حشود عسكريّة متواصلة للجيش السوري الى جبهات المواجهة في حلب وادلب فيما استعادت الوحدات العسكرية بهجوم معاكس مناطق وبلدات عديدة في شمالي حماه، بعد الهجوم الارهابي الضخم والمفاجىء الذي شنّته "جبهة النّصرة" على ريفَي حلب وادلب يوم الاربعاء الماضي في توقيت مريب!.. هجومٌ ضخم تُحدّد لحظة انطلاقته بعد ساعات فقط على اعلان وقف اطلاق النار في لبنان، وغداة تهديد رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو بشكل مباشر للرئيس السوري من "مغبة استمرار تمرير السلاح الى حزب الله عبر الاراضي السورية"، وانه "يلعب بالنار"!
نجح المخطط الاميركي-"الاسرائيلي" برأس حربته التركية في إحداث صدمة في سورية ومحور المقاومة بالتأكيد في الايام الاولى على الهجوم.. لكن معطيات روسيّة مؤكدة المحت اليوم الى مفاجآت مرتقبة لن تقتصر على استعادة ما خسره الجيش السوري جرّاء الهجوم الارهابي الضخم، بل انتزاع الورقة الهامة من يد تركيا-اردوغان، ولفتت الى "قرار استراتيجي" اتفق عليه الرئيسان الروسي والايراني خلال الاتصال الذي جرى بينهما اليوم بشأن التطورات الخطيرة في سورية.
منذ شهور، كانت تقارير صحف اميركية- بينها "ناشونال انترست" تتحدّث عن "مخطّط تعدّه "تنظيمات معارضة" في ادلب ضدّ الجيش السوري والقوّات الروسيّة في سورية بهدف احتلال مدن سوريّة كبرى"، فيما كانت انظار العالم شاخصة الى العدوان "الاسرائيلي" واسع النطاق على قطاع غزة وعمليات الإبادة الجماعيّة المهولة بحق السكان المستمرّة حتى كتابة هذه السطور..حينها، اعلن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو على الملأ عزم تغيير الشرق الاوسط.. ما يحصل في الشمال السوري منذ يوم الاربعاء الماضي،وصولا الى "غزوة" حلب بوقت قياسي، ليس وليد ساعته بالطبع، بل جُهّز له على مدى الشهور المنصرمة بعتاد واسلحة غربية متطوّرة وأعداد كبيرة من المسيّرات.. يكفي تداول وسائل اعلام عبرية- بينها هيئة البثّ "الاسرائيلية" عند بداية الهجوم الارهابي، ب"أنّ هذا الهجوم الكبير على حلب من قِبَل المسلّحين بدعم "اسرائيلي"، يهدف لقطع إمدادات الاسلحة من سورية الى لبنان"..
ولعلّ تعقيب ضابط "المارينز" السابق سكوت ريتر على الهجوم الارهابي يلخّص اقطاب هذا المخطّط الخطير الذي انتقل من غزة، وبعدها لبنان، وسريعا الى سورية بقوله " إنها خطة استراتيجية بين "الاسرائيليين" والاتراك بدعم اميركي، لقطع طريق الإمداد من ايران الى حزب الله، ولتهديد روسيا في سورية وإجبارها على تحويل الموارد من اوكرانيا لإنقاذ موقعها في سورية".
روسيا التي فوجئت بالتطوّرات التي تسارعت على نحو خطير في الشمال السوري، والذي اربك القوات الروسية واضطرّها للإنسحاب من قاعدتها في السّقيلبية وقاعدة حماه الجويّة، وسط تقارير لم تؤكَّد تحدثت عن "انّ العشرات من الجنود الرّوس فُقدوا.. سارعت الى اقالة قائد القوات الروسيّة في سورية سيرغي كيسيل، وتعيين الجنرال الكسندر تشايكو بديلا له- هو نفسه تشايكو من كان قائدا لعملية تحرير حلب عام 2017 ، وتحت قيادته قُتل اكثر من 34 جنديا تركيا في هجوم جوي روسي على ادلب في شباط-فبراير عام 2020 .
وبضربات جويّة مركّزة تستمرّ بدكّ مقار ومواقع تابعة لجبهة "النصرة" في ادلب وحلب واريافهما، سدّدت المقاتلات الروسية بمعية الطيران السوري"هدفا ذهبيا" بالمرمى التركي، عبر تدمير مقرّ قيادي مركزي للجبهة في ادلب، حيث كان متزعمها "ابو محمد الجولاني" مع عدد من كبار قادته، في اجتماع مع ضباط كبار بالاستخبارات التركية والاوكرانية..معلومات وكالات انباء روسية اكدت مصرع غالبية المتواجدين بالمقرّ المُستهدَف، فيما لا يزال مصير الجولاني مجهولا الى الان، رغم ترجيح المعلومات مصرعه.
هي ليست المرّة الاولى التي تنخرط فيه تركيا-اردوغان بالمخطّط الاميركي-الاسرائيلي لتدمير المنطقة عبر التآمر على قلب المحور-سورية..وليست الطّعنة التركية الاولى في ظهر روسيا. خصوصا وانّ الاستخبارات التركية كانت ترعى على مدى الشهور الفائتة، التنسيق بين قادة "جبهة النصرة" وضباط بالاستخبارات الاوكرانية في ادلب ومناطق سيطرة مقاتلي الجبهة. وتركّز هدف التنسيق الاساسي على تجهيز اعداد ضخمة من الطائرات بدون طيار الى حين تحديد ساعة صفر انطلاق الهجوم الارهابي الضخم، بعدما تمّ تزويد هذه الجماعات بكل ما يلزم من عتاد واسلحة اميركية وغربية متطورة.
