التحقيق الإعلامي فن يقوم على تفسير القضايا الاجتماعية بصورها المختلفة، ويبحث في أسبابها والعوامل المؤدية إليها، بغية وضع حلول مناسبة من خلال استنطاق المحرر للنص الذي يقوم بجمع مادته أو من المعلومات التي يُعدها، ومن الأشخاص الذين يشاركون في أحداثها، ويؤلفون الطرف الأهم في المعادلة، كحدث أو قضية من القضايا التي تهم المجتمع.
ومن أهم سمات التحقيق الإعلامي:
1ـ الإيضاح والتفصيل عبر التلفزة والإعلام المطبوع.
2ـ بث الحيوية في أوصال الحدث.
3ـ المصداقية والموضوعية في معالجة الوقائع والأحداث.
4ـ التحقيق الإعلامي كيان قائم بذاته، متفرد في الشكل والمضمون في وسائل الإعلام المختلفة، لا يعبر عن سياسة هذه الوسائل، ولايتناقض معها.
5ـ تنوع موضوعاته واستيعابها بجميع المجالات.
ويتنوع التحقيق الإعلامي من حيث الشكل والمضمون بتنوع موضوعاته وأشكاله، فهناك:
أولاً: التحقيق القصير، ويتناول قضية ذات جانب واحد غير متشعب، ويقوم به محرر واحد فقط، ويرتبط هذا النوع من التحقيق بالآنية.
ثانياً: التحقيق الطويل، ويتناول موضوعاً متعدد الجوانب، ويقوم به عدد من المحررين.
ثالثاً: هناك التحقيق المسلسل، ويتناول غالباً الموضوعات التاريخية، ويتميز بالإطالة.
ويستمد التحقيق الإعلامي مواده الأساسية من مصادر عديدة أهمها:
وسائل الإعلام العامة منها، كالصحافة والمذياع والتلفاز، والخاصة، كالسينما والمسرح، وكذلك من تجارب المحرر الذاتية وتفاعله مع الوسط المحيط بقطاعاته ومؤسساته المختلفة. كما تشكل مراكز الأبحاث العلمية والكتب والمطبوعات الدورية، بالإضافة إلى الأحداث والمناسبات الوطنية والعالمية، مصدراً آخراً لمواد التحقيق الإعلامي.
وتستدعي عملية إنجاز التحقيق الإعلامي مراحل إعداد طويلة ومعالجة متقنة، تبدأ بمرحلة البحث والجمع والتوثيق، ويُبحث فيها عن المادة وجمع المعلومات عنها، ثم دعمها بالأدلة اليقينية، ثم مرحلة الإعداد، ويُقصد بها تنسيق المعلومات، وفحص الوثائق اللازمة وفن آلية استخدامها، لاستيعاب أبعاد التحقيق كلها، ثم مرحلة التهيئة. ويفترض فيها وضع مخطط منهجي لبنية التحقيق الإعلامي، يتحدد وفقه معالمه الأساسية. وهنا تأتي مرحلة التحرك، ويبدأ معها التطبيق الفعلي لمادة التحقيق على الواقع، وتوضيحها بالصور الفنية اللازمة بغية الوصول إلى المرحلة الأخيرة، وهي التحرير وإعداد التحقيق بصورة نهائية. وهنا يعمل الباحث على تنظيم محتويات التحقيق، بحيث يأخذ بترتيب مكوناته حسب تسلسلها الزمني أو المنطقي، وتبعاً لما تقتضيه غايات التحقيق، فيضيف إلى كل مرحلة من مراحل العرض التعقيب الإعلامي المناسب الذي قد يكون شرحاً لصورة، أو تعقيباً على شريط فلمي، إذا كان التحقيق تلفزيونياً. وإذا كان الأمر كذلك فإنه يضاف إلى ماسبق، المراحل التي يقوم بها مُعد التحقيق لإنتاج المادة الإعلامية وإخراجها بالصورة المثلى، كمرحلة الموسيقى التصويرية التي تُعنى بتقديم مجموعة من القطع الموسيقية المناسبة لعرض أحداث التحقيق عرضاً يجذب المشاهد إلى مسارات العرض.