-قبل عام 2011م، وقبل العدوان على السّوريّين، كان جزء من الأراضي السوريّة، وتحديداً ممرات محدّدة في محافظة درعا، تعتبر ممرّاً هامّاً جدّاً، لشبكات تهريب "الكبتاجون" نحو دول الخليج، مروراً بالأردنّ الذي كان يُعتبرُ بدوره أيضاً، محطّة مرورٍ لا تختلف كثيراً عن سوريّة..
-كانت السوق الرئيسيّة لهذه المادة، هي دول الخليج العربيّ، وتحديداً "السّعوديّة"، نتيجة أسبابٍ عديدة، وهذا تقييم المؤسسات الأمنية والصحيّة مشتركة، لحكومات ودول الإقليم، حيث كان هناك تعاونٌ كبيرٌ ومشتركٌ بين تلك المؤسّسات، وبخاصّة الأمنيّة التي ساهمت كثيراً، في مواجهة مافيات وتجّار هذه الآفة!!..
-التقارير المشتركة بين تلك المؤسّسات في دول المنطقة، ما زالت موجودة، وهي تشيد بهذا التعاون المشترك الكبير بين حكومات المنطقة ودولها، حيث كانت هناك دراسات هامّة بهذا الشأن، بفضل هذا التعاون، ولكنّ ذلك لم يلغِ أبداً هذه التجارة، وإن ضيّق عليها كثيراً!!..
-مجتمع الجنوب السّوريّ، لم يكن يعرف شيئاً عن هذه الآفة تقريباً، باستثناء بعض الأفراد من أبناء المنطقة، والذين شكّلوا حلقة وصل مع أفراد آخرين، في مناطق ودولٍ أخرى، لكنّ السلطات السّوريّة كانت تتابع مافيات هذه التجارة، وألحقت بها إصابات عديدة، وسجلت أكبر إنجاز لها في مواجهة هذه الآفة، نسبة إلى باقي سلطات الدول المعنية الأخرى!!..
-تقارير الحكومات المعنية، تقول بأنّ السّوق "السّعوديّة"، كانت هي الهدف الأهم لأصحاب هذه التجارة، إضافة لوجود مافيات "سعوديّة" عميقة في المجتمع "السّعوديّ"، وهي التي تقف وراء هذه التجارة، حيث تقوم بالترويج والتوزيع والبيع هناك، وهي المرحلة الأكثر خطورة في سلسلة تهريب هذه المادة!!..
-في مطلع أحداث عام 2011م، وفي مدينة درعا تحديداً، بدأت تظهر هذه المادة، باعتبارها مادة مستهلكة، وبدأ بعض الشباب يتعاطاها منذ اللحظات الأولى للأحداث، وهو ما لفت انتباهنا، وتأكيدنا على أنّ هناك من بدأ يستثمر بهذه المادة، ويستفيد منها في استهداف المنطقة وأبنائها!!..
-بعد فترة وجيزة جدّاً، أصبحت ظاهرة "التحبيب" أهم الظواهر التي تشغل أبناء المنطقة، وبخاصّة في ظلّ تراجع دور الدولة ووجودها، في بعض المناطق التي سيطرت عليها المجموعات المسلّحة المتنوّعة والمتعدّدة!!..
-إنّ المناطق التي استباحتها هذه الآفة، لم تكن تحت سيطرة مؤسّسات الدولة السوريّة، فقد كانت مناطق استهداف ومسرح مواجهات مع الدولة، كذلك لم يكن الأخوة في "حzب الرحmان" قد دخلوا إلى سوريّة بعد، والأمر كذلك ينطبق على الأشقاء الإيرانيين!!..
-في حين كانت الاستخبارات الأردنيّة ترتع في هذه المناطق، دعماً "للثورة" ودعماً "للثوّار"، وهي التي أنشأت معسكرات التدريب لكثير من مسلحي أبناء هذه المناطق، ورعتها ضمن الأراضي الأردنيّة، وبمشاركة ضباط استخبارات "إsرائيليّين" و"عرب خليجيّين"، وتعاطي "الكبتاجون" تحديداً كان يتمّ من قبل هؤلاء المسلحين في تلك المعسكرات، ضمن الأراضي الأردنيّة، وتحت أعين الاستخبارات الأردنيّة وغير الأردنيّة!!..
-سنوات طويلة و"الكبتاجون" يشكّل سوقاً هائلة، ضمن المناطق التي سيطرت عليها، فصائل "الجيش الحرّ" و"جبهة النصرة" و"داعش" أخيراً، حيث شكّلت هذه التجارة مصدراً هامّاً من مصادر تمويل هذه الجماعات، لكنّ الحكومة الأردنيّة لم تقل حرفاً واحداً بهذا الخصوص، علماً أنّ هذه التجارة، وهذه الآفة الخطيرة، وصلت وتعمّمت في بعض مناطق شمال الأردنّ!!..
-بقيت المنطقة كذلك، وتحت رعاية غرفة "الموك"، حتّى دخول الجيش العربيّ السّوريّ إليها، واستعادتها إلى حضن الدولة، في عام 2018م، حيث أدارت الدولة هذه المناطق من خلال توافقات كان يشرف عليها الحليف الروسيّ، غير أنّ هناك ثلاث مناطق محدّدة، بقيت تُدار من قبل بعض تلك المجموعات المسلحة!!..
