- - - الجزء الثاني - - -
- نتنياهو الذي يعيش تحت ضغط ائتلافه الذي يبحث عن ردود استعراضية وشعبوية ويرفض الردود الامنية ، وتحت ضغط الجبهات التى تتوسع امام جيش منهك في غزة منذ 10 شهور ، وضغط الفشل السياسي الذي صنف الامين العام للامم المتحدة شخصية غير مرغوب بها ومعادية للسامية كما حدث مع بوريل مفوض السياسية الخارجية في الاتحاد الاوربي ومن قبله المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والمفوض السامي لحقوق الانسان واغلب المقررين الخاصين للامم المتحدة والجمعية العامة والمتظاهرين من اجل وقف الحرب على انهم معادون للسامية وهو الامر الذي يدفع الخبراء والمستشارين للضغط على حكوماتهم بان تصرفات نتنياهو تخدم اجندة روسيا - الصين في اعادة هيكلية الامم المتحدة واصلاحها وتجنيد مزيد من الدول لذلك الامر الذي يهدد الهيمنة الغربية على النظام الدولي .
- ايضا تدرك الدول الغربية ان نتنياهو يكذب عليها ويتجسس ايضا عليها وقد تلقي الكثير من التوبيخات مؤخرا على تصرفات غير متوقعة ، وانه قابل مثلاً الضغوط عليه بوقف الجبهة التى يحاول فتحها بالضفة الغربية باعطاء الضوء الاخضر لعصابات المستوطنيين بقيادة سيمورتش لتنفيذ هجوم واسع ودموي في الضفة الغربية في شهر اكتوبر الحالي من اجل تغير الوضع على الارض مما ينذر بعواقب على حليف رئيسي للغرب كالاردن الذي يمكن ان يواجه عدم استقرار سينعكس على دول الخليج واسرائيل والغرب عموما .
- كل ما سبق يعيد نتنياهو والغرب للسؤال المحرك لكل هذا التوتر وهو حرب الابادة على غزة وضرورة وقفها ، ضغط غربي حقيقي يمكن ان يوقف الحرب خلال اقل من 24 ساعة لكن ادارة بايدن التى تدعي سعيها لذلك لا تريد وقف الحرب على غزة بل تريدها بشدة ولكن على طريقتها فهي تريد اعادة ترسيم الخريطة الجيوسياسية للشرق الاوسط على طريقتها ونتنياهو يربكها فعلاً ويضع كل الغرب في تصادم مع الخبراء المحترفين الذين لا تعنيهم اهداف نتنياهو التي يرّون فيها ادى كبير لامن اسرائيل وليس خدمة له وايضا تعطيل للمشروع الغربي وخدمة للمشروع الشرقي .
- كما ذكرنا سابقا لن يتخلى الغرب عن التزامه العميق بأمن اسرائيل لكنه قد يبدأ التفكير جديا بالفصل بين امن اسرائيل ورغبات نتنياهو من خلال تصنيفه في غرف العمليات السوداء كشخص خطير على امنهم القومي وقد طُرح الامر فعلا ويخضع لنقاش ضعيف لكنه بدأ فعلياً الامر الذي سيقود الى طرق للخلاص الناعم منه تجعله يختفي في ظرف ما وطريقة غير معهودة .
- النوايا الامريكية لا تتصادم في العمق مع نتنياهو لكنها تختلف على طريقة التنفيذ والاسلوب ، وهنا يُطرح السؤال الحقيقي على الحكومات العربية قبل المستوى الرسمي الفلسطيني الذي وصل لمرحلة لا يستطيع فيها ان يفعل الكثير ، العرب يدركوا ان مكانتهم في المخطط الغربي وكذا المخطط الشرقي ليس فاعل بل وعذرا للمصطلح يريد الجميع حلبهم والسيطرة على الموارد والمنافذ البحرية والطرق اللوجستية ضمن الاستعداد للصدام الدولي الذي يستعد الجميع له ، وبتفكير ساذج يعني انتصار اسرائيل هيمنتها عليهم ويعني انتصار ايران هيمنتها عليهم ولكلٍ منهم منّ يقف خلفه ، الكل كسر الخطوط الحمراء الا العرب رغم ان المعركة تدور على ارضهم وعليهم وما زالوا يصرون على تقمص دور الفتاة الغنوجة التى تنتظر منّ يفوز بها ، وليس المطلوب منهم خوض الحروب بل الدفاع عن مصالحهم واختيار الحلف الاقرب لمصالحهم القومية وعدم انتظار الفائز لانه سيركبهم ولن يتعامل معهم كشركاء .
