الدكتور كمال يونس | من هذه الساعة حتى يوم الحشر ...
انّ الفضاءات و الميادين هي لنا ............ و جهنّم وجهة تقهقركم ..!
و في غمرة الاحداث المتداخلة و خضمّ التطورات المتنامية و حمّى الانجازات العسكرية المطّردة، استفاق العالم – بعضه على الأقل – على حوادث التدمير، و فظاعات التفجير، و استعادة الترهيب قذارة أنفاسه في قتل الناس و تهديدهم و محاولات تركيعهم، و تعريض كل حياتهم الى نزوات بعض :
" الكـــلاب المتعطشـــــــــــــة للدمــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء "...
و يتمّ كل هذا تحت ذرائع نزويّة، و حجج واهية و سقيمة، مستقاة من فكرهم العقيم الظلامي الرجعي المعلن و سلوكهم التقهقري الظاهر، و أفعالهم الشنيعة. بيد أنّ هذه الدول المجرمة و " الحيزبون الديبلوماسيّة الدوليّة" ازاء الدولة السوريّة لا تزال تراهن و تقامر و تعاكس و تلعب بالنار ... و تحرّك خريطة المؤآمرة و تنبوءات المخطّطين و المتوقّعين أحوال الطقس الامنيّ و العسكريّ العتيد ...
" لا تلعبوا بالنار يا سفلة الناس، لأنّ أصابعكم ستصطلي و مؤخراتكم ستنشوي ..!
صدّقوني أو انتظروا " الحصاد " ..! فانّ النار ستلتهم هشيمكم، و ما تملكون – و الّله - سوى الهشيم الفكري و اليباس النفسي و جفاء نفس الشيطان حقارة و شرّا ...
و في اطار الرد السريع، اتخذت قيادات بعض هذه الدول خطوات عمليّة و جريئة و متقدّمة على خلفيّة الصدمات المعنويّة، و الكدمات التفسيّة، و ردود الفعل المتنوّعة و المتميّزة كما شمّرت عن سواعدها و أبدت عن مواقف جديّة، و هادفة الى القضاء على الحركات الارهابيّة و في طليعتها " داعش " ...
و لكن ، كيف و ما هي البرامج المعدّة و ما هي أفق التنفيذ ؟
و قد خرقت هذه الدول - التي سكرت عبر أربع سنوات و نيّف من عظاتها المتكرّرة ازاء سوريا و المنطقة ، و خمرت من ميوعتها الملفتة – صمتها الذي تآكله صدأ التآمر ، و التكاذب، و التحامل، و لذّة الاستمتاع، و فنون اشعال الجبهات، و استقدام قوافل الظالمين، و تسهيل عمليات المخرّبين، و تشجيع الجزّارين، و دعم السفلة الظلاميين، منذ ما يقارب خمس سنوات – استنزافا لسوريا و تدميرا لموقعها الريادي:
التاريخي كما الجغرافي، السياسي كما الديبلوماسي، و لدورها الحضاري الطليعيّ كما العربيّ ،على وقع تنامي الجراح و فيض الدمــــــــــــــــــاء النازفة أبـــدا...
و يبدو أنّ الصمغ الذي تراكم كثيفا ذاب من مجرى أذانها هذه المرّة بفعل حرارة التفجير و التدمير و التخريب و التقتيل... فشرعت تسمعنا " عنتريات ابن شدّاد " و انبرت مصغية، رغم أنفها و تحت وطأة و هول المصيبة، " للحقائق و الوقائع و حصيلة الفرم و الهرس و الهرش و القطع و الشذب و القصّ و الفصّ و الفصل ............الذي أصابها.
فهل اقتنعت تلك الدول و هذه بما يجري ؟ و بما جرى ؟ ناهيك عن معجم الشرور الذي يتضمّن مفردات العنف و الحرق و التدمير لكل معالم الحضارات، و التدنيس و الهدم لكل دور العبادة .............
