نهاية إسرائيل .. العقيدة والاستراتيجية
التقارير والمقالات |
نهاية إسرائيل .. العقيدة والاستراتيجية
بقلم: هيثم البشلاوي وأمير إبراهيم
شهدت السنوات الأخيرة الماضية ظهور أبحاث عديدة استند بعضها للعقيدة الدينية والبعض الآخر لتقارير استخباراتية، تحدثت عن قرب نهاية إسرائيل وزوال دولتها من منطقة الشرق الأوسط، وبدأت هذه الأبحاث في رسم خريطة النهاية والاجتهاد في كشف ملامحها سواء عبر الاستشهاد بالواقع الداخلي أو تراجع التأييد خارجيا. قررنا نحن الانطلاق نحو التوراة نفسها ومطابقتها مع النصوص الدينية الواردة في القرآن الكريم والسُنة النبوية، كما تطرقنا للوضع الداخلي في الكيان الصهيوني والتغيرات التي طرأت على تل أبيب سواء من الناحية العسكرية أو الاجتماعية أو الوضع الاقتصادي الراهن، هذا بجانب رصد التغييرات الإقليمية التي شهدتها دول الطوق المجاورة للاحتلال، وأخيرا رصدنا الواقع الدولي وحلفاء الكيان الصهيوني، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية. بطبيعة الأمر، لا يمكن فصل المبحث الديني العقائدي عن الواقع السياسي ومتغيراته، لذا جاءت الدراسة التي بين أيديكم الآن تتضمن الجانبين معا تحت عنوان “نهاية إسرائيل.. الاستراتيجية والعقيدة”، حيث تضمن الجانب العقائدي تسليط الضوء على رؤية الديانة اليهودية والدين الإسلامي لمعركة النهاية التي يلتقي فيها اليهود والمسلمون، واشتمل الجزء الاستراتيجي على طرح سيناريوهات نهاية إسرائيل عبر رصد الواقع العسكري والسياسي سواء كان داخل الكيان الصهيوني أو خارجه. حاولنا قدر الإمكان موازنة الجانب العقائدي مع الاستراتيجي من أجل الوصول إلى الهدف النهائي من الدراسة وهو مطابقة الواقع الراهن بالحقائق الدينية التي تحدثت عن نهاية إسرائيل وعدد السنوات التي ستظل فيها هذه الدولة قائمة بمنطقة الشرق الأوسط. ختاما وقبل كل شيء، يجب الإشارة إلى اختلاف اليهودية كديانة عن الصهيونية كحركة فكرية، مع العلم بأن الأخيرة حاولت بكل السبل المتاحة توظيف الديانة اليهودية وبعض نصوصها المحرفة لأجل إتمام مشروعها في الشرق الأوسط بدءا من اختيار فلسطين كي تصبح الوطن القومي لليهود، وصولا إلى أذرع الصهيونية المتشعبة في الدول الكبرى، لا سيما الحليفة الأولى لهذا الكيان الولايات المتحدة الأمريكية. أولاً: تاريخ بلا مجد الأربعاء, مايو 27, 2015 | وعد كتب: هيثم البشلاوي وأمير إبراهيم هذا التاريخ في مجمله ادعاء من اليهود علي أنفسهم، وفى تلك الدراسة لن نحاول إعداد سرد وتسلسل لتاريخ اليهود كدولة، فحقيقة الأمر التي يجب أن نقف عليها أن تاريخ اليهود كشعب مجرد أكذوبة، فهم في التاريخ مجرد طائفة راوغت في طاعتها لله، وليس هذا ادعاء عليهم بدافع الخصومة التاريخية كوننا عربا وهم يهود، ولكن تلك هي ثوابت زعمهم التاريخي، فأغلب هذه الادعاءات الصهيونية تدور حول التأكيد على تلك الثوابت وتوريثها كمعتقد للشعب اليهودي واعتقادهم في دولتهم المزعومة.
1- الشعب المختار يدور الفكر اليهودي دوماً حول ثلاثية الإله والأرض والشعب، فيحل الإله في الأرض، لتصبح أرضاً مقدَّسة ومركزاً للكون، ويحل في الشعب ليصبح شعباً مختاراً ومقدَّسا وأزليا، و مصطلح «الشعب المختار» ترجمة للعبارة العبرية «هاعم هنفحار»، ويوجد معنى الاختيار في عبارة مثل «عم سيجولاه»، أو «عم نيحلاه» أي «الشعب الكنز»، وإيمان بعض اليهود بأنهم شعب مختار مقولة أساسية في النسق الديني اليهودي، وتعبير آخر عن الطبقة الحلولية، ولهذا السبب يُشار إلى الشعب اليهودي بأنه «عم قادوش»، أي «الشعب المقدَّس» و«عم عولام» أي «الشعب الأزلي»، و«عم نيتسح»، أي «الشعب الأبدي»، وتزخر بتلك المعاني النصوص التوراتية المحرفة والتي جاء فيها: “أنتم أولاد للرب إلهكم… لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك الرب لكي تكون له شعباً خاصاً فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض”. وجاء في سفر التثنية (14/2) “لأنك شعب مقدَّس للرب إلهك. وقد اختارك الرب لكي تكون له شعباً خاصاً فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض”. والفكرة نفسها تتواتر في سفر اللاويين (20/24، 26): “أنا الرب إلهكم الذي ميَّزكم من الشعوب… وتكونون لي قديسين لأني قدوس أنا الرب. وقد ميَّزتكـم من الشعـوب لتكونوا لي”. ويشـكر اليهــودي إلهه في كل الصلــوات لاختيــاره الشعب اليهودي، وحينما يقع الاختيار على أحد المصلين لقــراءة التــوراة عليه أن يحمد الإله لاختياره هذا الشعـب دون الشعـوب الأخــرى، ولمنحه التوراة عـلامة على التميز. كل تلك الدلالات التي تضمنتها نصوصهم تعزز من عنصريتهم وتعاليهم على سائر الشعوب، وأن الله يتعالى بهم على سائر خلقه، وتلك هي أكذوبة وجود إسرائيل.
