الآثار القانونية للجريمة الدولية وسبل مكافحتها
يُعدّ موضوع الجرائم الدولية من الموضوعات الحيوية المهمة التي تشغل اهتمام الحكومات والمختصين في المجتمع الدولي. إذ تُمثل تلك الجرائم تحدّياً وتمرّداً على النظام القانوني الدولي؛ لكونها تقع على مصالح وقيم تهم المجتمع الدولي الذي يحرص على حمايتها ويسعى إلى ضمان معاقبة مرتكبيها. وبرغم كل هذه الأهمية والخطورة، فإن الجرائم الدولية لا تزال من القضايا التي تُثير الجدل والنقاش بصورة دائمة، بسبب عدم التوافق على تعريف هذه الجرائم وبيان صوّرها وأركانها، وما ينجم عنها من آثار ونتائج، فضلاً عن كيفية مواجهتها، والتعاون المطلوب لمنعها وقمعها وضمان معاقبة كل من يرتكبها أو يُسهم في تنفيذها. وهو ما يحاول البحث توضيحه وبيان القواعد الناظمة لهذا الموضوع. أوّلاً - تعريف الجريمة الدولية: تُعرّف الجريمة - بصفة عامة - بأنها عدوان على مصلحة يحميها القانون، ويختص القانون الجنائي بالنص عليها وبيان أركانها والعقوبة الُمقررة لفاعلها. ولا يختلف الأمر في تعريف الجريمة الدولية، من حيث الجوهر: فهي عدوان على مصلحة يحميها القانون، وينصرف تعبير القانون هنا إلى القانون الدولي الجنائي، أي ذلك الفرع من القانون الدولي الذي يتكفل بإسباغ الحماية الجنائية على مصلحة يراها جديرة بتلك الحماية؛ لكونها من الأعمدة التي ينهض عليها بناء المجتمع الدولي. وكما هو الحال في القانون الداخلي فإنه لا يُوجد أيضاً تعريف محدد متفق عليه للجريمة الدولية، بل هناك مجموعة من المفاهيم في هذا الخصوص، فمنهم من يُعرّفها بأنها «الفعل الذي يرتكب إخلالاً بقواعد القانون الدولي، ويكون ضاراً بالمصالح التي يحميها ذلك القانون مع الاعتراف لهذا الفعل بصفة الجريمة واستحقاق فاعله العقاب». فيما يُضيف آخرون بأنها «تلك الأفعال التي تتعارض مع أحكام القانون الدولي، وتترتب عليها المسؤولية الدولية، وهي لا تكون إلا للأفعال ذات الجسامة الخاصة التي تحدث اضطراباً وإخلالاً بالأمن العام للمجموعات الدولية». إن التعمق في دراسة الآراء الفقهية المتعلقة بتعريف الجريمة الدولية يكشف أن هناك أكثر من رأي في هذا الموضوع: إذ يرى أنصار الرأي الأوّل أن الجريمة الدولية هي أفعال خطرة للغاية يكون من شأنها إحداث الاضطراب في أمن الجماعة الدولية ونظامها العام. فيما يرى أنصار الرأي الثاني أن الجريمة الدولية هي تلك الأفعال والممارسات التي يترتب على وقوعها إلحاق الضرر بأكثر من دولة. ويرى أصحاب وجهة النظر الثالثة أن الجريمة الدولية هي أي تصرفات مضادة للقواعد القانونية الدولية. وبناء على ما سبق يمكن تحديد مفهوم الجريمة الدولية بأنها كل سلوك يتعارض مع أحكام القانون الدولي يصدر عن شخص ما، ويمثل عدواناً على مصلحة دولية أساسية يحميها هذا القانون، ويرتب عليه مسؤولية دولية، ويجعل صاحبه مستحقاً للعقاب. أو هي واقعة إجرامية تخالف قواعد القانون الدولي، وتهدد السلم والأمن الدوليين، سواء ارتكبت بفعل الجاني الإيجابي أو امتناعه عن القيام بفعل - الفعل السلبي - مع توافر القصد الجنائي. ووفقاً لهذا التعريف فإن الجريمة الدولية تتسم بتنامي خطورتها وحدّة جسامتها، وهو ما كانت قد أشارت إليه لجنة القانون الدولي عندما أكّدت أن هناك إجماعاً حول معيار الخطورة. فالأمر يتعلق بجرائم تمس أساساً