ماذا عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟ المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية | ماذا عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟
تاريخ النشر: 09-09-2024

بقلم: هيفاء علي

عُقدت مؤخراً سلسلة من الاجتماعات في القاهرة مع ممثلين عن الولايات المتحدة وقطر و"إسرائيل" لمحاولة التوصل إلى تفاصيل وقف إطلاق النار الذي أصبح بعيد المنال بشكل متزايد في قطاع غزة.
وفي عدة مناسبات، تمت دعوة ممثلي حركة المقاومة حماس للانضمام إلى هذه المحادثات، لكنها لم توافق بعد. وجاءت المناقشات في القاهرة في أعقاب اجتماع بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في "إسرائيل" ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالإضافة إلى مناقشات مغلقة بين وفود عسكرية وأمنية من مصر و"إسرائيل " والولايات المتحدة.
وبعد حديثه مع بلينكن في مدينة العلمين الجديدة على البحر الأبيض المتوسط، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بتجهم إن "التصعيد محتمل إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار". وحقيقة أن نتنياهو أمر باجتياح للضفة الغربية، وهو الأمر الذي بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بالفعل في تنفيذه بشراسة.
وبالنظر إلى تصريحات حركة المقاومة حماس، والتسريبات من "إسرائيل" وقطر، والتصريحات غير الرسمية التي أدلى بها العديد من المسؤولين والدبلوماسيين العرب، فإن الفرصة ضئيلة في أن تسفر المفاوضات عن انفراج قريب.
وبحسب مصادر تحدثت إلى خبراء من أسبوعية الأهرام، فإن السبب هو أن نتنياهو يطالب بشكل متزايد بإدخال تغييرات على خطة الخطوات الثلاث التي اقترحها الرئيس الأمريكي جو بايدن بداية الصيف. ولا شك أن هذه الخطة منقوصة، إلا أنها كانت تهدف إلى تقديم "عملية تدريجية" لإنهاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، وخفض التوترات على حدود لبنان الشمالية مع "إسرائيل". وقد أبلغت حركة المقاومة حماس المفاوضين الأمريكيين والمصريين والقطريين أنها تختلف حول طبيعة وقف إطلاق النار وكيفية تنفيذه.
هذا وكانت الخطة الأولية، التي وافقت عليها حماس في بداية الصيف، تنص على التوصل الفوري إلى وقف دائم لإطلاق النار. الخطة المعدلة، التي أعاد الأمريكيون صياغتها خلال محادثات الدوحة في وقت سابق، خففت من حدة اللغة بشأن الطبيعة المتزامنة والدائمة لوقف إطلاق النار لصالح "إسرائيل".
وفي الخطة الأولية، تم الاتفاق على تفاصيل المراحل الثلاث بين حماس و"إسرائيل" قبل تنفيذ المرحلة الأولى. وينص الاقتراح الجديد على تنفيذ المرحلة الأولى، والتي من المتوقع أن تقوم حماس خلالها بتسليم آخر الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم في غزة في 7 تشرين الأول، بينما تستمر المفاوضات بشأن المرحلتين الثانية والثالثة.
وبالنسبة لحماس فإن هذا يعني أن "إسرائيل" تعرض على الفلسطينيين ستة أسابيع دون ضمان الوقف الكامل للعدوان مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى لديها مهما كانت الوعود التي تتلقاها بشأن الضغوط التي ستواصل واشنطن ممارستها على نتنياهو للحفاظ على الاتفاق.
وهنا يتساءل العديد من الدبلوماسيين عما إذا كان من الممكن حقاً أن يكون نتنياهو حريصاً إلى هذا الحد على استعادة الأسرى، خاصة وأن “إسرائيل" أعلنت أنها انتشلت جثث ستة رهائن في غزة قتلوا في غارة إسرائيلية.
في الواقع، لا يشعر نتنياهو بقلق مفرط بشأن مصير الأسرى الإسرائيليين، على الرغم من المظاهرات العارمة التي تشهدها "إسرائيل"، المطالبة بوقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى، فمبالغة نتنياهو في التعبير عن قلقه هي سوء تقدير خطير من جانب الجناح المسلح لحركة حماس في الفترة التي سبقت 7 تشرين الأول.
وكانت حماس قد أبلغت الوسطاء في القاهرة والدوحة بأنها تبذل قصارى جهدها لإعداد قائمة كاملة بالأسرى، لكن الحرب وعمليات التهجير القسري للسكان الفلسطينيين العديدة جعلت ذلك مستحيلاً. وهناك اختلاف آخر مقارنة بالاتفاق الذي قبلته حركة حماس في البداية، حيث تشير الصياغة النهائية إلى مستقبل الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة.
وينص الاتفاق الأول صراحة على انسحاب كافة قوات الاحتلال الإسرائيلية من معظم أنحاء قطاع غزة في نهاية المرحلة الثانية، ومن المنطقة بأكملها في نهاية المرحلة الثالثة.
دعت خطة بايدن الأولية إلى ثلاث مراحل: وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم "إسرائيل"، ووقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي من غزة، فضلاً عن إطلاق عملية إعادة إعمار تستمر من ثلاث إلى خمس سنوات.
ولكن يتبين الآن أن نتنياهو يرفض الانسحاب الكامل من غزة ويريد الحفاظ على وجوده على الحدود بين غزة ومصر، على طول ممر فيلادلفيا الذي يبلغ طوله 15 كيلومتراً، ويريد أيضاً إقامة تواجد عسكري وأمني إسرائيلي دائم على طول ممر نتساريم الذي يبلغ طوله ستة كيلومترات، والذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين، بهدف منع حماس الموجودين حالياً في الجنوب من التقدم نحو الشمال.
وبحسب مصادر قريبة من المحادثات، فإن "إسرائيل" تريد أيضاً تحديد مدى المناطق العازلة في جنوب وشمال قطاع غزة وبين مصر وقطاع غزة، على الرغم من الحلول التكنولوجية العديدة المبتكرة التي يقترحها الفريق الأمريكي التقني.
لكن على ما يبدو أن نتنياهو يفتقر إلى الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، وتتجلى هذه الحقيقة بشكل متزايد مع تقدم خطته العسكرية في غزة ومع اغتيال كبار نشطاء حماس وشخصياتها السياسية في قطاع غزة واغتيال إسماعيل هنية رئيس مكتب حماس السياسي في إيران.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية مصرية وأجنبية، فإن الهدف النهائي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بعد فشله في تأليب السكان المدنيين في غزة ضد حركة حماس من خلال محاصرة القطاع، هو الآن القضاء على حماس بالقوة العسكرية، وهذا الهدف محكوم بالفشل دون أدني شك، لأن المقاومة الفلسطينية صامدة رغم الأهوال ولن تنكسر ولن تنهزم.
ومع ذلك، وبعد ما يقرب من 11 شهراً من العدوان الوحشي لم ولن يتم القضاء على المقاومة الفلسطينية، ولذلك، يعمل نتنياهو الآن على إجبار أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين على البقاء في جنوب قطاع غزة، مما يجعل الحياة مستحيلة في الشمال. وفي الوقت نفسه، تستمر آلة الحرب الإسرائيلية باستهداف المزيد من الفلسطينيين بالأسلحة الأمريكية التي قدمتها إدارة بايدن بسخاء، مما يؤكد أن الولايات المتحدة متواطئة في حمام الدم الفلسطيني.


جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013