كلما حاولنا التغاضى عن الدور التاريخى لبعض الدول الكبرى التى ساندت الاحتلال معنوياً وسياسياً وقانونياً واقتصادياً وعسكرياَ منذ النشأة لحتى اللحظة ، وتسببت في كارثة انسانية كبرى لشعبنا ، وخلَّفت التشريد والتشتيت والظلم جراء تلك المواقف غير العادلة ، تظهر لنا بعض الحماقات غير المنطقية التى تذكرنا من جديد بالقرارات التى تجعلنا أكثر ثقة بأن العالم يتواطأ مع الإحتلال باستمرار النكبة ومخلفاتها ، وعدم الاعتراف ، بل والاصرار والتواصل في تسبب المعاناة لشعب بأكمله بمناصرة الظالم على المظلوم ، ومساندة الجلاد على الضحية .
ومن أسوأ القرارات التى تفضح سياسات الأمم المتحدة كمؤسسة دولية تدعى مناصرة المظلومين والحيادية ، انتخاب سفير دولة الاحتلال الاسرائيلى في الأمم المتحدة داني دانون رئيسا للجنة القانونية التابعة للامم المتحدة ، هذا القرار الذى سيشجع دولة الاحتلال على ارتكاب المزيد من الانتهاكات للمواثيق والاتفاقيات الدولية ، في قضايا الاعدامات للفلسطينيين بلا محاكمات ، والاعتقالات بلا لوائح اتهام وبملفات سرية ، وبهدم البيوت وسياسات الاستيطان والتهويد ، وسرقة الأراضى والمياه العربية والفلسطينية ، وممارسات الاستعلاء والعنصرية وعدم الانصياع للقرارات الدولية ، وعدم التعاطى مع المبادرات العالمية ، فيما يتعلق بمشاريع السلام والتسويات السياسية ، والتشبث بالرؤى المتطرفة لحكومة حاقدة وائتلاف حكومى جعل من أهم توافقاته طرد العرب من أراضيهم ، وتهويد القدس والضفة الغربية ، وطرد الفلسطينيين من بلدانهم الأصلية ، واستبدالها بقلاع استيطانية ، بالاضافة لاعدام الأسرى والمعتقلين بصور مباشرة وغير مباشرة في السجون الاسرائيلية .
وهنالك الكثير من علامات الاستفهام حول انتخاب شخص دانى دانون لهذا المنصب ، كشخصية معروفة بمواقفها المتطرفة والحاقدة ، وكان الأجدر على الأمم المتحدة اعتقاله وتقديمه لمحكمة الجنايات الدولية ، بدلاً من مكافأته وتنصيبه لهذه المكانة العالمية .
دانى دانون الذى قرر رئيس الحكومة الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو، اقالته سابقاً بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهها لسياسة الحكومة في خضم العدوان على قطاع غزة ومطالبته بالعدوان البرى وارتكاب المزيد من الجرائم ، وهو نفسه الذى هدد سابقاً باستقالته من الحكومة الاسرائيلية في حال مصادقتها على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين فى المفاوضات السياسية وخاصة من الدفعة الرابعة والتى كانت عائقاً لتقدم المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى ، وهو الذى شغل نائباً لوزير الحرب الاسرائيلى ، ووصفوه فى داخل دولة الاحتلال بالطفل الذى ألهاه نتنياهو ليتخلص من الصداع الذى يسببه والذى أحدث شقيقة فى رأسه فى ظرف حساس وقت أزمة عميقة فلم يتحمله ونفاه إلى الأمم المتحدة التى كانت أجدر بالتصويت على رفضه كسفير وليس العكس بتنصيبه وتكريمه ، دانون المريض بهوس الشهرة ، وقالو عنه ( عظمة فى الحلق لا تبلع ولا تتقياً ) ، ونعتوه في اسرائيل بصاحب التصريحات غير المسئولة ، والتى تشكل ضرراً كبيراً ، واعتبروه كمولد كهربائى لا يكفّ عن الضجيج ، دانون الذى يقف على رأس الشخصيات الاسرائيلية المتطرفة والداعية لسياسة التضييق على الأسرى ، ونفسه مقدم اقتراح قانون شاليط الذي ينص على مضاعفة معاناتهم ، و لدانون مدرسة عرفت " بالدانونية المتطرفة " حيث أنه انتقد قرار الحكومة الاسرائيلية بتسليم السلطة الفلسطينية شهداء مقابر الأرقام المحتجزة منذ عشرات السنين .
أعتقد أن انتخاب العالم في الأمم المتحدة لدولة الاحتلال بشخصية دانى دانون لهذه المكانة القانونية في مؤسسة دولية كالأمم المتحدة تدعى الحيادية ومناصرة المظلومين وتحقيق العدالة ، ما هو إلا وصمة عار على العالم ، وتشجيع اسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق العرب والفلسطينيين ، ومشاركة علنية بمكافئة نظام عنصرى يرتكب الانتهاكات اليومية بحق شعب مضهد ، سلبت أرضه وشرد شعبه ، وهو دليل على أن هنالك ديمقراطيات خلفت للعالم كوارث ، وانتخابات وتصويتات في دول ومؤسسات أنتجت شخصيات سببت الكثير من المعاناة للشعوب ، وأن تلك المؤسسات الدولية لم توجد لتحقيق الكرامة والحريات ، بل وجدت خدمة للمصالح الدولية التى لا تستند للقيم والمواثيق والاتفاقيات ، بل خدمة للاجندات الغير أخلاقية على حساب المضطهدين والمظلومين باسم العدالة والحقوق.