الجامعة العجوز التي أصابها الخرف أعادت بنا دورة الزمان إلى الخلف، وجددت شبابها ونصوصها المنتهية الصلاحية، ووضعتها في بورصة الدول الغنية، لتنتقي منها ما يلائم مطامعها ومطامحها، فبعد أن أطعمت الشارع العربي الوجبة الفاسدة المسماة اتفاقية دفاع عربي مشترك لتغطي العدوان على الشعب اليمني وبحيث يكون قتله مطابقاً للمواصفات القانونية، عادت اليوم لتخرج لنا أكذوبة أخرى اسمها لجنة حقوق الإنسان في جامعة الدول العربية، والأنكى أن هذه اللجنة لها كوادر تنفيذية تقوم بأعمال المراقبة والتوثيق وإعداد التقارير عن الانتهاكات وجرائم الحرب، وبعد أن تمخضت هذه اللجنة المستوردة من أرشيف الجامعة، خرجت علينا بتقرير كتب بحبر نفطي على مكتبٍ فاخر في أحد قصور الرياض بأن جماعة الحوثي قد ارتكبوا جرائم حرب في مدينة عدن، وقد وصف البيان معدّي التقرير بأنهم لجنة من كبار القانونيين المحايدين (كاد المريب أن يقول خذوني)، ويبدو لي أن هذه اللجنة قد استدعيت على عجل من إجازة دامت حوالي 70 سنة لم تعد خلالها تقريراً واحداً، علماً أني أذكر خلال هذه السنوات حصلت عدة مجازر للفلسطينين على يد الصهاينة، وعلى يد ملك الأردن (ايلول الأسود)، ومجزرة بحر البقر في مصر، وحرق المسجد الأقصى، والهجوم بالكيماوي على الأكراد، ومجزرة صبرا وشاتيلا، ومجزرتي قانا الأولى والثانية، عدا عن مئات المجازر الأخرى التي لا مجال لذكرها الأن.
وبالعودة الى الموضوع اليمني فإن العدوان الصهيو خليجي لم يعد بإمكان الحلفاء إخفاء فظاعته واجرامه، واضطرت المنظمات الحقوقية في اكثر من تقرير الى إدانة النظام السعودي لأرتكابه جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الأنسانية، تبعها الإعلام الغربي المؤيد للعدوان بالتنديد بما تقوم به السعودية، لأنه فاق كل حدود الوحشية، ولم تشر هذه التقارير بالرغم من عدم حياديتها إلا إلى مجموعة افتراءات تتعلق بسوء معاملة انصار الله لبعض المعتقلين، وهذا مرده إلى أن الوقاحة الغربية ترسم لنفسها حدود تقف عندها، أما الوقاحة في جامعة الدول العربية فهي تفوق كل الحدود، وماذا ننتظر من مأجور قبض ثمن شرعنة العدوان سوى أن يعد التقارير التي تبرأ الجلاد وتدين الضحية؟! والمضحك في الأمر أن هذه الجامعة التي حكمت على الشعب اليمني بالإعدام، تهدد بتوقيع عقوبات إضافية على الضحية!! وهل بعد الموت عقاب أيها الحمقى؟! كما أننا لا نستغرب أي شيءٍ تفعلونه. . فليس بعد الكفر ذنب وأنتم قد اعلنتم كفركم على الملأ.
حقاً نحن في زمن المعجزات، فها هي جامعة الدول العربية المحتضرة، هي ومواثيقها، تعود للحياة وتحيي عظام لجانها، بعد أن كانت رميم طيلة سنوات القحط العربي، وتحت شعار حقوق الإنسان الذي اسقطت عنه حق الحياة يوم أن شرعنت باطلاً العدوان، ولا تكتفي بقتلنا بالنيران بل تريد قتلنا بالقانون لكي يصبح لحمنا ودمنا حلالا طيباً واضحية لخادم الحرمين الشريفين .
يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .
الكاتب: الدكتور قاسم حدرج / مستشار في العلاقات الدولية