| *ترامب الجمهوري المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية يشحذ السكين ويسّن أسنانه ويُعلن الحرب على الشعب الفلسطيني.
*وهيلاري كلينتون تدلي بدلوها في البازار الكريه وتقول أن «إسرائيل» أولوية والعالم يحتاج إلى أميركا قوية للتصدي للمبادرات الرامية إلى عزل «إسرائيل».
*الولايات المتحدة الأميركية عبر إداراتها المتعاقبة تقف على رأس أعداء شعبنا وأمتنا، على رأس طابور معاد قوامه قوى الغرب الاستعماري، والكيان الصهيوني، وأنظمة حكم من أبناء جلدتنا العرب من الذين غدروا بفلسطين، وخانوا الأمة، وعرضوا أمنها القومي لأفدح الأضرار والأخطار، يعاونهم طابور خرج إلى العلن بعد طول اختباء ليفصح عن عمالته وارتباطه القديم بالأجهزة الأمنية الأميركية والصهيونية، (وضاحي خلفان) نموذجاً.
لم نكن ننتظر غودو المخلص القادم من بلاد العم سام، من أجل نشر السلام في ربوع بلادنا وتحقيق العدل، وإنهاء كل مظاهر الاستعمار والاستيطان وخاصة في فلسطين المغتصبة، ولم نعول في يوم من الأيام على أميركا يمكن أن تكون راعية عملية سلام، أو نزيهاً وسيطاً، أو حكماً عادلاً، فهذه الأدوار لا تتصف بها القوى الاستعمارية الغاشمة، ولم يتسرب هذا الوهم لعقولنا ونفوسنا ووعينا، لإدراكنا أن أميركا زعيمة الامبريالية العالمية يتحكمها نزعة بسط السيطرة والهيمنة والنفوذ، وإخضاع الآخر، ونهب ثرواته، والتحكم بمقاليد الحياة في الحاضر والمستقبل.
والغريب أن أجواء الانتخابات الأميركية للرئاسة، ومتابعو تصريحات ومواقف المرشحين، يستقطب اهتمام العديد من الاعلاميين والسياسيين والكتّاب ويجعلونها الشغل الشاغل لهم، ويجري على يديهم ضخ الأوهام بأن القادم لا بد أنه يملك استراتيجية جديدة ورؤية جديدة يجب أن نلحظها ونراهن عليها، أو أن القادم متطرف وشرس ومرفوع على أكف البنتاغون واحتكارات صناعات الأسلحة، إلى سدة الرئاسة، وذلك في محاولة لدب الذعر والإحباط في النفوس، وجعل أميركا كلها قدرنا المحتوم من أجل أن نتهيأ للسير في ركب مسايرة أميركا والخضوع لشروطها ومطالبها وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور هي ما ينتظرنا.
لكن الدعاية الانتخابية لكلا المرشحين في الحملة الراهنة، تعد من أقذر وأحط أشكال الدعاية الإعلامية، فعندما تكون مصائر الشعوب والأوطان في سوق الدعاية ارضاء للصهاينة وانبطاحاً أمام الصوت اليهودي في أميركا، وعندما نجد هذا البازار الكريه عند وضع العالم كله على كف عفريت، يتأكد أن أميركا ليس في وارد الانكفاء عن عدوانها ونزعتها التسلطية رغم ما تعانيه من أزمات وإشكالات، ومهما حددت من أولويات في سياساتها الخارجية، لأن لديهم البدائل والأدوات والوسائل ما تنفذ به حروباً لا تقل ضراوة عن الحروب العالمية الكبرى التي شهدتها البشرية، ودون أن تخسر جندياً أو تظهر وكأنها طرف مباشر في هذه الحرب، وهذا هو حال أمتنا وما تتعرض له منذ خمس سنوات مضت وما تعرضت له سورية ولا تزال على يدي أميركا ومعسكرها من دول الغرب الاستعماري والصهاينة والرجعيين العرب المتآمرين.