المجتمع البشري نفسه. وُيمكن استخلاص الخطورة إمّا من طابع الفعل الُمجرّم (القسوة ــــ الفظاعة ــــ الوحشية)، وإمّا من اتساع آثاره (الضخامة خاصة عندما يكون الضحايا الُمستهدفون شعوباً بكاملها أو جماعات قومية أو عرقية أو دينية) وإمّا من الدافع لدى الفاعل (كإبادة الجنس)، وإمّا من هذه العوامل مجتمعةً. ثانياً - تطور الجريمة الدولية: تُعد فكرة الجريمة الدولية، بمفهومها القانوني والدولي، من الأفكار الحديثة نسبياً وهي ترتبط - إلى حد كبير - بتطور قواعد القانون الدولي المعاصر، ذلك أن القاعدة التي كانت سائدة في ظل القانون الدولي التقليدي هي أن يتم تضمين معاهدات السلام التي يتم إبرامها إثر الحروب نصوصاً خاصة تتضمن عفواً عاماً ومتبادلاً عن جميع الأفعال الضارة التي حدثت من جانب المتحاربين، أو أفراد من قواتهم المسلحة، أو رعاياهم في أثناء الحرب بدوافع سياسية، بما في ذلك التسبب بشن الحرب وارتكاب أعمال العنف والإضرار بالممتلكات والقتل والأفعال الأخرى المشابهة، وهو ما تضمنته معظم معاهدات السلام التي أبرمت في زمن القانون الدولي التقليدي. ولكن مع تطورات الثورة الصناعية وما أفرزته من تقنيات حديثة أُسيء استخدامها لتفعيل القدرة على القتل والدمار؛ بدأ الشعور الدولي يتنامى حول أهمية صياغة قواعد قانونية لوضع ضوابط لظاهرة العنف الدولي المُستعرة، وضمان معاقبة كل من يخرقها ويتجاوزها بوصفه ارتكب جريمة دولية تهدد أمن المجتمع الدولي كله وسلامته واستقراره. وكانت البداية إثر الحرب العالمية الأولى التي كشفت للعالم بصورة ملموسة معنى الحرب وويلاتها، وما يمكن أن تسببه الحروب من دمار اقتصادي وإنساني للحضارة العالمية، إذ شملت تلك الحرب بويلاتها العالم أجمع، كما شملت المدنيين مع العسكريين، وخولفت فيها قواعد القانون الدولي بصورة صارخة، فقد خُرقت المعاهدات وانتهك حياد الدول المعترف لها به بالتضامن وأُبعد المدنيون وسخّروا وقتل الأبرياء، أُجهز على الرهائن، وخربت المدن المفتوحة والكنائس والمكتبات وكنوز الفن والآثار التاريخية، وأغرقت السفن المحايدة وسفن المستشفيات، واستعملت الغازات السامة والخانقة، فضلاً عن الخسائر البشرية في الدول الأوربية التي بلغت نحو ثمانية ملايين ونصف ما بين قتيل وجريح ومشوه حرب. ونظراً لفداحة هذه الخسائر والأضرار فقد ارتفعت المطالبات في كل مكان تنادي بضرورة معاقبة مرتكبي الجرائم الدولية، وبصورة خاصة مجرمي الحرب أو كل من ارتكب عملاً مخالفاً لقواعد وعادات الحروب، وبلغ الأمر حداً من الاستياء إلى درجة المطالبة بمحاكمة رؤساء الدول الذين كانوا سبباً في نشوب الحرب أو ساعدوا على إشعالها أو أمروا بارتكاب جرائم الحرب. وهو ما تعزز بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية التي اتسمت أيضاً بارتفاع نسبة الخسائر البشرية، وارتكاب العديد من الجرائم الوحشية بين الدول المتحالفة، بصورة تُخالف جميع قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي كانت سائدة، إذ قتل خلال تلك الحرب 54 مليون إنسان وجرح نحو 90 مليوناً فيما أصبح 28 مليون إنسان معوَّقين. وهو ما أدى إلى تتالي الدعوات بصورة مبكرة سبقت انتهاء أعمال الحرب من أجل محاكمة الأشخاص الذين تسببوا بارتكاب أبشع الجرائم، والانتهاكات الدولية، ولذلك توافق الحلفاء