أمطرت سماء تشرين، في ليل الحكايا صارت النجوم منارات تهدينا لمسارات الضوء، نوافذ الشرق متروكة للريح، أجيء إليك من شرق الحزن ، من فجر الشوق في كفيّ ورد.
ثمة أمكنة ترتدي الصمت فتأتلق الكلمات في محراب البوح، ثمة نوافذ تنفتح للغيم الممطر لنسمة شرقية معطرة بعبق الهيل . في الليل تراودني الكلمات عن عشقي المُشتعل كجمر، والبحر يدعوني لوليمة من ماء وملح ، بيتك هناك حيث الريح وعاصفة "تعوي " كقطيع ذائاب متوحشة ، لا أدري كيف أقص عليك حكاياتي وأنت تسكن الضوء ، وتمر كالطيف مع كل فجر تلقي على وجهي غطاء رأسك الناصع البياض "يا بو الكضاضة بيضا "،كي استعيد بصيرتي، شاسع النوى يا لوعة الشوق وتلك المسافات بيننا لا حدود تفصل بيننا ، كنت أرتب للقاءاتنا في الشرفة مع كل فجر، كالعادة .. القهوة والتين والزبيب والماء . أوجعني الانتظار كأن القدر قال لن تجيء . وحين مرّ طيفك سجدت في محراب الله سبعون من العشق وحقك ما ارتويت ، وهل يرتوي ظمآن العشق ؟ يمشي إليك الشوق كنهر يمر في بساتين الليمون واللوز والزيتون ، لم تزل تلك البيادر والحكايا تسكنني ، بيت مخلوع الشبابيك اقتلعت العاصفة كل شيء إلا شجرة الزيتون والعتبة العالية . يا عالي الجبين ، كأني في حلم أمشي في دروب يخفيها ظلال الريحان ، أبحث عن ضريح يحتويك وأنت تسكن الضوء بلا ضريح ! مع كلّ شمس تجيء لشرفات البحر يكوي الوجع جرحي النازف عشقاً ، نهر العاصي يمضي إلى اللواء السليب ..فا "النعيرية "، يجمل حزني وبعض بوح كلماتي الموجعة ، حيث علمتني بأن من تحت ظلال شجرة التوت بدأت أول أبجدية البعث الأولى ،لتشع متلألئة في فضاءات الوطن الكبير ، أكتب والبوح جمر وحنين ،متحدياً قلقي وحزني العميق كالزمن ،أنا الظمآن للحظة فرح في خضم الألم، سماء تشرين تمطر يا فيض الخير لسنابل القمح ، اشتقتك . لو أعرف كيف الوصول إليك ، طريقي وعرّ وكلماتي حرون ، مناجاتي ترانيم "منجبية عانية ".. تحملها نسمة شرقية بعبق الحبق ،تمرّ على سفوح الزيتون والأقحوان وأضرحة الشهداء حيث يعبق البخور، يتساقط غبش الليل وينزوي العتم تحت أقدام الأباة ، ولا أتوه عن الطريق ، أشعل فتيل سراج الكاز أم هي أصابعي التي اشتعلت ! الزمن مُشتعل والعاصفة مجنونة ، وقد أخرجت كل وحوش الأرض من جحورها . يا للخراب الممنهج لفتاوى الجاهلية الفتنوية ، متى نطلع من الماضوية الموروثة بحيث لا نقطع معها بل نعتبرها "هوية " تدفعنا للأفضل للتطوير للتحديث ،ونكشف حقيقة تاريخ كالح مدسوس بألف ..ألف ..ألف مليون حديث وحكايا كتبها وراقون ومسترزقون ومرتهنون كي يشوهون التاريخ الحقيق الذي لا نعرفه . أو.. قلة هم الذين هم يعرفون ولا يكتبون ولا ينشرون !، يخنقهم الخوف والرجم والذبح والسحل والتقطيع . من قبل هؤلاء المتوحشين الذين يرتدون لبوس بشرية ،قطيع آكلي الأكباد والقلوب أحفاد أبو جهل بتاريخهم المشوه المهترئ بأحداث تاريخية قبرها الزمن وهؤلاء الهمج ينبشون القبور ليكرروا مذابح القتل الجماعي للإنسانية ،يكرهون النور أو أي دولة علمانية تآخي ما بين العلم والدين والتطور والحداثة والرؤى الإبداعية ،و يأخذ بالأجيال الناهضة للنور ؟لا دين لهؤلاء التكفيريين ولا وطن مرتهنون للنفط وللمال القذر وللاستعمار !.
ثمة قناديل تضيء لنا الطريق كي لا نضل .. تتعب الانتظارات ولن نتعب .
وحيداً أجلس على صخرة ينكفئ الموج على صدرها تكتبني الأحلام وقد أقسم الضوء بان حكايانا لن تنتهي ..لن تنتهي ؟.