- نتنياهو يدرك اكثر مما جاء في المقال اكيداً لكنه يراهن على ورقة اخيرة حتى الخامس من نوفمبر على امل ان يثمر كل تدخله غي الانتخابات الامريكية على تولي ترامب للرئاسة الامريكية وهو رهان يتصادم مع مصالح اكثر من عميقة لكل النظام الغربي القائم والذي يسعي ترامب لتفكيكه واعادة هيكلته وتفكيك اساليب عمله القديمة ، وذلك رهان يقارب الرهان على حصان خاسر في اللحظات الاخيرة ، والمعرفة المتعمقة بشخصيته تدلل على انه لن ينحصر في الرهان على ترامب كما يقرأه الجميع ، فما هي الورقة التى تحمل كارت الجوكر الرابح ويخفيها نتنياهو وتغضب الغرب حد التفكير بتحيده ولو بطريقة خشنة ، لو فكر بها العرب بشكل جيد لتصرفوا بطريقة مغايرة كليا ً ، ويبقي نتنياهو وسط ذلك يُسكن الشارع الصهيوني بعمليات الاغتيال خارج القانون التى تجلب شعبوية ولا تحقق اهداف حقيقية ولا تتعدي حالة الانتشاء التي تصيب المجتمع وتخمد مع كل عملية مضادة وهو الامر الذي يدركه قادة جيشه واجهزته الامنية لكن ! نتنياهو اجاد ضبط قيودهم .
- الحقيقة الواضحة ان الامة العربية والاسلامية والعالم المتطلع للسلام لا يحارب اسرائيل ككيان وانما يحارب نتنياهو الذي يضع استقرار العالم ودماء الابرياء في كفة وعدم ذهابه للسجن في كفة وهي الشخصية المريضة التى رافقت كل الوحوش التى مرت على البشرية ، وما زلت ارى في كل المعارضة الصهيونية ضعيفة وعاجزة امامه بل ينجح دوما نتنياهو بأخذهم الي ملعبه ودعوتي القديمة اجددها لن يتوقف دون ان يُعرض عليه خطة واضحة لخروج امن له ولعائلته من الملاحقة وهو الامر الذي لم يتجرأ اي معارض صهيوني على المجاهرة به رغم انهم ناقشوه جميعا وسويا وطرحوه في الغرف المغلقة مع الامريكان ، والسبب واضح ليس عجز بل انهم يريدون ان يقفوا على الارض حيث ينتهي نتنياهو فنفس الاطماع تحركهم وتعطشهم لاسرائيل الكبرى واراضي الغير من ضمن امانيهم وما زال لديهم احمق يوصلهم للغاية فلما لا ، وهذا يضع كل العرب في مواجهة السؤال الصادم على منّ تراهنون في اسرائيل .
- يطالب الجميع بالدولة الفلسطينية والاعتراف بها ، وعلى الجهة المقابلة اتحدي اي قائد سياسي عربي يستطيع تسمية دولة قادرة على اجبار اسرائيل على ذلك ، بل اتحدي ان يستطيع اى رئيس او ملك او امير او سلطان عربي يستطيع ان يُسمي زعيم في اسرائيل مستعد للقبول بقيام دولة فلسطينية او مستعد لبحث البديل اي الدولة الواحدة لن يستطيع احدهم ان يقدم الاجابة لانه لا يوجد وان الزعيم الصهيوني الذي تجرأ على السير في الطريق وهو رابين تمت ازالته ، وهذا طبيعي جدا بان لا ينتج المجتمع شخصية او حزب يحمل فكر واضح للدولة الفلسطينية طالما كان هذا المجتمع لا يدفع بشكل حقيقي ثمن عدم قيام دولة فلسطينية وتستفيد غالبيته ماديا على عدم قيامها وتستمر حملة التعبئة ضد كل ما هو عربي وليس فلسطيني فحسب .
- لو كان العرب على قدر المسؤولية الموكلة اليهم من شعوبهم وليس من وارد التزامهم بالقضية الفلسطينية لبحثوا جديا مغادرة منطقة الوسط والاتجاه الي احد الحلفين شرقا او غربا ولو كان القرار بيدي لقمت باستحداث حلف جديد يجبر الطرفين على مغادرة المنطقة ويضع اسرائيل امام الخيارات الضيقة بالعيش الامن والاندماج في المنطقة او دفع الثمن الذي لا تستطيع احتماله .
- بدأ الامر بكارثة لان الجميع لم يكن يعرف ولا يجب ان ينتهي بنفس النتيجة والكل يعرف .