المنتصرون على وجوب محاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الحرب وأعمال الإبادة والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان والمخالفة لكل قوانين وأعراف وعادات الحروب. وهو ما تجسد في محكمتي نورمبرغ وطوكيو وهما المحكمتان اللتان تُشكلان البداية الحقيقية، برغم كل ما شابهما من عيوب وانتقائية، لترسيخ مفهوم الجرائم الدولية ووجوب معاقبة مرتكبيها وهو ما تعزز لاحقاً من خلال العديد من الممارسات الدولية. ثالثاً - أنواع الجرائم الدولية: ينبغي الإشارة بدايةً إلى أنّ الفقه القانوني الدولي لا يعرف وجوداً لقائمة جامعة مانعة للجرائم الدولية، والشاهد على ذلك أنّ الوثائق الدولية التي اهتمّت بتناول وتعداد هذا النوع من الجرائم حرصت دائماً على تأكيد أنّ هذا التعداد لا يعني عدم وجود جرائم أخرى لم ترد فيها. ولكن بالاستناد إلى السوابق الدولية والعودة إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة التي بدأت عملها في الأول من تموز عام 2002 والتي خُوّلت وفقاً لنصوص نظامها الأساسي صلاحية معاقبة مرتكبي أشد الجرائم خطورة، وغدت موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره؛ يُمكن تحديد أبرز هذه الجرائم الدولية بأنها تشمل جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان وهو ما نصت عليه المادة (5) من نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية. 1- جرائم الحرب: هي كل فعل (أو امتناع عن فعل) صادر عن شخص طبيعيّ، مدنيّ أو عسكريّ، ينتمي إلى أحد طرفي الصراع ضدّ أشخاص أو ممتلكات أفراد العدوّ العامّة أو الخاصّة إبان فترة الحرب أو النزاع المسلّح، مع كون هذه الأفعال تشكل انتهاكاً لقوانين وأعراف الحرب المذكورة في اتفاقيات لاهاي 1899 و1907، واتفاقيات جنيڤ 1949، فضلاً عن البروتوكولين الإضافيين الملحقين بها عام 1977، وما استجدّ من اتفاقيات ومعاهدات وأعراف دولية في هذا الصدد. وكانت النظرة التقليدية إلى جرائم الحرب تقصر مفهومها على الجرائم التي ترتكب في الصراعات الدولية المسلحة، أو كانت تقصره - بتعبير أدق - على «الانتهاكات الخطيرة» لاتفاقيات جنيڤ الأربع المعقودة عام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الذي ألحق بها عام 1977. ولكن التطورات الأخيرة أدت إلى توسيع هذا المفهوم، بحيث أصبح يشمل الانتهاكات الخطيرة لأعراف وقوانين الحرب، سواء ما يرتكب منها في الصراعات المسلحة الدولية أو الصراعات المسلحة الداخلية. وتشمل هذه «الانتهاكات الجسيمة» لاتفاقيات جنيڤ والبروتوكول الإضافي الأول، على سبيل المثال، القتل العمد والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية؛ وتعمد إحداث المعاناة الشديدة، أو الأذى الخطير للبدن أو للصحة؛ وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها، بلا مسوغ من حيث الضرورة العسكرية، إذا حدث ذلك عمداً، وبلا وجه حق؛ وإرغام أسير الحرب أو غيره ممن يتمتعون بالحماية على الخدمة في قوات دولة معادية؛ وتعمُّد حرمان أسير الحرب أو غيره من الأشخاص المحميين من حقوق المحاكمة العادلة والمعتادة؛ واحتجاز الرهائن؛ واتخاذ السكان المدنيين أو أي فرد من المدنيين هدفاً للاعتداء؛ وشن الهجوم بلا تمييز مع الوعي بأنه سوف يتسبب في إحداث خسائر أكثر مما