تآكُل قوة الردع الإسرائيلية، وإرتفاع منسوب التهديد لبقائها. التقارير والمقالات | تآكُل قوة الردع الإسرائيلية، وإرتفاع منسوب التهديد لبقائها.
تاريخ النشر: 28-11-2021

بقلم: اسماعيل النجار

مُتغَيِّرات الجيوبوليتيك المُستَجِدَة خلال السنوات الخمس الأخيرة في المنطقة العربية،بدءاً من اليَمَن مروراً بالعراق وسورياوصولاِإلى لبنان،فَرَضَت واقعاً سياسياً وعسكرياََ جديداً، على الأرض، أحاطَ بفلسطين المُحتَلَّة، وأوجَد معادلات جديدة بموازين القِوَىَ، لصالح مِحوَر المقاومة،
فرضتها المتغيرات الحاصلة بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا،
وإنكفاء الِاندفاعة الخليجية التركية، نتيجة صمود البلدين.

إنَّ ما زاد قِوَىَ المِحوَر قُوَّة وأكّدَ لهم النصر المُحتَّم، هو قلب أنصار الله الطاولة في اليمن، على رأس التحالف الأميركي السعودي الذي تخَلخَلَ وتفكَك، بعدما خذلتهم تقديراتهم وحساباتهم الخاطئة، فيما يمتلكه اليمنيون من إرادة وتصميم،وعزم على الصمود والمواجهة.

معركة سيف القدس الأخيرة، كانت واحدة من أعمدة هيكل النصر لهذا المِحوَر، فقد أدَارتَها غرفة عمليات المقاومة في غزة بعقلٍ إستراتيجيٍّ، إذ استطاع المقاومون خلالها إشغال العدو على الجبهة الداخلية، والتَحَكُم بالسيطرة النارية، وإطلاق الصواريخ الثقيلة، بكافة أنواعها، على تل أبيب ومستوطنات الغلاف.

وإنتقاء الأهداف التي آلَمَت العدو ومستوطنيه، وتركت في ذاكرتهم ما يجعلهم يفكرون ألف مَرَّة بالبقاء قبل الرحيل.
أيضاً،فإنّ إمساك الجيش العربي السوري وحلفاؤه بالأرض، بنسبة ٧٥٪ كانَ عاملاً مهماً في ترسيخ قوة الردع بوجه الكيان الصهيوني،حيث شَكَّلَ مع المقاومة الإسلامية في لبنان، وباقي قِوَىَ المحوَر، طوقاً صاروخياً مدمراً حوله على صدر فلسطين.

إنَّ انتصارات حلفاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وصمودهم في مواجهةالهجمة الأمريصهيوسعودية،
وعجز الولايات المتحدة الأميركية عن إشعال حرب مع إيران،قَيَّدآ اندفاعة تَل أبيب ورغبتها في توجيه ضربة لها،
خصوصاً وأنّ أوامرَ صريحةً صادرة عن المُرشدالأعلى،تؤكِّدالردّالإيراني السريع عليه، ومسحهُ من على جغرافيا فلسطين بالكامل، في حال ارتكبَ أي حماقة من هذا النوع.

أمريكا المنشغلَة في ترتيب انسحابها من الشرق الأوسط، أو إعادة انتشارها فيه،مُهتَمَّةٌ ببحر الصين، وخروج التنين الأصفرمن القُمقُم،أكثر مِمَا هي مُهتَمَة اليوم بنفط الخليج وأمن إسرائيل، لأن ما يُشغل بالها هناك يؤثر فعلياً على هيبتها كدولَة عُظمَىَ، وعلى قوتها الِاقتصادية.

وبين الِانكفاءة الأمريكية وتَرَبُص إيران تقفُ أوروباعاجزةً،وكشاهدالزور،فلاهيَ قادرَة على فرض ذاتها كقوة مقررة في المنطقة، بوجود واشنطن، ولا هي تستطيع الِاستمرار في السير خلفها، وفق هذاالنمط من الممارسات السياسية القاسية، وغير المدروسةالتي أودَت بمصالح القارة العجوز،في الكثير من الدُوَل، ومنهاسورياوالعراق واليمن وإيران، وربما لبنان.

إذاً،فإلىَ أين تَتَجِه الأمورفي ظِل التخبُط السياسي الأمريكي، والعجز الأوروبي، والقلق الإسرائيلي، والهزيمة السعودية الإماراتية؟

بكُل تأكيد،إنّ انعكاسات هذا التراجع، نتيجةارتباك السياسةالأميركيةوتعنتها،
أعطَىَ إيران وحلفاءها الوقت الكافي، لتثبيت قوتهم حول فلسطين، وتثبيت مواقعهم الأمامية وتحصينها، والِاستعداد لجولة قادمة، ربما ستكون حرباً كُبرَى تقضي على آخر أحلام إسرائيل بالبقاء.

أنَّ فُرَص قطع الطريق على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها، من قِبل الولايات المتحدة كانت كثيرة، ومنها عدم الِانسحاب من الِاتفاقية النووية،
أو التوقيع مع طهران مجدداً بِلا مماطلَة،وإيقاف حرب اليمَن منذ سنوات، عندما كانَ المجتمع الدولي ينادي بذلك.

ختاماً....
إنّ الأرض التي أمسكَ بها، وثبَّتَ نفسه عليها، مِحوَر المقاومَة، فَرَضَت واقعاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً جديداً،
يصعب على واشنطن وحلفائها تغييرُه،
وما عليها الآن إلَّا القبول بالواقع، كأقل خسارة ممكنة، تلافياً لأي حربٍ كُبرَىَ ستكون وبالاً وكارثية على إسرائيل.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013