الضابط في تحديد الجريمة السياسية
الجريمة السياسية النسبية
معاملة المجرمين السياسيين
إن الجريمة السياسية تنال من الحقوق السياسية العامة والفردية بدوافع سياسية. قديماً كان ينظر إلى المجرم السياسي على أنه خارج على الجماعة، والعدو اللدود للنظام الحاكم، ويجب معاقبته بأشد العقوبات. لكن هذا الوضع تغيير في القرن التاسع، عندما انبثقت أنوار الفلسفة الحديثة، وتبدلت نظرة الفقهاء الجزائيين والمشرعين في معظم الدول تجاه المجرم السياسي. فأصبح هذا المجرم بنظرهم يستحق الرأفة والعطف لكونه صاحب عقيدة ويعمل من أجل المصلحة العامة. وكان هذا التطور حيال المجرم السياسي بارزاً في تشريعات الدول ذات النظم الديمقراطية. أما في الدول الدكتاتورية الاستئثارية لا يزال ينظر إلى المجرم السياسي على أنه من ألد أعداء نظام الحكم فيها وأخطرهم، ويجب أن يعاقب بأقسى العقوبات لأنه يستهدف كيان الدولة التي هي غاية وليست وسيلة.
فقد اتجهت التشريعات الجزائية الحديثة - ومنها قانون العقوبات السوري - إلى تنظيم الجرائم السياسية Délits Politiques بوضع ضوابط تميزها من الجرائم العادية، ومعاملة فاعليها معاملة خاصة تختلف عن تلك المطبقة على المجرمين العاديين.
أولاً- السياسية" href="#الجرائم_السياسية" class="style2"> الضابط في تحديد الجريمة السياسية:
انكب فقهاء العلوم الجزائية على وضع معايير للتمييز بين الجريمة السياسية والجريمة العادية، وقد انقسموا إلى مذهبين. لذا لابد من استعراض هذين المذهبين ثم بيان خطة المشرع السوري.
1- المذهب الشخصي:
يعتمد أصحاب هذا المذهب في تعريفهم للجريمة السياسية على معايير تتعلق بشخصية الجاني، وليس بطبيعة الحق المعتدى عليه أو المصلحة التي حلّ بها الضرر. ولكنهم لم يتفقوا على معيار واحد للتمييز بين الجريمة السياسية والجريمة العادية، حيث توجد ثلاثة آراء في هذا الصدد.
(أ) الرأي الأول: يعد الكثير من الفقهاء أن الدافع هو المعيار الوحيد للتمييز بين الجريمة العادية والجريمة السياسية، فيرون أنه متى كان الدافع على ارتكاب الجريمة سياسياً وجب اعتبارها سياسية. فتعرف الجريمة السياسية بحسب رأيهم بأنها: «الجريمة التي يحمل الفاعل على ارتكابها باعث أو دافع سياسي».
وقد ارتبط مفهوم الجريمة السياسية منذ نشأته بهذا الدافع أو الباعث، فالمجرم السياسي هو الذي يرتكب جريمته بدافع سياسي. وهذا الدافع يفترض أن يكون نبيلاً بعيداً عن الأثرة والمصلحة الشخصية؛ لأنه يدفع صاحبه إلى خدمة المصلحة العامة. فالدافع السياسي هو السبب الرئيسي الذي دعا إلى ضرورة التفريق بين المجرم السياسي والمجرم العادي، وإحاطة الأول بالرأفة والرعاية والمعاملة الخاصة.
ومع ذلك لا يمكن اعتبار الدافع هو المعيار الوحيد للتمييز بين الجريمة السياسية والجريمة العادية. فمن الثابت فقهاً وقانوناً أن الدافع لا يعد ركناً من الأركان المكونة للجريمة، وإنما يمكن للقاضي أن يهتدي به عند تقدير العقوبة تشديداً أو تخفيفاً طبقاً لقاعدة تفريد العقاب. إذ إن الدافع يختلف من حالة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر في الجريمة الواحدة، مما يقتضي عدم جعل الدافع معياراً ثابتاً لتحديد طبيعة الجريمة وتعيين ماهيتها.
