لطالما تغنت اسرائيل بسيطرتها على قمة جبل الشيخ العربي السوري واهمية تلك السيطره من الناحيتين التكتيكية والاستراتيجية .اذ انها تتيح للجيش الاسرائيلي التمتع بسيطرة نارية على محاور جانبي الحدود اللبنانيه السوريه المقابله لمواقعه في جبل الشيخ ، بينما تمنحه أو توفر له مراصده الاستخبارية والتجسسيه المقامة على قمم جبل الشيخ إمكانيات ضخمة لجمع المعلومات ومراقبة التحركات العسكرية والمدنيه ليس في سورية ولبنان فقط وإنما في كل شرق المتوسط، اَي انها توفر له مزايا استراتيجية مهمه ذات تأثير كبير على مجريات المعارك العسكرية ، في حال حصولها في هذه الجبهه ، وكذلك الامر بالنسبة لمسار الصراع العربي الاسرائيلي بشكل عام والصراع مع حزب الله بشكل خاص والذي هو القوه العسكرية العربيه الشعبية الوحيدة التي تواجه الجيش الاسرائيلي باستراتيجية واضحة ومدروسة وعلمية وحرفية عالية جدا سوف تؤدي بالضروره الى إنهاء الوجود الاستيطاني اليهودي في فلسطين ....
وانطلاقا من الأهمية المشار اليها أعلاه فقد قام الجيش الاسرائيلي وعلى مدى السنوات الماضيه بمحاولات مستمرة لتعزيز سيطرته على قمم جبل الشيخ وذلك من خلال دعم وتسليح عصابات داعش والنصرة وغيرهما من المسميات في ارياف القنيطره الشمالية والجنوبية بهدف ابعاد وحدات الجيش العربي السوري وحلفائه عن خطوط وقف إطلاق النار وبالتالي تعطيل جهود تحرير الجولان وما بعد الجولان.
لكن قيادة قوات الحلف المشتركة التي نشأت على خلفية الحرب الكونية على سورية منذ نحو سبع سنوات واصلت اخيراً تحركها الديناميكي الفعّال الهادف الى ابطال أو إلغاء مفاعيل المتغيرات التي فرضها الجيش الاسرائيلي ، عبر العصابات المسلحه ، في الميدان سواء في أرياف القنيطره أو في أرياف درعا.
ذلك التحرك العسكري التكتيكي في المحاور المشار اليها أعلاه والذي يتسم بنتائج ومفاعيل استراتيجية غايه في الأهمية وصل الى قمته يومي الجمعه ٢٢/١٢/٢٠١٧ بتحرير قرية مغر المير وتحرير بلدة بيت جن يوم ٢٣/١٢/٢٠١٧ . فبالإضافة الى النتائج المباشرة لذلك الهجوم المبرمج الذي ينفذه الجيش العربي السوري وحلفائه على امتداد جبهة الجولان من أقصى الشمال الى الاقصى الجنوب ، والتي تمثلت ( النتائج ) في تدمير مواقع ومقرات العصابات المسلحه ،بمختلف مسمياتها وتكبيدها خسائر كبيرة في العديد والعدة ، وتقطيع أوصالها والاقتراب من إنهاء وجودها في كل تلك المناطق بشكل كامل ، فان تلك النتائج المشار اليها أعلاه باتت تشكل القاعدة الأساسيه في خطة تحرير الجولان وما بعد الجولان .
