طوفان الأقصى عنوان لمرحلة جديدة من الصراع يكون لمحور المقاومة فيها القول الفصل. المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية | طوفان الأقصى عنوان لمرحلة جديدة من الصراع يكون لمحور المقاومة فيها القول الفصل.
تاريخ النشر: 10-10-2023

بقلم: محمود المغربي

قد تكون عملية طوفان الأقصى الأولى في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني من حيث المبادرة والاستهداف المباشر لعمق العدو وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى الصهاينة وبلا شك أنها كانت الأنجح من حيث التخطيط والتنفيذ والإتقان والجرأة وربما تكون هي الأكثر رعب وصدمة وتأثير على الكيان وقد يمتد تأثيرها لعقود وقد لا يتعافى منها الكيان الصهيوني إذا لم تتدخل أيادي الأنظمة العربية المتصهينة لإنقاذ الموقف،

وقد يترتب عليها نتائج غير معهودة بغض النظر إذا ما كانت سلبية أو إيجابية إلا أن هناك شيء قد تحقق في هذه العملية ويجعلها مميز وغير مسبوقة في تاريخ الصراع مع اليهود وأكثر أهمية من كلّما تحقق من إنجاز ويتمثل ذلك في تخلص المقاومة الفلسطينية من العملاء والخونة وتطهير الجبهة الداخلية منهم وإحراق أهم وأعظم ورقة بيد العدو الصهيوني بل هي أقدم و أنجح الأوراق التي استخدمها اليهود وأعداء الأمة طوال القرون الماضية ضد أعدائهم وقد كانت سبب رئيس في كل الفشل والهزائم المتتالية للأمة أمام اليهود والمتمثلة في اختراق صفوفنا وتجنيد العملاء والخونة وزراعتهم في كافة المواقع مما أتاح للعدو التقدم علينا والاستعداد وإفشال ما يعد له.

ولعلها أول مرة يتم فيها مباغتة العدو وأخذه على حين غرة ولأول مرة يتم توجيه ضربة عنيفة له دون أن يكون على علم بها أو مستعد لها وهذا ما اربك العدو وهز كيانه وجعل نتن ياهو ووزير الخارجية الأمريكية يظهرون بتلك الصورة المهزوزة وافشل قدرة الكيان الصهيوني على الرد أو استعادة المبادرة واسترجاع غلاف غزة الطوق العسكري الذي يضم أهم وأكبر الثكنات العسكرية التي تحمي الكيان وخط الدفاع الأول عن تل أبيب وعن الكيان بأسره، بعد أن أصبح لا يمتل عيون أو آذانَ في داخل المقاومة الفلسطينية ولا يعلم أين سوف يضع القدم التالية وماذا سوف يواجه ومن أين سوف تأتي الضربة القادمة بعد خسارة أهم ما كان يمتلك ويتميز به.

على عكس المقاومة الفلسطينية التي ظهرت أكثر ثقة وقوة وثبات وتعلم أين تضع قدمها وما هي الخطوة التالية وماذا يواجهون ومن أين سوف تأتي الضربة القادمة بعد أن استطاعت اختراق العدو ولها أدوات وأعين وأذان في عمق العدو وأرضه وبعد أن باتت قادرة على تضليل العدو وأدواته والتحرك بحرية مع أنّ محدودية المساحة والإمكانات والقدرة الهائلة والإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها العدو الصهيوني خصوصا في مجال الرصد والعمل الاستخباراتي بل أن الكيان الصهيوني من بين الخمس الدول الأول في العالم بهذا المجال إلا أنه وكما شاهدنا قد ظهر هذه المرة مصعوق ومذهول مما حدث ومما تمتلك المقاومة الفلسطينية من أسلحة ومعدات وكيف تطورت عقلية المقاوم الفلسطيني وكيف أصبح بهذه الجرأة والقوة.

وهذا يجعل من عملية طوفان الأقصى شيء غير عادي بل هي تطور هائلة وغير مسبوقة من شأنها أن تغيير طبيعة الصراع ونتائجه وتجعل دول المنطقة والإقليم تعيد النظر في كافة التحالفات وتفرغ الإنجازات السابقة للعدو الصهيوني من محتواها وتجعل عمليات التطبيع السابقة بلا جدوى أو ثمار بعد أن كان العدو قد أصيب بالغرور وظن العدو والصديق أن المعركة محسومة وأن حدوث شيء كهذا الذي حدث بالأمس غير وارد أو ممكن بعد أن أعتقد العدو الصهيوني أن القضية الفلسطينية قد تم تصفيتها وظهر بمظهر المنتصر بل وذهب يعربد ويهدد دول المنطقة والإقليم حتى بات الجميع يعتقد أن الكيان الصهيوني قوة لا تقهر مما دفع بالكثير من الأنظمة العربية إلى فتح أبواب مدنهم وقصورهم أمام الصهاينة وتوجه الكثير من تلك الأنظمة نحو تل أبيب لتأدية الولاء والطاعة على مبدأ يد لا تستطيع كسرها بوسها. إلا أن ما قام به المجاهدين الفلسطينيين من أبناء غزة المحاصرة من قبل العدو والصديق قد اربك المشهد وأدخل الصراع مع العدو الصهيوني في حقبة زمنية جديدة مختلفة عن حقبة الهزائم والنكبات والخيانات والقهر الذي عشنا فيه لعقود من الزمن.


جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013