النصر يتحقق بفاعلية ميزان القوى الكلي واحكام البيئة الاستراتيجية وليس بذكاء قادة وقدرات الجيوش فقط. المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية | النصر يتحقق بفاعلية ميزان القوى الكلي واحكام البيئة الاستراتيجية وليس بذكاء قادة وقدرات الجيوش فقط.
تاريخ النشر: 09-10-2024

بقلم: ميخائيل عوض

في خلاصات تاريخ الحروب ومناهجها ومدارسها وعلوم الجيوش حقائق خلاصات لم تفقد قوتها وصحتها منها؛
1-  تقع الحرب عندما تتعطل لغة الكلام السياسي والدبلوماسي وما ان تبدأ حتى تسقط قواعد الاشتباك والردع والخطوط الحمر. فالحرب هي وسيلة تدمير او اخضاع الخصم ومن يفهما او يمارسها بغير هذا التوصيف سيدفع اثمان كبيرة وقد يخسرها ولو كانت البيئة الاستراتيجية والتوازن الكلي في صالحه.
2-  الحرب هي القابلة القانونية لتوليد الجديد من رحم القديم فبعدها مختلف عما قبلها فيها تختبر الارادات والوعي والقدرات وهي الامتحان الاقسى فتكرم الجيوش والامم او تهان .
3-  الحرب الوجودية والمصيرية نادرة بين الحروب. وهي الحرب الشاملة وغايتها ليس اخضاع الخصم بل ابادته وسحقه وازالته. فالوجودية والمصيرية مفتوحة حتى يخرج منها منتصر يسود ومهزوم يتبدد.
4-  في الحرب ثلاث لاعبين: المتحاربان والظرف الموضوعي اي ميزان القوى الكلي والبيئة الاستراتيجية التي تحققت قبلها وزادت عناصرها في نواتج مساراتها.
5-  الجيوش مهما بلغت قدراتها وعصريتها واستعداداتها ومهما امتلكت من قادة افذاذ الا انها ليست العوامل والعناصر الاساسية في تحقيق الغلبة والنصر. فالنصر تصنع مقدماته البيئة وميزان القوى الكلي وينتصر من يدركها ويتفاعل معها ويقرر كلفتها وسرعتها.
6-  لا تحتسب الحرب بمدتها او شدتها او كلفتها انما بنتائجها والمنتصر فيها من حقق كل او بعض اهدافه منها.
7-  للحرب والجيوش مدارس ومذاهب تطورت عبر الأزمنة وتمحورت بين نظريتين؛ الحرب السريعة وتسمى العاصفة والخاطفة والصدمة والترويع والنظيفة والاستباقية وهي منتج غربي انجلو ساكسوني. واصل نشوئها العدوانية وعقلية الابادة واستعمار الارض وتصفية سكانها وشعوبها.فالغازي يستعجل تحقيق غايتها لإدراكه ان الجغرافية والزمن والديمغرافية والتحولات وحقائق وحاجات الأزمنة ليست في صالحه فيعمل بقاعدة؛ اضرب انهب واهرب.
الحرب الطويلة؛ مذهب شرقي اسيوي اصل وقواعد انتاج نظريتها شعوب وامم تاريخية راسخة تطورت طبيعيا بالتفاعل والتقدم البطيء فأصحاب الارض الراسخون والمعمرون لا سبيل لهم الا المقاومة والقتال وتجميع القوى والاستثمار بالزمن والتحولات والتساوق مع مسارات تاريخ مستقبل البشرية بيقين وثبات.
8-  لم تنتصر نظرية الغرب الحربية ولم تدوم الا بإبادة البشر واستيطان ارضهم كما في غزوة الأمريكيتين وسوى ذلك هزم الغزاة وتم تصفيتهم كما في الجزائر وافريقيا والصين وفيتنام وروسيا والامثلة لا تعد.
