بهجمة مرتدّة، انتقل حزبُ الله من الدفاع الى الهجوم. رغم الضربات القاسية التي تعرّض لها، الا انّه فاجأ المراقبين والمحلّلين حول العالم، بسرعة تعافيه، وتسديد ضربات غير مسبوقة في العمق "الإسرائيلي"، والتي تُوّجت باستهداف معسكر تدريب للواء النخبة "غولاني" في بنيامينا –جنوب حيفا ليل الأحد الفائت بعمليّة نوعية حصدت عشرات القتلى والجرحى في صفوفه، واصابت اروقة الكيان العسكرية والأمنية بمقتل.. خصوصا وانّ العمليّة نفّذها الحزب في لحظة اجتماع عشرات الضباط الكبار بحضور رئيس الأركان هرتسي هاليفي، لتُثبت مرّة اخرى حجم وقدرات حزب الله الإستخباريّة.. فكيف كشف حزب الله مقرّ المعسكر السرّي؟ حول مائدة العشاء.. وتسديد ضربته؟وكيف توصّل الى تحديد توقيت اجتماع هام كهذا وانضمام هاليفي الى المجتمعين.
امّا وانّ حزب الله قرّرها " معركة ايلام العدوّ"- كما وعد نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم امس، فهذا يعني الانتقال الى المرحلة الأصعب التي ستواجهها "اسرائيل" من الان وصاعدا.. ويبدو واضحا انّ ضربات الحزب الصاروخية لن تدعها وقوّاتها ومستوطنيها تلتقط انفاسها، بعدما بادر لنقل المعركة الى عمق الكيان..
ووفق قاعدة التعامل بالمثل، بات على عشرات الاف المستوطنين في حيفا وتل ابيب وكرمئيل وصفد ان يكونوا جاهزين في اي لحظة للهروب الى الملاجىء - تماما كما اجبرت الصّلية الصاروخية الضخمة التي اطلقها حزب الله بعد منتصف الليل على صفد، وعلّقت عليها وسائل اعلام عبرية" إنها اجبرت عشرات الاف المستوطنين للنزول الى الملاجىء" في وقت غير عادي"، قبل ان يُطلق بعيد ساعات صلية مماثلة على مستعمرة كرمئيل..وبعدها على صفد مرّة اخرى، وما بينهما توعُّد الحزب بتحويل حيفا الى كريات شمونة والمطلّة!
بالتزامن، بادرت الولايات المتحدة الى نشر منظومة دفاعها الجوّي" ثاد" في "اسرائيل" برفقة المئات من العسكريّين الأميركيين لتشغيلها.. لكن سها عن بال واشنطن انّ أذرع محور المقاومة وضعتها في عين الإستهداف –رغم انّها منظومة متطوّرة، تماما كما مئات عسكرييها الأميركيين.. يلمّح احد قادة المحور الميدانيّين، انّ حال بطاريات هذه المنظومة سيكون نفسه حال البوارج الاميركية في شرقي البحر المتوسط، وكان السيّد الشهيد حسن نصرالله واضحا عندما اعلن في خطابه بعد عملية "طوفان الأقصى" وقوله" لقد أعددنا لها العدّة"!
يشير احد الملحقين العسكريّين الرّوس في بيروت، انّ حزب الله يدرك تماما انّ اليد العليا للعدوان على لبنان-كما غزّة، هي للولايات المتحدة.. وبات متيقّنا انّ المتورّط بعملية تفجير اجهزة "البيجر" الكارثيّة- في حبكها والتخطيط لها اميركي بالدرجة الاولى، وتمّ تمريرها الى "اسرائيل" لينفّذها "الموساد"..
ويضيف" بما لا يقبل الشك، فإنّ معلوماتنا الإستخبارية وأقمارنا الصناعية، رصدت طائرة نادرة تابعة للقوّات الجويّة الأميركية قبالة سواحل لبنان- قبل يوم واحد من تنفيذ عملية التفجير..وأردف" هذه الطائرة تسمى "اي سي 130" كومباس، يمكنها تعطيل اتصالات القيادة والسيطرة (للعدو) وإجراء عمليات هجومية للعمليات المضادة، كما انواع اخرى من الهجمات الإلكترونية، وتمّ تجهيزها بأجهزة وبرامج تتيح اختراق الأجهزة اللاسلكية.. ويجزم انّ عمليات اغتيال القائدَين الشهيدين الحاج شكر وابراهيم عقيل- المطلوبان منذ سنوات للولايات المتحدة، ورصدت مبالغ مالية ضخمة لمن يُدلي بمعلومات عنهما، وصولا الى عملية اغتيال السيّد الشهيد حسن نصرالله.. تمّت بفعل اميركي مباشر-عبر مقاتلات اميركية حديثة جدا وقنابل اميركية بمُجمل 85 طنّا من المتفجرات.. مشكّكا ان تكون المقاتلات الأميركية التي نفّذت عملية اغتيال"السيد نصرالله، انطلقت بالأصل من "اسرائيل!