وكذلك فإن الأخذ بالدافع وحده في تحديد طبيعة الجريمة يوسع من نطاق شمول الجريمة السياسية، بحيث يصبح من السهل أدراج الكثير من الأفعال الجرمية العادية في نطاقها. فيكفي أن يتذرع الجاني بأنه ارتكب جريمته العادية بدافع سياسي حتى يضفي عليها الطابع السياسي وتعد من الجرائم السياسية، ولا توجد استحالة في إقامة الدليل على ذلك. وهذا يفسح المجال لتحويل الكثير من الجرائم العادية إلى جرائم سياسية، وهو ما لا يمكن قبوله ولا التسليم به.
(ب) الرأي الثاني: ويرى أصحابه أن يكون الغرض أو الهدف الذي يتوخاه الفاعل من وراء الإقدام على نشاطه الإجرامي هو المعيار لإضفاء الصفة السياسية على هذا النشاط أو عدم إضفائها. فبحسب هذا الرأي يدخل في عداد الجرائم السياسية كل فعل غير مشروع يستهدف فيه فاعله الاعتداء على النظام السياسي أو الاجتماعي القائم في الدولة. فيقول أحد أصحاب هذا الرأي: «إن من خصائص الجريمة السياسية أن الفعل فيها يهدف بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى مهاجمة الدولة أو مؤسساتها أو نظمها بحيث يمكن أن ترتدي هذه المهاجمة طابع المقاومة». وفي ألمانيا يعد بعضهم من الجرائم السياسية جميع الأفعال الإجرامية التي يكون مصدرها النزوع إلى قلب الدولة أو مؤسساتها أو نظمها، أو التي يمكن اعتبارها بمنزلة دفاع ضد أعمال الحكومة المنافية للقوانين أو المخالفة لمبادئ العدالة والإنصاف.
الواقع لا يمكن الأخذ بهذا الرأي؛ لأن اعتبار غرض الفاعل هو المعيار الثابت في تحديد طبيعة الجريمة يجعل من السهل تحويل أي جريمة عادية إلى جريمة سياسية. وهذا غير مقبول، ولا يجوز إغفال الركن المادي للجريمة.
(ج) الرأي الثالث: يرى جانب من الفقه الجزائي الأخذ بالدافع والغرض معاً من أجل تحديد ماهية الجريمة المقترفة وطبيعتها. فتكون الجريمة سياسية إذا كان الدافع إليها والغرض منها سياسيين.
وهذا الرأي منتقد؛ لأنه يعتمد في تحديد طبيعة الجريمة السياسية على عوامل نفسية بحتة في تحديد طبيعة الجريمة السياسية. فالدافع إلى الجريمة والغرض منها هما من العوامل النفسية التي تتعلق بشخصية الجاني، وهما أحياناً مبهمان يصعب استظهارهما والتثبت منهما. فقد يختلج في نفس الفاعل عند اقتراف جريمته دوافع مختلفة وأغراض متنوعة، مما يجعل مسألة تمييز السياسي من غير السياسي أمراً في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً.
وكان للانتقادات التي وجهت إلى المذهب الشخصي الأثر في ظهور المذهب الموضوعي.
2- المذهب الموضوعي:
يعتد المذهب الموضوعي في تحديد طبيعة الجريمة السياسية بطبيعة الحق المعتدى عليه، أو المصلحة التي حل بها الضرر. فالجريمة السياسية هي كل اعتداء على الحقوق السياسية للدولة باعتبارها نظاماً سياسياً. فهي في هذا المعنى تشمل الجرائم التي تمس الشخصية القانونية للدولة، أي الجرائم التي تنال من استقلالها وسلامة أراضيها؛ وتشمل أيضاً الجرائم التي تمس نظام الحكم فيها. ويترتب على ذلك أن مفهوم الجريمة السياسية لا يتسع للجرائم التي تمس حقوق الدولة باعتبارها سلطة إدارية، كالجرائم الماسة بامتيازات الدولة وحقوقها الخاصة، والجرائم الواقعة على السلطة العامة (التمرد على الموظفين، وضربهم، وتحقيرهم ومقاومتهم بغية منعهم من القيام بمهامهم)، والجرائم المخلة بواجبات الوظيفة (الرشوة والاختلاس واستثمار الوظيفة، وإساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة…)، والجرائم المخلة بسير القضاء.