2- شعب الشتات جاء بالنص على موقع الخارجية الإسرائيلية “يذكر أن بني إسرائيل مكثوا في الصحراء أربعين سنة قبل دخول الأرض، إن هذا الفصل من تاريخ الشعب اليهودي جدير بالمناقشة لأنه يطرح قضية معنى التأريخ علي أساس النصوص المقدسة في الديانة اليهودية، فكثيرا ما تصف التوراة بني إسرائيل بعدم استطاعتهم الامتثال للأوامر الإلهية، عبدوا العجل الذهبي في الصحراء (التثنية 32)، وأننا فشلنا في الثقة بالله لما فيه الكفاية للدخول إلى أرض الميعاد، ولكن بني إسرائيل بشر بمعنى الكلمة، فهم ضعفاء على الصعيد الأخلاقي ويميلون للوقوع فريسة للإغراء، ويفشلون كثيرا في القيام بالصواب، فالتأريخ التوراتي هنا يقوم بوظيفة ملحمة وطنية وقصة أخلاقية معا، ورغم هذا القانون الإلهي، فإن بني إسرائيل لا يستطيعون العيش دوما بحسب المتطلبات الإلهية”.. هكذا كتب اليهود تاريخ شتاتهم. تزعم الصهيونية العالمية أن القوة الجائرة فرضت على اليهود الشتات، وحالت عبر التاريخ دون عودتهم إلى أرض الميعاد، ولكن الحقيقة أن شتات اليهود كانت له مسببات أخرى منها أنهم كانوا صائدي فرص وتجارا رحالة، وكذلك كانوا دائما مكروهين فى إطارهم الاجتماعي لسلوكياتهم المريضة، مما كان يدفع الكثير من الحكام فى العهد القديم إلى اضطهادهم وطردهم، وليس العهد القديم فقط بل والحديث، ولو تم تفنيد مراحل شتات اليهود لوجدناه يفوق ما كتبوه هم عن أنفسهم فهو سبب نشأة دولتهم الآن. ويمكننا أن نتتبع وجود 4 مراحل للشتات اليهودي وفقاً لتاريخهم: الشتات الأول: السبي الآشوري، وكان عام 720 ق.م، وكان ليهود مملكة إسرائيل (السامرة) الشمالية. الشتات الثاني: السبي البابلي سنة 586 ق.م، وكان لسكان مملكة يهودا في الجنوب. الشتات الثالث: على يد الحاكم الرومانيتيتوس سنة 70م. الشتات الرابع: على يد الحاكم الروماني هادريان 136 م، وهو الشتات الأكبر والنهائي لهم. والغريب أن مراحل الشتات الأربع ليس بها شتات الخروج من مصر. ولن نخوض بشكل تفصيلي في أي من مراحل الشتات تلك، ولكن ما يمكننا إثباته أن كل هذا التاريخ من الشتات والاضطهاد، كان دافعاً كافياً لميلاد فكرة الصهيونية والسعي لخلق دولة من عدم لاحتضان هذا الشعب المظلوم فى الأرض المخير من الله، كما تدعي الصهيونية. 3- النبوءة الغامضة عمل تيودور هرتزل، علي الترويج لفكرة العودة إلى فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك، وكانت تلك الفكرة في مجملها تفسيرا عمليا للنبوءة الغامضة للشعب اليهودي التي تتحدث عن العودة لأرض الميعاد دون وجود ميعاد محدد لتحقيقهم تلك النبوءة التى بدت وقتها غامضة بل ومستحيلة، دخلت تلك النبوءة حيز التطبيق وتم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، وكان من أهم نتائجه إقامة المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على أن “الهدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه اعتراف عام من العالم”. وحددت تلك الحركة الصهيونية استراتيجية إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين عبر النقاط التالية: أولاً: تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ثانيا: تنظيم اليهود وربطهم بالحركة الصهيونية. ثالثا: اتخاذ السبل والتدابير للحصول على تأييد دول العالم للهدف الصهيوني. رابعا: تشكيل المنظمة الصهيونية العالمية بقيادة تيودور هرتزل. خامسا: تشكيل الجهاز التنفيذي “الوكالة اليهودية” لتنفيذ قرارات المؤتمر؛ ومهمتها جمع الأموال في صندوق قومي لشراء الأراضي وإرسال مهاجرين يهود لإقامة مستعمرات في فلسطين. وبالفعل نجح المخطط الأولي للمشروع الصهيوني، وفي الثاني من نوفمبر 1917 صدر الوعد البريطاني الشهير بمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين؛ وحمل الوعد توقيع وزير الخارجية في ذلك الوقت آرثر بلفور، وحين صدر كان عدد أعضاء الجماعة اليهودية في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان، وقد أخذ الوعد شكل رسالة بعث بها اللورد بلفور، إلى اللورد إدموند دي روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، وفيما يلي النص الكامل للرسالة: عزيزي اللورد روتشيلد, يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرت “لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر، وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح”. المخلص آرثر جيمس بلفور ملاحظات على وعد بلفور عبر بلفور في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد، وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لليهود، ولذلك، فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية، كما يرى بعض المؤرخين أن إنجلترا أصدرت الوعد تعبيراً عن اعترافها بالجميل لوايزمان لاختراعه مادة الأسيتون المحرقة أثناء الحرب العالمية الأولى، ويمكن أن نتحدث عن بعض الفوائد الجانبية التي سيجنيها أصحاب الوعد من إصداره ومن تأسيس الوطن القومي اليهودي. -يتحدث العقد الصامت بين الحضارة الغربية والمنظمة الصهيونية عن تحويل يهود شرق أوربا عن غربها، حفاظاً على الأمن القومي بالداخل، ولابد أن الحكومة البريطانية كانت تأخذ هذا في اعتبارها، خصوصاً أنه قد سبق لها إصدار وعد شرق إفريقيا البلفوري لهذا السبب. -يتحدث العقد عن تسريب الطاقة الثورية من شباب اليهود من خلال المشروع الصهيوني، وهذه مسألة لم تكن بعيدة عن أذهان أصحاب وعد بلفـور، وقد نُشر خبـر إصـدار الوعـد في الصحف في 8 نوفمبر 1917، وهـو العـدد نفسه الذي نُشرت فيه أنباء اندلاع الثورة البلشفية، وقامت طائرات الحلفاء بإلقاء ألوف النسخ من وعد بلفور وأنباء صدوره على يهود روسيا القيصرية وبولندا وألمانيا والنمسا. -كان ثمة اعتقاد غالب