كتب الأستاذ سامي كليب مقالاً بعنوان (إيران بعد الأسد) وبرأيي المتواضع لم يكن موفقاً بهذا العنوان، خاصة لكونه جاء متناقضاً تماماً مع المضمون، وهذا ما أكد عليه الدكتور حسن الحسن في رده على هذا المقال ومن هذا المنطلق يهمنا توضيح الأمور التالية:
أن سورية وأسدها هي محور الصراع في المنطقة وقد تصدت لهذا العدوان الكوني منفردة على مدى ستة عشر شهراً، كان الحلفاء والأصدقاء خلالها يراقبون الوضع من بعيد، ويتهيؤون للدفاع عن وجودهم في ميادينهم، لكن وعندما تأكدوا بأن الجبهة السورية تشكل خط الدفاع الأول عنهم، وأن الاعتماد على صمودها منفردة هو خطأ استراتيجي، انتقلوا إلى ميدانها للاستفادة من صلابة قائدها، وبسالة جيشها، وصمود شعبها، باعتبارهم قيمة مضافة كبيرة، وهكذا دخل حزب الله على خط المواجهة المباشرة، تبعته إيران ومن ثم روسيا، مع إقرار الجميع بأن المشاركة في الدفاع عن سورية هو حماية لمصالح كل فريق وتحت عناوين مختلفة، أهمها أن سورية مستهدفة لأنها تشكل قطب الرحى في منظومة المواجهة لمشاريع التفتيت والتقسيم ونشر الفوضى في المنطقة تمهيدا لأدخالها في عصر الصهينة وبأن أحد أهم عناصر القوة في سوريا هو قائدها الثابت الواثق بجيشه وشعبه وقدرته على الصمود بل وعلى الأنتصار ولهذا السبب فأن دول العدوان أتخذت من اسقاطه شعارا لمعركتها ومن هنا كان تمسك الحلفاء والأصدقاء ببقاءه لأن أي طرح آخر يعني الهزيمة لهذا المحور، مع اعتراف الجميع وأقراراهم بأن كل قواهم ليست كافية لتحقيق هذه النتيجة بل أن دورهم أقتصر على تعزيز هذا الصمود وها هو سماحة السيد نصرالله يقول (( لو أجتمع العالم لمنع سقوط سورية أمام هذه الهجمة لن ينجح لولا انها تملك هذا الجيش الجيش العقائدي الذي قدم هذه التضحيات.)).
الرئيس بوتين (( إن شخصية الرئيس الأسد كانت أحد أهم عوامل الصمود وهي التي مكنت روسيا من تحقيق نتائج في مواجهة العدوان)) وكذلك صبت معظم التصريحات الرسمية الأيرانية في ذات السياق والمعنى ومن أن سوريا وقائدها كانا اهم نقاط القوة في هذا المحور .
اما من حيث النتائج الملموسة فأن روسيا بتدخلها في سورية انتقلت من مرحلة العزلة إلى مرحلة الشريك في صناعة القرار الدولي، ومن ثم إلى اللاعب الأقوى في ملفات الشرق الأوسط.
أما إيران فمنذ دخولها إلى الميدان السوري، وهي تتقدم أشواطاً في علاقاتها الدولية، وصولاً إلى حد إزاحة خصومٍ لها من طريقها كالسعودية، وجلوسها على مقعد الشريك الدولي الرئيسي، ومن موقع من يملي الشروط، وقطفت اتفاقاً نووياً أدى إلى فك عزلتها الدولية.
أما حزب الله فقد انتقل وللمرة الأولى وعلى لسان سماحة الأمين العام من موقع القوة المحلية إلى موقع القوة الإقليمية التي تغير في المعادلات الدولية، وازداد حضوره وقوته، الأمر الذي دفع كسينجر للقول بأن (قوة حزب الله جعلت منه طرفاً اقليمياً، بل دولياً، لا يمكن اتخاذ القرارات بمعزل عن إرادته).
أردنا من خلال استعراضنا لهذه الوقائع الوصول إلى نتيجة مفادها أن سورية الأسد كانت هي العرين، وقاعدة الانطلاق، وجبهة المواجهة والدفاع عن كل من يؤمن بخط المقاومة، ويسعى إلى حفظ السلم والأمن الدوليين، ومواجهة مشاريع البلطجة الأميركية، وبأنها هي من دفعت أغلى الأثمان من دماء أبناءها العسكريين والمدنيين، وبناها التحتية، وأقتصادها، لكنها في المقابل كسبت احترام العالم بأسره، وكسب كل من وقف الى جانبها مكانة كبرى، وسَيُذكرُ اسم قائدها كواحد من أعظم القادة على مدار التاريخ، وستدين الحضارة البشرية لسورية ولشهدائها بالفضل في الحفاظ على إرث الأنبياء وخط الرسالات السماوية التي تدعو إلى السلام والمحبة والأرتقاء بالبشر الى مرتبة الأنسانية.
والسؤال الحقيقي الذي يثار هنا: ماذا كان مصير العالم لو لم يكن هناك سورية وعلى رأسها هذا القائد العظيم؟ ماذا كان مصير المقاومة وخطها ونهجها لو سقط عمود خيمتها؟ ماذا كان مصير إيران لو تفككت نواة الذرة ودرة تاج محور المقاومة سوى دولة معزولة مستهدفة ولن تكون روسيا سوى دولة متجمدة بعد أن خسرت إصبعها في المياه الدافئة، وقد أصبح الآن لها أيدي وأرجل بدلاً من الأصبع.
إذن السؤال الحقيقي ليس إيران بعد الأسد، بل ما كان ليكون مصير إيران والعالم بدون وجود قائد مثل الرئيس بشار الأسد؟!