ينبغي في الأرواح، أو إحداث إصابات بالمدنيين أو الإضرار بأهداف مدنية؛ وقيام سلطات دولة الاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلى الإقليم الذي تحتله، أو نقل جميع أو بعض سكان الإقليم المحتل إلى أمكنة أخرى داخل ذلك الإقليم أو خارجه. وقد ضمّ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عدداً كبيراً من جرائم الحرب التي ترتكب في غمار الصراعات المسلحة الدولية والتي لا تعتبر من «الانتهاكات الجسيمة». 2- جرائم إبادة الجنس: على الرغم من الحداثة النسبية لمفهوم إبادة الجنس genocide؛ فإنّ الظاهرة نفسها ليست جديدة، فقد ارتبط ظهورها بحروب الغزو التي غالباً ما كانت تشهد حدوث المذابح ضدّ الطرف المهزوم. وقد كان القرن العشرون غنيّاً بالأحداث والفظائع التي تعدّ تجسيداً حيّاً لتلك الظاهرة، الأمر الذي دفع فقهاء القانون الدولي والمعنيين بحقوق الإنسان، قبيل منتصف هذا القرن إلى تكثيف جهودهم بهدف وضع الخطوط العامّة لمفهوم «إبادة الجنس»، ومن ثمّ دفع المجتمع الدوليّ نحو تجريمه ومعاقبة مرتكبيه، وهو ما أدى إلى تبنّي الجمعية العامّة للأمم المتحدة اصطلاح إبادة الجنس معرِّفة إيّاه بأنه: «إنكار حقّ الوجود لجماعات بشرية بأكملها»، وأصدرت في عام 1946 القرار رقم (96/1) الذي اعتبرت بموجبه إبادة الجنس جريمة دولية لتعارضها مع روح الأمم المتحدة وأهدافها. وفي عام 1948 أقرّت الجمعية العامة بموجب القرار (260)، اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس والعقاب على اقترافها، سواء وقعت في زمن السلم أم في زمن الحرب. 3- الجرائم ضدّ الإنسانية: لم يتخذ مفهوم «الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية» شكل القانون المكتوب إلا بعد وضع «ميثاق محكمة نورمبرغ» التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة قادة الحزب النازي. أما القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الناشئة فيتضمن (في المادة السابعة) تعريفاً للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية قائلاً: إنها أفعال معينة، مثل القتل العمد والإبادة والتعذيب والاسترقاق والإخفاء والاغتصاب، والاستعباد الجنسي، وما إلى ذلك بسبيل، إذا ارتكبت في إطار «هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم». وهناك تعريفات مماثلة لهذا المفهوم في النظام الأساسي لكل من المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة وتلك الخاصة برواندا. والذي يجعل جريمة ما في عداد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هو ما تتسم به من اتساع نطاقها وطابعها المنهجي. ومع الاعتراف بتداخل الحدود الفاصلة بين الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم إبادة الجنس (إذ من الممكن أن ينتمي الفعل ذاته إلى كل من الفئات الثلاث في الوقت ذاته)، لا يزال من الممكن التمييز ما بين الأنواع الثلاثة، وذلك بناء على الأركان المكونة لكل نوع من الجرائم. ووفقاً لمشروع القانون الذي أعدّته لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1996 بشأن الجرائم ضدّ أمن وسلام البشرية، فإن درجة الخطورة هي التي تحدّد الخطوط الفاصلة ما بين الأنواع المختلفة من الجرائم في هذا الإطار، وتعدّ درجة الخطورة انعكاساً للظروف التي ارتكبت