بأن الإعلان سيكون ذا قيمة دعائية على الصعيد الدبلوماسي، ذلك أن وعد بلفور سيَلقى صدى لدى اليهود الروس بحيث يمكن أن يصبحوا بشكل من الأشكال أداة ضغط على الحكومة الروسية المؤقتة حتى لا تتراجع عن رغبتها في متابعة الحرب مع ألمانيا. -كان من المتوقع أن يؤدي الوعد إلى عائد مماثل بين يهود أمريكا الذين كانوا قد أصبوا بشيء من خيبة الأمل بسبب تحالف الحلفاء الوثيق مع حكومة روسيا القيصرية التي كانت مكروهة عند أعضاء الجماعات اليهودية، فكان من المؤمل أن يشجع الوعد أصحاب الأموال من أعضاء الجماعات اليهودية على الإسهام في الجهود الحربية للحلفاء وعدم الارتماء في أحضان الألمان، خصوصاً أن أرستقراطية يهود الولايات المتحدة كانت من أصل ألماني، ولكن مسار الأحداث أثبت أن ثمة خطأً فاحشاً في التقدير، فلم يكن يهود روسيا أو الولايات المتحدة مهمين إلى هذا الحد، وكانت المنظمة الصهيونية منقسمة على نفسها، كما أن عدد الصهاينة من اليهود كان لا يزال صغيراً للغاية. هربرت صموئيل أوفت بريطانيا بما وعدت لتحقيق العهد المنتظر لليهود وكان اختيار وتعيين هربرت صموئيل، 1920-1925 اليهودي الأصل كأول مندوب سام، حيث كانت أول واجبات ومهام صمويل إعادة أدلجة وتعيين الحدود الدولية لفلسطين بحيث تجسد وتحقق المطامع الهادفة للمشروع الصهيوني، فتم إدخال الجليل الأعلى وأيضا المنابع العليا لنهر الأردن وبحيرة الحولة وطبريا من ضمن الحدود الدولية الفلسطينية لكي يتم توفير الطاقة والمياه للمستوطنين وإنعاش المشروعات الصهيونية. انتهج الانتداب البريطاني خلال فترة الانتداب على فلسطين 4 سياسات رئيسية: 1: حق انتزاع الأراضي الفلسطينية. 2: دعم وتشجيع الهجرة اليهودية. 3: التشجيع والدعم للمشروعات الاقتصادية اليهودية. وعلى كل ما سبق، فقد كان وعد بلفور للحركة الصهيونية تجسيدا لميلاد عهد الدولة اليهودية والتي هي في ذاتها نبوءة ومقدمة لدولة المعبد الثالث (إسرائيل الكبرى)، وفي جوانب تلك النبوءة تركيز أن يكون الوعد البريطاني على نفس أرض الميعاد المنتظر لشعب الله المختار، على حد ادعائهم. ثانياً: العقل والعقيدة الأربعاء, مايو 27, 2015 | البديل تيودور هرتزل1 كتب: هيثم البشلاوي وأمير إبراهيم 1: العقل الاستراتيجي الإسرائيلي الغباء العربي هو أكبر رصيد استراتيجي تملكه إسرائيل، وعلي هذا عملت إسرائيل على إنتاج عقلها المستقل الذى يعبر عن طموحاتها وأطماعها، بل وعملت على خلق نماذج محاكة لنظم واستراتيجيات تفكير العقل الجمعي العربى وسيكولجيتة لتوظيفها كأدوات ضغط وترغيب عند حلول كل صراع، والغريب أن العقل الإسرائيلى لا يؤمن بالصدفة أو الضرورة الاستراتيجية بقدر ما هو يسلم بالحتمية التاريخية لأحقيتة فى أن يسود المنطقة ويهيمن عليها، مستخدماً كل سلبيات العرب وموروث غباء أنظمة المنطقة. ويمكننا تلخيص المرتكزات الاستراتيجية والأمنية للعقل لإسرائيل علي النحو التالي: 1 -القدرة على الردع وتوجيه الضربة الوقائية المسبقة، وأداة الردع الرئيسية هي القوة الجوية. 2-الحدود الآمنة لن تتم سوى من خلال التوسع وضم الأراضي والمياه. 3-الأسلحة النووية، وكذلك الصواريخ البعيدة المدى التي يمكن التلويح بها لضرب العواصم العربية أو الإسلامية. 4- ضمان مؤازرة قوة عظمى يمكنها أن تسارع إلى نجدة إسرائيل. 2: عقيدة العودة يعتقد اليهود أن الله قد وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وأنها «أرض الميعاد» التي سيعود إليها اليهـود تحـت قيادة المسيح المخلص، أي الأرض التي سـتشهد نهاية التاريخ، فأرض إسرائيل هي مركز الدنيا لأنها توجد في وسط العالم، و يشكل تاريخهم المقدَّس حجر الزاوية لنهاية التاريخ بانتصارهم وتمكينهم من أرض الميعاد، حسب اعتقادهم وحدهم. وقد ذكر هذا في عدة مواضع من التوراة المحرفة فقد جاء فيها “وفي ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام عهدا، وقال لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”، وانطلاقا من هذا الوعد الإلهي بدأت الصهيونية تحت قيادة تيودور هرتزل، الترويج لفكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حتى يتحقق هذا الوعد بقيام الدولة العبرية من نهر النيل في مصر وصولا إلى نهر الفرات بالعراق، طبقا للادعاءات الصهيونية. أحقية اليهود في أرض فلسطين تقوم على أن أجدادهم سكنوها فترة من الزمن، بدءاً بإبراهيم وإسحاق ويعقوب، ومروراً بموسى عليهم السلام، وإقامة مملكتهم زمن داود وسليمان عليهما السلام، وانتهاء بطرد آخر يهودي من بيت المقدس في عصر التشرد والتشتت اليهودي الذي بدأ عام 70م، ولكن إذا كانت تلك هى عقيدة العودة لديهم والتى تم على أساسها صياغة المشروع الصهيونى ككل، فكيف يثبت التاريخ كذب نبوءة العودة والميعاد؟. فأما بالنسبة لزعمهم بالحق التاريخي، فنبين بالدلالة العلمية بطلانه بالآتي: 1- من الثابت تاريخيًّا وجود القبائل العربية من الكنعانيين والفينقيين في فلسطين قبل ظهور اليهود بآلاف السنوات، ولم ينقطع وجود العرب واستمرارهم في فلسطين إلى يومنا، بخلاف اليهود. 2- على اليهود المعاصرين -سلالة الخزر- أن يطالبوا بالحق التاريخي لمملكة الخزر بجنوب روسيا وبعاصمتهم (إتل)، وليس بفلسطين أو بيت المقدس، لأن أجدادهم لم يطؤوها من قبل. 3- كانت مدة بقاء بني إسرائيل في فلسطين لا تزيد عن 3 قرون ونصف قرن -وبعض المؤرخين يرى أنها تبلغ 5 قرون- فهل المدة التي مكثوها في فلسطين كافية في إثبات حقهم مقابل وجود العرب في فلسطين من قبلهم وبعدهم لمئات القرون؟. وفد تعمدنا سرد هذا النقد العلمي لعقيدة العودة والأحقية التاريخية لهم فيما بين النهرين (النيل -الفرات) لنكون بذلك قد فندنا وأظهرنا الخلل الذي قامت عليه إسرائيل بشقيه العقائدي والاستراتيجي.
