هل ستسرق الولايات المتحدة الأمريكية الأموال العراقية؟ التقارير والمقالات | هل ستسرق الولايات المتحدة الأمريكية الأموال العراقية؟
تاريخ النشر: 13-08-2023

بقلم: رشيد السراي

العصر-بدأ الحديث والتحريض تجاه هذا الأمر في الآونة الأخيرة فالولايات المتحدة الأمريكية تسيطر فعلياً على الأموال العراقية منذ أكثر من عشرين سنة بحجج مختلفة وهي كعادتها تحاول ربط الدول بقوتها الدولارية وقد فعلت ذلك حتى مع أقرب الحلفاء لها، بدأت الحكومة الأمريكية تستخدم سلاح السيطرة على الأموال العراقية في عدة ملفات أهمها ملف ما تسميه بتهريب العملة إلى إيران حيث اعتمدت منصة خاصة بإدارتها وفرضتها على البنك المركزي العراقي والتي بسببها ارتفع سعر الصرف بفارق كبير بين السعر الرسمي والسوق الموازي(السوق السوداء) لأول مرة منذ عشرين سنة ولازال الارتفاع خارج السيطرة وعاقبت ما يقرب من ثلث المصارف العراقية على وجبتين في الأولى ثمانية مصارف وفي الثانية 14 مصرفاً ليصبح المجموع 22 مصرفاً من اصل 72 مصرف عراقي كما وقيدت تمويل الغاز الإيراني الذي يستورده العراق لمحطاته الكهربائية في بداية فصل الصيف مما صنع أزمة كهرباء كبيرة تلافتها الحكومة العراقية باتفاقية النفط مقابل الغاز والتي أغضبت الجانب الأمريكي بلا شك ولكنها عراقياً حلت الأزمة.

توجه العراق أيضاً لاعتماد عملات أخرى-خاصة مع التوجه العالمي بالابتعاد عن الدولار- وتقليص العراق لاستثماراته في السندات الأمريكية بتخفيض بحدود 6 مليار دولار خلال هذه السنة فقط لحد الآن من 40 مليار دولار تقريباً إلى 34 مليار دولار تقريباً، إضافة إلى إجراءات سياسية واقتصادية وأمنية أخرى ربما ساهمت في تنامي الغضب الأمريكي على الحكومة العراقية الحالية.

ليس بجديد على الأمريكان إجراء مماثل فقد سبق وجمدوا الأموال الأفغانية المودعة لديهم-سرق بعنوان التجميد- وسبق وجمدوا الأموال الروسية وهذا السلاح تستخدمه الولايات الأمريكية بكثرة في السنوات الأخيرة، فاحتمال الوصول مع العراق لإجراء مماثل أمر وارد.

لكن هناك عدة معطيات ربما تجبر الأمريكان على التريث منها خصوصية الوضع العراقي وكون العراق بلد منتج للنفط ومثل هكذا إجراء مع العراق يعني خسارة العلاقة مع العراق نهائياً وتحويل العراق بشكل رسمي إلى عدو في حين إن الحكومة العراقية تحاول البحث عن توازن في العلاقة مع الأمريكان ولا تحاول معاداتهم بشكل علني على الأقل، ومنها عدم رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في تصعيد الأوضاع في الشرق الأوسط لانشغالاتها المتعددة مع روسيا والصين، وكذلك التأثير الكبير لهذا الأمر على أسعار النفط التي ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في خفضها وهي لازالت ترتفع، ومنها قرب موعد الانتخابات الأمريكية والتي تجعل قضايا الداخل أكثر أهمية من قضايا الخارج لأنها موضع اهتمام الناخب الأمريكي والذي لن يعجبه أيضاً صنع بؤر مشاكل جديدة، إضافة إلى الارتباك الواضح في إدارة بايدن في جوانب مختلفة، ولكن يبقى الأمر متوقعاُ وممكناً.

فيما لوحدث الأمر فستكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد العراقي فنحن نتحدث هنا عن خسارة تتجاوز الـ 100 مليار دولار فضلاَ عن الفوضى التي سيخلفها القرار على الشأن الاقتصادي وإدارة ملف تصدير النفط والاستثمارات وفيما لو فعل الأمريكان ذلك فإنهم لن يكتفوا به بل سيوجهون العديد من الشركات بترك العمل في العراق أو تقليص استثماراتهم فيه خاصة في القطاع النفطي.

لذا على الحكومة العراقية دراسة هذا الاحتمال بجدية ووضعه بعين الاعتبار والاستمرار بإجراءات للابتعاد قليلاً عن التأثيرات الأمريكية والبدء بخطة بديلة فيما لو حدث الأمر فعلاً ولا ينبغي تجاهل هذا الاحتمال الخطير.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013