يعتبر التعبير القائل : ( الدول الناطقة باللغة الفلانية ) , من أكثر التعابير تداولاً في الساحة السياسية الدولية وذلك لتشكل المجالس الاقليمية على اساسه واتخاذ مواقف موحدة في اغلب الاحيان خصوصاً عندما ترتبط القضية بموضوعها القومي و أمثلة ذلك كثيرة , مثل جامعة الدول العربية , والمجلس التركي , والمنظمة الدولية للفرنكوفونية , وغيرها . ولا يوجد تعبير ( الدول الكاتبة بالأبجدية العربية او اللاتينية او السيريلية او غيرها ) لاعتبار الابجدية عامل غير رئيسي ولا يمثل أكثر من كونه نتيجة لتوجهات الدولة المقبلة أو الحالية .
وكما نعلم بأن لكل حضارة لغة تنطق بها وتحمل افكارها وطموحاتها وتاريخها وهي روح هذه الحضارة فلابد ان نلقي الضوء ونحلل عناصر اللغة الرئيسية ودورها السياسي في العالم .
إن لكل لغة وجودان . وجود لفظي ومنشؤه اللسان وهو ما يختص بلفظ (ناطقة) لعبارة الدول الناطقة باللغة .... , ووجود آخر وهو الوجود الخطي ومنشؤه اليد وهو ما نسميه بأبجدية اللغة وهو موضوع مقالنا .
وبما أنَّ للغة (من جانب اللفظ ) دور مهم في تشكل التحالفات والمواقف على صعيد السياسة العالمية من جهة. ولا يخفى كونه سلاحاً لإذابة الدول في بوتقة الحضارة المنتصرة لربطها بشكل وثيق ومنع تفتت الكيان الجديد من جهة أخرى . كذلك لأبجدية اللغة دور بالغ الأهمية يفوق دور اللسان والألفاظ , فهو عامل مهم لربط أكثر من شعب بلغتين مختلفتين او اكثر من خلال الكتابة بأبجدية واحدة و استخدامه سلاحاً ضد تفتت الحضارة المنتشرة على هذه المساحة الجغرافية , ومثال ذلك عندما انتشرت الحضارة الاسلامية بلغتها العربية سعت لتوحيد لسان هذه الأمة , فنراها نجحت في أماكن وأخفقت في أماكن أخرى , ولكن نجحت في توحيد أبجديتها و إلغاء أبجديات اللغات الاخرى للشعوب الداخلة في جسد الأمة الإسلامية , مثل الفارسية والكردية والتركية والأوردو و البشتونية و غيرها .
ولسائل أن يسأل ما هو النفع من خلال ذلك التوحيد على المستوى السياسي . فتأتيه الإجابة بأن الشعوب الاسلامية من غير العرب والكاتبة بالأبجدية العربية , تقف موقف موحد مع القرار العربي الرئيسي في القضية الفلسطينية , وعندما انسلخت تركيا من هذه الابجدية تركت قضيتها وتخلت عنها , لتخلق فصل بين الترك والعرب بقطع ارتباط اليد الكاتبة , وهذا ما لم تفعله إيران وباكستان لتأثير العامل الخفي عليها وهو ارتباط اليد الكاتبة ( الابجدية العربية ) .
وملخص القول بأن الابجدية العربية هي من أهم عوامل الوحدة مع الشعوب الاسلامية سياسياً , وعلينا تعزيزها ونشرها و الدعوة لاعتمادها كخط رسمي في البلدان الإسلامية الأخرى وخصوصاً الدول ذات اللغات المحلية مثل دول جنوب شرق آسيا و آسيا الوسطى , من خلال المراكز الثقافية والمدارس الخطية وإنتاج مادة اعلامية لضرورة تعلم الخط العربي واعتماده لكونه خط القرآن الكريم , كل ذلك من أجل توسيع دائرة الشراكة الاسلامية بإطار عربي و أخذ الدور الريادي في قيادة الأمة لحشد الجهود في قضيتنا المشتركة والمحورية وهي فلسطين من النهر إلى البحر .