أن العالم لا يحكم إلا من خلال صناعة الرأي العام، واليوم مع التطور الهائل والمتسارع في نظام جمع المعلومات والبيانات، فإن أفضل من يقرأ ويستشرف الرأي العام ويبلوره وعلى أساسه يصنع قرارات لا يستطيع الرأي العام رفضها، هو الذكاء الاصطناعي.
ونحن الكتاب من كثرة توارد الأفكار إلى عقولنا ومحاولة ترتيبها بأسلوب شائق وتحويلها إلى مواضيع جذابة وهادفة لتخدم قضايانا، نشعر بعمق الصراع وخطورته مع هذا النظام الجديد.
أنا على سبيل المثال، أحيانا أشعر بالخوف أو الرهبة مما أمر به، فأنت عندما تكون مهمتك البحث والبحث يوميا لأكثر من 5 ساعات تشعر أنك قادر على الوصول إلى المعلومة التي تريدها من بين مليارات البيانات والمعلومات المنتشرة بهذا العالم ألذي لا حدود له، وهنا أسأل نفسي هل يعقل أن يكون هذا العالم وكل ما ينتج عنه هو صناعتنا نحن، أم أن هذا العالم هو الذي يصنع عقولنا، من خلال تحويلنا إلى مصفوفة لديها تركيبة معينة قادرة على تلقي هذا الكم الهائل من تدفق البيانات وتفكيك شيفرتها وتحويلها إلى مقال وعندما ننشر المقال نجده يتطابق مع الواقع الذي ربما هو موجود قبل أن نكتب هذا المقال.
فقد تبين أثناء حرب غزة، ان العالم الذي نعيش فيه هز غير موجود، حتى الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد انتهت ولم نعد نسمع عنها شيئا، كما أن أسعار النفط والبورصة العالمية، ثبتت ولم ترتفع أو تهبط، وحتى الأوبئة وكافة الأمراض التي جعلتنا نعيش القلق والرعب حتى الموت لم تعد موجودة أبدا، مما يعني أن القدس ليس موجودا في فلسطين، بل العالم موجود في القدس، وعندما تبدلت أولويات الفئة التي تسيطر على القدس تبدل كل شيء في العالم.
بالامس حدث امر مع ايلون ماسك أثناء زيارته للكيان المجرم عندما التقى بشخصمن الكيان الاسرائيلي اسمه مالكي شيم توف والد الأسير عومر شيم توف الأسير لدى حركة المقاومة حماس.
وهل هي صدفة أن أكتب قبل أسبوعي مقال عنوانه “الصهيونية تنتحر بتصادمها مع الماسونية، بسبب رفض ماسك حذف تغريدات مناصرة“ لغزة” ويكون موضوع المقال عن “ الحاخام بعل شيم طوف (توف) ”أحد أهم علماء للكابالا، وبعد اسبوعي من المقال يلتقي ماسك من بين كل عوائل الاسرى مع شخص من عائلة توف التي تنتمي الى الحاخام الذي كتبت عنه، وان يتبين أيضا أن مالكي شيم توف هو المدير التنفيذي لشركة“ AVS”، المشرفة على“ الجناح الإسرائيلي في معرض دبي، 2020 تحت عنوان“ تواصل العقول وصنع المستقبل”، وهي شركة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي.
وهناك شيء محير يحصل في العالم، مثل أن يخرج رئيسا أقوى دولة في العالم وهي أمريكا، ويقول هكذا صراحة، أنني قررت أن أبيد الشعب الأمريكي من خلال اقرار قانون الشذوذ الجنسي، ويهتف الشعب الأمريكي عاش قانون المثلية، عاش الشذوذ، ويتحول الجيش الأمريكي إلى مجرد كرخانة يمارس فيه اللواط بقانون رسمي.
لا أعرف كيف الجندي الأمريكي أو بأي صوت سيهتف “حاضر سيدي” ونحن الذين كنا نشاهد افلام الحروب الامريكية وهي تظهر الامريكي بعضلاته المفتولة والبارزة بضخامتها، وصوته الذكوري الخشن ونظرته الغاضبة، هل يعقل ان يصبح الجندي الامريكي في الافلام يرتدي تنورة حمراء ويضع السيكون في مؤخرته وينتف حواجبه ويضع الحمرة.
ويمكنكم تخيل أمريكا بعد سنوات قليلة وهي تعيش جيلها الأخير حيث لا تميز بين الذكر الأنثى.
