يقول ديبلوماسي أوروبي في دولة خليجية «أبلغنا الأميركيين ان باستطاعة نصرالله أن يخنقنا كأوروبيين، وأن يخنقكم أيضاً، اذا ما فجّر الشرق الأوسط.
ولقد تبين لنا، أنهم بدورهم، يتعاملون بجدية مع كلام الأمين العام لحزب الله الذي هدد فيه بتدمير السفينة «انرجيان باور» اذا حاولت البدء باستخراج الغاز من حقل كاريش قبل انتهاء المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية».
يضيف «المثير أكثر أن «الاسرائيليين» الذين يرون في ظهور الغاز، وبتلك الكميات الهائلة في مياههم، بمثابة الوعد الالهي رقم 2، ينظرون أيضاً بمنتهى الخطورة الى التهديد.
من هنا كان تأكيدنا على تفعيل الوساطة الأميركية. معلوماتنا الاستخبارية تؤكد أن استهداف السفينة سيكون مدخلاً الى حرب شاملة في المنطقة».
في رأيه، يفترض التوصل، وقبل حلول الشتاء، الى تأمين قدر المستطاع، مصادر بديلة ومنتظمة للغاز الروسي، والا تحولت منازلنا الى مقابر جليدية».
هذا ليس فقط رأي الأوروبيين والأميركيين والاسرائيليين بل انه رأي جهات لبنانية مناوئة حتى لوجود حزب الله كـ «ظاهرة ايديولوجية لا تتسق والبنية الثقافية والسياسية للمجتمع اللبناني».
لبنان، بتصدعه الداخلي، وبأزماته القاتلة، يعلم أنه لا يمتلك الذراع أو الورقة العسكرية، ولا الذراع أو الورقة الديبلوماسية، لمواجهة السياسات «الاسرائيلية» المجنونة.
الورقة الوحيدة التي حرّكت حتى جو بايدن، وليس فقط آموس هوكشتين، هي الورقة الصاروخية.
حتماً بوسع الحزب تدمير السفينة وملحقاتها، كذلك المنصة «الاسرائيلية» التي ناهزت كلفتها الأربعة مليارات دولار، واستغرق انشاؤها فترة سنوات.
في حين أن «تل أبيب» تعتبر أن كل دقيقة تمر دون تشغيل حقل كاريش خسارة هائلة للخزينة، كما لاستراتيجية التسويق.
التقاطع جليّ بين ما قاله الديبلوماسي الأوروبي، وما تقوله صحف أوروبية تشير الى أن القيادات «الاسرائيلية» التي طالما رأت في الحروب حاجة ايديولوجية مثلما هي «حاجة سيكولوجية».
ان للتفلت من الأزمات الداخلية أو لتكريس ثقافة التعبئة، تعتبر أن البلاد أمام حالة جديدة لم تألفها من قبل.
وهي أن الخيار العسكري لم يعد نزهة بالدبابات على أرض الآخرين. هذه المرة نزهة الى الجحيم، وعلى أرض «اسرائيل».
الدولة العبرية في ذروة التفكك السياسي. 5 انتخابات لـ «الكنيست» في غضون 4 سنوات.
هذا من خصائص الدولة الفاشلة، أو من خصائص الدولة الآيلة الى الانفجار. والطريف أن بعض المعلقين «الاسرائيليين» يقارنون بين ما يجري في بلادهم وما يجري في لبنان.
والى حد الاشارة الى التشابه بين اعلان نفتالي بينيت عدم ترشحه لانتخابات الخريف المقبل، وعزوف سعد الحريري عن الترشح لانتخابات الربيع المنصرم...
أحاديث في «اسرائيل» حول انتهاء «زمن العمالقة»، من دافيد بن غوريون، الى غولدا مئير، وموشى دايان، ومناحيم بيغن، وابا ايبان، وحتى اسحق رابين وآرييل شارون.
لا أحد في الساحة الآن سوى بنيامين نتنياهو، كلاعب محترف لا كسياسي فذ.
الجيش الذي طالما أنتج رؤساء الوزراء، والوزراء، لم يعد كذلك. مثلما هناك أزمة ساسة هناك أزمة جنرالات.
ها أن آفيف كوخافي يحزم حقائبه استعداداً للمغادرة في كانون الثاني، دون أن يترك وراءه أي اثر سوى اختلاف أطراف السلطة حول من يرثه في رئاسة الأركان. أيال زامير أم هيرتسي هاليفي أم يوئيل ستريك.
شيء ما يشبه صراع الثيران. من تراه يلوّح بالمنديل الأحمر؟
في السياسة، صراع الثيران ايضاً أم صراع الديكة؟ المشهد يثير مخاوف العديد من الباحثين والمعلقين السياسيين في «اسرائيل».
حول ما اذا كانت الأزمة الراهنة تأخذ منحى بنيوياً، وتهدد بانفجار داخلي طويل الأمد على غرار ما حدث لـ»مملكة اسرائيل» عقب وفاة الملك سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد (تلك الحرب المريرة بين «مملكة اسرائيل» ومملكة يهوذا» .
ربما التعليق الأكثر دوياً كان للمؤرخ البارز شلومو صاند، صاحب «كيف تم اختراع شعب اسرائيل؟»، «من يأكل الآخر هنا التاريخ أم الايديولوجيا؟ الدولة مزيج سريالي من هذا وذاك. في هذه الحال أي مستقبل؟ لا مستقبل»...