الاندفاعية (Impulsivity & impulsiveness): كارثة العصر وروحه في أزمة تقييم الآخرين دون تروٍ أو تدبرٍ، إنها داء الاستعلاء على الآخر دون إلمام بالصورة الكلية، يا هذا! أيها الكائن! كيف تحكم على شخصٍ لم تلتقه ولم تتفاعل معه؟!
الاندفاعية خاصية مركزية في كثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية، وتعد ملمحًا تشخيصيًا أساسيًا في عديدٍ من حالات اضطرابات الشخصية، بخاصة اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality Disorder)، واضطراب قصور الانتباه المقترن بالنشاط الحركي الزائد (Attention Deficit Hyperactivity Disorder -ADHD).
تمثل الاندفاعية (impulsiveness) اندفاع الشخص إلى التصرف في مواقف التفاعل المختلفة دون بصيرة ولا تدبر وبتهور، ودون اعتبار لما قد يترتب على تصرفاته من نواتج أو تداعيات. وتعد الأفعال الاندفاعية استجابات سلوكية مختلة وظيفيًا وغير مناسبة على الإطلاق لمقتضيات مواقف التفاعل التي تحتوي الشخص.
مفهوم الاندفاعية
ينظر إلى مفهوم “الاندفاعية” بصفته تركيب نفسي (Psychological construct) يتضمن مكونات متعددة تشمل سمات شخصية ثابتة نسبيًا، مثل: نقص المثابرة (lack of perseverance)، الأرق ونفاذ الصبر والتوتر والتململ وعدم الارتياح (restlessness)، فضلًا عن اندفاعات سلوكية فورية موقفية غير مسيطرة عليها (state-dependent urges)، وقصورٍ دالٍ في الوظائف التنفيذية (executive functions) مثل: زيادة معدل تشتت الانتباه وسيولته (distractibility)، قصور في صنع القرار واتخاذه، وعدم القدرة على التحمل والإرجاء، الأمر الذي يجعل الاندفاعية ميل الشخص إلى التصرف دون تفكير ودون انفعال، فضلًا عن ردود الأفعال الفورية المباشرة التي لا يستبصر فيها بتداعيات تصرفاته على الذات وعلى الآخرين.
وعلى المستوى السلوكي، لا يتضمن ما يعرف بضبط الاندفاع أو السيطرة على الاندفاعات فقط القدرة على كف الأفعال، مثل: انتظار الدور بدلًا من مضايقة الآخرين وإزعاجهم، بل القدرة في الوقت نفسه على التوقف أو إلغاء الأفعال المبادر بها الآن، فضلًا عن القدرة على إرجاء إشباع الحاجات وفقًا لمقتضيات مواقف التفاعل.ِ