9-  والادلة ان الغزوات الاوروبية والامريكية في القرون المنصرمة تعثرت وهزم الغزاة ولو انهم دمروا العمران وابادوا اقوام وجماعات فلم تقم لهم قائمة ولا استقروا فتحررت الصين وفيتنام وهزمت النازية والفاشية واليمن والجزائر بحروب العصابات الثورية التي سميت حروب شعبية طويلة الامد والهند بالمقاومة السلبية ومنطق الصراع وتوازن القوى يلزم الشعوب باعتماد المقاومات والعصابات الثورية واطالة الحرب وتعبئة الشعوب لتعديل ميزان القوى السائد والراهن.
حربنا الجارية بعد سنة على الطوفان العجائبية وصفها الاسرائيلي بالوجودية وقال ان هزمنا فلا مكان لنا في المنطقة ووصفها السيد حسن نصرالله الشهيد السعيد بحرب وجودية ومصيرية وطويلة ومفتوحه ووضع لها نائبه شعار الحساب المفتوح.
فليس بنقص او غرابة ان تعتمدها وتخوضها المقاومة كحرب طويلة الامد وبان تدخر جهدا وقوة وسلاح نوعي اعلن ملكيته الشهيد السعيد وليس نقصا وقصورا ان تطيلها وهي تعرف ان كلفتها من العمران والبشر والقادة قد تكون ثمينة وباهظة ومؤلمة فمنطق الحرب وشرورها كلفتها. وحروب التحرر والمقاومة تكون الكلفة الكبيرة من البشر والعمران الا ان النصر وامتلاك الحرية والسيادة والارض لبناء المستقبل تبررها كما يبررها ان خوض الحرب بقاعدة السرعة والعصف استجابة لما يريده الغزاة ستكون كلفتها اضعاف مضاعفة ما قد يفقد النصر في خواتيم الحرب قيمته وجدواه.
لا حرج على المقاومة ان تبطن في الحرب خططها وتكتيكاتها ولا تجاهر فيها لإرضاء الرأي العام او المستعجلين المهوبرين ولهذا قال الشهيد السعيد؛ العين على الميدان وما ترون لا ما تسمعون.
وفي كل حروب التاريخ تتقاطع مصالح امم وشعوب على ضفتيها وتحاول دول وامم ان تستثمر فيها وانتظار نتائجها لتقرير دورها ومكانتها بهدف ان تحصد النتائج بلا اكلاف. فهكذا صعدت امريكا وحكمت العالم وقاعد تأسيسيها ومن الاباء المؤسسين القرصان مورغان الذي تخصص بالكمائن على الشاطئ للقراصنة عندما يعودون بالكنوز مرهقين يبطش بهم وينتزعها منهم.
وقاعدة مورغان التي بموجبها استثمرت امريكا وصعدت يعمل بها الكثيرون اليوم وتراهم ناطرين على التلة ليلتحقوا بالمنتصر.
ولا يعيب ايران ان تقرر تدخلها ومنسوبه ووسائلها تبعا لرؤيتها وتحقيق اهدافها والاستثمار بالحرب مادامت قدمت ومولت وسلحت والتزمت دعم واسناد الفصائل والجبهات وصبرت وعندما نضجت لحظتها ردت واشتبكت واعلنت جاهزيتها لرد اعنف واكثر فاعلية ان اعتدت اسرائيل عليها.
الحرب هي الحرب وفيها تتكشف مصالح الامم والشعوب وذكائها وقابلياتها لانتزاع حقها بالعيش الكريم والسيادة ولا يفيد لوم هذه او تلك من الامم والشعوب او استجدائها والتوهم بدور لها لا يطابق مصالحها ورؤيتها.
فقد صممت الحياة والعلاقات بين البشر والهويات الجمعية على اساس وقاعدة وبدافع المصلحية وليس بدوافع القيم والاخلاقيات التي هي للتسلية والتفاكه اما الميدان والحرب فهو المطهر والمختبر وجد الجد.
فما حك جلدك الا ظفرك فقم انت بجميع امرك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013