وإذا كانت أمريكا تسعى اليوم لتحويل البشرية إلى مثليين فإن أمريكا حولت من قبل، مئات الآلاف من الشباب المسلم إلى تكفيريين إرهابيين، وأرسلتهم للقتال في سورية، وما ارتكبوه هؤلاء بحق المسلمين والأبرياء في سورية والعراق، لا يختلف أبدا عما يقوم به الإسرائيليون بحق أطفال غزة المسلمين، من تدمير للبيوت فوق ساكنيها، واستهداف للمساجد، وارتكاب وأبشع وأشنع الجرائم والمجازر بحق الانسانية جمعاء.
وكما كان التكفيري ينحر الطفل المسلم على الهواء مباشرة، فإن الإسرائيلي اليوم ينحر الطفل الفلسطيني مباشرة على شاشات الفضائيات، ومع ذلك لم نسمع رجل دين أمثال العرعور والفرفور والكعبور وابن كلابه وابن مسليمة وكل هذه الأسماء التي كانت تبكي حتى تبتل خصيتيها تمثيلا وكذبا ودجلا، لتحرض الشباب الإسلامي على القتال في سوريا والعراق ولبنان.
وحتى كل تلك النخب العروبية، التي كانت تقيم المؤتمرات ابان اعتداء العراق على ايران، لتحريض العرب على الجمهورية الاسلامية في ايران، وجمع التبرعات للعراق وتجييش الشعوب للالتحاق بجبهة العراق ضد ايران، تجدهم اليوم يعيشون صمت اهل القبور، وكان اهل غزة ليسوا عربا، او ان غزة خارج الجغرافيا العربية.
كنا دائما نسمع مقولة لا صوتا يعلو على صوت المعركة، واليوم عندما يعرضون على الفضائيات حشود الشعوب العربية نعتقد انها تظاهرات لمناصرة غزة، لكن المفاجئة ان غالبية هذه الحشود هي للاستماع الى مطربة غطى صوتها على المعركة واصوات المعذبين في غزة.
كثر يهاجمونني لاني لم أمدح يوم العرب، ومنهم وفي مقدمتهم عادل سمارة الذي نعتني بالصوت الفارسي الذي اشكل خطرا على العروبة،
اريد ان اساله هي يمكن ان يرشدني، يدلني، يجعلني اشاهد العروبة، او ماذا فعلت وقدمت العروبة لفلسطين ولكل هذه الدماء التي تسيل على ارض القداسة.
اليوم الاصوات التي تطالب بانهاء حماس والقضاء على حماس هي ليست اصوات غربية، بل هي اصوات عربية، الغرب انتفض للدفاع عن غزة، العرب هو الذي نفض يده من غزة.
عندما اتذكر بيان وزراء الخارجية العرب عام 2017، إثر اجتماع طارئ في القاهرة حول تدخلات إيران بالمنطقة، واعتبارها أنه تهديد للأمن العربي ووصف البيان (حزب الله!) بالمنظمة الإرهابية الفارسية.
الا يستحق كل هذا الدم الفلسطيني والدمار في فلسطين، ان يقول وزراء الخارجية العرب ان اسرائيل ارهابية،
لا نريد منهم مقاتلتها ولكن وصفها بالكيان الارهابي ووضعها على لوائح الارهاب.
حقيقة امام هذا المشهد قد يقال ان هذه الشعوب مصابة بمس شيطاني، لكن الحقيقة مختلفة كليا، لان هناك من يراقب هذه الشعوب والنظم ويعرف ما يدور بخلدها وكيفية طريقة تفكيرها.
فالزعيم العربي يستطيع أن يخدع المواطن العربي، كما أن المواطن العربي يستطيع أن يمارس الخداع ويكذب على محيطه بالحديث عن العروبة والقضية الفلسطينية، لكن هؤلاء لا يستطيعون خداع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، لأن هذه الدول لا تستمع لما يقال عبر القنوات ويكتب بالصحف بل هي تتابع المراسلات السرية بين الأصدقاء والحلفاء وحتى العائلات عبر الإيميل والسوشيال ميديا، فأمريكا وإسرائيل ليسا بحاجة لشن حرب تقليدية يكفيهما سؤال (مارك زوكربيرغ مؤسس ألفيس بوك) ماذا يقول العرب عن حماس ويكفي أن يقول لهم مارك، أنهم يتمنون أن ينتهوا من حماس أو القضاء على حماس، حتى تتحرك الأساطيل والسفن والطائرات وتبدأ الحرب على حماس.
وهكذا بواسطة الذكاء الاصطناعي يتخذ القرار ويدار العالم الجديد.
فأين نحن من هذا النظام الجديد الغريب عنا.