اراد الرئيس التركي توجيه صفعته في توقيت بدء العدّ العكسي لاستلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب مهامه رسميا، قرّر الإلتفاف مسبقا على اتفاقات مرتقبة بين ترامب وبوتين حيال اوكرانيا، وحيث لن تكون سورية بعيدة عن محادثات الرجلَين، خصوصا اعلان ترامب عزم سحب القوات الاميركية من سورية، وامكانية عدم ممانعته ان تدير روسيا العملية السياسية في هذا البلد.. آثر اردوغان عبر الهجوم الارهابي، ابلاغ ترامب، انّ تركيا تستطيع ملء الفراغ في سورية، بل تحقيق هدف "اسرائيل" بقطع طريق امداد الاسلحة الى حزب الله.
اما وانّ الولايات المتحدة تجهد في "المرحلة الانتقالية" لضرب كل اركان محور المقاومة، والضّغط على روسيا في سورية لإخراجها من المنطقة، ومن الساحل الافريقي بعدها.. فإنّ موسكو تلقّفت الرسالة بالتأكيد، خصوصا وسط التطورات المتلاحقة في اوكرانيا منذ موافقة ادارة الرئيس بايدن على استخدام صواريخ بعيدة المدى باتجاه العمق الروسي، ولحاق بريطانيا وفرنسا والمانيا في التهديد العلني لروسيا، وحيث وافقت المانيا على ارسال 4 الاف مسيّرة تعمل بالذكاء الاصطناعي الى اوكرانيا..
لكنّ الرئيس بوتين بادر سريعا الى توقيع تعديل للعقيدة النووية الروسية. ووفقا لهذا التعديل، لم يعد التهديد الوجودي لروسيا وحده دافعا للرّد النووي، بل مجرّد المسّ بسيادة روسيا او حتى تهديد حليفتها بيلاروسيا..وكان لافتا تصريحه يوم الجمعة الماضي حين اعلن" انّ هيئة الاركان ووزارة الدفاع تعملان على تحديد اهداف لتوجيه ضربة بصواريخ "أوريشنيك" فرط الصّوتية على مراكز"صنع القرار" في اوكرانيا" بعد رسالة ناريّة اوّلية وجهها بوتين الى واشنطن و"الناتو" على متن الصاروخ الباليستي هذا على اوكرانيا، القادر على حمل رؤوس نووية.. ليُلحَق بتهديد مرّره نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي ديمتري مدفيديف، عبر قوله" إنّ صاروخ اوريشنيك هذا، قادر على إلحاق اضرار بالغة بالعواصم الغربية..خلال دقائق"!
وإزاء هذه الهجمة المعادية على روسيا- كما على ساحات محور المقاومة، لا تستبعد تقارير غربيّة تنفيذ الرئيس بوتين تهديده ب" تزويد اعداء الولايات المتحدة بمنظومات صاروخية متطوّرة" خصوصا ضدّ البوارج والسفن الحربية الاميركية والغربية في البحر الاحمر..ورجحت تسلُّم حركة "انصار الله" اليمنية صواريخ "باستيون" المتطورة من موسكو، تزامنا مع تلميح رئيس بيلاروسيا الكسندر لوكاشينكو خلال مقابلة مع مراسل هيئة الاذاعة البريطانية ستيف روزنبرغ، الى "ترجيح تزويد الحوثيّين بأنظمة صاروخية متطورة من روسيا، ردا على السماح الاميركي لأوكرانيا باستخدام صواريخ غربية طويلة المدى ضدّ العمق الروسي".
وعد زعيم الحركة اليمنية السيّد عبد الملك الحوثي يوم الخميس الماضي، "باستمرار العمليات بالصواريخ والمسيّرات ضدّ "اسرائيل"، متوعّدا بهجمات اقوى وأكبر".. ايران التي باتت تتحسّس كما روسيا، اقتراب "الاعصار" المعادي منها فيما لو نجح المحور المعادي في "كسر" سورية هذه المرّة، اعلنت على لسان عدد من مسؤوليها وقادتها العسكريين" انّ طهران اتخذت قرار تنفيذ "الوعد الصادق3 " وحدّدت توقيته، "وسيكون رادعا وفوق تصوّر القادة "الاسرائيليين"..
وبين تأكيد ونفي وصول الاف المقاتلين من "الحشد الشعبي" العراقي الى سورية لمؤازرة الجيش السوري في التصدي للهجوم الارهابي..غادرت طائرتا شحن تحمل قنابل انزلاقيّة موجهة من طراز " FAB" مطار جوكوسوفكي الى مطار حميميم في سورية- وفق ما اكدت وسائل اعلام روسية، فيما تعهّد الرئيس السوري بشار الاسد امس الاحد، ب"كسر الارهاب والقضاء عليه ايّا كان داعموه ورعاته" برسالة ناريّة حازمة في وجه "من يعنيهم الامر"..
هذا في وقت نقلت معلومات صحافية لبنانية عن مصدرّين عسكريّين في موسكو، "انّ قرارا استراتيجيا اتُخذ بين طهران وموسكو سيُترجَم مفاجآت ميدانية غير مسبوقة من اوكرانيا الى سورية"!