ان امكانيّة التوصّل الى حلّ سياسيّ في
ســـــــــــوريا تقتضي العودة
بادئا ذي بدء الى صاحبة الشأن و أمّ
الصبيّ ألا و هي
ســـــــــــــــــــــــوريا .
و صحيح هو أنّ الامور تتعقّد و تتداخل
و تتشابك و تتحوّل من وضع خطير الى
وضع أخطر على وقع التطورات العسكرية
الميدانية .
بيد أنّ مدّ الولايات المتحدّة لتركيا
بأسلحة و تجهيزات متقدّمة قد تضيّق –
وفق التفكير الملغوم الغربيّ و
الغرور المريض التركي - دائرة العمل
العسكري الروسي و تخفّف من ضراوته
تجنّبا لعدم المواجهة المقصودة بين
كل من تركيا و روسيا .
وعند هذا الصدام، ان وقع ، لن تقف
الحرب عند روتينيّة اسقاط طائرة او
قصف موقع أو اصابة معقل أو سقوط
جنود ....
بل ستتعدّى الامور الامنيّة و النشاطات
العسكريّة و تصفية الحسابات و نسف
العقبات و نزع المعوقات و ازالة
الحواجز من الطريق امام " القيصر "
الجديد ، الى احتمال اشتعال المنطقة
و سقوط الهيكل على رأس " تركيا "
بعد مائة عام و نيف من الحرب
الكونيّة الاولى .
و نتائج الحرب لا تحصى بعدد القتلى و
الجرحى و خسارة المواقع بل بالجراح
على كل الصعد و المستويات و في كل
الحقول و الميادين ، امنا و
اقتصادا، موقعا و دورا، مجتمعا و
مؤسسات و تنظيمات و كل هيكليّة
الدولة ...
نحن مدبرون من حرب بدات منذ خمس
سنوات و نيّف أم مقبلون على دمار
كامل و شامل يمسح – لا وجه التاريخ –
بل وجه تركيا عن الخريطة السياسيّة و
العسكريّة و الجغرافيّة ...
و قد يدّعي البعض بأنّ شيئا من هذا لن
يحدث بسبب التوازن و تشابك المصالح
و العقول الدوليّة التي ستقف حائلا و
حاجزا امام حصول شيء من هذا القبيل
...
أقول لكم بأنّ الحرب هي ردّة فعل على
اعتداء امّا على المصالح و المنافع و
أمّا على الكرامات و عزّة النفس ...
و تركيا تغطّي نفسها بورقة توت أو
تين ...و نسيت أنّ أوراق التين و
التوت لا تحجب الرؤية لنملة فكيف
تستطيع منع عيون قادرة على رقب
التاريخ و منعطفاته، و حجب الشمس و
حرارتها ..!
و تركيا اعتدت على روسيا بشقيّ ما
طرحنا : المصالح و الكرامة ..!
وقعت تركيا في الخطأ ....
و أوقعت نفسها مثنى و ثلاث و رباع في
عنجهيتها و غطرستها و استمرارها في
العراضة و التمظهر المدعوم سلفا من
" حلفائها في الناتو" الذين لن
يحرّكوا سوى علب كرتون الادوية اذا
فعلوا ... و الاكتفاء بتصاريح
التهدئة و التطمين ...!
و السبب ظاهر – أقلّه في قناعتي – الا
وهو تركيا التي خططت مع المخططين و
نفّذت مع المنفّذين و شاركت حتى
اذنيها في الالتفاف على سوريا الاسد و
المساهمة في اسقاطها مباشرة و
مداورة .
اذن، تبدو تركيا متحمّسة و غيورة .
و قد يحسن القول بأنّها " براقش "
التي جنت على نفسها لشدّة ولائها و
وفائها لمعلميها و أسيادها .
و بذلك، تكون تركيا اليوم في دائرة
الخطر و الانغماس و التورّط و
المشاركة و المواجهة أكثر من أيام
الحرب الكونيّة الاولى و الثانية ...
و حسابات الحقل لدى الاتراك الجدد قد
لا تتوافق مع نتائج المحاصيل للدول
الكبرى التي تدير فنّ اللعبة فوق
البيدر العتيد ...
حذار يا تركيا من اللعب أكثر ...
حذار لآنّ للصبر حدودا و ضوابط للنفس
قد لا تكفي لايقاف براكين الصواريخ
الباليستيّة و الطائرات المتطوّرة و
سرعة التدمير و الحرق و الاندثار ...
ان التراجع عن الخطأ هو من باب
الفضائل . و شبه فضيلة خير من خطيئة
مميتة تودي بك و بالمنطقة على
السواء ..
الاعتذار واجب من جانبك اذا كنت
صادقة . و عدم الاعتذار يفسّر قبولك و
رغبتك في توريط العالم و حرق جسدك .
اللهمّ انّي قرأت بعضا من رسائل
السحب السابحة في الفضاء .
ألك ارادة في فرملة الاوضاع
المتردّية ؟
أم تركت الاتراك يستعيدون فلسفة غمس
اياديهم في دماء البشرية جمعاء ؟
الثورة الوطنيّة
منابع النور
د. كمال يونس