مع وجود "قوات سوريا الديمقراطية" في شرق الفرات و"هيئة تحرير الشام" في غرب الفرات، يتخذ الأميركيون نهجاً يتمثل في شل الإدارة السورية والضغط على إيران وروسيا.
مع بدء هجوم الفصائل المسلحة على حلب وأريافها، لتحقيق السيطرة على كامل حلب، اتجهت الأنظار إلى تركيا والفصائل المسلحة المدربة من الجيش التركي التي تنضوي ضمن تحالف ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، و"هيئة تحرير الشام" التي وضعت على لائحة الإرهاب، ما يثير تساؤلات عن الخيارات التي تتبعها أنقرة في التعاطي مع التغير الذي طرأ على خريطة النفوذ السورية.
وزير الخارجية التركي حقان فيدان أكد بداية أن بلاده "ليست منخرطة في الصراعات الدائرة في حلب"، مشيراً في الوقت نفسه أن أنقرة "تتخذ احتياطاتها، وستتجنب أي إجراء قد يؤدي إلى موجة هجرة جديدة". ولفت الإعلام التركي المقرب من الحكومة أن ما يحصل سيشكل تطوراً محورياً يسمح لجزء كبير من اللاجئين بالعودة من دون ضغوط.
تم تسليط الضوء على دور حلب المحوري في أي حل مستدام للأزمة السورية، واعتبار أن الأمر يتطلب إخراج المدينة من سيطرة الدولة السورية، ولا يُشترط أن تكون السيطرة على حلب بيد تركيا، بل يمكن وضعها تحت إشراف الأمم المتحدة وجعل حلب منطقة آمنة ومستقلة نسبياً، يأتي هذا الهجوم العسكري بعد أن كانت الحكومة السورية وحلفاؤها قد طالبوا بـ"انسحاب الجيش التركي من سوريا" وعدّته روسيا احتلالاً.
اقتصرت التعليقات التركية بشأن هجوم الفصائل في حلب خلال الأيام الماضية، على وزارة الخارجية التي أكدت أن "الحفاظ على الهدوء في إدلب والمناطق المحيطة، أولوية قصوى بالنسبة إلى تركيا".
رفضت روسيا وإيران وسوريا أي عملية عسكرية تركية ضد "قسد" بينما ترى تركيا أنها في المرحلة المقبلة ستتحدث مع الروس والإيرانيين والرئيس الأسد للوصول إلى حل سياسي في سوريا، وكانت روسيا قد وصفت تركيا بأنها قوة احتلال في سوريا وطالبت علناً بانسحاب القوات التركية.
هجوم الفصائل المدعوم عملياً من تركيا تحت مسمى "فجر الحرية"، ويهدف إلى "قطع الطريق من أجل الاستفادة من الفراغ الذي ستتركه التحولات في سوريا" ترى أنقرة أن هذه التحولات "تساعد في فرض رؤيتها لمشروع التطبيع مع دمشق، وفرض رؤيتها للحل السياسي". دأبت تركيا على أخذ موافقة واشنطن عندما تقوم بعملية كهذه، فهي تسعى إلى منطقة آمنة وتقوم بالتوافق مع الجولاني و"جبهة تحرير الشام" التي تتقاطع علاقتها مع التركي والأميركي في وضع اليد على الطريق التي تصل إيران بالعراق بحزب الله وهو مسعى أميركي- إسرائيلي.
وتسعى أنقرة إلى وضع تفاهمات جديدة مع روسيا وإيران في سوريا، قد تؤدي إلى إعادة تأسيس المنطقة في ظل التحولات الحاصلة، التي يمكن أن تؤدي إلى "تعزيز مسار التسوية السياسية وبداية النهاية للحرب"، إذ تعدّ نفسها اللاعب الرئيسي في سوريا، وهي "لن تتخذ قرارات متسرعة بشأن الخطوات التالية في سوريا، قبل أن يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه.
تعتقد تركيا أن استعادة السيطرة على مناطق جديدة من يد الوحدات الكردية وإضعافها، قد تعزز موقفها من التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة، وترى أن تعزيز المعارضة سيؤدي إلى زيادة نفوذها في المنطقة، وإضعاف الدولة السورية في المناطق التي تجتاحها، الأمر الذي سيساعدها على "التخلص من عبء اللاجئين."
يتوافق هجوم الفصائل مع مصالح تركيا والولايات المتحدة و "إسرائيل"، لكن قد لا يؤدي إلى النتائج التي يريدها كل طرف. أما طهران فهي ممتعضة من قطع طرق حلب بمحيطها، ولوّحت بأنها ستستخدم كل الوسائل" للحفاظ على وجودها، بعد أن تمكنت فصائل المعارضة من وضع يدها على أرجاء حلب كافة".