صهيونيون في أسرَّتنا| حين قرأت كتاب سعاد العامري، "غولدا نامت هنا"، الصادر عن دار بلومزبري في الدوحة (2015)، شُغفتُ بعنوانه، قبل أن أقرأ بيانه. والصديقة العامري عوّدتنا على العناوين اللافتة، مثل "شارون وحماتي" (بيروت: دار الآداب، 2007). وقد اكتشفت في ثنايا هذا الكتاب الجميل والمؤلم أن غولدا مائير عاشت حقاً في منزل جورج بشارات في حي الطالبية بالقدس في سنة 1928. وبالتداعي، تذكّرت أنها في تلك الحقبة كانت تنام أيضاً بين ذراعي عشيق عربي، يدعى ألبير فرعون، وأنها لم تتردد في أن تنام بين ذراعي عربي آخر، ولو مرة، في 1947؛ فالمشهور عنها أنها كانت نهمة للرجال، مهما تكن جنسياتهم. أما سعاد العامري فقد عشقت، قبل أن تُغرم بالصديق سليم تماري، بوظة بكداش في دمشق، وحلويات زلاطيمو في القدس، فهي وُلدت في دمشق، ونشأت في عمّان، ودرست في بيروت، وتزوجت في رام الله. وهذا الكتاب لا يتحدث عن غولدا مائير بالتحديد، ولا عن عشّاقها، بل يروي حكايات مدهشة عن الفلسطينيين ومنازلهم، وعن حرقة الفقدان ولوعة التذكّر، وعن التشبث بالمكان. غير أني سأختطف عنوان الكتاب، لأرصد بعص قصص "غرام الأفاعي" في بلادنا المنكوبة بالضباع المقروحة والثعابين القاتلة.
كشف سليم تركية (أو سليم نسيب، وهو يهودي يساري عاش فترة في وادي أبو جميل في لبنان) أن غولدا مائير بعدما هجرت زوجها وولديها، فُتنت بمصرفي فلسطيني، يدعى ألبير فرعون، كان قد هجر زوجته وولديه. ويبدو أن ألبير فرعون هذا كان له شغف بالخيول، ولعله رأى في غولدا مائير الشابة فرساً مغويةً، آتية من مدينة كييف الأوكرانية، فامتطاها، وامتلكته هي إلى حين. وهذه العلاقات التي امتدت طويلاً، وجرت وقائعها بين القدس وحيفا، باح بها جورج خوري (حفيد ألبير فرعون) إلى سليم تركية، اليهودي السوري المقيم في لبنان، والذي لم يحصل على الجنسية اللبنانية، ولم يتعلم العبرية، وصار مناصراً لقضية فلسطين، وهاجر من لبنان في 1969، وتخلى عن اسم عائلته، وألّف كتاباً عن أم كلثوم بالفرنسية. وتختلف هذه العلاقة الغرامية، جوهرياً، عن علاقات الفراش المتعددة التي خططتها الصهيونية، تسيبي ليفني، في أثناء خدمتها في الموساد، واستدرجت إلى مخدعها عرباً كثيرين. وعلى غرار غولدا مائير، عشق بشير الجميل الصحافية الأميركية باربرا نيومان التي دفعها دافيد كيمحي إلى أحضانه، قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية اللبنانية في سنة 1982. ولا نعلم علم اليقين ماذا يجري اليوم في مستشفى زئيف في صفد، أو في مستشفيات نهاريا من قصص "الغرام" بين بعضهم وبنات الموساد، الأمر الذي يذكرنا بكثيراتٍ رتعوا في أسرّة زعمائنا، أمثال الراقصة كيتي وشولا كوهين وسيلفا رفائيل وغيرهن.
عشق بعض الرجال العرب لنساء صهيونيات يمكن إدراكه في نهاية المطاف. لكن، ما لا يمكن احتماله هو عشق بعض رجال العرب لرجال صهيونيين. فأحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، سرق النسخة العراقية النادرة من التلمود التي تعود إلى القرن السابع، وقدمها إلى الإسرائيليين هدية. ومساعده انتفاض قنبر كان ضيفاً دائماً على مؤتمرات "إيباك". ومثال الألوسي، رئيس حزب الأمة، لا يستطيع الابتعاد عن أصدقائه الإسرائيليين. ويفاخر الجلبي بأن رجل الأعمال، إدوين شوكر، هو أول عضو يهودي في حزبه. وعلى منواله، نسج نجم والي ومهدي الرحيم (والد رند الرحيم، أول سفيرة للعراق في أميركا بعد الاحتلال) وسالم الجلبي وكنعان مكية وعبد القادر الجنابي وفريد الغادري وبوعلام صنصال وكمال اللبواني وإتيان صقر (أبو أرز) ومي المر علائق خفية ومكشوفة بالإسرائيليين.
هؤلاء مثل عين السمكة، ليس لها جفن، ليرفّ خجلاً من العار.