تقرير عن أطروحة الطالب سفيان محمد إبراهيم لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية
ناقش الطالب أطروحته الموسومة " التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية وتداعياته على الأمن القومي العربي"، أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة، خليل حسين ومحمد قاسم، وطوني عطاالله ومحمد وليد عبد الرحيم، وسناء حمودي، حيث وجهت للأطروحة عدة انتقادات وملاحظات شكلا ومضمونا، كما وجهت للطالب بعض الأسئلة التي أجاب عليها. وبعد المناقشة والمداولة التي أجرتها اللجنة، قبلت اللجنة الأطروحة الموسومة " التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية وتداعياته على الأمن القومي العربي"، ورأت اللجنة أن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد.
تتناول هذه الأطروحة ، التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية ، كإحدى أهم القضايا الرئيسة في منظومة العلاقات العربية الأفريقية منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة عام 1948.
وتبرز أهمية الأطروحة، في كونها تعالج خلفيات التغلغل الإسرائيلي في القارة الإفريقية وتداعيات ذلك على الأمن القومي العربي، إذ أن هذه القضية ، تركزت في خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلا أنها أخذت أشكالا وأحجاما أخرى في مراحل لاحقة ، وبخاصة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، الأمر الذي يستوجب إعادة قراءة موضوعية وعلمية لمجمل هذه القضية ، التي تمكنت من خلالها إسرائيل ،الاستفادة إلى مستويات عالية على حساب العرب وقضاياهم .
لقد انطلقت الأطروحة من إشكالية رئيسة مفادها عوامل التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية ، والتداعيات التي أفرزتها في المستويين العربي والإفريقي، إضافة إلى إمكانية المواجهة وقدرات النجاح لدى العرب، وجاء ذلك عبر العديد من الأسئلة التي توضّح ذلك وأبرزها:
- هل اعتمد الوجود الإسرائيلي في أفريقيا على جهود السياسة الإسرائيلية وحدها، أم على التنسيق مع قوى خارجية أخرى؟
- وهل الوجود الإسرائيلي العسكري والأمني في أفريقيا من القوة بمكان، بحيث لا يمكن تحجيمه أو احتوائه ؟
- ما هي دوافع التمسّك الأفريقي بدعم العلاقات مع إسرائيل؟ وهل مرد ذلك ضعف التعاون العربي - الأفريقي، أم يعود إلى عوامل ذاتية تتصل بجاذبية النموذج الإسرائيلي كما يروّج له؟ أم إلى العلاقة الوثيقة بين إسرائيل من جانب والولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى منفردة في النظام الدولي الراهن من جانب آخر؟
- ما هي أهم مناطق التركيز الإسرائيلي في أفريقيا؟ وما هي أهم أسبابه ؟
- ما هي وسائل وأدوات التغلغل الإسرائيلي في القارة، خاصة في فترة تسعينيات القرن الماضي؟
- إلى أي مدى يؤثر التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا على المصالح العربية والمصرية ؟
- وكيف يمكن مواجهة المخططات الإسرائيلية في أفريقيا؟ وما أنسب السبل لتحقيق ذلك؟
أما لجهة ة أهداف الأطروحة فتتمثل في:
- تحليل وتقيي البعد التاريخي في العلاقات الإسرائيلية الأفريقية من منظور عام.
- تحليل نسقي لإطار العلاقات الإسرائيلية الأفريقية من خلال: رصد مظاهر القوةواستجلاء دوائر الضعف.وتحديد مناطق التماس والمصالح المشتركة. وتقييم الإستراتيجية الإسرائيلية في بعض مناطق القارة الأفريقية ، حيث يتم التركيز على الوجود الإسرائيلي في غرب القارة، والقرن الأفريقي على سبيل المثال.
