مشاركة الدكتورة رشا شعبان خلال انعقاد المؤتمر الالكتروني الأول بعنوان: مؤتمر تداعيات التطبيع مع العدو الصهيوني.... وسبل المواجهة الذي عقد برعاية جامعة الأمة العربية بتاريخ 2-10-2020
تطبيع العلاقات مصطلح سياسي يشير إلى جعل العلاقات طبيعية بعد فترة من التوتر و القطيعة لأي سبب كان، حيث تعود العلاقة طبيعية وكأن لم يكن هناك خلاف أو قطيعة سابقة والتطبيع كذلك هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط محلي أو دولي مصمم خصيصاً للجمع (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) بين فلسطين (و أو عرب) وإسرائيليين (أفراد كانوا أم مؤسسات)، ولا يهدف صراحةً إلى مقاومة أوفضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني. وأهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو المهني أو النسوي أو الشبابي، أوإلى إزالة الحواجز النفسية، ويستثنى من ذلك المنتديات والمحافل الدولية التي تعقد خارج الوطن العربي كالمؤتمرات أوالمهرجانات أوالمعارض التي يشترك فيها إسرائيليون إلى جانب مشاركين دوليين، ولا تهدف إلى جمع الفلسطينيين أو العرب بالإسرائيليين ،كما تستثنى من ذلك حالات الطوارئ القصوى المتعلقة بالحفاظ علي الحياة البشرية، كانتشار وباء أو حدوث كارثة طبيعية أو بيئية تستوجب التعاون الفلسطيني – الإسرائيلي.
ويخص الشباب بعامة وأكثر من الفئات العمرية الأخرى للتأثير الأيديولوجي والثقافي والسياسي وآية ذلك أن الشباب يعيشون مرحلة تكوين الوعي والخيارات السياسية والمستقبلية، كما أن الشباب هدف أول لكل الاتجاهات الأيديولوجية سواء كانت سياسية أو غيرها، سليمة كانت أو غير سليمة، وينظر إلى الشباب بوصفهم قلب الحركة السياسية الفاعل وبالتالي تسعى لأن تكون المساعي باتجاه الشباب في أي حركة تهدف إلى تغيير القيم والأفكار والثقافات داخل المجتمعات.
انطلاقاً من ذلك نرى كيف استهدف العقل الشبابي في محاولة لتغيير الوعي العربي أوإعادة تكوينه من جديد بما يتلاءم مع السياسات السرطانية الصهيونية المتوجهة إلى العقل العربي لإحداث التغيير الذي يلائم المخططات الصهيونية في المنطقة.
و مما لا شك فيه أن الإعلام والمناهج التعليمية لهما الدور الأكبر في تشكيل الثقافة لدى الفكر الشبابي حيث يتم عبرهما تشكيل الوعي والاتجاهات والقيم الشبابية التي تكون الكمون الأساسي لمستقبل الأمة.
• الإعلام و دوره في تكوين العقل لدى الشباب العربي:
استندت نظرية الإعلام لدى ولادتها إلى مبدأ التلقي الشاقولي، بمعنى أن هناك ثمة مُرسِل و مُرسَل إليه، مُصدِّر و متلقي، ولو أخذنا الصحافة الورقية مثلاً، لوجدنا أنه لدينا صحفي يكتب مقالة، و لدينا قارئ لهذه المقالة، هذا العماد الأساسي للنظرية الإعلامية، و لكن مع تطور وسائل الإعلام اعتمدت النظرية الدائرية، فالكل مُرسِل والكل مُرسَل إليه و مع انبثاق التقانة أصبح أيضا الكل مُصدِّر والكل مصدَّر إليه.
وكل الدراسات تؤكد أن مستخدمي شبكة الإنترنت العنكبوتية هم من فئة الشباب على المستوى العمري والذهني وعلى الرغم من إيجابيات التفاعل الإعلامي بهكذا طريقة إلا أن ذلك سلاح ذو حدين . حيث سمح لفوضى الثقافة وثقافة الفوضى، أن تسيطر على المشهد الإعلامي الشبابي ليصبح الإعلام من أهم الأدوات التي يستخدمها العدو في غسل أدمغة الشباب و استئصال ما لا يتناسب مع ثقافته وأهدافه واستبداله بما يعزز وجوده ويبرره ويشرعنه ويتيح له هيمنة و سيطرة أشد وأكبر وضمان استمرار الاحتلال عبر شريحة الشباب الذين يشكلون مستقبل الأمة وكينونيتها.