ثالثاً: نظرية الصراع.. الأبعاد والدلالات هي عبارة عن مجموعة من الأطروحات الفكرية التي قد تسهم في تفسير السلوك الخارجي للدول، وتنعكس تلك الأطروحات علي الاستراتيجية العامة لإدارة الصراع، ويشكل الصراع العربي الإسرائيلي أبرز نظريات الصراع علي مستوى العالم بل والأكثر تفرداً في حتميته، وحقيقة الأمر فإن المصطلح الأدق لما يحدث في الشرق الأوسط منذ حرب 1948 هو نظريات الصراع وليس نظرية الصراع، وكل نظرية من تلك النظريات تتسم بتفسير الصراع من أحد الأبعاد، بمعنى أن كل نظرية تعتمد على تغليب بُعد أو محدد ما على الأبعاد الأخرى لظاهرة الصراع، وفضلاً عن التفسير يتضمن مصطلح نظرية أو نظريات الصراع أطروحات معينة (وسائل واستراتيجيات) لإدارة الصراع على كل أبعاده، ومن تلك النقطة كان توصيف حالة الصراع الدائرة بين إسرائيل ومحيطها على أساس كونها نظرية إسرائيلية مستمرة وليست مجرد مرحلة تم تجاوزها. 1: أبعاد الصراع البعد الأول: العقيدة العسكرية عمل العقل العسكري لإسرائيل علي استيعاب دروس الحرب الحديثة مثل حرب الخليج الثانية وحرب البلقان من خلال العمل على تدشين هيكل جديد للقوة العسكرية يستفيد ويتجاوب مع متغيرات التكنولوجيا العسكرية، لذلك عملت إسرائيل على وضع صياغة لتحديث نظريتها العسكرية للتعامل مع مقتضيات “ميدان القتال المستقبلي”، وقامت تلك الصياغة على الأهداف الاستراتيجية والعسكرية التالية: 1- ضرورة الحفاظ على الجيش الإسرائيلي كأقوى جيش في المنطقة، بحيث يستطيع تحقيق النصر على أي دولة أو تحالف مستقبلي. 2- تحديث الرادع النووي الإسرائيلي بما يجعل لإسرائيل اليد الطولى، والتركيز علي وسائل الردع النووي بعيدة المدى التي تمكنها من أن تطال كل حدود المنطقة. 3- إدراك أن سماء إسرائيل هي الخطر الأكبر الواجب تأمينه لقربها النسبي لدول الجوار وصغر المساحة مما يجعلها في متناول الصواريخ العربية طويلة المدى حال نشوب الصراع. 4- القدرة على الردع، وتوجيه الضربة الوقائية المسبقة، وأداة الردع الرئيسية هي القوة الجوية. 5- الحدود الحالية للدولة الإسرائيلية حدود مؤقتة عن طريق التوسع وضم الأراضي والمياه. 6- خلق حالة من الإشغال المستمر لدول الطوق، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وبهذا تزداد الفجوة الاستراتيجية بين إسرائيل ومحيطها مما يمنحها فرصة للتفوق العسكري وقت نشوب الصراع. البعد الثاني: التسليح والجاهزية القتالية لا تزال مصادر التهديد العليا والمحتملة قائمة بين العرب وإسرائيل، حيث تلعب اعتبارات الأمن والسياسة الدور الأعظم في تحديد اتجاهات مسار التفاعلات الاستراتيجية في المنطقة، وقد تميزت السياسات الخاصة بإسرائيل بالتركيز على التسلح المكثف وما يتضمنه من بقاء المعدلات العالية من الإنفاق العسكري، فهي ترى أن عملية التحديث العسكري هي مسألة لا تتوقف وتستمر بكثافة حتى في ظروف المفاوضات والتسوية السلمية، وتتأسس النظرية العسكرية الإسرائيلية بصفة عامة على أهمية الأخذ في الاعتبار احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق ليس فقط مع دول الطوق ولكن أيضا في مواجهة احتمال تحالف عسكري واسع من الدول العربية يضم حتى الدول التي وقعت معها معاهدات سلام مثل مصر والأردن، والأكثر من ذلك احتمال توسيع هذا التحالف بحيث يضم دولا إسلامية مثل إيران وباكستان. البعد الثالث: مخاطر الاحتكار النووي الإسرائيلي يزداد الخلل في موازين القوة بين العرب وإسرائيل خاصة في مجال القدرة النووية، حيث نجد إسرائيل وبفعل الدعم الفرنسي ثم الألماني ثم الأميركي غير المحدود قد وسعت الفجوة بينها وبين دول الجوار بحيث صار العرب محرومين من غالبية مصادر القدرة على التسلح بأسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها السلاح النووي، فقد انتهزت الولايات المتحدة الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية لتفرض قيودا شديدة على نقل التكنولوجيا العسكرية المتطورة إلى الدول العربية، بزعم حظر نشر تكنولوجيا الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل، وقد تم ذلك في مبادرة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في مايو 1991. 2- محددات استراتيجية الصراع: أقيمت دولة إسرائيل على حساب شعب آخر هو الشعب الفلسطيني وأرضه ووطنه، ولهذا ومنذ عام 1948 وحتى الآن تعيش هذه الدولة وستعيش أوضاعاً غير اعتيادية، فاقدة للاستقرار والهدوء، هذه الدولة تنظر إلى العالمين العربي والإسلامي وبالذات الشعب الفلسطيني كأعداء لها، وعليه تأخذ جانبي الحيطة والحذر، لا بل والتخطيط المستمر نحو حماية نفسها وبالطرق التي تراها مناسبة، حتى وإن استدعى الأمر الاعتداء على الآخرين. محدد الأمن المائي: منذ احتلال إسرائيل لفلسطين مع عدوان 1967، وضعت موارد المياه في القدس والضفة الغربية وغزة تحت سيطرة سلطة الاحتلال بموجب الأمر العسكري، وتم اعتبار المياه مملوكة لإسرائيل وخاضعة لإشراف الحكم العسكري، ولا يسمح لأي شخص بامتلاك أو تشغيل منشآت مائية إلا بإذن من القائد العسكري للمنطقة، وينطبق ذلك على جميع الآبار بما فيها تلك التي كانت قائمة قبل العدوان، وهكذا منعت إسرائيل نهائيا حفر آبار في المناطق المجاورة لخط الهدنة في الضفة الغربية وغزة، كما تعمل الحكومات الإسرائيل المتعاقبة على استخراج المياه من الضفة الغربية وتخزينها في خزانات باطنية ثم تحويلها من أرض الضفة الغربية إلى داخل الكيان الصهيوني، وإذا كانت كمية المياه المتاحة سنويا في الضفة الغربية تقدر بنحو 1.9 مليار متر مكعب فإن إسرائيل وحدها تستولي منها على نحو 1.7 مليار متر مكعب منها. محدد التطبيع: إسرائيل منذ أيامها الأولى وقادتها يمدون اليد للدول العربية (الجوار) في تكتيك لكسب الوقت أولاً، ولبسط سيطرتهم على الأرض وتحييد هذه الأنظمة ثانيا، وقد نجحوا في ذلك، واليوم تسعى إسرائيل لفتح أبواب التطبيع على مصراعيه مع كافة دول العالمين العربي والإسلامي، لتتفرد بالشعب الفلسطيني، فالقيادة الإسرائيلية الحالية تبني مستقبلا جديدا مع العرب والمسلمين، الأمر الذي سيجعل منها دولة من دول الشرق الأوسط الأخرى وغير غريبة