مخطئ من يظن، أن جبهة المـقـاومة تطلب الآن من الشعوب أن تتجنّد للقتال، فقد ثبت باليقين أن انهزام "الإسرائيلي" لا يحتاج إلى جبهات تعج بالمقـ.ـاتلين، إذ تؤكد حقائق التاريخ عالمياً ومحلياً أن الجيوش الاستعمارية والمحتـ ـلة إنّما كانت هزيمتها على يد قلة من المـقـاومين الشجعان.
مخطئ من يظن، أن جبهة المـقـاومة تطلب من الشعوب أن يملؤوا الساحات تظـ.ـاهرات، واعتصامات، وصراخاً وتنديداً، فقد سبق أن ضجت هذه الساحات بالهتافات، وبُحّت الأصوات، وطالما لم يجيّر هذا الانفعال إلى فعل، فلن يتجاوز ذلك حدود تنفيس الاحتقان.
ومخطئ من يظن، أن شعوب المنطقة قد تخلّت عن هويتها، قيمها، ففي ذلك ظلم كبير، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار ما تعرضت له هذه الشعوب خلال العقدين الماضيين، من حركات تكفيرية شوّهت الدين وباعدت بين المؤمنين، وأنظمة وأحزاب ونخب فاسدة أرهقت هذه الشعوب بلقمة عيشها واستقرارها وكرامتها.
إنّ جبهة المـقـاومة أمام فرصة ثمينة جداً لاستنهاض الشعوب، من خلال توجيه الحر ب الدائرة الآن نحو ضرب المرتكزات التي أعطت للعدو الإسرائيلي أملاً كبيراً بالبقاء في المنطقة والسيادة عليها، وذلك عبر تحقيق الآتي:
أولاً: الإصرار الحاسم على إذلال الـ.ـعـ.ـدو الإسرائيلي وإخراج جيشه مهزوماً، فاقد القدرة الردعية، بلا هيبة، فهذه هي المدخلية الأساس لاستعادة شعوب المنطقة وعيها، وكرامتها،
ولفلسـ.ـطين والأقصى. وقد أكّد آخر ملوك الصـ.ـهاينة (نتنياهو) على هذه الحقيقة بقوله: إن الهـ.ـدف الإستراتيجي والأهم لـ"إسرائيل" هو أن تستعيد هيبتها الردعية.
ثانياً: الحيلولة دون وقوع الحر ب الواسعة أو الكبرى، والسعي لإبقاء كيان الـ.ـعـ.ـدو في حال من الاستنزاف الحاد والمؤلم وفي كل المجالات، فهذا أفعل للانتقام وفرض الهزيمة على الـ.ـعـ.ـدو، وللناس قدرة على تحمل تبعاته، فجبهة المـقـاومة عليها الانتقام لآلاف الأطـ.ـفال والنساء والشيوخ كما الانتقام للقادة الشــ.ـهداء، وعلى الكيان كل الكيان "الإسرائيلي" أن يدفع هذا الثمن الكبير وليس مجرّد أفراد فيه أو مراكز معينة.
ثالثاً: ابتداع أشكال أخرى من التظـ.ـاهر والتعبئة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام والمعارض والمنتديات لتظهير وإبقاء الصورة الحقيقية المتوحشة لليهود الصـ.ـهاينة، وأنهم يستحيل أن يصيروا جزءًا من أهل هذه البلاد، فيجب أن يشعر الصهيـ.ـوني، سفيراً، تاجراً، سائحاً، علمانياً أو متديناً، بأنه مرفوض ولا إمكانية أن نعيش معه بسلام.
رابعاً: فضح النموذج الغربي، وكشف حقيقته التي ظهرت جلية في ادعاءاته الكاذبة والمراوغة، حول حقوق الإنسان، الأطـ.ـفال، النساء، والشيوخ، ليس فقط بعدم حمايتهم، بل في الشراكة العملية في قـ.ـتلهم، وترويعهم، وإفقادهم أدنى فرص الحياة.
خامساً: تقع على الجبهة الفلسـ.ـطينية تحديداً مسؤولية كبرى، بأن تؤسس على ما تسطره غزّة من ملحمة أسطورية في الإيمان، الصبر، الإرادة، والإصرار على الاستمرار في هذه المعركة الجدية والواعدة في التحرير، فهذا من شأنه أن يحرر الذاكرة والوعي عند الشعوب مما علق بها من قناعات ومواقف سلبية، فالاتحاد ما بين الفلسـ.ـطينيين الآن، والمجتمعات المحيطة، عامل أساس في نتائج الحرب.
ويبقى الخير في ما حصل