والسؤال هنا ما بال الحكام العرب أصدقاء وأدوات أميركا في المنطقة عن تصريحات ترامب وكلينتون وما ذهبوا إليه من مواقف ممجوجة وغطرسة وعدوان، ما بالهم فيما يقوله ترامب أنه سيقاوم أي محاولة في الأمم المتحدة لفرض إرادتها على «إسرائيل»، مع أننا «لم نعرف يوماً أن الأمم المتحدة قد فرضت سياستها على إسرائيل، بل هي التي شرعت وجودها وأصدرت القرارات الكفيلة بحمايتها، وأي مراجعة لقرارات الأمم المتحدة تؤكد صحة ما نذهب إليه».
يقول ترامب أنه سينحاز إلى «إسرائيل» في أي مفاوضات وعلى الفلسطينيين أن يعرفوا وهم قادمون إلى المفاوضات أن علاقة «إسرائيل » بأميركا غير قابلة للكسر.
ورغم إدراكنا أنه لا جديد في هذا الموقف إلا أننا نقول أن المفاوض الفلسطيني يعرف ذلك وإن كان يتصرف وكأنه لا يعرف، يذهب مغمض العيون، ذهب مراراً والغشاوة على عيونه وقلبه، وكل ما يهمه هو الرضى الأميركي عنه وبعد ذلك كل شيء يهون.
ما الذي يدفع ترامب لقول ما يقول ويطالبهم وهم قادمون إلى المفاوضات بوقف الإرهاب فالمقاومة بنظره إرهاب وكذلك الانتفاضة، أما ربيبته «إسرائيل» فهي واحة الديمقراطية والحق والعدل والمؤتمنة على حقوق الإنسان.
لم ينس ترامب القول أنه سينقل عاصمة بلاده عند فوزه إلى القدس، وأن «إسرائيل» دولة يهودية وستظل كذل إلى الأبد، أما هيلاري فلها هي الأخرى أطروحتها حول أولوية الأمن «لإسرائيل» ودعمها ومساندتها لضمان تفوقها.
أميركا معروفة وتاريخها واضح كل الوضوح والمشكلة ليست بها، بل في حكام شعوبنا وما هم عليه من مهانة وذلك وهوان، وإلى جانب هؤلاء الحكام عملاء كانوا يعملون خفية، ويعتقدون الآن أن الظروف الراهنة تخدم أهدافهم والخروج إلى العلن، ولعل قائد شرطة دبي السابق (ضاحي خلفان) نموذجاً، وهو يستهتر بفلسطين ويقول أنها عبارة عن فلس.. وطين، إلى آخر ما في جعبته من انهيار أخلاقي وقيمي عندما يصف الشعب الفلسطيني بأنهم أهل دعارة، ونسي هذا التافه أن الدعارة نمت في بلاده وفي عهده عندما كان قائد لشرطة دبي لتصبح دبي وأعلى برج في العالم فيها برج الخليفة تفوح منه روائح الدعارة الكريهة لتصل إلى الخليج كله ومنه إلى باقي أنحاء العالم.
نظرية هذا العميل الجديد الطافي على السطح بأن اليهود هم أبناء العمومة والخلاف ما هو إلا على وراثة الأرض والحل عنده قيام دولة «إسرائيلية» واحدة تضم الفلسطينيين وتنضم لاحقاً إلى الجامعة العربية، وأن التحام العرب واليهود قوة على قوة فاليهود قوة مال وعقل، والعرب قوة بشرية.
خلاصة القول يواجه أمتنا جمعاء معسكر معاد، طابور معاد على رأسه أميركا ويصطف وراءه دولاً وحكاماً ورموزاً فيها من النذالة والفساد وصفحات عار وسواد تلطخ به وجه بلدانهم وشعوبهم والأمة جمعاء.
في مواجهة هذا المعسكر لا سبيل إلا قيام مشروع نهضوي مقاوم، هذا هو التحدي، فهل القوى الحية في الأمة قادرة على الاستجابة لهذا التحدي، وتكون بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها، وهي مسؤولية تاريخية، والأكيد أنها مسؤولية مكلفة وتضحياتها غالية، لكنها فاتورة وضريبة حياة الأمة وكرامتها وعنفوانها وحريتها وتحررها وسيادتها، وعكس ذلك سيكتب التاريخ أنه كان في قديم الزمان أمة كانت خير أمة أخرجت للناس، ثم بادت.