ويبدو أن غالبية الفقهاء والاجتهاد القضائي يميلان إلى الأخذ بالمعيار الموضوعي، وقد تجلى ذلك في مقررات المؤتمر الدولي السادس لتوحيد القانون الجزائي الذي عقد في «كوبنهاغن» سنة 1935، حيث تم تعريف الجريمة السياسية بأنها: «الموجهة ضد نظام الدولة أو سير جهازها، أو ضد حقوق المواطن السياسية».
ولكن ما يؤخذ على المذهب الموضوعي أن الأخذ بطبيعة الحق المعتدى عليه وحده لا يكفي للتفريق بين الجريمة السياسية والجريمة العادية، فالاعتداء على حق الدولة السياسي لا يصح أن يُعطى دائماً صفة سياسية إذا لم يكن الدافع إلى هذا الاعتداء سياسياً.
3- خطة المشرع السوري:
عرفت المادة (195) من قانون العقوبات الجرائم السياسية بأنها: «الجرائم المقصودة التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي، وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية ما لم يكن الفاعل قد انقاد إليها لدافع دنيء». وهذا التعريف مستقى من القانون الجزائي الإيطالي. وواضح من هذا التعريف أن المشرع السوري أخذ بالمذهبين الشخصي والموضوعي معاً في تحديد طبيعة الجريمة السياسية، ويعني ذلك توسعاً في مفهوم الجرائم السياسية بحيث يشمل: الجرائم التي تعد سياسية وفقاً للمذهب الشخصي، أي الجرائم التي يكون الدافع إليها سياسياً؛ وكذلك الجرائم التي تعد سياسية وفقاً للمذهب الموضوعي، أي الجرائم التي يتم فيها الاعتداء على الحقوق السياسية العامة أو الفردية.
ولكن المشرع قيد خطته الموسعة في مفهوم الجريمة السياسية بقيدين: أولهما، أن تكون الجرائم التي ترتكب بدافع سياسي مقصودة؛ وثانيهما، ألا يكون مرتكب الجريمة قد انقاد إليها بدافع أناني دنيء. فمن خلال هذا القيد أدخل المشرع السوري الاعتبارات الشخصية في تطبيق المذهب الموضوعي، فلا يجوز أن تبقى الجريمة سياسية بالنظر إلى موضوعها إذا كان الدافع إليها أنانياً دنيئاً. ويعني ذلك ترجيحاً واضحاً للاعتبارات الشخصية على الاعتبارات الموضوعية في تحديد مفهوم الجريمة السياسية. والاعتبارات الشخصية هي التي ميزت في الأصل الجريمة السياسية من الجريمة العادية، وهي تتعلق بالبواعث النبيلة التي تدفع المجرمين السياسيين عادة إلى تحقيق أهدافهم السامية.
ثانياً- السياسية_النسبية" href="#الجرائم_السياسية" class="style2"> الجريمة السياسية النسبية:
يطلق مصطلح «الجرائم السياسية النسبية» على الجرائم التي تبدو صفتها السياسية غير واضحة، وهي نوعان: الجرائم المركبة، والجرائم الملازمة لجريمة سياسية (المادة 196 من قانون العقوبات).
1- الجرائم المركبة:
وهي الجرائم التي يُعتدى فيها على حقين أحدهما سياسي والآخر عادي، أو أن يكون الحق المعتدى عليه فيها عادياً والدافع سياسياً، كاغتيال رئيس الدولة أو رئيس الحكومة تمهيداً لقلب نظام الحكم والاستيلاء على السلطة. وهذه الجريمة تعد من جرائم الاغتيال السياسي، وهي مركبة لأنها اعتداء على حق الحياة الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمصالح الفردية، فضلاً عن أنها تتضمن اعتداء على السلطة السياسية التي يمثلها رئيس الدولة أو رئيس الحكومة. وجريمة الاغتيال السياسي هي من الجرائم العادية من وجهة نظر أصحاب المذهب الموضوعي لأن موضوعها عادي، وجريمة سياسية من وجهة نظر أصحاب المذهب الشخصي باعتبار أن الدافع إليها سياسي.
وتعد أيضاً من الجرائم المركبة السطو على بنك لتمويل حزب سياسي يُعد نفسه لاستلام السلطة، ونهب متجر لبيع الأسلحة استعداداً للقيام بثورة ضد السلطة الحاكمة.