ان سيطرة الجيش العربي السوري وحلفائه على القطاع الشمالي من جبهة القنيطره ،بشكل خاص ، يعني من الناحية العسكرية المحضة "سقوط " جبل الشيخ بجميع ما يحتوي من مقرات ومواقع وتجهيزات إسرائيليه عسكريا ، وان القوات الحليفة ستكون قادرة ، عند صدور امر العمليات لها بالسيطرة المباشره على تلك المواقع ، بما يعني انها فعليا باتت قادرة على السيطرة على ذلك الموقع وتحريره من خلال عمليه عسكريه صاعقه لا يحتاج تنفيذها لأكثر من كتيبتي قوات خاصه ، تشنان هجوما منسقا على جانبي الحدود اللبنانيه السوريه ، بحيث تنطلق كتيبة من محاور جينه / عين الفرا / في الجانب السوري ومن محور شبعا / عين عطا / في الجانب اللبناني ، والذي سيؤدي الى الى السيطره السريعة على قمم جبل الشيخ تماما كما حصل في جرود فليطه وجرود راس بعلبك والقاع ، خاصة وان الجيش الاسرائيلي في جبل الشيخ سيكون مضطرا للقتال بلا غطاء جوي لأسباب عسكرية عديدة تتعلق بخطط المقاومة لهذه المعركه والتي لا مجال للخوض في تفاصيلها في هذا المقام.
وهذا يعني ان الحصن الحصين للجيش الاسرائيلي في الجبهة الشمالية ساقط عسكريا حتى قبل ان تبدأ معركة تحريره من قبل قوات حلف المقاومة . ومن هنا فان معركة السيطره على بيت جن ومزارع بيت جن وغيرها في هذا القطاع تتسم باهمية استراتيجية عاليه سيكون لها عظيم الأثر في معارك المستقبل في الجولان وما بعد الجولان.
وبالنظر الى ان القياده العسكرية الاسرائيليه تعرف حق المعرفة عمق هذه الحقيقة ومدى اتساع تأثيراتها المستقبلية فإنها تعتبر بان هزيمة العصابات الارهابية التكفيرية من جنس الشتيرن والهاجاناه وغيرها والتي كانت تديرها في الجولان هي هزيمة مدوية لها ليس فقط من زاوية تكتيكاتها التي استخدمت بهدف انشاء حزام أمن من العملاء لحماية قواتها في قطاع الجولان بل وكما تعرف تماما حجم التأثير الهائل لتموضع قوات حلف المقاومة على طول خط وقف إطلاق النار من الحدود الأردنيه السوريه جنوبا وحتى مزارع شبعا شمالا.
وهذا ما يفسر حالة التخبط والنزق التي تسود هيئة الأركان الاسرائيليه ، اذ انها تعتبر ان ما جرى هو بمثابة تحول استراتيجي في موازين القوى في الميدان لا يَصْب في صالح الجيش الاسرائيلي .
وإذا ما أضفنا الى ذلك عدم اكتراث الدول العظمى ، روسيا والولايات المتحدة ، بالصراخ الاسرائيلي حول الوجود المزعوم للحرس الثوري الإيراني على طول حدود الجولان فإننا نشعر بعمق المأزق الذي تعيشه قيادة الجيش الاسرائيلي التي تجد نفسها في مواجهة مباشره مع قوات ذات إمكانيات قتاليه كبيره ومعنويات وصلت عنان السماء الى جانب قيادة لديها القرار الواضح والثابت بالاستمرار في الاستعداد للمنازلة الكبرى التي ستغير وجه المنطقة وتؤدي الى قيام وضع جيوإستراتيجي جديد بالكامل ،سيكون فيها تحرير فلسطين كاملة هو حجر الزاوية فيه . وعليه فان كل ما ينشر من ضجيج إعلامي سواء لنتن ياهو ووزير حربه أو لسيده في البيت الأبيض ليس له اَي قيمه في ظل العجز الاستراتيجي الذي يعانيان منه.
وما نعنيه بالضبط هو عجزهم عن بدء حرب على حلف المقاومة أو على بعض أعضاءه ولأسباب عديده أهمها ان خطط حلف المقاومة تركز على اخراج سلاح الجو الاسرائيلي بشكل كامل من المعركه حتى قبل بدأها ما سيتسبب في هزيمة الجيش الاسرائيلي حتى قبل انطلاق او بدء المعركة او المنازلة الكبرى المنتظرة .
بعدنا طيبين قولوا الله