فيها الجريمة. ففي حالة جرائم الحرب لا بدّ أن ترتكب تلك الجرائم خلال صراعات أو نزاعات مسلحة، أما الجرائم ضدّ الإنسانية فمن الممكن أن ترتكب في وقت السلم أو الحرب، إلا أنها لا بدّ أن تكون جزءاً من عملية منهجية منظمة للقضاء على جماعة إنسانية بعينها، الأمر الذي يعنى أنّ الجرائم ضدّ الإنسانية من غير الممكن أن تكون عمليات عنف معزولة أو عشوائية. أي إنّ الطابع المنهجيّ المنظّم للجريمة يعدّ جزءاً أساسياً في حالة الجرائم ضدّ الإنسانية، إلا أنه لا يزيد على كونه شرطاً إضافياً في جرائم الحرب. 4- جريمة العدوان: تُعد جريمة العدوان من أخطر الجرائم الدولية وأكثرها فداحةً على الإطلاق؛ فهي الجريمة الدولية الكبرى التي تُرتكب في أثنائها وخلالها وبمناسبتها العديد من الجرائم الدولية الكبرى، كجرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية. وقد عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة العدوان خلال دورتها التاسعة والعشرين في العام 1974 بأنه استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة وفقاً لنص هذا التعريف. واعتبرت أن الحروب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي والعدوان يرتب المسؤولية الدولية وليس قانونياً ولا يجوز أن يُعدّ كذلك أي كسب إقليمي، أو أي مغنم خاص ناجم عن ارتكاب العدوان. وبرغم ذلك لم يتم بعد تفعيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر جريمة العدوان، لعدم الاتفاق على تبني تعريف خاص بالمسؤولية الشخصية عن ارتكابها. رابعاً - أركان الجريمة الدولية: للجريمة الدولية أركان أو عناصر، وهذا يعني أن أي واقعة، لكي تعد جريمة يعاقب عليها القانون الدولي الجنائي، كما هو الحال في القانون العقابي الداخلي، لا بد من توافر فعل إرادي، وأن يكون هذا الفعل منصوصاً عليه في القانون واقعةً محرمة، وأن يكون من الناحية المادية مخالفاً للقانون، كما يجب أن تتوافر الناحية المعنوية، أي أن يكون هنالك فعل خاطئ يمكن إسناده إلى فاعله، وأن يكون القانون قد قرر له عقاباً. إضافة إلى مساسه بمصالح محمية من قبل الجماعة الدولية. وبناء على هذا ينبغي - طبقاً للقانون الدولي- أن تتوافر الأركان التالية في الجريمة الدولية: 1- الركن الشرعي 2- الركن المادي 3 - الركن المعنوي 4- الركن الدولي. 1- الركن الشرعي: ويسمى بالركن القانوني للجريمة، ويراد به إسباغ الصفة غير الشرعية على الفعل. ويتحقق ذلك إذا وجد نص في القانون يحرم الفعل ويعاقب المخالف له، إذ تقرر المبادئ الأساسية في التشريع الجنائي الحديث أنه لا سبيل إلى تحقيق فكرة الجريمة المستوجبة للعقاب، إلا بوجود نص قانوني جنائي يقرر تحريم ارتكاب الفعل أو التصرف المكّون لها بأن يعطيه صفة الجريمة، مبيناً أركانها التي تميزها من غيرها من الأفعال والتصرفات، ويعيِّن العقوبة التي يستحقها مرتكب هذه الجريمة، وموضحاً ماهيتها وحدودها العامة، أي إنه، وفقاً للمبدأ، (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص). ومن المتفق عليه أن للأفعال، التي تعتبر جرائم في القانون الدولي، مظهراً آخر يختلف كل الاختلاف عما هو عليه في القانون الوطني، ويرجع سبب ذلك إلى طبيعة القانون الدولي كقانون غير مكتوب أساساً، أي قانون عرفي. ومما تقدم يُستخلص أنه من أجل اعتبار بعض