2- الجرائم الملازمة لجريمة سياسية:
وهي جرائم عادية من حيث موضوعها ولكنها ترتبط بجريمة سياسية ارتباطاً وثيقاً، ويكون الدافع إليها سياسياً، كتخريب مبانٍ أو إتلاف منقولات في أثناء مهاجمة دور الحكومة للاستيلاء على السلطة، أو الاستيلاء على مبانٍ في أثناء القيام بثورة لاستعمالها في إيواء الثوار. وهذه الجرائم يعدها أصحاب المذهب الشخصي جرائم سياسية لأن الدافع إلى ارتكابها كان سياسياً، في حين يعدها أصحاب المذهب الموضوعي جرائم عادية لأن موضوعها يشكل اعتداء على مصالح غير سياسية.
3- التكييف القانوني للجرائم السياسية النسبية:
اختلف الفقه حول التكييف الدقيق والصحيح للجرائم المركبة والجرائم الملازمة لجريمة سياسية، ومدى إمكانية إسباغ الصفة السياسية عليها.
ولقد حسم المشرع السوري هذا الخلاف فأضفى عليها الطابع السياسي، ولكنه وضع لهذا التكييف قيدين:
القيد الأول: ألا تكون «من أشد الجنايات خطورة من حيث الأخلاق والحق العام، كالقتل والجرح الجسيم، والاعتداء على الأملاك إحراقاً أو نسفاً أو إغراقاً، والسرقات الجسيمة ولاسيما ما ارتكب منها بالسلاح والعنف، وكذلك الشروع في تلك الجنايات» (المادة 196/1 من قانون العقوبات). ويطلق بعض الفقهاء على هذه الجرائم وصف «جرائم الإرهاب» التي تخرج من نطاق الجرائم السياسية، وهي من صنع جماعات من الناس، أو عصابات غالباً ما ينتمي أفرادها إلى أكثر من دولة واحدة، مما يجعل نشاطها شديد الخطورة؛ وإن الوسائل المستخدمة في ارتكابها من شأنها نشر الرعب والذعر أو الفزع بين الناس، كالانفجارات، ونسف خطوط السكك الحديدية والجسور والمباني، ونشر الأوبئة، وتسميم مياه الشرب؛ وهي تولد أيضاً أخطاراً عامة وشاملة. ويمكن تبرير إخراج هذه الجرائم من نطاق الجرائم السياسية أن مفهوم الجريمة السياسية وما يرتبط بها من معاملة خاصة أو التخفيف في العقاب لا يجوز أن تتسع لجرائم تتسم بالوحشية، وتلحق بمقومات كيان المجتمع أضراراً فادحة، ولا يقبل في شأنها التذرع بنبل الدافع.
فالمادة (196) من قانون العقوبات تتفق مع ما أقره معهد القانون الدولي في المادة الثالثة من مقرراته التي اتخذها في دورته المنعقدة في جنيڤ سنة 1892، وما ذهب إليه المؤتمر الدولي لتوحيد القانون الدولي المنعقد في كوبنهاغن سنة 1935، فقد ورد في مقرراته النص التالي: «إن الجرائم التي تخلق خطراً عاماً أو حالة رعب لا تعتبر جرائم سياسية».
وقد وضع المشرع السوري تعريفاً للإرهاب في المادة (304) من قانون العقوبات المعدلة بموجب القانون رقم 36 تاريخ 26/3/1978، حيث جاء فيها أنه: «يقصد بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر، وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة، والعوامل الوبائية والجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطراً عاماً».
القيد الثاني: إذا ارتكبت الجرائم المركبة أو الجرائم الملازمة لجريمة سياسية في إطار حرب أهلية أو عصيان مدني فلا تعد سياسية إلا إذا كانت عادات الحرب لا تمنعها ولم تكن من أعمال البربرية أو التخريب، وذلك وفقاً لنص المادة (196/2) من قانون العقوبات. فعندما ترتكب جريمة من هذا النوع في حرب أهلية أو عصيان ينبغي على القضاء الرجوع إلى قواعد الحرب التي استقرت في القانون الدولي، والتحقق من أن الفعل الذي قامت به الجريمة يدخل في نطاق ما تجيزه هذه القوانين أو لا.
