجماعات البشرية الاولى قد عرفت الحرب والسلم وإجراء الصلح ، و مراسم الاحتفالات الدينية والسياسية والاتصالات التجارية و هذه الجماعات كانت لها مراسم خاصة عند وفاة الزعيم وعند تولي زعيم جديد للسلطة.
2- يقول دوليل : بأن الدبلوماسية ظهرت أثارها على الألواح الآشورية وفي التاريخ الصيني والهندي والاغريقي و الروماني ولكن لا صلة مباشرة بين النظام الحديث وبين ارسال الكنيسة الرومانية الوسطى للمبعوثين.
تطور العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع القبلي أدى الى بروز بعض القواعد و الأغراض أهمها:
1- كانت البعثات الدبلوماسية تنشأ عن الاعلان عن تولي زعيم جديد للسلطة او تتويج احد الملوك أو وفاة آخر أو إجراء انتخاب لاختيار زعيم أو رئيس .
2- كان ارسال البعثات والسفراء يجري بهدف القيام بالاتصال والتباحث من أجل المصاهرة والزواج .
3- كانت الدعوة الى عقد الاجتماعات التي تضم القبائل القريبة والبعيدة تهدف إلى بحث عدة شؤون منها الصيد والأعياد والشعائر الدينية.
4- كانت غاية البعثات تطوير العلاقات الودية ونبذ الحروب والدعوة للمفاوضات وعقد الصلح والاحتفال بإرساء قواعد السلام.
5- كانت هذه البعثات تشجع على قيام جماعات سياسية من أجل التحالف والمساندة كوسيلة لرعاية السلام(مثل حلف الفضول " حلف الطيبين" ) .
حلف الفضول: كانت القبائل العربية في العصرالجاهلي تعقد حلف لنصرة المظلوم إذا ظلم وهوعقد لحماية زائري مكة والحج اليها .
6- كان البعثات الدبلوماسية تقوم بدور في اعلان الحرب أوالتهديد بها و الأخطار التي تترتب على وقوعها.
7- مبدأ تبادل الرسل والمبعوثين المؤقتين إقرارمبدأ الحصانات والامتيازات .
8- في بعض المجتمعات البدائية كانت تلقى عمل السفارة على النساء.
الدبلوماسية في حضارة الشرق الأوسط القديمة: ( حضارة الفراعنة، و حضارة الرافدين) .
كانت الدبلوماسية والعلاقات الدولية في هذه المرحلة ناشطة في الشرق الاوسط حيث قامت في هذه المنطقة مدينات امتدت من أرض ما بين النهرين دجلة، والفرات الى وادي النيل، محاطة بمدن صغيرة ودويلات مدنية أكبرها امبراطورية الكلدانيين اوالبابليين أوامبراطورية الفراعنة وكانت العلاقات الدولية تتميز بسمات المجتمع الآسيوي التي شكلت قاسماً مشتركاً لحضارات واسعة تمتد من مصر الى سورياو بلاد فارس حتى الهند الصينية و كانت السلطة مركزة بشكل قوي لإدارة شؤون الحكم وكان الحاكم أوالملك يجسد الدولة فكانت الدبلوماسية والعلاقات الدولية تنفذ لخدمة السياسة الخارجية التي تحدد أهدافها الأباطرة والملوك كما ان جميع المشكلات العامة و الخاصة كانت تحل (عادة بالحرب) أو (بالسلم) ، ضمن اتفاق او تعاهد يجري بعد التفاوض عن طريق مبعوثين او رسل ، مثالاً على ذلك :
1- مصر كانت تتبع قواعد تقوم على انتهاج سياسية خارجية قائمة على مبدأ التوازن القوي و سياسة تقديم المعونات المالية و الهدايا الى الملوك المجاورين بالإضافة الى المصاهرة و الزواج.
2- كما اكتشف مجموعة من الرسال الدبلوماسية بلغ عددها 360 لوحاً من الصلصال وهي عبارة عن المراسلات الدبلوماسية المتبادلة بين فراعنة الأسرة الثامنة عشرة التي حكمت مصر في القرنين الخامس عشر والرابع عشر وملوك بابل والحثيين وسوريا وفلسطين معظمها كان مكتوباً باللغة البابلية لغة العصر الدبلوماسية.
3- هذا ما تؤكده معاهدة قادش بين الفراعنة والحثيين سنة 1279 ق.م التي أتت نتيجة في القانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية، وأهم مبادئ هذه المعاهدة :
أ- اهمية المبعوثين والرسل والاعتراف بمركزهم في تحقيق السياسة الخارجية .
ب- التأكيد على اقامة علاقات ودية واشاعة السلام القائم على ضمان حرمانه أراضي الدولتين وتحديد التحالف و الدفاع المشترك .
ت- مبدأ رعاية الآلهة للعهد كقسم وتحريم النكث بالعهد .
ث- مبدأ تسليم المجرمين والعفو عنهم إنما دون تمييز بين المجرم العادي و المجرم السياسي.
و تبرز أهمية هذه المعاهدة ( قادش) في تاريخ العلاقات الدولية في ثلاثة أمور:
1- هذه المعاهدة تعتبر أقدم وثيقة مكتوبة حتى الآن في تاريخ القانون الدولي .
2- هذه المعاهدة بقيت حتى العصور الوسطى ( النموذج المتبع) في صياغة المعاهدات لما تضمنته من مقدمات ومتن وختام .
3- هذه المعاهدة ترسم لنا صورة صادقة وأمنية عن اوضاع الممالك في الشرق القديم وعن كيفية انصهار الدولة بشخص الحاكم او الملك.
الدبلوماسية في حضارة الشرق القديم الهند الصينية :
الدبلوماسية في الصين القديمة، اتبعت قواعد ومبادئ ارتبطت بنظرتهم الفلسفية وأسبغت عليها هالة من القدسية النابعة من الديانة البوذية والبراهمية، دعا كونفوشيوس الفيلسوف في القرن السادس قبل الميلاد الى اختيار مبعوثين دبلوماسيين يتحلون بالفضيلة ويختارون بناء على الكفاية و ذلك ليتمثل دولهم في الخارج سواء على المستوى الدولي ام جماعة الدول.
و فضل الفيلسوف كوانج شينغ ، اللجوء الى استخدام السلمية على الوسائل الحربية و دعا الى أن تخصص الدولة ثلثي ميزانيتها للانفاق على الاتصالات والبعثات الدبلوماسية واتبعت قواعد الاسبقية، ومراسم الاستقبال واستقصاء مبعوثيها للمعلومات بشكل سري.