في المنطقة. المحدد الثقافي: إسرائيل دولة غير مقبولة في المنطقة، لكونها أقيمت على حساب شعب آخر، إضافة إلى أن ذهنية الشعوب العربية وثقافاتها لا تهضم إسرائيل وممارساتها والحركة الصهيونية أساساً التي أشرفت على إقامة الدولة، ولهذا يرى الإسرائيليون أنه من الضروري العمل على تغيير هذه المفاهيم القديمة عن إسرائيل والحركة الصهيونية وخلق جيل متفهم لوجود إسرائيل في المنطقة. محدد الظهير الاستراتيجي: وجود إسرائيل في المنطقة مرهون بعدة عوامل منها وجود ظهير استراتيجي، ويتمثل هذا الظهير في الموقف الأمريكي الداعم لها عسكرياً ومادياً ومعنوياً، وعليه فاستمرار هذا الحال لا شك أنه من أهم ما ستعول عليه إسرائيل حاضراً ومستقبلاً، وبقدر ارتباط إسرائيل بظهيرها الاستراتيجي(أمريكا) بقدر ما سيكون سقوط الثانية مرهونا بسقوط الأولى محدد الاستيطان: الاستيطان من أهم مكونات إسرائيل وعامل هام في السيطرة على الأرض والبقاء، وخلق واقع جديد وحتى توسيع العمق الاستراتيجي للدولة وإيجاد خطوط دفاع أولية للدولة، ولهذا فهم يرون أنه ضروري لكنه لن يجدي إن كان بالقرب من تجمعات فلسطينية كثيفة، لأن ذلك سيؤثر على محاولاتهم إقامة دولة يهودية خالية من العرب، وعليه فهناك من ينادي بتفكيك مستوطنات في الضفة الغربية نهائياً والاحتفاظ بجيوب داخل الضفة من ناحية، ومن ناحية أخرى خصوصاً إذا أدى سحب مستوطنات ما للتهدئة والأمن الفردي والجماعي. محدد المقاومة: إسرائيل كباقي الدول تقريباً تعتبر الكثير من الحركات الإسلامية إرهابية وبالذات الحركات الإسلامية الفلسطينية التي ترى أنها تهدف إلى القضاء على دولة إسرائيل، وعليه فهم يرون أن من أهم عوامل الاستقرار في المستقبل هي قضية الحركات الإسلامية والقضاء عليها إما من خلال تفكيكها ومصادرة أسلحتها، أو بمطاردة عناصرها وإخراجهم خارج الحدود، أو تحريف المقاومة والإيقاع بها في حالة من الخصومة الاستراتيجية بينها وبين حكومات حلفائها من الحكومات العربية، مما يساعدها على إلصاق تهمة الإرهاب بالمقاومة وبألسن العرب. 3- الفجوة الاستراتيجية للصراع استراتجية إسرائيل الكبرى والعوامل المساعدة لظهورها مرتبطة بشكل كلي وجزئي بزيادة الفجوة الاستراتيجية بين إسرائيل ككيان دخيل وبين محيطه، فهو يدرك أن المناعة الاستراتيجية للمنطقة العربية مهما ضعفت في مواجهته أو تفاوضت علي قبوله إلا أنها لا تتقبله كجزء أو جار مهما طال مدى تواجده، وبذلك راهنت إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة على تخلف وخلاف العرب حول استراتيجية واحدة لمواجهتها، بل ووظفت ذلك كفرصة استراتيجية لخلق فجوة بينها وبين محيطها تشمل
كل العوامل والأبعاد الفاصلة في صراعها المستقبلي والحتمي ثالثا : إسرائيل وسيناريوهات النهاية الأربعاء, مايو 27, 2015 | البديل النهاية3 كتب: هيثم البشلاوي وأمير إبراهيم ينبغي في البداية الوقوف على أسباب طرح سيناريوهات النهاية وهي تتمثل في النقاط التالية: 1- طبيعة الصراع من حيث طوله، وكثرة متغيراته وتعدد الآراء في طبيعة مآلاته مستقبليا.
2- أسباب عدم التكافؤ بين طرفي الصراع، وتدخل القوى الدولية لمحاولة وضع سيناريوهات ومشاريع تتوافق مع أهدافها ومصالحها. 3- حاجة الصراع إلى تعبئة ذهنية ونفسية، وجعل هذا الصراع حالة مسلما بحدوثها لدى العرب والمسلمين. هناك مجموعة من المحددات التي تدفع بكل دولة عربية إلى تفضيل تصور معين لدورها في سيناريو النهاية، ومن أبرز هذه المحددات: 1- موقع الدول العربية جغرافيا من بؤرة الصراع. 2- مكانة الدولة بمقياس القوة الشاملة. 3- طبيعة نظام الحكم في الدولة العربية. ومن جملة المحددات السابقة يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
1- من حيث الموقع الجغرافي من بؤرة الصراع، لدينا دول الطوق أو الجوار الجغرافي لفلسطين وهي الأردن، لبنان، سوريا، مصر، ودول قريبة مثل دول الخليج العربي، وأخرى بعيدة جغرافيا مثل دول المغرب العربي والسودان. 2- من حيث مقياس القوة الشاملة لدينا دول عربية كبيرة مصر، السعودية، الجزائر، سوريا، المغرب، وأخرى متوسطة مثل السودان، الإمارات، تونس، ليبيا، الأردن، وثالثة صغيرة مثل لبنان، الكويت، قطر، البحرين. 3- من حيث طبيعة نظام الحكم، لا يوجد نظام عربي واحد يتبنى استراتيجية حقيقية تتناسب مع السيناريو المحتمل للصراع ديمقراطيا بالمقاييس الدولية للديمقراطية ومؤشراتها العامة. وإذا ما وضعنا المحددات السابقة معا وتركناها تتفاعل، فسوف تنتج لنا أنماطا مختلفة من التصورات، والتي انعكست علي طبيعة تفاعلات الصراع مع إسرائيل والتي فى الغالب يجب أن تأخذ شكلا من أشكال الاستراتيجية العربية الموحدة ، مع افتراض السيناريو الأسوأ حال استمرار الوضع الراهن للصراع الذي يشير إلى مزيد من التمزق على الموقف العربي، وسوف نستعرض ذلك في التصورات التي وردت بالإطار الاسترشادي على النحو التالي: التصور الراهن للصراع: التفكك وغياب تصور مشترك
يعني هذا التصور عدم وجود رؤية مشتركة بين الدول العربية حول القضية الفلسطينية، ولا حول أدوات التسوية والحل، أو امتلاك بدائل استراتيجية حيال الصراع المنتظر، وينبع هذا التفكك من اختلاف أولي في الرؤية تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه إسرائيل، وقد تتوافق أكثر من دولة عربية على رؤية معينة، ومن ثم توجد في العالم العربي أكثر من رؤية مختلفة متنافسة، وسرعان ما تنعكس هذه الاختلافات نفسها على أطر العمل المشترك الذي ينبغي الشروع فيه، وبذلك تبدو المنطقة العربية عاجزة عن تبني رؤية أو موقف موحد للصراع المحتمل. يجب وضع السيناريو المفترض لوجود استراتيجية تمهيدية تؤهل العرب عند وضعية الصراع من أن يكونوا أطرافا أصيلة في نهاية إسرائيل وليس التواكل على الحتمية العقائدية بانتظار النصر، وبالرغم من أن الواقع الراهن يسير باتجاه تصور التفكك، ويمكن القول بأن السيناريو الراهن يمثل خطرا شديدا على الأمن القومي العربي، وتقديرا لأن السيناريو هو المحصلة النهائية ووصف لوضع مستقبلي ممكن أو مرغوب فيه أو مكروه ويجب تغييره، فقد عملنا على طرح سيناريو نعلم أن جدواه على أرض الواقع لن تتجاوز سطوره، ولكن نكتب لعلنا يوما ندرك أن الحق فى صياغة مستقبل الصراع ليس وهما سوى في بلاد العرب. التصور المأمول: اصطفاف وانتفاضة