لقد اعتمد الطالب في كتابة الأطروحة على منهجين رئيسيين،المنهج التاريخي لدراسة البعد التاريخي للعلاقات الإسرائيلية - الأفريقية والعلاقات العربية - الأفريقية، كما اعتمد على المنهج التحليلي في إطار العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية من خلال إبراز نقاط الضعف ،ورصد مظاهر القوة ، إضافة إلى تحليل نمط العلاقات العربية - الأفريقية وأهمية العلاقات الإسرائيلية الأفريقية وما يؤثر فيهما، لإظهار الدراسة بصورة متكاملة وشاملة لجميع جوانب الموضوع.
كما انطلقت الأطروحة من بعض الفرضيات التي أسهمت في التوصل إلى سياقات محددة لرسم الاستنتاجات ووضع المقترحات ومن بينها:
- أن هناك علاقة طردية بين الضغط الأمريكي الفعال على السياسة الأفريقية تحت تأثيرات النظام الدولي أحادي القطبية، وتوطيد العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية.
- إن اعتماد إسرائيل على عدة مرتكزات ومداخل جديدة غير تقليدية، في تحركها السياسي والأمني تجاه أفريقيا، انعكس بالإيجاب على حجم وكثافة العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية.
- ثمة تفاوتاً في مدى تأثر الأمن القومي العربي على وجه العموم، والأمن الوطني المصري على وجه الخصوص، طبقاً لاختلاف كثافة النفوذ الإسرائيلي في الأقاليم الأفريقية المختلفة.
- ثمة تأثيراً كبيراً لبعض القنوات غير الرسمية، في حجم وكثافة العلاقات الإسرائيلية - الأفريقية، والتي سعت الأطروحة لرصد عناصرها، سواءً على المستوى الأمني أو السياسي أو الإستراتيجي.
- أن حجم وتطور العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية - الأفريقية، يرتبط بالعائد السياسي لهذه العلاقات، أكثر من ارتباطه بالعائد الاقتصادي.
قُسمت الأطروحة إلى قسمين، تضمن كل قسم فصلين. ضم القسم الأول فصلين، تناول الأول ، العوامل المؤثرة في تطور العلاقات الإسرائيلية الأفريقية من خلال ثلاثة مباحث، بحث الأول في العامــل الجغــرافـي والعسكري والثاني العامل الديني والسيكولوجي ،فيما الثالث العامل السياسي والاقتصادي. أما الفصل الثاني ، فخصص لبحث محددات العلاقات الإسرائيلية – الأفريقية في ثلاثة مباحث، عرض الأول للمحددات الإقليمية ، فيما الثاني للمحددات الإفريقية، أما الثالث فتناول التنافس الدولي في القارة الإفريقية. أما القسم الثاني المعنون ، تداعيات التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا على الأمن القومي العربي ، فتضمن فصلين، عرض الأول لأفريقيا والصراع العربي الإسرائيلي ،عبر ثلاثة مباحث ،تضمن المبحث الأول مراحل العلاقات العربية الأفريقية ، فيما تضمن المبحث الثاني نظرة إستراتيجية للعلاقات العربية الأفريقية، أما الثالث فعرض إلي مراحل العلاقات الأفريقية الإسرائيلية. أما الفصل الثاني من القسم الثاني ، أخطار التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا على أمن الوطن العربي ، فتضمن أيضا ثلاثة مباحث، في المبحث الأول تمت معالجة تداعيات الصراع في القرن الأفريقي على الوطن العربي، أما المبحث الثاني فعرض للأمن القومي العربي في منطقة البحر الأحمر، فيما استعرض المبحث الثالث التنافس الإيراني الإسرائيلي في القرن الأفريقي في غياب المنافسة العربية.كما انتهت الأطروحة بخاتمة تضمنت أهم نتائج الأطروحة وأبرز المقترحات التي يمكن أن تسهم في تحسين الأوضاع العربية، ومعالجة مخاطر التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء.