وعليه، يبدو واضحا، انّ ما بعد استشهاد السيّد نصرالله، لن يكون حكما كما قبله، والأخطر الذي سيواجه اسرائيل والولايات المتحدة من الان وصاعدا، انّ هذا الثنائي سيكون امام "حزب الله جديد"، بلا سقوف وخطوط حمر التزم بها طيلة فترة التسعينات، حتى لحظة تنفيذ اغتيال السيّد الشهيد نصر الله.. "خصوصا انّ المعركة وجوديّة لكِلا المحورَين.. وعلى قاعدة" يا قاتل يا مقتول!
بمعنى اوضح، بات على "الاسرائيلي" والاميركي الاستعداد لمواجهة "حزب الله بروح الثّمانينات"، والولايات المتحدة اكثر من خبرت ذاك الحزب الناشء حديثا، وضرباته التي هزّت شباكها كما الأطلسيّة في مثل هذا الشهر من العام 1983 حين تسديد الضربة المدوية في مقرّ "المارينز" كما مقرّ المظليّين الفرنسيين في بيروت، وافضت الى مصرع المئات من جنودهم، وأجبرتهم على مغادرة لبنان.. من دون اغفال ضربة اخرى لا تقلّ قساوة، عبر تفجير السفارة الاميركية في بيروت ايضا بشهر نيسان من العام نفسه، والذي تسبّب حينها بمصرع اكثر من 60 اميركيا جلّهم من كبار ضباط الاستخبارات الاميركية.
من هنا، كان بيان حزب الله عقب تنفيذ عملية معسكر غولاني ليل الأحد الفائت لافتا، عبر تحذير "اسرائيل"، " من انّ هجوم الأحد لا يمثّل سوى اليسير امام ما ينتظرها" وتزامنا مع الاشتباكات العنيفة المستمرّة على الحدود الجنوبية وعمليّات صدّ مقاتلي حزب الله لتوغُّل قوات الاحتلال "الاسرائيلية" ومحاولاتها اليائسة في التقدّم الى حيث خطّطت.. حتى كتابة هذه السطور، تدور اشتباكات ضارية عند مثلّث عيتا الشعب-راميا- القوزح، وانباء عن 7 قتلى حتى الان وإصابات خطيرة في صفوف عديد هذه القوات، تشير شخصيّة صحفيّة لبنانية مخضرمة، الى "اننا يمكن ان نكون امام مفاجأة ضخمة لحزب الله، قريبا جدا"، كاشفا عن رزمة مفاجآت جهّزها بالتزامن ايضا باقي اركان محور المقاومة قد تصدم الكثيرين..
لا عجب، فالمخطّط الاميركي- "الاسرائيلي" هذه المرّة خطير جدا، ومرسوم له الا يقتصر على الأهداف التي اعلنتها "اسرائيل"، فمسار المخطط الوصول الى بيروت، وفرض رئيس "دمية" بيد الأميركي والاسرائيلي، يباشر فورا الى توقيع اتفاقيّة "التطبيع" مع "اسرائيل".. والتعويل الان على ثبات حزب الله وباقي الحلفاء في المحور وضرباتهم الموجعة لفرملة المخطط المعادي الخطير، الذي سيتوسّع بعد لبنان حكما الى اكثر من دولة عربية.. وعليه، فإنّ المعركة وجوديّة "!لكِلا المحورَين.. وعلى قاعدة" يا قاتل يا مقتول..
الأخطر من ذلك هو ما قد تحمله الايام والاسابيع القادمة، من سيناريوهات مع بدء العدّ العكسي لانطلاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، بينها سيناريو جدّي هذه المرّة لاغتيال الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب وإلصاق تهمة اغتياله بإيران.. فلم يكن من باب الصّدفة في هذا التوقيت، ان تنقل قناة "فوكس نيوز" خبرا مفاده" إنّ بايدن طلب من مجلس الأمن القومي إبلاغ ايران انّ محاولة "!لاغتيال ترامب ستُعتبر عملا حربيّا
ثمّة معطيات غربية كشفت انّ الهجوم "الاسرائيلي" المرتقَب على ايران سيواجه مفاجآت "من العيار الثقيل". بدا لافتا ما اعلنه امس الثلاثاء، القيادي السابق في الحرس الثوري ابراهيم رستمي، وفيه "استعداد بلاده لضرب مفاعل ديمونه"، وقوله" إنّ لدى طهران مفاجأة تتفوّق على السلاح النووي من حيث أهميّتها، وسنُخفي هذه المفاجأة حتى يحين ساعة الصّفر".
"هذا عقب تسريبات روسيّة ألمحت الى احداث كبرى مرتقبة، قد تتخلّلها عمليّة اغتيال شخصيّة "!هامة في "اسرائيل"..