إليكم قصة حادثة دمشق : "فطير بالدماء البشرية"
من أبشع الجرائم التي إرتكبها اليهود في هذا المجال هي الجريمة النكراء التي وقعت في دمشق سنة ١٨٤٠ م وذهب ضحيتها الأب توما الكبوشي وخادمه المسلم إبراهيم عمارة ، رحمهما الله ، على يد جماعة من يهود مجرمين حيث قامت هذه الجماعة بتصفية دمهما لصُنع فطير العيد في "عيد الكبور" أو "يوم الغفران" .
أما وقائع الجريمة ، فقد كان "الأب توما" يمارس الطب في دمشق ، حيث كان يقوم بتطعيم السكان ضد مرض الجُدري والعناية بالمرضى خلال تفشي وباء الجُدري . وقد أستقدمه حاخامات اليهود بحجة تطعيم أولادهم باللقاح المضاد للجُدري في حارة اليهود . وهناك ، تم ذبحه وذبح خادمه ، وتم أستصفاء دمهما للغايات المقدسة . وقد أشترك في هذه الجريمة النكراء ستة عشر يهودياً ، بينهم أربعة حاخامات هم : موسي أبو العافية (الله لا يعطيه عافية) ويعقوب العنتابي (كبير حاخامات اليهود في الشام) وموسي بيماد ويهودا سلاميكي وأربعة من عائلة هراري هم : داود هراري وهارون هراري وإسحاق هراري ويوسف هراري ، وخادمهم مراد فتال وثلاثة من عائلة فارحي هم : مايير فارحي ومراد فارحي ويوسف فارحي . أما الخمسة الباقون هم : سليمان سلوم (الحلاق) وهارون أسلامبولي وأصلان رفائيل وإسحاق بيجوتو ويوسف لينادو .
وأثناء التحقيق ، يقول مراد فتال ، بعد أن فضح أمرهم ، أنه قاموا بتقييد "الأب توما" ، ووضعوا في فمه خرقة بيضاء ، ثم قُذفا به إلى الأرض . فإجتمعوا حوله وأحضروا طبق (طشت) نحاس ، ووضعوا رقبة الأب توما فوق الطبق ، وقام مراد فارحي بذبحه وقام الباقون بتثبيت جذعه والإمساك به حتى لا يتحرك الى بعد أن صفي دمه . وبعد ذبحه بساعة وإستصفاء دمه بالكامل ، قاموا بتقطيعه إرباً إرباً وقذفه في مياه النهر .
بعدها ، حصل لخادم الأب توما "إبراهيم عمارة" نفس ما حصل لسيده بالتمام . وقد تم إثبات الجريمة من خلال الوقائع والأدلة التي حصل عليها التحقيق، وكان من أهمها العثور على عظام ولحم وطاقية "الأب توما" وشعره وشهادات الأطباء وإعتراف المجرمين أنفسهم .
أصدر الحاكم العام "شريف باشا" حكما بالإعدام على العشرة الباقين (توفي منهم أثنين اثناء التحقيقات وأربعة إعتبروا شهود إثبات بعد إعترافهم ) وصُدق الحُكم . ولكن الحُكم لم ينفذ ولم يُعدم اليهود العشرة ، بل أُطلق سراحهم !!
فكيف تم ذلك ؟
قام القنصل الفرنسي في دمشق بالتدخل وطلب من الحاكم العام شريف باشا تحويل الحُكم الى إبراهيم باشا ، القائد العام للجيوش المصرية في بلاد الشام للمصادقة على الحُكم ، ثم وصل إلى الإسكندرية محاميان يهوديان أوفدهما يهود كريمي لإنقاذ بني جنسهم من حبل المشنقة وهما إسحاق كريميو (فرنسي) وموسي مونتفيوري (بريطاني) .
هذه الرواية حدثت فعلا وكل محاضرها ووقائعها محفوظة ومسجلة في المحكمة الشرعية في حلب وحماة ودمشق في عام 1840. وقد حصل على نسخة منها المستشرق الفرنسي (شارل لوران) ونشرها في كتاب باللغة الفرنسية بعنوان : في حادث قتل "الأب توما" وخادمه "إبراهيم عمارة" ، وقد ترجمه إلى اللغة العربية الدكتور "يوسف نصر الله" ونشره في القاهرة في 16 سبتمبر عام 1898 فى يوم الجمعة 7 فبراير عام 1840 .
وصل المحاميان إلى الإسكندرية وأستطاعا أن يدفعا محمد علي باشا إلى إصدار أوامره بالتوقف عن ملاحقة اليهود المُتهمين بقتل "الأب توما" وخادمه ، وأمر شريف باشا بإطلاق سراح اليهود المعتقلين ، ومنح الهاربين والمطلوبين الأمان وعودة الجميع الي أعمالهم وكأن شيئاً لم يكن .
لقد خضع محمد علي باشا لضغوط سياسية دولية هائلة وخاصةً من خلال صداقته مع فرنسا وبريطانيا ذات النفوذ العالمي في ذلك الوقت ، بالإضافة الى تحسن أوضاعه المالية . فقد دُفع له "٦٠ ألف كيس ذهبي ، و٣٠٠ ألف ليرة ذهبية" . فكان هذا ، بالنسبة له ، أكثر فائدة من إعدام اليهود العشرة ...