لاازال أبتسم كلما تذكرت كتاب الملك حسين بعنوانه الماكر (مهنتني كملك) .. لان العنوان يوحي ان الرجل ديمقراطي ويفهم وظيفته كموظف لدى الشعب وله راتب لايتجاوزه .. وأراهن بعمري ان الملك كتب كتابه ليقرأه المسافرون الانكليز في رحلاتهم كي يطمئنوا ان موظفهم الاردني بوظيفة ملك يتصرف مثل ملوكهم .. ولم يكتب الكتاب ليقرأه بنو حسن والعشائر الاردنية التي ينظر اليها الاسرائيليون على انها شوية بدوو رخاص .. كما وصف ايهودا باراك الملك عبدالله الثاني في لحظة جدال صريح بأنه ملك على شوية بدو رخاص .. وربما كتب الكتاب للملك مؤلف انكليزي ممن يتم توظيفهم بالمال لتبييض صور المشاهير وذكر محاسنهم .. واشك ان الملك كانت لديه موهبة الكتابة .. وطبعا ليست لديه معرفة بمهنة الملك كي يكتبها لا كملك دستوري ديمقراطي انكليزي ولا كملك استبداي بحكم مطلق كما هو في الحقيقة .. والدليل ان الملك توقف وحي الكتابة عنده وشيطان الابداع ولم يكتب كتبا بعد ذلك .. ولو قيض لي أن التقي الملك المتواضع حسين لنصحته ان يكتب كتابا (مهنتي كجاسوس) لأنه سيكون كتابا واقعيا وليس تخيليا .. لأنه من أشهر الجواسيس في التاريخ .. فهو الملك الوحيد في التاريخ الذي عمل جاسوسا لأعدائه وبراتب رسمي و اسم مستر بيف .
ولكن خطر لي سؤال عن الشخصية التي يمكن ان تكتب كتابا عن مهنتها السياسية .. فوليد بيك جنبلاط قد يفكر في اصدار كتاب اسمه مهنتي كمنافق ودجال ومشعوذ .. وقد يكتب سعدو الحريري كتاب (مهنتي عندما أكبر) ..
ولكن ستكون محاولة سمير جعجع لكتابة مثل هذا الكتاب من أكثر الاعمال صعوبة .. فماذا سيكتب سمير جعجع عن مهنته؟؟ انسوا الكلام او الاغطية المزورة التي يستعملها السياسيون اللبنانيون عن احزابهم .. فاسم حزب القوات اللبنانية هو نكتة سخيفة وتزوير لأن القوات اللبنانية ليست قوات وليست لبنانية .. فهي ليست لحماية كل لبنان بل لحماية فئة مسيحية متعصبة ومتطرفة .. وهي ليست قوات بل هي (بلاكووتر سمير جعجع) ولاتختلف عن قوات جيش الاسلام لصاحبها زهران علوش في شيء .. فهي شركة قتل واغتيالات مرخصة في لبنان .. ومثل نكتة اكبر في اسم الحزب التقدمي الاشتراكي لصاحبه وليد بيك جنبلاط .. فلاشيء هناك يشبه الحزب .. ولا فيه تقدمية ولا اشتراكية .. بل هو غطاء لعائلة اقطاعية تريد السيطرة على دروز المشرق جميعا والحاقهم بالمختارة وتحويلهم الى حراس البيك واولاده وأحفاده .. ويصبح كل شاب من أبناء بني معروف مجرد أجير .
كتابة سمير جعجع لمذكراته يوما ستكون من اشق الاعمال عليه وعلى من سيكتب له هذه المذكرات بالأجرة .. فهي عملية شاقة وصعبة جدا جدا .. فماذا سيكتب رجل مثل سمير جعجع عن انجازاته واعماله اذا قرر ان يكتب بصدق وأمانة اعترافات ستجعله السفاح الذي أطلق ومنح البراءة؟؟ ولاشك ان الارواح التي تطوف حولنا تسأل عن حقها وقصاصها منه لاتزال غاضبة حائرة في هذه العدالة في هذه البقعة من العالم .. فالرجل بطل من أبطال الحرب الاهلية اللبنانية وكان مشهورا بقيادته لفرق اغتيال وحواجز تصفية لمخالفيه في العقيدة الدينية .. وهو حتى في الشكل لاتناسب ملامحه صفة السياسي بل شكله الخارجي لايريح ولايدل على السلام الداخلي ونظرته فيها مرض نفسي وحقد على الوجود بسبب طفولة قاسية ربما .. وهو من ينطبق عليه وصف ارسطو لما يسمى (المجرم بالميلاد) فقط من الواصفات الشكلية .. وهو خبير في الحواجز الطيارة والقتل على الهوية مثل دواعش بلاد الشام ..