فهل هؤلاء لهم ذرّة ايمــان ؟ أو ومضــة رجاء ؟ أو لمعـــة ضمير ؟ أو هيبــة معتقـد أو عمق تديّن و كتاب ديـن ؟
و الجواب واضح كما الفرق يبينُ بين الاحصنة المطهّمــة و الحميــر الضامــرة ... فلا تتحدّثوا عن عقول بل عن جيف و متروكات و مهملات على طرق الحياة يشتمّها و يهرب من روائحها الكريهة كل مارّ في الطريق .... فبعضهم يشير اليها و يبتعد ....و بعضهم يستسيغ تعليبها و تصديرها الى حيث الحاجة و ضغوطات الطلب ..........
انّها حصيلة الفكر العالمي المتمثّل بأصحاب السلطات المسيطرة، و القدرات المخزّنة، و الطاقات المستولدة، و رؤوس الاموال المسافرة على هبوب رياح خربطة الانظمة و تهشيم صور الدول العادلة و المعتدلة، المنسجمة مع تطلّعاتها و المنضبطة وفق القرارات و القوانين و الانظمة الدوليّة المتمثّلة في مجلس الأمن و جمعيّة الامم المتّحدة .
فكسرت بعض هذه الدول قاعدة المطالبة برحيل " الرئيس الأسد عن السلطة قبل أيّ اجراءات عمليّة تحفظ الدولة و المؤسسات و الكيان ..؟!
و لولا صمود ســــــــــوريا الآســـــد، أكنتم تتصرّفون بهذا الشكل و بهذا الاسلوب ؟
و من كان مع نفسه كان الله معه ..!
و لولا تضافر قوى الصمود المتمثّلة ميدانيّا بكل من روســــــــــيا، و ايـــران، و حــــزب الله، أكنتم تسعون للقبول بما أفضيتم اليه في اوخر هذه الايام ...؟ و أنتم أطلقتم الرصاصات الاولى على النظام و رأسه و جسده و لمّا تتوقفوا حتى لامس الساطور أعناقكم ..!
و قد يصحّ قولي فيكم بأنّكم تمتهنون في أفضل مدارسكم الديبلوماسية،
مقارنة مقزّزة و مقرفة تحفّز القيأ و لعيان النفس ...!
قياديّون" قبابيط " أنتم ..! و " مفاتيح سلطة أنتم ...! أكلها الصدأ و ضاع لونها من كثرة مسحها و دهنها بعد كلّ عقبة تطالعكم في كل اتجاه ..." !
تأكّدوا ايّها الناس – اذا كنّا نحسب على الناس – أنّ هؤلاء المتسلطين على رقاب البشرية جمعاء أشباه غنم ضائع و تائه في براري المال و السلطة و الجاه ، يديرون شؤون العالم أجمع بـــ " فعل الهيمنة و والسطوة و الابتزاز " .
و على هامش هذه الصورة، و بعد أن شاهدت هذه الدولُ القاصرةُ نفسها عن حقّ و حقيقة في مرآة الواقع منزلقة و منغمسة و متورّطة لا بل مساعدة عبر سياساتها الروتينيّة و الاداءات الكلاسيكيّة لمكافحة " الارهاب " المتنقّل كالعرب الرحّل، والسيّئة الخُلُق كالحيزبون الشمطاء ، و المستند – بكل تأكيد – الى " أعمدة و أسس و حصائر من الاسمنت المسلّح السياسي الدولي الذي تبني عليه الدول الناشطة في هذا الحقل الاستراتيجي و المجال التكتي نهجها و فكرها و اداءها و طرق تعاطيها في هذه الشؤون الخطيرة و القضايا الشائكة المعقدّة التي تهدّد أمن الارض و السماء على السواء...
فهي تفتّت الحجر كما تقطّع البشر ، و تستأصل النبات مثلما تمزّق الحيوان ...
و على مدار أربع سنوات و نيّف، و نحن لجانب الكتاب الامناء و كافة رعيل الادباء و النحّات و الرسّامين و الفنّانين، و طائفة الاعلاميين الشرفاء، نصرخ في أذن دول العالم، و ندوّي في اودية القهر الذي مورس علينا، و نستغيث بالله و بايماننا و بطاقاتنا و بقدراتنا ..............
