كشفت وثيقتان سريتان لوزارة الخارجية الإسرائيلية، من السنوات 1967 وحتى 1968، كيف حاولت الحكومة الإسرائيلية التهرب من إحلال ميثاق جنيف على الأراضي التي احتلتها خلال الحرب.
احتلال الجولان 1967 (أ ف ب)
ويعترف مسؤولون إسرائيليون كبار، في الوثائق، بخرق ميثاق جنيف وممارسة العنف تجاه السكان الفلسطينيين، وبأن امتناع إسرائيل عن تعريف نفسها كدولة محتلة كان بهدف التهرب من الانتقادات الدولية.
الوثيقة الأولى، بحسب صحيفة (هآرتس)، كانت برقية أرسلها في آذار/مارس 1968، كل من الدبلوماسيين: ميخائيل كومي، وهو مندوب إسرائيل الأسبق في الأمم المتحدة وفي حينه أشغل منصب المستشار السياسي لوزير الخارجية آبا إيبان، وثيودور ميرون المستشار القضائي لوزارة الخارجية.
وكانت البرقية المصنفة (سرية جداً) مرسلة إلى سفير إسرائيل في واشنطن، في حينه، يتسحاك رابين، وتضمنت إرشادات للسفير بشأن منع الأميركيين من إلزام إسرائيل بتفعيل ميثاق جنيف في الأراضي المحتلة.
احتلال القدس 1967 (أ ف ب)
وجاء في البرقية أن الخط الذي تتبعه إسرائيل هو التهرب من بحث الوضع في الأراضي المحتلة مع جهات أجنبية على أساس ميثاق جنيف.
كما جاء في البرقية أن (الاعتراف الصريح من جانبنا بسريان ميثاق جنيف سوف يبرز مشاكل صعبة من جهة المثياق حيال تفجير المنازل والتهجير والاستيطان وغيرها. وعلاوة على ذلك، فعندما نلتزم بإبقاء كافة الخيارات مفتوحة بشأن الحدود، يجب ألا نعترف بأن مكانتنا في الأراضي المستولى عليها هي فقط سلطة احتلال).
وتضمنت أيضا (باختصار، فإن سياستنا في المناطق المستولى عليها هي محاولة تجنب التناقضات الواضحة مع ميثاق جنيف، دون الدخول في مسألة سريان الميثاق المجردة).
وأقر كومي وميرون بأن مكانة القدس كانت إشكالية بوجه خاص، حيث أن الحكومة عملت فيها بشكل يتناقض مع الميثاق. وجاء أن (المشكلة الصعبة هي بالطبع القدس الشرقية. فلو سارت الحكومة في طريق ميثاق جنيف وأنظمة لاهاي لقوانين الحرب، فعندها لن تكون قادرة على إجراء تغييرات بعيدة المدى في المجال الإداري والقضائي، مثل مصادرة الأراضي).
وجاء في البرقية أنه (بينما نحاول تجنب أعمال يكون لها أصداء دولية، فإنه لا يوجد إمكانية لملاءمة ما نقوم به في القدس مع التحفظات النابعة من ميثاق جنيف وأنظمة لاهاي).
احتلال الضفة الغربية، 1967 (أ ف ب)
وأرشد الدبلوماسيان الإسرائيليان رابين كي (يقول للأميركيين أنه يوجد لمكانة المناطق ولمكانة إسرائيل في المناطق جوانب خاصة. فقبل الحرب لم يكن قطاع غزة أراضي مصرية، والضفة كانت محتلة وتم ضمها للأردن بدون اعتراف دولي. وفي وضع جغرافي غير معرف وضبابي كهذا فإن مسألة سريان ميثاق جنيف معقدة وغير واضحة، إلى حين تتم تسوية سلمية تتضمن ترسيم حدود آمنة ومعترف بها).
وجاء أن كومي وميرون اعتقدا أنه لا جدوى من الدخول في مواجهات علنية مع الأميركيين، ولذلك اقترحا على رابين ألا يدخل في جدالات بهذا الشأن، وإنما يسجل ردود الفعل فقط.
وتابع تقرير (هآرتس)، أنه في الثاني والعشرين من حزيران-يونيو 1967، بعد أسبوعين من الحرب، قدم كومي توصيات إلى نائب المدير العام لوزارة الخارجية، يوسيف تكوع، مفادها تجنب استخدام مصطلح (احتلال)، حتى لا تلتزم إسرائيل بالسماح للهلال الأحمر بالتوجه بشكل حر إلى السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وجاء في البرقية المصنفة (سرية) أنه (على ضوء حقيقة أن الصليب الأحمر الدولي يحاول المطالبة بحقوق في سياق السكان المدنيين بموجب ميثاق جنيف، فهناك حاجة للتحذير من استخدام تعابير معينة مشار إليها في الميثاق).
واقترح كومي استبدال مصطلح (أراض محتلة - بـ - أراض تحت السيطرة الإسرائيلية) أو (أراضي الحكم العسكري). وبحسب كومي فإن (بعثتنا في الأمم المتحدة والممثليات يجب أن يعرفوا أننا هنا نتهرب من النقاش مع ممثلي الصليب الأحمر الدولي حول مكانة المناطق).