وكان مشهورا انه يحب ان ينفذ الاعدامات بنفسه ويطلب من عناصره ان لايقتلوا بعض الافراد لأنه يريد بنفسه ان ينفذ الاعدامات .. ولذلك فان يديه ليستا ملطختين بالدم فقط بل هما يدان لهما علاقة وطيدة بالجريمة .. وهو مشهور بالخطف وطلب الفدية السياسية والمالية .. والرجل قاتل مأجور مثل رجال العصابات .. فقد اوعز له بقتل الكثير من السياسيين اللبنانيين وبدأ مهمته بدموية فائقة في اهدن عندما قاد فريق اغتيال من العصابات وقتل بعنف ابن الرئيس سليمان فرنجية .. وكانت آخر جريمة قتل سياسي له هي اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رشيد كرامي .. ومابينهما .. مالايعد ولايحصى من الضحايا اللبنانيين .. وهم ممن ينطبق عليهم توصيف أبناء الطلقاء .. فعندما تخلى الامريكيون عن حلفائهم في لبنان كانت رسالتهم للسوريين لبنان لكم وكل مالنا في لبنان لكم وافعلوا ماتشاؤون بهم .. ولكن تصرفنا بأخلاقنا العربية واخلاقنا النبوية وقلنا له ولكثيرين مثله (اذهبوا فأنتم الطلقاء .. ولن نحاسبكم على مافعلتموه بحقنا) .. ولكن اللبنانيين انفسهم أصروا على محاكمته لاعدامه ولولا تدخل السوريين لكان معلقا في احدى ساحات لبنان يتأرجح من عنقه الطويلة .. ولكن القيادة السياسية السورية تدخلت لمنع الكراهية والاحقاد لأن مقتله سيحوله أتباعه من عصابة القوات اللبنانية الى قميص عثمان لقادم الايام .. وسيتحول الى شهيد رغم انه مجرم حرب .. ولم يرغب السوريون في تحويله الى شهيد في نظر أصحابه لأنه لايستحق هذا الشرف .. كما فعل اتباع العميل الخائن بشير الجميل الذي نفذ فيه حكم اعدام ولكنه يعتبر شهيدا في نظر بعض اللبنانيين .. ولذلك بقي سمير في القمقم الى ان اخرجه جورج بوش لان بوش استدعى كل عصابات الشرق مثل القاعدة وداعش وجيش الاسلام والاخوان المسلمين لتدمير الشرق وكان سمير جعجع أحد قادة العصابات التي سيعتمد عليها جورج بوش .. وكان هذا (العائد الى حضن الوطن) له وظيفته التي لايعرف غيرها .. التخريب والقتل والفوضى .. رغم ان من عاد الى حضن الوطن كثيرون أخلصوا في العودة والندم .. ولكن البعض وجدوا في العودة الى حضن الوطن استراحة للجريمة قبل ان تستأنف عملها كما هو حال هذا المجرم ..
اليوم يتوق سمير جعجع للحرب ليس لأنه سيفوز بها بل لأن الحرب هي الجو المثالي له كي يعيش طبيعيا ولأن وظيفته هي اشعال الحروب كما فعل في تأجيج الحرب اللبنانية في عملية اهدن الحقيرة .. وهو يسعى بشكل حثيث لاطلاق اي معركة ويسوؤه جدا ان الناس لايريدون الحرب .. وانهم بدؤوا يعرفون ان السيد حسن هو رجل مخلص ووطني ولكل اللبنانيين .. وهذا مايثير هياج سمير جعجع مثل سمكة قرش .. ويبدو انه يخشى ان يسبقه الزمن ويخفق في اطلاق المعركة لأن مايفعله يقول ان هذا الاسخريوطي قد قبض الثمن كاملا من فضة بني اسرائيل ..
بالفعل .. ماذا سيكتب سمير جعجع عن مهنته وهو الذي لامهنة له الا زعيم عصابة ..؟؟ بل ماذا سيكتب في مذكراته عن آخر عملية تخريب وقتل سيجريها؟؟ هل سيكتب لنا ان وظيفته في لبنان هي ان يكون غراب البين والبوم الذي ينعق بالخراب .. ويعمل على الخراب ..
اعتقد ان أسوأ عمل يسجل للسوريين في تاريخهم السياسي هو انهم اتبعوا فكرة (اذهبوا فأنتم الطلقاء) مع هذا الشخص في حين ان ماكان يناسبه هو اقتلوهم ولو تعلقوا باستار الكعبة او بالصليب المقدس .. لأن الاسخريوطيين لايستحقون الا هذا العقاب مهما قبلونا .. فقبلتهم تعني ان الخيانة قد حدثت وان الفضة قد قبضت .. خلف ظهورنا ..
وأتمنى ألا يتكرر هذا الخطأ الفادح وأن يتم تصويب التاريخ لاعادة محاكمة هذا المجنون والمجرم بالميلاد .. وادانته على كل روح زهقها وسيزهقها .. فمكانه السجن المؤبد .. فهو لايستحق ان يتحول الى شهيد .. رغم ان الاميريكيين والاسرائيليين صاروا يجدون في رأسه طعما مناسبا لاطلاق حرب اهلية لبنانية .. وقد يكون هو حريري هذه المرحلة .. ويكون بذلك سيخدم اسرائيل .. حيا وميتا ..