والجدير بالملاحظة أن المشرع السوري استبعد من نطاق التخفيف الممنوح للجرائم السياسية الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي، كالخيانة، والتجسس، والصلات غير المشروعة بالعدو، والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي (المواد 263-290 من قانون العقوبات). إذ إن هذه الجرائم وإن كانت تلبس الثوب السياسي فهي تعد اعتداء على الوطن، وهذا يجعلها في منأى عن أن تكون صوراً لنشاط سياسي نبيل يستهدف خير الوطن. ويترتب على ذلك أنه لا يجوز منح الشفقة أو الرأفة لمرتكبي الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي، بل ينبغي تغليظ العقاب عليهم، وهو ما تنتهجه التشريعات الجزائية الحديثة، ومنها القانون السوري (المادة 197/2 من قانون العقوبات).
ثالثاً- السياسية" class="style2"> معاملة المجرمين السياسيين:
يترتب على التفريق بين الجرائم السياسية والجرائم العادية فوائد عديدة نص عليها القانون السوري، حيث خص المجرمين السياسيين بمعاملة خاصة تختلف عن تلك المتعلقة بالمجرمين العاديين، وفيما يلي البعض من أوجه هذه المعاملة:
(1) استبعد المشرع السوري عقوبات الإعدام والأشغال الشاقة والحبس مع التشغيل في الجريمة السياسية، واستعاض عنها بالاعتقال المؤبد أو المؤقت أو الحبس البسيط. وينبغي على المحكمة أن تستبدل الاعتقال المؤبد بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، وعقوبة الاعتقال المؤقت بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة، وعقوبة الحبس البسيط أو الإقامة الجبرية الجنحية بعقوبة الحبس مع التشغيل (المواد 37، 40، 197 من قانون العقوبات).
(2) يستفيد المجرمون السياسيون من العفو أكثر مما يستفيد منه المجرمون العاديون ولاسيما إذا كان الأمن مستتباً، إذ يكتسب العفو في هذه الحالة صفة تهدئة خواطر الأمة. فكثيراً ما يصفح الفريق السياسي الذي يمتلك السلطة عن خصومه المحكومين بجرائم سياسية ارتكبت ضده أو ضد نظام الحكم.
(3) ولا يجيز المشرع السوري تسليم اللاجئ السياسي إلى دولة أخرى، إذا تبين أن طلب الاسترداد كان لغرض سياسي، أو كانت الجريمة ذات طابع سياسي (المادة 34/1 من قانون العقوبات). وقد نصت أيضاً المادة (34) من دستور الجمهورية العربية السورية الدائم لعام 1973 على هذا المبدأ، حيث جاء فيها أنه: «لا يجوز تسليم اللاجئين السياسيين بسبب مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية». ولهذه الغاية عقدت سورية العديد من الاتفاقيات القضائية مع الدول العربية والأجنبية. كما أخذت به القوانين والشرائع والأعراف الدولية والوطنية.
(4) تعطي أنظمة السجون امتيازات خاصة لمرتكبي الجرائم السياسة من حيث مكان التوقيف والمعاملة أثناء تنفيذ العقوبة المحكوم بها داخل السجن، كالوضع في أماكن خاصة، وإطالة أوقات الفسحة، والسماح بقراءة الصحف والكتب، وعدم ارتداء الملابس المقررة عادة للسجناء، والحق في طلب طعام من خارج السجن، وعدم الإلزام بالعمل.
وكذلك فإن التشريعات الجزائية في بعض الدول - كفرنسا- لا تجيز تطبيق الأصول الخاصة بالجرم المشهود على الجريمة السياسية.
مراجع للاستزادة:
- عبد الوهاب حومد، الإجرام السياسي (دار المعارف، بيروت 1963).
- عبود السراج، شرح قانون العقوبات- القسم العام (منشورات جامعة دمشق، 2006-2007).
- محمد الفاضل، محاضرات في الجرائم السياسية، الطبعة الثالثة (مطبعة جامعة دمشق، 1967).
- محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات اللبناني- القسم العام (دار النهضة العربية، بيروت 1984).
- منصور سعيد حمودة، الجريمة السياسية (المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 2008).