الأفعال جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، لا يكفي الرجوع إلى القانون الاتفاقي، أي الاتفاقيات والمعاهدات، وإنما ينبغي الاعتماد بالدرجة الأولى على القانون العرفي، وهو ما يُشكل خصوصية للقانون الدولي في هذا المجال. علماً أن وجود نص قانوني يجرم الواقعة (الفعل أو الامتناع) ويحدّد عقوبة معينة على ارتكاب هذا الفعل المجرم، لا يكفي لاكتمال عناصر الركن الشرعي للجريمة، إنما لا بد أيضاً عدم خضوع تلك الواقعة المُرتكبة لأي من أسباب الإباحة، فإن انتفاء أسباب الإباحة شرط ضروري لكي يستمر السلوك محتفظاً بالصفة غير المشروعة أضفاها عليه نص التجريم. 2- الركن المادي: تتمثل الجريمة بصفة عامة في مظهر مادي ملموس في العالم الخارجي، وبغير هذه المظهر لا ينال المجتمع الدولي اضطراب ولا يصيب الحقوق الجديرة بالحماية عدوان. وهذا المظهر الخارجي الملموس هو ما يشكل الركن المادي للجريمة، أي إنه يتجلى في السلوك أو الفعل المحظور الذي يصيب المصالح الدولية بضرر أو يعرضها للخطر. ومن هنا يشمل الركن المادي للجريمة كل ما يدخل في تكوينها وتكون له طبيعة مادية، فليست الجريمة أمراً معنوياً بحتاً، بل هي أيضاً ظاهرة مادية، وهي بهذا المفهوم تفترض عناصر تبرز إلى عالم الماديات. ويمثل الركن المادي أهمية كبيرة، إذ هو المظهر الملموس الذي يجعل الجريمة تحدث الاضطراب في المجتمع، وأما النوايا التي لا تتجسد في أفعال مادية موجهة لارتكاب الجرائم فإن القانون لا يعتد بها، لأنها - مهما كانت خبيثة - لا تؤثر في المصالح الجديرة بالحماية، ولذلك فإن الجرائم لا تقوم بمجرد أفكار أو معتقدات أو تصميمات حبيسة لم تخرج بعد إلى العالم الخارجي في صورة سلوك، ولكن متى تم التعبير عن هذه الأفكار والمعتقدات في صورة سلوك فإنه سيكون محلاً للعقاب. وتتعدد صوّر السلوك المحظور، إذ قد يتخذ صورة السلوك الإيجابي أو السلبي أو قد يقوم بمجرد الامتناع؛ ويتمثل السلوك الايجابي في القيام بعمل يحظره القانون ويؤدي إلى قيام الجريمة، كقيام دولة بشن هجوم على دولة أخرى أو غزوها أو ضربها بالقنابل. v وأما السلوك السلبي فيتحقق عندما يأمر القانون الدولي بعمل ما، فتمتنع الدولة عمّا أمر به القانون، ومن هنا يتسم هذا السلوك بالسلبية؛ لأنه يتمثل في إحجام الدولة عما كان يجب عليها القيام به، كسماح الدولة لعصابات مسلحة بالانطلاق من أراضيها. v وأما الجريمة التي تقوم بمجرد الامتناع فتتحقق عندما تمتنع الدولة عن عمل لو قامت به لمنعت حدوث الجريمة، كامتناع الدولة عن تقديم الطعام للأسير أو منع بيع الدواء لإقليم العدو الذي تحتله الدولة. ويفرق الفقه بين هذه الصورة من السلوك - أي مجرد الامتناع - وبين صورة السلوك السلبي؛ ففي جرائم السلوك بالامتناع لا تقوم الجريمة إلا إذا تحققت النتيجة، إذ الامتناع نفسه ليس مجرَّماً، على عكس ما هو قائم في جرائم السلوك السلبي، إذ تحجم الدولة هنا عن عمل من واجبها القيام به، ولهذا فإن امتناعها نفسه هو المقصود بالتجريم بغض النظر عن تحقق أو عدم تحقق النتيجة. وتشمل العناصر المادية للجريمة الفعل والنتيجة، فضلاً عن علاقة السببية التي ينبغي أن تربط بينهما، إذ تمثل علاقة السببية عنصراً من عناصر الركن المادي في الجريمة، سواء أكانت جريمة داخلية أم جريمة دولية، فهي تُعّبر عن الصلة التي تربط بين السلوك والنتيجة لأنها تسند النتيجة إلى الفعل مؤكدة أن الفعل هو المتسبب في إحداث النتيجة، بحيث إن إسناد هذه النتيجة إلى شخص معين هو تأكيد لرابطة السببية بين هذه الجريمة وفاعلها. 