يعني تصور العمل المشترك بين الدول العربية وجود تصور عام لدى الدول العربية يتضمن التوافق حول طبيعة الصراع وسبل التعامل معه، وانطلاقا من هذا التصور تبدأ عملية صياغة السياسات المستقبلية لتحقيق أو تطبيق الأهداف التي تشكل فى مجملها استراتيجية كلية لمواجهه إسرائيل، بمعنى وجود أسس واضحة لدى القيادات على المستويات المختلفة لطبيعة العمل المشترك ومتطلباته وليس التغني بالقومية العربية كشعارات لا تمتلك مشاريع حقيقة لإدارة دفة الصراع المحتمل، وبعد ذلك يكون الحديث عن مؤسسات وهيئات عامة تعمل على وضع الأسس العملية على أرض الواقع لتطبيق مكونات التصور المشترك، ومن خلال المحددات التي سبق ذكرها يمكن القول إن تصور العمل العربي المشترك يتطلب توافر مجموعة محددات تمثل الأساس الموضوعي الذي يُبني عليه العمل المشترك، ومن أبرز هذه المحددات: 1- وجود توافق في الرؤية الاستراتيجية بين الدول العربية حول طبيعة الصراع كونه صراع وجود لا ملكية. 2- إجماع عربي حول أدوات إدارة الصراع مع إسرائيل (التزامات عربية) 3- إطار مؤسسي عسكري مشترك (اتفاقيات دفاع عربي فعلية). وبعد طرح التصور المأمول يمكن من خلاله طرح سيناريوهين: السيناريو الأول: تصاعد الخلافات بين إسرائيل والدول العربية، ويتم على إثر ذلك تعليق لمعاهدات السلام، ومن ثم تستخدم إسرائيل الضربات الاستباقية ضمن أولوياتها الدفاعية مما سيدفعها لمحاولة تكرار ما حدث 1967، ولكن تلك المرة تحت توهم كامل منها بأن الوضع ملائم لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى، وفى ذلك السيناريو ستحدث حالة اصطفاف عربي وإسلامي كامل على كل الجبهات، وربما تصبح مقدمة نهاية لإسرائيل المتوقعة، لكن هذا السيناريو مؤجل أو مرهون بالفرصة الاستراتيجية التي تضمن لإسرائيل تحقيق مشروعها بالكامل. السيناريو الثاني: وفى هذا السيناريو أيضا تكون هناك خلافات واسعة بين العرب وإسرائيل تشمل تعليقا لمعاهدات السلام، وتحركات استباقية ومفاجئة للعرب على جبهات المواجهة في تكرار أوسع وأشمل للتحرك العربي في أكتوبر 1973، ويبدو هذا التصور واهماً ولكنه بضرورة الصراع سيحدث، فكل ضروريات المواجهة تؤكد حدوثه كمقدمة لمعركة النهاية. وعلى كل الأحوال تبقى كل السيناريوهات متاحة وتبقى أيضاً النهاية محتومة. المصادر: -عصبة الأمم، تقرير اللجنة الدولية المقدم إلى عصبة الأمم عام 1930، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1968، ص 22،23 -أوراق عمل مؤتمر مستقبل سيناريوهات مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي, مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية, المنعقد بالأردن عام 2005. -”النظام السياسي والبناء الاجتماعي.. النموذج الواقعي لتحليل النظم السياسية”، د. جمال سلامة علي، كتاب, دار النهضة العربية، 2006 -صحف ومواقع إخبارية إسرائيلية (هآرتس– يديعوت أحرونوت– واللا). -موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية د.عبد الوهاب المسيري. -د.طارق سويدان، تاريخ فلسطين المصور. 2012 -د. جمال سلامة علي: كتاب “مبادئ العلوم السياسية- اقتراب واقعي من المفاهيم والمتغيرات”، دار النهضة العربية، الهوامش هناك 10 تغيرات رئيسية شهدها الكيان الصهيوني خلال السنوات الماضية تعتبر مقدمات لنهاية هذا الكيان هي اختفاء القيادات السياسية التي تعمل بعقلية ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تراجع التأييد العالمي لليهود بعد الانتهاكات ضد الفلسطينيين وتكرارها، تزايد الهجرة المعاكسة من الأراضي المحتلة إلى الخارج وقلة المواليد الجدد داخل الكيان الصهيوني، الفشل في تحقيق الأهداف خلال الحروب الأخيرة، الجدار العازل والسياجات الأمنية المنتشرة على الحدود تؤكد على الضعف اليهودي، القتال والمقاومة باسم القومية الفلسطينية أصبحت تشمل العرب ودول الممانعة، رغم كل معاهدات السلام لكن حدث فشل في التطبيع والاندماج مع الشعوب العربية، زيادة التفكك الداخلي في تل أبيب اجتماعيا وسياسيا، تراجع الحماس لفكرة الدولة اليهودية بين الأجيال الجديدة خاصة في ظل تزايد الهجرة من الكيان الصهيوني، قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والحفاظ على الهوية ارتفعت خلال الفترة الأخيرة. تعمل إسرائيل على تخصيص غالبية ميزانيتها العسكرية لتعزيز الصناعات العسكرية والأبحاث في مجال تكنولوجيا السلاح والفضاء، وتوجه الدول العربية معظم ميزانياتها العسكرية لعقد صفقات عسكرية جديدة، مما جعل إسرائيل ودول الجوار الجغرافي من أكثر دول العالم إنفاقا على بناء وشراء السلاح، حتى إن اقتصاديات هذه الدول يشكل الإنفاق العسكري عبئا عليها ولكنه ضروري، وبهذا يسجل الشرق الأوسط معدلات عالية من الإنفاق العسكري، ففيما يتعلق بنسبة الإنفاق العسكري إلى الناتج المحلي الإجمالي نلاحظ أن معظم دول المنطقة توجه نسبة كبيرة من دخلها القومي يتجاوز المعدلات العالمية السائدة لبند التسليح الذي في غالب الأمر لا يزيد عن 5.5%، في حين أن متوسط الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي لا يقل عن 7.4%. صرح هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق، المعروف بدعمه السياسي والمالي والعسكري لإسرائيل لصحيفة نيويورك تايمز شهر سبتمبر عام 2012 الماضي أنه “بعد عشر سنوات من اليوم لن تكون إسرائيل موجودة”، أي في عام 2022 إسرائيل لن تكون موجودة، والغريب أنه لم يتراجع عن تصريحه، الذي جاء بشكل تقريري صارم وقاطع أن إسرائيل منتهية كدولة في غضون 10 أعوام، ولم يطالب بدعمها أو حمايتها أو مساعدتها على البقاء، وجاء هذا التصريح بعد شهر فقط من نشر تقرير أعدته مؤسسة استخبارية أمريكية يؤكد أن انتهاء دولة إسرائيل أصبح حتمياً وقريباً، فضلا عن الدراسات الدينية التي اعتمدت على القرآن الكريم سورة الإسراء تحديدا، حيث خلصت هذه الدراسات الدينية إلى أن عام 2022 القادم سوف يكون فاصلا في تحديد نهاية إسرائيل وزوالها من المنطقة.