و الجدير بالذكر، أن التطبيع بدأ إعلاميا وثقافياً ومن خلال استهداف عقول الشباب واختراق منظومتهم الفكرية والقومية وإعادة بناء عقل الشباب عبر مجموعة من الأفكار و القيم التي تناسب الاحتلال والسيطرة والخنوع وتحقيق الأهداف الصهيونية في الاحتلال والاستيطان. والأخطر هي تلك الأفكار السرطانية الموبوءة التي تغلغلت عبر شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية والسلام والأمن والتعايش لتصب كلها في مجرى واحد هو المصالح الصهيونية في المنطقة وتحويل المنطقة بأثرها إلى تابع يدور وينوس في دائرة العقل الصهيوني ومخططاته وهكذا يكون هدم وتخريب المنطقة بأثرها واحتلالها عبر أيدي عربية وعقول عربية ومن داخل وعمق العرب ذاتهم.
و مما لا شك فيه أن التطبيع الالكتروني هو أحدث وسائل تل أبيب لاستقطاب وسقوط الشباب العربي في الفخ والدليل هو تعيين ثلاث صفحات إسرائيلية يتابعها 1.5 مليون عربي وعشرات الصفحات الصغيرة المخصصة لكل بلد و ((أفيخاي أدرعي)).
ولا يدخر الكيان الإسرائيلي جهداً في محاولته المستمرة و المستميتة في جذب الشباب العربي، و تبديل الحقائق وتزييف التاريخ، و مع السدود التي تقيمها الجهات الرسمية لصد أفكارهم المشوهة، بدأ الكيان الإسرائيلي بالعمل على استغلال الفضاء الالكتروني بكافة أشكاله، و على رأسه مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة. لتصبح السوشل ميديا ملعباً جديداً للكيان الإسرائيلي لاستقطاب الشباب العربي، و الضغط على القضية الفلسطينية وترسيخ أكاذيبهم في المنطقة العربية في خطوات يمكن تسميتها ب ((التطبيع الالكتروني )) والأخطر هو الغياب الكامل للرد العربي أوالمواجهة الفكرية.
حيث تعينت ثلاث صفحات إسرائيلية موثقة لها شعبية كبرى هي: 1- أفيخاي أدرعي -2- إسرائيل في مصر -3- إسرائيل تتكلم بالعربية.
ولا يهمنا التعليقات فقط بل الأهم هو المشاركة وهي خطورة بحد ذاتها و اللافت للنظر هو وجود حالة من الحوار بين القائمين على إدارة الصفحات و المتابعين و هناك اهتمام في الرد على تساؤلات البعض و التعليق على بعض القضايا .
و كذلك الأخطر وجود مبادرات ظاهرها دعم الشباب العربي، وباطنها التطبيع المجاني مع إسرائيل وجعل الأمر يبدو مساراً عادياً.
