مفاهيم منوّعة - السلامة الغذائية المجلس الاجتماعي | مفاهيم منوّعة - السلامة الغذائية
تاريخ النشر: 06-03-2023

بقلم: غياث مصباح سمينة

السلامة الغذائية 

هي تطبيق ما يلزم من إجراءات وممارسات للحفاظ على سلامة الغذاء وجودته في أثناء جميع مراحل الإنتاج والتصنيع والتخزين والتوزيع والتحضير، وللتأكد من أن الغذاء لا يسبب ضرراً للإنسان المستهلك.
لمحة تاريخية
حدثت مجموعة من الجائحات بين عام 1950 وحتى السبعينيات من القرن العشرين، كانت أسبابها عوامل ممرضة موجودة في الحليب وفي منتجات الألبان الأخرى، كالسلمونيلة في الحليب الجاف والإشريكية القولونية والعنقودية الذهبية في بعض الأجبان، إلى جانب التعرف على عدد من البكتريا بأنها مسببات أمراض الغذاء، منها اللسترية وكامبلوباكتر ويرسينا.
تستحوذ أمور سلامة الماء والسلع الغذائية على الاهتمام الوطني في دول كثيرة، إذ توضع تعليمات البرامج الوطنية التي تهدف إلى منع أو تخفيف تلوث الأغذية بالبكتريا، وقام مركز مراقبة الأمراض ومنعها في الولايات المتحدة الأمريكية بتحديد الأسباب الرئيسة للأمراض الناشئة عن الأغذية، في أربعة أنواع من البكتريا، أولها كامبلوباكتر ثم السالمونيلا فأنواع المطثية وأخيراً أنواع العنقودية.
المخاطر الكامنة من عدم السلامة الغذائية
تنجم هذه المخاطر عن عوامل بيولوجية وكيمياوية أو فيزيائية ضارة في غذاء الإنسان، وقد تكون بكتيرية أو فيروسية أو طفيلية، أو من الذيفانات الفطرية، والعوامل المولدة للحساسية، أو غير التقليدية مثل البريونات أو نتيجة وجود بقايا من الأدوية البيطرية والمبيدات وملوثات البيئة، وبقايا محاليل التنظيف والمعقمات، أو من أجزاء قطع الزجاج والمعادن.
وتسهم العوامل السابقة بنسب مختلفة في الأمراض الناشئة عن الأغذية، فالجزء الأكبر تسببه البكتريا (نحو 90%) تليها الفيروسات (6%)، وثم الكيمياويات (2%)، والطفيليات (1%).
العوامل التي تؤثر في السلامة الغذائية
يشمل تحقيق السلامة الغذائية جميع حلقات إنتاج الغذاء وتصنيعه وتداوله وتسويقه ويقع على عاتق جميع أفراد المجتمع من منتجين ومستهلكين وغيرهم.
يتعرض الغذاء الطازج أو المصنَّع ضمن عبوات متنوعة إلى عدد من المخاطر لا بد من ضبطها ومنع حدوثها. ففي المزرعة يجب التقيد باستعمال العمليات الزراعية الجيدة في إنتاج الخامات الزراعية للتصنيع الغذائي، وفي تربية الحيوان، واتباع البرامج الأولية المتكاملة التي تعد عناصر سلامة الغذاء في معامل الأغذية والأفراد فيها. كما يجب أن يحرص العاملون في الأغذية على تطبيق نظام «تحليل المخاطر ونقاط الضبط الحرجة» للتأكد من سلامة الإنتاج الغذائي بدءاً من المزرعة وحتى مائدة المستهلك.
وفي المعمل الغذائي يجب ضبط كل ما من شأنه أن يؤثر في سلامة الغذاء الناتج كالنظافة والتعقيم الصحيح والوقاية من الآفات في الحدود الضرورية، إضافة إلى الإجراءات الخاصة بالمعدات والأجهزة والأواني والبناء بما فيها الأرضيات والأسقف والجدران والصرف الصحي ومفاتيح الإضاءة ووحدات التبريد وغيرها.
وتتشدد الدول المتقدمة في إطار السلامة الغذائية في تنفيذ القواعد الصحية الأساسية التي تحمي المواطنين من مخاطر تلوث الغذاء.
المعايير الناظمة للسلامة الغذائية
تسهم جهات حكومية سورية مختلفة (وزارات الصناعة، والاقتصاد والتجارة، والصحة، والإدارة المحلية والبيئة) في وضع التشريعات وتطبيق معايير سلامة الغذاء، وخاصة سلامة المنتجات المصنّعة الخاصة والمنشآت الصناعية وطرائق مراقبة منتجاتها. وينحصر دور هذه الجهات على المنتجات فقط، ولا تشمل جميع حلقات إنتاج الغذاء السابقة. أما على المستوى العالمي فإن التعاون في شؤون السلامة الغذائية يزداد مع انتشار حجم أعمال التجارة الدولية وزيادة عدد الاتفاقيات التجارية بين الدول، بغية حماية المستهلك والتأكد من الممارسات العادلة في التجارة بين الدول، وفق مواصفات ومعايير مقبولة عالمياً. وتعد سورية من الدول التي تحرص على تبني تعليمات ومعايير «هيئة دليل الأغذية» وكذلك دول أمريكا الشمالية والاتحاد الأوربي وغيرها.
الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لسلامة الغذاء
يدعم الغذاء السليم حياة الإنسان ويمده بما يلزمه لممارسة نشاطه، أما الغذاء غير السليم فيؤدي إلى انخفاض مستوى إنتاجية القوى العاملة، وتهديدها بالمرض والموت، وإلى إتلاف الغذاء وعدم بيعه من قبل منتجيه، وينعكس ذلك على الصناعة السياحية، وعلى ارتفاع البطالة بين القوى العاملة في شرائح متعددة من المجتمع، كما يتشعب تأثيره إلى عدم الاستقرار القانوني، وإغلاق الأعمال التجارية.
أما المحافظة على سلامة الأغذية ، فتسهم في توثيق العلاقات الطيبة بين المنتجين والمستهلكين وأجهزة الرقابة على الغذاء كما تُحسِّن من سمعة البلد المنتج للغذاء السليم وتضمن وصوله إلى الأسواق العالمية.
وتختلف مستويات الأخطار التي تأتي من الغذاء بحسب الدول وتقاناتها المطبقة على الأغذية كالتبريد وغيره، وبحسب البيئة وما تحويه من نباتات وحيوانات وملوثات، وممارسات إنتاج الغذاء، والعوامل الجغرافية والمناخية إذ إن المناخ البارد يخفف من بعض الأحياء الممرضة.
أما السلامة الغذائية في المنازل وعلى المستوى الفردي فيمكن تحقيقها عبر النظافة الشخصية واستعمال الماء الساخن والمنظفات، وفصل الطعام الخام عن الطعام الجاهز للأكل، مع الطبخ الجيد واستعمال التبريد والتجميد في حفظ الطعام. ويذكر أن غالبية الإصابات المرضية المتسببة عن الأغذية، تقع في المنازل، ومراكز بيع الأغذية غير المراقبة، وأن الأطفال والحوامل والمتقدمون في العمر والمصابون بضعف في الجهاز المناعي هم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض الغذاء.


جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013