-هذه المجموعات المسلحة، بقيت تمارس دورها في إعاقة سيطرة الدولة الكاملة على الجنوب، وهو ما منح هذه المجموعات إمكانيّة ممارسة الفوضى في مواجهة استقرار الدولة، إن كان على مستوى الاغتيالات أو التصفيات أو الخطف، أو على مستوى تجارة "الكبتاجون" وترويجها، كون أنّ الدولة لم تستطع الوصول إلى هذه الجماعات، لتقضي على هذه الآفة قضاء كاملاً في الجنوب!!!..
-الحكومة الأردنيّة، وبعد دخول الجيش العربيّ السوريّ إلى تلك المناطق، تنفّستْ الصعداء، وبخاصّة أنّها كانت تدرك تماماً حجم كارثة الفوضى التي كانت تحصل في خاصرتها الشّمالية، فلذلك كانت منحازةً لاستقرار الجنوب السوريّ، كون أنّ هذا الاستقرار سوف يرتدّ إيجاباً على أمنها واستقرارها!!..
-في منتصف الشهر الثاني، من العام الجاري، وقبل بداية الحرب الروسيّة - الأوkرانيّة، بأيّام قليلة، يقوم الملك الأردنيّ بزيارة مفاجئة لقطعة من الجيش الأردنيّ في شمال الأردنّ، وتحت أعين وسائل الأعلام، ليتحدّث بحرارة شديدة عن تهريب المخدّرات، وعن بطولات الجيش الأردنيّ في التصدّي لهذه الآفة!!..
-في منتصف الشهر الخامس من عام 2022م، يزور الملك الأردنيّ واشنطن، ويلتقي الرئيس الأمريكيّ "بايدن"، وبعد ساعات من هذا اللقاء، يخرج على العالم للحديث عن فراغ روسيّ يحصل في جنوب سوريّة، وهو فراغٌ سوف تملؤه إيران!!..
-وبعد أسابيع قليلة على هذا التصريح، يخرج الملك الأردنيّ من جديد، لتقديم رواية "الكبتاجون"، ثمّ للحديث عن مصدره وصناعته والتهديد الذي يتعرّض له الأردنّ جراء ذلك، توازياً مع حملة إعلاميّة مسعورة دُفعت إليها وسائل إعلام معروفة، للتركيز على "الكبتاجون" وملحقاته، بأنّه المشكل الرئيسيّ في جنوب سوريّة، وبأنّه العنوان الذي يجب على العالم محاربته، بعد ربطه بالدولة السوريّة وحلفائها!!..
-يلعبُ الأردنّ الرسميّ في هذه الواحدة، دوره التاريخيّ القذر، في حصار سوريّة والتآمر عليها، وفي إضعافها وجرّها إلى طاولة التسليم والتطبيع العربيّ، مقابل الحفاظ على العرش الهاشميّ، ومقابل ألا يتحوّل هذا الكيان المقطوع إلى وطنٍ بديلٍ للفلسطينيين، لهذا نرى مليكه لا يتحدّث عن تاريخ هذه الآفة، والتعاون الكبير بين دول المنطقة في محاربتها، قبل عام 2011م، وهو أيضاً لم يقل كلمة واحدة حولها، خلال أكثر من عشرة سنين مضت، بحقّ ما فعل "الكبتاجون" وملحقاته بأبناء الجنوب السوريّ والشمال الأردنيّ!!..
-كنّا ندرك هذا الدور لملك الأردنّ، وكنا نعي تماماً إلى أين يُدفع، وكيف يُدفع، وكنّا نعلم أنّ حرب الجنوب لن تنتهي هنا، فالفوضى فيه أضحت واضحة تماماً، وأضحى العالم بأسره يدرك ماذا يحصل في الجنوب، بعد هزيمة وحصار أدوات الفوضى فيه، وأبناء الجنوب جميعاً، أضحوا بحاجةٍ ماسّةٍ لمؤسّسات الدولة، واستقرار الدولة وسلطتها، بعدما ذاقته المحافظة، وعاشه أبناؤها على مدار سنوات عديدة، وبالتالي لا بدّ وأن تبحث أطراف العدوان عن ملف اشتباك جديد، تُبقي فيه على الجنوب ضعيفاً وغير مستقرٍّ!!..
-إنّ استقرار الجنوب وعودة الدولة إليه، يعني أنّ سوريّة عادت قوية معافاة، في هذه الجزئية الجغرافيّة من أرضها وجبهتها باتجاه الجنوب، وأنّ سوريّة تجاوزت واحدة خطيرة جدّاً في العدوان عليها، ونعني أيضاً أنّ احتمالات الضغط والتهديد والإضعاف لسوريّة من الجنوب، أضحت من الماضي!!..
-وهذا بالضبط ما يهدّد مصالح "إsرائيل"، ويرعبها في أمنها، وهو ما لا تريده لسوريّة، لهذا كان لا بدّ من الإبقاء على عنوانٍ ضاغطٍ في الجنوب، يمنح أطراف العدوان، وفي المقدمة "إsرائيل"، إمكانية منع الدولة السوريّة من السيطرة الكاملة على الجنوب، ومنعها أيضاً من استعادة السوريّين الذين طحنتهم مشاريع الاستعمال والإلحاق والإضعاف والاستتباع والاستقطاع!!..
-قانون "الكبتاجون" الأمريكيّ هو محاولة "إsسرائيليّة" لمنع الرئيس الأسد، من استعادة السيطرة على كامل الجنوب، وللتضييق عليه أكثر، سبيلاً للتفاوض معه، على خارطة تحالفاته العسكريّة التي أنجزها خلال العدوان على سوريّة، وتحديداً في جزئها الجنوبيّ، ولو أدى ذلك لوضع ملف الجولان على طاولة المفاوضات!!..