لكنّ من يضحك أخيرا هو من يضحك بالفعل ! أليس هذا من عصارة الخبرات ؟
ايّتها الدول المخمورة بالخطابات الرنّانة ،
ليس المطلوب حشد الطاقات و القدرات العسكريّة و الأمنيّة و المخابراتيّة ... بل تحويل طاقات هذا الحشد الى انفجار كونيّ يودي بكل ما و من يمثّل الشيطان و أشراره و شروره ...!
فللشيطان مملكتـــه، و نحن حسمنا أمرنا منذ أن وعينا، و قطفت عيوننا من انوار ايماننا أملا و رجاء،
و اشتمّت انوفنا شرف مواقفنا التزاما و وفاء، و ساهمنا، باقرارنا و بواقعيتنا، احترام الرأي الآخر ألا و هو " ارادة الشعب الســــــــــــوري " .
فلا سلطة تقرّر عنه . و لا هو قاصر أو معوّق أو مغيّب . انّه كالصباح يصحو ارادة على جباله و كالمغيب يفرش أثوابه دفءا و أمنا و غيرة على كيانه ..!
و بعد هذه الجبال تلو الجبال من النضالات و التضحيات و مستنقعات الالام و مؤآمرات الانام، و أثقال الاحمال و التحامل على السوريين، هل يُعقل أن نملي شروطا ؟ أو نبني أمالا كرتونيّة ؟ أو نحبك خيوطا عنكبوتيّة ؟ أو نكتب أسفار القرارات و أرقام التصريحات على رمال الامنيات الدوليـــــــــة ؟
لقد أصاب أدمغتكم مرض العقم و شلّت باصرتكم و اندثرت قوى بصيرتكم لحساب الشيطان الذي يتحكّم في قلوبـــــــــــكم .
انّ من يدّعي كرم الاستضافة و حسن الضيافة فليشمّر عن ساعديه و يشارك أيّام العمل في التقليم و التشحيل ... و النقب و الفلاحة .
انّ أرض ســــــوريا هي معطاء و ينابيعها دفّاقة و حقولها نتاج مدرار و تاريخها شمس متألّقة تلمع على حدّ سيف الحقّ في كل الحقبات ...
انّ من يدّعي شرف تمثيل الارادة السوريّة هو الدماء وحدها التي انهمرت سواسيّة من على أعلى قنن الجبال و شطحات خدود الاكم و سرّ عمق الاودية و دفء قلوب المنبسطات و السهول ..
انّ من يدعّي ألاصالة لا ينسلخ عن الأمّ و ينشئ فروعا معتورة التفكير و سقيمة الشعور و هزيلة البدن و مريضة النفس ... و يهبط في أحضان العمالة و يقيم في أقبية المخابرات المعادية و يتنعّم على أسرّة الفنادق التي تشرّبت دموع و دماء الشعب السوري .
وحده السوريّ ...
الذي في الميدان له حقّ التحدّث، و شرف الانتقاء، و حسّ المسؤوليّة ...
وحده السوري ...
الذي تصدّى، و لمّا يَزَلْ، لجحافل الشرّ بكل أشكاله و أحجامه و أطيافه ...
وحده السوريّ ...
الصامد المدافع المقاوم له " الكلمة الفصل " .... و ما من قوّة في الدنيا تقدر أن تغيّر في معادلات الحقوق و الحقائق ...
و عليه، ظهرت المبادرات الاخويّــة للمساعدة و الدعم و المواكبة ... و انبرى كثير من القوى العالميّة تدعو لتأييد و مؤآزرة ســــوريا ...
و اختصر السبب قبل ان ترف الجفون من العجب . و هو قد حصل لأنّ " ســـــــــــــوريا ثبتت، قاومت، عاندت، قاتلت، دافعت بضراوة، و استماتت بشراسة من أجل حقّها و منعتها و حصانتها و سمعتها لا بل من أجل كرامتـــــــــــها ...
