يعاني الاقتصاد الاردني من أزمة عميقة بسبب وصفات صندوق النقد الدولي وإملاءاته ولكونه اقتصاد ريعي يعتمد على جيوب الفقراء والكادحين ومتوسطي الدخل ولافتقاره للمشاريع التنمويةواستثماره الموارد والثروات الوطنية وتبديده لمقدراتنا الوطنية التي كانت تمده بعناصر الصمود أسوة بالشقيقة سورية ، وبسبب اعتماده على المعونات والمساعدات المرهونة والمشروطة بالمواقف السياسية ومنها الخليجية التي توقفت في الآونة الاخيرة بسبب أزمة هذه الدول الاقتصادية وبإدراكها بان توظيف المواقف الاردنية اصبح تجارة غير ذات مردود بعد هزيمة مشروع العدوان على سورية ، وبعد نصر حلب الاستراتيجي الحاسم الذي ألقى بتداعياته دولياً ًواقليمياً ، وبعد مؤتمر الآستانة والمصالحات السورية المحلية .
وكما يبدو في احد جوانب المشهد السياسي فقد التقط الاردن الرسمي اللحظة الراهنةوانسامجاً مع المتغيرات الدولية والإقليمية اتخذ جملة من الخطوات في مقدمتها الالتفات للعمق العربي
وفي مقدمته الاشقاء العراقيين والسوريين وهي الوجهة الصائبة وأدرك ان في التعاون الاقتصادي والامني والعسكري والسياسي الاردني العراقي السوري الاردني مصلحة لجميع الأطراف .
ففي الوقت الذي ينهزم به مشروع الارهاب عراقياً وسورياً وتسدد به ضربات قاصمة للارهابيين يدرك الاردن بانه سيكون احد وجهات الارهابيين وعرضة لمخاطرتهم القادمة .
وقد كانت تصريحات رئيس الاركان وقائد قوات حرس الحدود تشير الى هذه المخاطر بان الجيش الاردني نشر نصف قواته على الحدود الشرقية والشمالية اي العراق وسورية الامر الذي يتطلب التنسيق الامني والعسكري والتقارب السياسي والتعاون الاقتصادي . وفي المشهد الاخر إرسال رسائل للخليج ، والانسجام مع تصريحات ترامب بنيته محاربة الارهاب والتأهب لدور ما في مشروع كريدور الدولة الكردية الممتدة من غرب العراق وشرق سورية لدرعا ثم للعدو الصهيوني .
تندرج زيارة الوفد العسكري السوري للأردن والتي تعتبر تتويجا للتحولات الميدانية العسكرية والدبلوماسية العراقية والسورية وزيارة الملك عبدالله لموسكو تندرج في هذا السياق ، وهي خطوات إيجابية ستعكس ارتياحاً شعبياً اردنيا وسوريا وعراقياً وتحسناً اقتصاديا بالضرورة وتمهد لمزيد من التقارب مع منظومة المقاومة وفي مقدمتها سورية والعراق وإيران والصديقة روسيا أسوة بتركيا ومصر.
ان هذه الاصطفافات تعزز التعاون العربي المشترك وتزيد عناصره صلابة وتماسك في مجابهة المخاطر والازمات على مختلف أنواعها .
لقد أبدى الاشقاء السوريين رغبتهم في فتح الحدود مع الاردن اذا أبدى الاردن رغبته واستعداده وتوقف عن تدريب وارسال الارهابيين لسورية وأبدى استعداده لتحمل مسؤولياته لإنهائهم وفتح الحدودالسورية الاردنية الذي سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الاردني ويتحررمن رهنه لارادة المانحين .
ان المناخات الدولية وتصريحات ترامب والتحول في المزاج والمواقف الدولية بتكريس الرئيس بشار الاسد رئيسا لسورية تفتح افاقاً لهذا التعاون وتطويره وليس اقتصاره على التعاون الامني الذي قد يتلوه عودة الاصطفافات والسيناريوهات السابقة .
خلاصة الامر :
المنتصر يفرض إيقاعه ولغته ، وسورية وحلفاؤها على وشك تحقيق النصر وفرض إيقاعهم السياسي ، ومن الحكمة الالتحاق بركب المنتصرين والتخلص من تركة المهزومين .