توصل الطالب إلى العديد من الاستنتاجات أبرزها
- طرحت إسرائيل نفسها أمام الدول الأفريقية ، على أنها نموذجا للدولة النامية ، والتي استطاعت أن تتخطى المشاكل نفسها التي تعاني منها الدول الأفريقية خصوصاً في مجال التنمية.
- من وسائل إسرائيل لتكريس التغلغل، لجوئها إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع أكبر عدد ممكن من الدول الأفريقية،
- أن الوجود الإسرائيلي في القارة الأفريقية تركز في المناطق الإستراتيجية المهمة والحساسة في القارة.
- حاولت إسرائيل بكل الوسائل تنمية إمكاناتها الإقتصادية عبر إقامة علاقات اقتصادية مع الدول الأفريقية، ذلك عن طريق توسيع تجارتها الخارجية، وتنويع أسواقها، سواءً في التصدير أو استيراد بعض حاجاتها وإيجاد مجالات لاستثماراتها، وتشغيل بعض أموالها في تسهيلات ائتمانية لهذه الدول .
- إن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء قيادة عسكرية جديدة في أفريقيا، في شهر شباط / فبراير عام 2007، باسم (أفريكوم) يكشف مدى تطابق المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية الأمريكية في أفريقيا، وبخاصة في منطقة القرن الأفريقي الكبير.
أما ابرز المقترحات التي سجلها الطالب فهي:
- لأجل وضع حد لأدوات وآليات التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء، من المفيد وضع إستراتيجية التصدي للتغلغل الإسرائيلي في أفريقيا، تنطلق من مصر بإعتبارها دولة محورية عربياً وأفريقيا، بما لها من قوة ناعمة،
- ان تفعيل الدور الأفريقي في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي يصبح حاجة ملحة حيث تمثل الدول الأفريقية قرابة نصف عدد الأعضاء، في كلتا المنظمتين الأخيرتين، نظراً لوجود مكتب لمقاطعة إسرائيل في كلتيهما، وهو ما يملأ الفراغ الذي يخلقه ضعف الصوت المعارض لإسرائيل داخل منظمة الوحدة الأفريقية لغياب مكتب مقاطع مماثل بها، وهو ما يعد مظهراً من مظاهر التأثير الدولي الإسرائيلي عليها.
-تأسيس آلية عربية أفريقية مشتركة للأمن الجماعي لمكافحة الإرهاب بين الدول المطلة على البحر الأحمر، تأسيساً على الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب (القاهرة 1998) والأفريقية لمنع ومكافحة الإرهاب الجزائر (1999)، ومعاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي (واغادوغو، 1999).
- دعم وتعزيز التعاون الاستراتيجي بين دول حوض النيل، والعمل على إجهاض المشروعات الإسرائيلية على هضبة الحبشة، وفي باقي دول المنابع.
- إعادة النظر في قوانين المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي لأنها أصبحت غير صالحة بالنسبة للمتغيرات. فليس معقولاً للجامعة العربية التي نشأت في ظروف الأربعينيات ، أن تواجه تطورات المواقف القطرية والإقليمية والدولية في القرن الحادي والعشرين ، وكذلك الحال مع الاتحاد الأفريقي.
ناقش الطالب أطروحته الموسومة " التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية وتداعياته على الأمن القومي العربي"، أمام اللجنة المكوّنة من الدكاترة، محمد قاسم، وطوني عطاالله ومحمد وليد عبد الرحيم، وخليل حسين وسناء حمودي، حيث وجهت للأطروحة عدة انتقادات وملاحظات شكلا ومضمونا، كما وجهت للطالب بعض الأسئلة التي أجاب عليها. وبعد المناقشة والمداولة التي أجرتها اللجنة، قبلت اللجنة الأطروحة الموسومة " التغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية وتداعياته على الأمن القومي العربي"، ورأت اللجنة أن الطالب يستحق درجة الدكتوراه في العلوم السياسية بتقدير جيد.