بل قُلْ من أجل كرامة الانسان أيّ انسان . و هذا انبرى واضحا و مشرقا على الساحة الدوليّة في هذه الايام.
فقد قام القادة الدوليون – بمعظمهم – رحلة مطوّلة حول الرجاء الصالح كي يكتشفوا " العالم الجديد " و يصلوا الى القناعة بأنّ هذه الجماعة التكفيريّة هي جيوش مجيّشة مجهّزة منذ عقد من الزمن على الاقلّ بأحدث الاسلحة ذات التقنيات العالية، و التي امتهن عديدها فنون القتال من اجل القتال على مدار عقود من الزمن - كزمر و مرتزقة - فاستجمعت قواها، و استنفرت غرائزها، و حرّكت نزواتها الشيطانيّة ضمن أطر دينيّة و بأساليب هدميّة دمويّة سفكيّة و تهدف لتبديل:
" التاريخ و مسخ ما هو قائم، و مسح ما هو واقع، من اجل التزوير لآنّها وُلدت زورا و في أرحام الزنى و الزور " ..!
ألا استجمعوا قواكم يا حكّام هذه الدول. و لا تبخلوا بالعصا على رأس داعش . و كم هي العصيّ ألوف مؤلّفة في مستودعاتكم و مخازنكم و دهاليزكم و مخابئكم !.
ألا اتّحدوا من أجل الانسانيّة . ففي كل جسم – كما يقال – يرتع السرطان ." فامّا أن تُخضعه و امّا أن تكون الضحيّة " .
اختاري ايتها الدول "هذا اليوم" لأنّه حار و حارق و كاوي قبل الغد الذي قد يكون باردا و مُفلسا وعقيما. اختاري..!
فواجب عليك ان تختاري. لأنّ شرفك و كرامتك تجاه شعوبك و سمعتك أمام العالم على المحكّ التاريخي و الأممي .
فلا تعودي لتحدثينا عن امور داخليّة يمتلكها غيرك. بل عن امور و قضايا و شؤون، مفاتيحُها في أياديكم و مساراتُها في قراراتكم، و وجهتُها في غاياتكم و أهدافكم.
دعوا ســـــــــــــــوريا للسوريين . فهي واعية صاحية مدركة راشدة و رشيدة في حسن و توقيت الاختيار .
و تفرّغوا لانهاء هذه البلاءات و الوباءات التي حلّت بالعالم . و أسهروا – كما تفعلون عبر السلاح – على قطع أيادي الممولين و المساعدين ، و بتر سواعد الداعمين ...
بل جفّفوا منابع التمويل، و اوقفوا قطارات التموين، واحبطوا كلّ عمليات التذخير ورحلات التصدير لهذه النفايات البشريّة الى ســــــــــــــــــوريا...
انّها تعبٌ، ثقلٌ، عبء، مـــرض عضال، بل ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرطان يتحتّم عليكم استئصالــــــــــه،
أكنتم ممّن صنعوه أو شاركوا في تخصيب رحم أمّه. أم ممّن أمّن له شروط الولادة و الاستمرار و النموّ المطّرد على حساب سبعة آلاف سنة من التاريخ ...
انّي أحذّركم ...و قد حذرتكم مرارا بأنّ السحر ينقلب غالبا على الساحر ...
و رهانكم يتأرجح بين متناقضين:
امّا " داعش و أحفادها و حفيداتها ...و أمّا سبعة آلاف سنة من بناء للانسان و للحضارات . أمامكم أثنتا عشر شهرا من اعادة الامور الى نصابها و حفظ بعض الماء في وجوهكم .
أو احملوهم الى مرابعكم و منازل أبائكم ....و انعموا بهم و معهم ...
أمّا نحن فقد اتخذنا القرار من زمن بعيد ....
امّا النصر .....و امّا النصر .... و " انّ اللّه مع المؤمنين الصابرين " .
الثورة الوطنيّة
منابع النور