إنه الإعلام الجديد ومخططات إغراق الشباب العربي في مستنقع التطبيع عبر تأهيل وبناء قدرات وكوادر عربية قادرة على قيادة قطاع الإعلام الرقمي سريع النمو إقليمياً وعالمياً. والنشر عبر مجموعة واسعة من البرامج والمساقات والاستعانة بمجموعة من شخصيات عالمية مختصة بهذا المجال من أكاديميين وخبرات وخبراء، ومؤثرين، من بينهم إسرائيليون، بالتعاون مع منصات و شركات مثل فيسبوك و تويتر و غوغل على سبيل المثال ((وفرت السلطات الإماراتية كل الإمكانيات لانطلاق مشروع ترسيخ التطبيع شعبياً في عدد من الدول التي تصنف شعوبها أنها معقل مقاطعة سلطات الاحتلال )) والأخطر الاستعانة بصانع محتوى فلسطيني مطبّع حيث استعانت آلة الدعاية الإماراتية بشاب فلسطيني من المروجين للقيم الإسرائيلية، المدعيّن أن سلطات الاحتلال لم تكن مجرمة في حق السكان الأصليين، ويدعو للتعايش ونبذ العنف، وهو يساوي بين الضحية والجلاد، ويردد مقولة أن ((الأهم ليس النقاش مَن السبب.؟ ))
الفارس الذي وفرت له الإمارات كل الإمكانيات للانطلاق في مشروعها الترويجي للتطبيع، كنواة أولى، يدعى (نصير ياسين ) أبن قرية عرابا في الجليل الفلسطيني ويعلن صراحةً أنه اختار حدود إسرائيل والحدود الجديدة لفلسطين وأنه يجب وبرر ذلك قائلاً: لأنه يوجد في الحياة أمور أفضل وأكبر وأكثر أهمية للتركيز عليها، بدلاً من الخلاف على أسم قطعة أرض .
قصة الشاب الذي لا يعرف نفسه أنه فلسطيني من دون إضافة عربي إسرائيلي، بدأت لحظة أعلن ترك العمل في إحدى الشركات الأمريكية سنة 2014 م، بعد تخرجه من جامعة هارفاد بمنحة دراسية، و اتجه نحو إنشاء مؤسسته الخاصة (ناس ديلي ) و يدعي أنه يحقق حلمه بالسفر،و إبراز التعايش السلمي وحوار الثقافات، وسريعاً عقد اجتماعاً مريباً مع مؤسس فيسبوك مارك زوكاربيرغ في أوائل 2018م وهو استثناء لا يحدث ببساطة مع أي شخص .
و سريعاً تلقفته الأذرع الإماراتية التي استأنست بفيديوهات يطبل بما يسميه التعايش الإماراتي، وأعلنت أكاديمية الإعلام الجديد إطلاق ما أسمته ((أول برنامج نوعي للتدريب على تصوير مقاطع الفيديو لمنصات التواصل الاجتماعي )) .
و تستهدف المبادرة اختيار شباب عربي من صناع المحتوى واستلامهم لتدريبهم و توجيههم على حد وصف أصحاب المبادرة. لكن الخلفية هي غسل أدمغتم تدريجياً، وتوجيههم نحو تقبل التطبيع، واعتباره مسلمة تاريخية، والمساهمة للترويج للأفكار الإسرائيلية وتواجدها في المنطقة .
وقررت الأذرع الإماراتية اختيار نحو 80 صانع محتوى عربي شاب، لكن وقع الاختيار على مواطنين من الدول التي ترفض نسبة معتبرة من شعوبها التطبيع.
لكن سريعا انكشف الغطاء، وظهرت قرائن تشير إلى أن المبادرة لم تكن بريئة، ليكتشف المشاركون أنهم وقعوا ضحية محاولة جرهم إلى ضفة التطبيع، و شرّع كثيرون منهم بالانسحاب من المبادرة، و الأرقام مرشحة للارتفاع مع توالي و انكشاف الأهداف الحقيقية للمشروع التطبيعي.
وأعلن عدد من المشاركين في المبادرة انسحابهم من المشروع، وتوجهوا للجمهور بفيديوهات تشرح خلفية الفكرة و وضحوا الحقائق ((استعمار العقول العربية، و ترويج القبول بالاستعمار الإسرائيلي للأرض العربية كقدر, ضمن خطوات عدة لتصفية القضية الفلسطينية و تبييض جرائم الاحتلال)).
إذاً: نحن أمام اختراق وعي الشعوب العربية المؤمنة بأن تحررها وتقدمها ونضالاتها من أجل العدالة مرتبط بحرية الشعب الفلسطيني و عودة لاجئيه إلى ديارهم.