رابعاً: حرب النهاية.. الاستراتيجية والعقيدة الأربعاء, مايو 27, 2015 | البديل يهود كتب: هيثم البشلاوي وأمير إبراهيم 1- عقائديات النهاية البحر الميت انخفض مستوى بحيرة طبرية منذ عام 1999 وحتى 2009 الماضي نحو 4 أمتار، وبعد أن تجاوز الخط الأحمر فإن المستوى الحالي ليس بعيدا عن الخط الأسود فالوصول إليه يعني أن الحياة البحرية والبرية في حوض البحيرة ستصبح في خطر، هكذا يصف علماء البيئة المشكلة البيئية في بحيرة طبرية، فهم يجمعون على أن الدراسات تشير إلى أن تدهور وضع البحيرة سيستمر. جنوب بحيرة طبرية يخرج نهر الأردن حاملا الماء إلى غور الأردن ليصب في النهاية في البحر الميت، واقع الحال أنه بسبب الانخفاض الحاد لمستوى بحيرة طبرية فالسلطات الإسرائيلية تستخدم مضخات لدفع المياه للجريان عبر نهر الأردن إذا ارتفع منسوب البحيرة في يوم ما، فهذه المضخات ستكون بلا فائدة لأن المياه ستسيل بسبب أن مستوى البحيرة سيصبح أعلى من النهر، واتجهت الحكومة الإسرائيلية خلال الأسابيع القليلة الماضية لتوقيع اتفاق تنفيذ مشروع قناة البحرين مع الأردن لربط البحر الأحمر بالبحر الميت عبر أنبوب كبير، لكن نجاح المشروع لم يكتمل بعد. حين يلتقي الجمعان لاشك أن معركة قادمة بين المسلمين واليهود أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود» صدق رسولنا الكريم. أما اليهود فلا يعتبرون هذا اليوم سوى يوم الله ويوم تمكينهم في الأرض، يستند اليهود إلى النص العبري الوارد في سفر الرؤيا:16 بأن المعركة المسماة معركة هرمجدون ستقع في الوادي الفسيح المحيط بجبل مجدون في أرض فلسطين، وأن المسيح سوف ينزل من السماء ويقود جيوشهم ويحققون النصر على الكفار، والنص كما يلي: “ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير –الفرات- فانشق ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك الذين من مشرق الشمس، ورأيت من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الكذاب ثلاثة أرواح نجسة شبه ضفادع فإنهم أرواح شياطين صانعة آيات تخرج على ملوك العالم وكل المسكونة، الله القادر على كل شيء، ها أنا آت كمخلص، طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً، فجمعهم إلى لقتال ذلك اليوم العظيم”. ودائما ما اعتقدت إسرائيل في حتمية يوم لقاء الجمعين، ولكن مع الظن أن الغلبة ستكون لهم، فقد سبق وصرح بيلي جراهام عام 1977 “بأن يوم مجدو على المشارف، وأن العالم يتحرك بسرعة نحو معركة مجدو، وأن الجيل الحالي يكون آخر جيل في التاريخ، وأن هذه المعركة ستقع في الشرق الأوسط حيث أرض الميعاد والوعد”. وكان اليهود أكثر تشوقاً لهذا اليوم الموعود، فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية نبأً من القدس المحتلة أثناء حرب الخليج عام 1991 للحاخام مناحيم سيزمون، الزعيم الروحي لحركة حياد اليهودية يقول: “إن أزمة الخليج تشكل مقدمة لمجيئ المسيح المنتظر”. وهذه الاعتقادات الواهمة بالنصر فى معركة النهاية تصدر أيضاً على ألسنة المؤسسين لإسرائيل، فقد صرح تيودور هرتزل قائلا: “إنه ظهر لي -في عالم الرؤيا- المسيح الملك على صورة شيخ حسن وخاطبني قائلاً: اذهب وأعلم اليهود بأني سوف آتي عما قريب لخلق المعجزات العظيمة وأسدي عظائم الأعمال لشعبي وللعالم كله”، وبذلك يظل يوم لقاء الجمعين هو يوم الفصل والنهاية التي عاش لأجلها يهود العالم. 2- استراتيجيات النهاية استراتيجية نهاية ظاهرة إسرائيل تتوقف بشكل كلي على مقدمات قائمة فعلياعلى عدة أصعدة مختلفة، فإسرائيل داخلياً بها الكثير من السقطات الاستراتيجية وحتى الاجتماعية تدفعها بضرورة تقادم الزمن لاستهلاك نفسها، بل وربما التضحية بثوابتها لتبقى آمنة، فالكيان الصهيوني رغم مبالغات التنظير في قوته والتعظيم من تنظيمه الاستراتيجي، إلا أنه عشوائي العقيدة متخبط القرار حال نشوب الصراع، وفيما يلي محاولة لرصد مقدمات انهيار إسرائيل بشكل ذاتي على المستوى العقائدي يدفعه مؤثرات وتحولات إقليمية ودولية تمكن هذا الانهيار من صلابة استراتيجيتها المزعومة: مقدمات الانهيار الذاتي: الانهيار السياسي يعتبر التفكك هو السمة الأبرز للساحة السياسية داخل تل أبيب خلال الفترة الراهنة، حيث وصل هذا التفكك إلى التيار السياسي الواحد، فاليمين مثلا تفرق إلى يمين قومي ويمين ديني، واليمينية القومية والدينية نفسها انقسمت إلى عدة أحزاب تختلف في رؤيتها عن بعضها البعض، ويمكن رصد عدة متغيرات رئيسية داخل الكيان الصهيوني أبرزها اختفاء القيادات السياسية التي شهدت ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مما يشير إلى قرب انهيار هذا الهرم السياسي عقب التصدع الذي أصابه مؤخرا. التفكك الاجتماعي: بدأ التشوه الاجتماعى في تكوين بنية إسرائيل وملاحظة تغيرات جوهرية بدأت تطرأ على التركيب السكاني الإسرائيلي بعد سنة 1948، فقد تضاءل سيل الهجرة الأوروبية من جهة، وانصبت على إسرائيل من جهة أخرى سيول من يهود البلدان العربية وبعض بلدان الشرق الأوسط الأخرى مثل إيران وتركيا، فكانت نسبة اليهود الشرقيين الثلثين من مجموع المهاجرين في الفترة من 1951 إلى 1956 ثم مرة أخرى فى سنة 1962، وقد كانت نتيجة ذلك أن أغلبية سكان إسرائيل الآن هم من اليهود الشرقيين أو من الجيل الأول من ذريتهم، فعدد سكان إسرائيل اليهود في سنة 1969 كانت نسبة اليهود الأوروبيين والأمريكيين إلى مجموع السكان لم تعد تتعدى 28% بعد أن كانت عند إعلان دولة إسرائيل تتجاوز 40%، الآن حوالي 27% من السكان اليهود، هم المولودون خارج إسرائيل في بلدان آسيوية أو إفريقية، ويضاف إليهم أفراد الجيل الأول من أولادهم المولودين في إسرائيل، وهم يمثلون نسبة 45%، وربما قابلة للزيادة نظرا لارتفاع معدل المواليد في الأسر الشرقية، فتكون حملة اليهود الشرقيين الآن في إسرائيل لا تقل تقديرا عن 60% من مجموع السكان اليهود، كما بدأت ظاهرة الهجرة العكسية من إسرائيل في التصاعد، وتمركزت هجرات اليهود إلى الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وهولندا