وضع قانون مقاطعة "إسرائيل" في 23/6/1955, وهو قانون عربي عامّ, وذو طابع اقتصادي وحتى تجاري ومالي. يمنع التعامل مباشرة أو بالواسطة, مع "إسرائيل", ويحرّم دخول السلع "إسرائيلية" الصنع أو التي تدخل في تكوينها أجزاء "إسرائيلية", ويمنع كذلك دخول السلع المعاد تصديرها من "إسرائيل", إلى لبنان.
ويقضي القانون بعقوبات معينة مانعة للحرية وبغرامات نقدية الخ…
وتنفيذاً للقانون كان مكتب المقاطعة رائداً, إذ حاول سدّ الفراغ الذي نشأ مع تطوّر الزمن, متخذاً عشرات القرارات ذات الطابع العامّ ومئات القرارات التنفيذية, وكلّها أربكت العدو. إلاّ أنه لا يمكن أن يتجاوز القانون باستمرار, وإلاّ تصبح القرارات عرضة للطعن في بعض الشروط.
غير أن مكتب المقاطعة وقانونها تلقّيا ضربة شديدة جرّاء استسلام بعض الأنظمة العربية للعدوّ, سواءً بإجراء الصلح معه وتبادل التمثيل الدبلوماسي, أو بفتح مكاتب تجارية له في بعض العواصم, ما ينسف قانون المقاطعة من أساسه في بلدان تلك الأنظمة ويحدّ بالتالي من تأثيره بشكل عامّ. وما قد يؤدّي عند بعض قصار النفَس أو ضعاف النفوس في بلدان عربية أخرى إلى استسهال إقامة العلاقة مع مؤسّسات العدوّ. كلّ ذلك وكأن جامعة الدول العربية في عالم آخر, علماً أن المطبّعين المعروفين أقلية بين أعضائها. كلّ هذا ما يفرض علينا المزيد من التشدّد في موضوع المقاطعة.
من أجل ذلك, ونظراً لتطوّر أساليب التجارة وكذلك أساليب التواصل والتعامل, من التجارة الإلكترونية إلى العلاقات الفنية والأكاديمية والثقافية, والرياضية, وتطوّر أشكال التسلّل, التي يسهّلها أولئك الذين يستهويهم الغزَل مع العدوّ, ويتلهّفون للتطبيع, أصبح من أمسّ الضرورات تطوير القانون لمواجهة هذه الحالات.
في مشروعنا حاولنا أن نمنع هذه الأمور, فنقطع الطريق على تكريم شخصيات صديقة للعدوّ, واستقبال الفرق الرياضية التي تأتينا بعد أن تؤدّي فروض التأييد للكيان الصهيوني, وكذلك إقامة الحفلات التي يحييها مؤيدو الصهيونية و"إسرائيل", وعلى أشكال التواصل الإلكتروني وغيرها من أشكال التطبيع الخفيّ المتسلّل تحت ألف تسمية وتسمية.
وأهمّ ما أضفناه إلى القانون الحالي:
- حظر دخول الأشخاص الذين يعملون لمصلحة العدو مادياً أو معنوياً.
- حظر دخول الفرق الفنية أو الأكاديمية أو العلمية أو التقنية أو الرياضية, التي تقيم نشاطات في إسرائيل أو تروّج لها أو للصهيونية, أو تؤدّي للعدوّ خدمات مادية أو معنوية, والحظر المطلق لأي تعامل علنيّ أو خفيّ مع العدوّ ومؤيّديه ذي طابع سياسي أو ثقافي, أو فني, أو أكاديمي, أو علمي أو تقني أو رياضي.
- حظر دخول المنتجات المادية أو الفكرية, بما فيها الإلكترونية, وسائر المنتجات المصنوعة في "إسرائيل" أو التي يدخل في تركيبها عنصر "إسرائيلي", وكذلك حظر حيازة كل ذلك.
- رفع الغرامة على التعامل وعلى إدخال البضائع والمنتجات إلى ما بين 40 و 500 مليون ليرة لبنانية, إضافة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقّتة. وعلى مخالفة التدابير المتعلّقة بإبراز شهادة المنشأ للبضائع والسلع والمنتجات المستوردة, إلى ما بين خمسة و خمسين مليون ليرة لبنانية.
آملين من الحكومة أن تتبنّى هذه المبادرة وتحوّلها إلى مشروع قانون تتقدّم به إلى مجلس النواب لإقراره. لا سيما وأن لبنان يبقى المعنيّ الأول بأمر المقاطعة نظراً لما يشكّله أبناؤه الناشطون في المجال الاقتصادي من تحدٍّ للعدوّ.
كما نأمل منها أن تسعى من أجل فرضه في جامعة الدول العربية, وتساعد على إقراره في الدول العربية الشقيقة التي ما تزال تؤمن بالعداء ل"إسرائيل" الغاصبة والمعتدية, والتي تحتلّ أرضنا وتهدّدنا يومياًَ, وتتسلّل بضائعها ومنتجاتها إلى بلداننا في الظلام, وغالباً على أيدي متواطئين من أبناء جلدتنا.
ونأمل أخيراً من أبناء شعبنا الغيور الطيّب أن يكون عوناً في مقاومة التطبيع, لأن القوانين تفقد كلّ قيمتها إذا كانت لا تعتمد إلاّ على العقوبات من أجل إنفاذها, دون أن يقتنع المعنيون بها بضرورتها.
ونحن لا نشكّ لحظة بموقف جماهيرنا اللبنانية والعربية وكذلك الإسلامية والمسيحية في منطقتنا من عدوانية الصهاينة وأطماعهم وخطرهم على مستقبلنا وحتى على الإنسانية, والتي لن تتوقّّف عند حدود فلسطين, والوقائع خير دليل على ما نقول.