و الكيان الإسرائيلي ينفق مبالغ طائلة على حملات إعلامية مضللة من خلال نشر محتوى غير سياسي يظهر الكيان الإسرائيلي و كأنه دولة طبيعية متطورة يمكنها مساعدة (( جيرانها )) العرب بعيداً عن كل جرائمها ضد الشعب الفلسطيني و الأمة العربية و العداء التاريخي معها كنظام استعماري و عنصري، و مناهضة كل حركة مقاومة وتشويه و تزييف صورتها و شيطنتها في عقول الشباب العربي علي اعتبار أنها السبب في عدم استقرار الشعوب و وصفها بالحركات الإرهابية في محاولة للخلط التمييعي بين فلسفة المقاومة النبيلة و بين الحركات الإرهابية الهدامة و التخريبية.
إن تلك المبادرات هي تواطؤ صريح من قبل الأنظمة العربية التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي لغزو عقول شعوبنا و تلميع جرائم نظام الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وتسويق الاتفاقيات العار التطبيعية.
ولا نجانب الصواب إذا من أكدنا أن الخطورة ليست في التطبيع الرسمي بين الحكومات فحسب، بل الأخطر التطبيع غير الرسمي عبر استهداف العقول و تخدير الثقافات التطبيعية عبر الأفكار و المنظومات القيمية.
• المناهج التعليمية و محاولات التطبيع:
إن أخطر ما تمر به القضية الفلسطينية هو التطبيع بكل أشكاله مع الكيان الإسرائيلي ومحاولة اعتباره كيانا طبيعيا بالمنطقة العربية، حيث تسعى بعض الحكومات العربية لتبرير ذلك لأهمية مكانة الكيان الاقتصادية والسياسية بالرغم من رفض الشعوب المطلق للتطبيع .
و أنواع التطبيع الممارسة كثيرة ومنها الثقافية والاجتماعية وإحدى أدواتها المناهج التعليمية كوسيلة ناجعة و أكدية، و هو تطبيع يشكل خطورة كبيرة و شديدة على وعي الطلاب العربي و تأثيره مستقبلاً على الوعي الجمعي للشعوب العربية وخطورة التطبيع هنا تندرج في سياقات مختلفة أهمها:
1- أن يصبح الكيان الصهيوني كياناً طبيعياً مستقلاً في المنطقة العربية وأن ينتهي الصراع العربي الصهيوني وتنتهي معه القضية الفلسطينية.
2- نسيان المأساة التي حصلت للفلسطينيين بعد مئات المجازر الصهيونية.
3- تسهيل سيطرة الكيان الصهيوني مستقبلاً على الكثير من الثروات الطبيعية.
في المقابل تسعى المناهج التعليمية الصهيونية في كثير من المدارس التعليمية لزرع الكراهية المطلقة للعرب و وجوب قتلهم.
و من الأهمية بمكان التأكيد على أن المناهج التعليمية من أخطر الوسائل والأدوات التي يعتمدها العدو عبر محاولات الزرع لأفكار تجعل ما هو غير طبيعي، طبيعي في العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، وتجذّر لمصطلحات خطيرة على العقل العربي. مصطلحات في ظاهرها إنساني راقي وجميل لكنها في العمق عبارة عن ألغام تزرع في عمق العقل بحيث تكون جاهزة مستقبلاً للارتهان و قبول المعاهدات التطبيعية، وليس ذلك فقط بل تبريرها والتسويق لها.
إنها عملية غسل الأدمغة التي تستهدف العقول العربية الشابة و مثالنا في ذلك الترويج لمصطلح دولة إسرائيل بدلاً عن الكيان الإسرائيلي و الصهيوني و التسويق لاتفاقيات ومعاهدات سابقة بين دول عربية والكيان الإسرائيلي على أهنها اتفاقيات ناجحة و بطولية و ضرورية في المنطقة، كذلك حذف كل محتوى تعليمي يشير إلى المجازر والانتهاكات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني من جميع المقررات التعليمية و أيضاً محاولات تزيف الكثير من الأحداث التاريخية و النيل من الرموز التاريخية أو عدم ذكرها والتركيز عليها، وتزييف الحدود الجغرافية للوطن العربي وتمييع الحدود و استبدال أسم فلسطين بإسرائيل.