وأستراليا، وارتفعت نسبة الإسرائيليين الذين تنازلوا خلال 2014 عن مواطنتهم بـ67 % مقارنة بمعدلات العقد الأخير للدولة الإسرائيلية، وتفيد معطيات وزارة الداخلية في إسرائيل وسفاراتها أن 785 إسرائيليا تنازلوا عن مواطنتهم وسلموا جوازات سفرهم في العام الماضي، بينما بلغ عدد هؤلاء 478 في 2013. الجاهزية القتالية لجيش إسرائيل: تسير المؤسسة العسكرية داخل إسرائيل في اتجاهين متناقضين، الأول يتمثل في التقدم التسليحي والتكنولوجي، لا سيما في ظل الضمانة الأمريكية بضرورة أن تكون تل أبيب أولى دول المنطقة من حيث التسليح، فضلا عن المساعدات العسكرية التي تقدمها للجيش الإسرائيلي، أما الاتجاه الثاني: فهو تراجع كفاءة العنصر البشري وانتشار عدة ظواهر سلبية بالجيش الإسرائيلي حولته إلى أوسع سوق لترويج تجارة المخدرات ووكر للدعارة، فضلا عن العنصرية التي أصبحت متأصلة ليس فقط في تعامل القيادات مع الجنود، بل بين الجنود بعضهم البعض. ورغم ما يمتلكه الكيان الصهيوني من مقومات مادية وتقنيات تكنولوجية، إلا أنه وقف عاجزا عن معالجة تلك الظواهر التي تفشت داخل الجيش الإسرائيلي بصورة جعلت القيادات العسكرية تعرب عن خوفها على مستقبل الجندي الإسرائيلي، فقد انتشرت عمليات الاغتصاب والتحرش الجنسي داخل الجيش الإسرائيلي، وسادت هذه الظاهرة بصورة قوية داخل القواعد العسكرية، خاصة مع تجنيد الفتيات وإلحاقهن بالخدمة تحت إشراف قادة عسكريين ذكور. وبجانب عمليات الانحطاط الإخلاقي أصبحت القواعد العسكرية بالجيش الإسرائيلي سوقا لترويج المخدرات، حيث كشفت تحقيقات الشرطة العسكرية بالجيش الإسرائيلي في يونيو من العام الماضي عن شبكة مكونة من 12 جنديا يعملون بتجارة المخدرات وتربحوا منها نحو 800 ألف شيكل، هذا بالإضافة إلى مئات قضايا التعاطي والحيازة التي يتم محاكمة الجنود فيها. ووجدت العنصرية والتمييز مرتعا لها بالجيش الإسرائيلي وانتشرت بين صفوفه على أساس العرق أحيانا وطبقا للرتبة العسكرية أحيانا أخرى، حيث كشفت هيئة القوى العاملة بجيش العدو الصهيوني العام الماضي أن أعداد الإثيوبيين الذين يتم تجنيدهم يقدر بالآلاف، ورغم هذا العدد الضخم فإنه منذ هجرة الإثيوبيين إلى الكيان الصهيوني عام 1984 والتحاقهم بالجيش فلم يصل لرتبة عقيد منهم سوى 3 أشخاص فقط. ولعل هذا الوضع المتردي كان دافعا لتزايد حالات الانتحار وانتشارها بكثافة بين صفوف الجيش الإسرائيلي، حيث بلغت نحو 237 حالة خلال الفترة من 2002 إلى 2012 أي بمعدل 24 حالة كل عام، وانعكست الظواهر السابقة سلبا على مستوى التأهيل والتدريب بالنسبة للفرد، حيث وجه منتصف عام 2013 الماضي 15 ضابطا احتياطيا رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه حينها إيهود باراك، ورئيس الأركان بيني جانتس، يشكون من عدم استعدادهم لخوض أي معركة قادمة. 3- مقدمات للسقوط المقدمات الإقليمية: ربما تحدث عدة اضطرابات سياسية في المناطق المحيطة بالكيان الصهيوني على غرار ما حدث إبان ثورات الربيع العربي، حيث التهبت مشاعر الجماهير العربية وبدأت تنادي بضرورة إسقاط معاهدة السلام الموقعة مع الاحتلال الصهيوني، فأثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير، وفي خضم الحماس الشعبي الذي تفجر أثناء هذا الوقت، تابعت الدوائر الصهيونية المشهد بحذر بالغ، وأكد كثير من حاخامات اليهود أن نهضة مصر تعني زوال إسرائيل من المنطقة، لأن هذه الملايين الحاشدة التي انتفضت لإسقاط نظام مبارك بعد أن ثبت أقدامه في البلاد طوال 3 عقود ماضية، يمكنها القضاء على إسرائيل بمجرد الزحف نحو فلسطين، ولعل هذا المنطق يفسر الأسباب التي تدفع الحاخامات المتطرفون للدعاء خلال عظتهم الأسبوعية بالخراب ودمار مصر، حيث يحرص الحاخام نير بن آرتسي، في معظم عظاته الأسبوعية على الدعاء بدمار الاقتصاد المصري وتهدم السد العالي وإغراق مصر بمياه النيل، مما يبين إدراك إسرائيل أن زوالها مرتبط بالتحول الاستراتيجي لمصر وتغير بوصلة المنطقة. مقدمات دولية.. قطبية جديدة للعالم يرتبط زوال إسرائيل ارتباطا وثيقا بالساحة الدولية والمتغيرات التي تطرأ عليها، خاصة حليفتها الأولى الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم لها كافة سبل الدعم العسكري عبر تزويدها بالأسلحة المتطورة، أو سياسيا عن طريق عرقلة القرارات التي تعارض مصالح تل أبيب أو التي تتجه لفرض عقوبات ضد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي. وفي إطار الوضع المضطرب، ومع تراجع النفوذ الأمريكي والمشاكل الاقتصادية التي تشهدها الولايات المتحدة خلال الفترة الراهنة، فإن تخلي أمريكا عن إسرائيل أمر متوقع خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع ظهور نمور اقتصادية جديدة تتفوق على الاقتصاد الأمريكي، أبرز هذه الدول الصين التي انتشرت بشكل موسع في كافة قارات العالم، وتعمل على مد جسور التواصل وشبكة علاقات تضم دول العالم، في حال تراجع الاقتصاد الأمريكي ووصوله إلى مرحلة متدنية، فإن حجم المساعدات التي تقدمها لإسرائيل عسكريا سوف يتراجع، كما أن النفوذ الدولي ومساندة لتل أبيب في الساحة السياسية سوف تتراجع أيضا، وهو أمر يترتب عليه افتقاد الكيان الصهيوني لأبرز مقومات الاستمرار، خاصة في ظل التغييرات السياسية التي شهدتها الساحة الدولية خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تتجه معظم الدول إلى الابتعاد عن الكيان الصهيوني وتجريم انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني، بل اتجهت بعض تلك الدول إلى دعم فلسطين بالساحات الدولية على غرار ما تم في التصويت على رفع تمثيل فلسطين بالأمم المتحدة 2012 الماضي لدولة مراقب غير عضو، هذا بجانب تزايد المقاطعات الأوروبية للبضائع الإسرائيلية، خاصة تلك الواردة من المستوطنات المغتصبة والأراضي المحتلة.
تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع
جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية
© 2021 - 2013
|