إن ذلك كله جزء من مظاهر عديدة لمحاولات التطبيع ولابد من محاربة ذلك بجميع أشكاله. إنها محاولات استئصال كل انتماء عروبي وقومي واستبداله بقيم وأفكار تجذّر للتطبيع وتقسيم الأمة في إطار كيانات وكانتونات بما يلاءم الوجود العنصري اليهودي داخلها وآية ذلك استبدال مصطلح الأمة العربية بفكرة الشرق الأوسط.
إنه التبرير الممنهج الذي يقدم لنا أفكار وفلسفات ومصالح تبرر التطبيع و تدعمه والتي عيّنت بعض المصطلحات التي تم تشريبها للثقافة العقول العربية و هي شعارات تناهض أي شكل من أشكال التضامن العربي و هو الحد الأدنى من تحقيق وحدتنا العربية وكانت تحت مسميات جديدة مختلفة: حقوق الأقليات، حقوق الإنسان، الديمقراطية،القومية عنصرية، الإسلام السياسي، الربيع العربي.
وكل من سبق من مصطلحات تعينت في أحداث تم استغلالها لفرض المزيد من الانقسام، الاستفراد، التمهيد للتطبيع.
وما كان لأمريكا والكيان الإسرائيلي لتحقيق التطبيع دون إنهاك العرب في حروب لا تؤدي إلّا إلى المزيد من التفرقة و الانقسام، وزرع التطرف الديني وتغذيته والعمل على تجذيره من ثم المطالبة بمحاربته، وخلق مقولة الحوار والتسامح الديني الملغومة، وتعميق الصراع والخلاف بين المسلمين وتشجيع الطائفية .
كل ذلك من أجل شرعنة الاحتلال لفلسطين، و تحويل الاحتلال من احتلال لأرض عربية إلى احتلال عقول عربية، و مما لا شك فيه أن أخطر احتلال هو احتلال العقول حيث تصبح الأرض محتلة بالضرورة والتسليم و هيهات لنا التجرير بعد احتلال العقول لأننا فقدنا الإرادة والكرامة والقضية.
ونؤكد أن شعباً بلا قضية هو شعب ميّت حتما لأن القضايا حية لا تموت ولا يموت الشعب إلا بموتها. و العروبة قضية و مبدأ و موقف، إنها كينونة، حيث لا وجود و لا كينونة دون عروبتنا.
والهدف من مناهضة الصهيونية للعروبة و القومية العربية هو ضمان انتهاء وانتفاء الوجود العربي لأنها تدرك تماماً أن في عروبتنا قوتنا أنه صراع الوجود يا سادة فالعروبة كمون يمتلك كل مكونات حضوره، العروبة إرادة أولاً وآخراً إنها إرادة وحرية واختيار نعم هي انتماء إرادوي والجدير بالذكر أن الأمم جميعها لم تمتلك نهضتها إلا بعد امتلاكها لقوميتها (الفرنيسة، الألمانية، الروسية ).
إذا لابد من غرس الأفكار الصحيحة عن عروبتنا وقضيتنا الفلسطينية في نفوس الطلاب و الناشئة، حيث تتكون مناعة مسبقة لأية محاولة للعبث بثقافتهم وأفكارهم وانتمائهم.
و أخيراً:
لا بد لنا من التأكيد على أن التطبيع ليس اتفاقيات بين العرب والكيان الإسرائيلي إنه اتفاقيات بين إسرائيل المعلنة وإسرائيل المستترة وأمّا العروبة فهي ليست أنظمة، العروبة هي الكينونة النبيلة المنشودة، وفساد بعض الأنظمة الأعرابية وخيانتهم لا يعني فساد وتخوين كينونتنا العربية فالمشكلة ليست في العروبة يا سادة بل في حكومات بلا هوية وانتماء والتطبيع لن يكون بسقوط ورقة التوت عن بعض الأنظمة الأعرابية فالتطبيع سيبقى حبراً على ورق طالما أن هناك شعب حر مقاوم وسيادي، نحن نراهن على وعي شعبنا العربي و ليس على حكومات مستأجرة صهيونيا، ولا سبيل لنا إلا المقاومة.