3- الركن المعنوي: أي اتجاه النية لارتكاب الجريمة الدولية على نحو ما عرفها القانون، وذلك بتوافر العلم بالفعل وإرادة القيام به وهو ما يعني أن الجريمة الدولية ترتكب عمداً (القصد الجرمي)، ويدل على خطورة الجريمة الدولية التي تهز أركان المجتمع الدولي في أمنه وتهدد السلم العالمي. ولهذا تعد الجريمة الدولية من درجة الجنايات العادية الكبرى ولا تعد الجريمة الدولية من درجة الجنحة أو المخالفة، وذلك لأن الجريمة الدولية ترتكب عن قصد (إرادة الفعل والنتيجة) معاً. ولا يختلف مفهوم القصد الجرمي في القانون الدولي الجنائي عنه في القانون الجزائي الداخلي، فهو ينهض على عنصري «العلم والإرادة الحرة المختارة» كما أنه محل إجماع بين جميع الفقهاء، وسجلته المواثيق الدولية المعنية كافة، كما أن الفقه الدولي الجنائي يسوي بين القصد المباشر والقصد الاحتمالي، استناداً إلى أن موقف الجاني في الحالتين محل تأثيم، وأن النتيجة الإجرامية تحققت بإرادته، وإن كان هناك فارق يسير في دور الإرادة، فإنه لا يستوجب الاختلاف في الحكم القانوني والعقوبة الواجبة التطبيق. 4- الركن الدولي: تتميز الجرائم الدولية من الجرائم التي يعاقب عليها القانون الوطني بركنها الدولي، إذ الأركان الأخرى مشتركة بين نوعي الجرائم، وإن كانت لهذه الأركان، في الجرائم الدولية أحكام تختلف عن أحكامها في جرائم القانون الوطني، إلا أن هذا التفريق لا يكفي لكي يكون للجرائم الدولية استقلالها، وإنما يتضح ذلك بفضل الركن الدولي وما يتميز به من أحكام خاصة. ويراد بالركن الدولي في الجرائم الدولية بصفة عامة، أن هذا السلوك المحرّم ينطوي على مساس بمصالح الجماعة الدولية، وهي المصالح التي أكدها وعمل على حمايتها النظام القانوني الدولي، وُيعّد هذا الشرط جوهرياً، ذلك أن الفعل المستوجب للمساءلة الجزائية الدولية يجب أن يتضمن انتهاكاً للقيم الأساسية في المجتمع الدولي سواء كان المجني عليه فرداً أم دولة أم المجتمع البشري بأسره، ومن المتفق عليه أن هذا الركن ينطوي على جانبين: الأول شخصي: ويتمثل في ضرورة أن تكون الجريمة الدولية ترتكب باسم الدولة أو برضاها. فالشخص الطبيعي عندما يرتكب الجريمة الدولية لا يرتكبها لشخصه، وإنما بصفته ممثلاً لدولته وحكومته، وفي أحيان كثيرة ترتكب الجريمة الدولية بعلم أو بطلب من الدولة أو باسمها أو بمباركتها وموافقتها. والثاني موضوعي: ويتجسد في أن المصلحة المشمولة بالحماية لها صفة دولية، فالجريمة الدولية تمسُّ بمصالح المجتمع الدولي أو بقيمه أو بمرافقه الحيوية. خامساً - الآثار القانونية للجريمة الدولية وسبل مكافحتها: نظراً لخطورة الجريمة الدولية وفداحة النتائج المترتبة عليها فقد رتّب المجتمع الدولي ونظامه القانوني مجموعة من الآثار القانونية في حال ارتكابها، ومن أهم هذه الآثار جواز التسليم. واستبعاد قاعدة التقادم من التطبيق. واستبعاد نظام العفو من التطبيق، إضافة إلى استبعاد الدفع بالحصانات في حال ارتكاب أي من هذه الجرائم الدولية. وفي سبيل مواجهة هذه الجرائم والحد من خطورتها بادرت الدول منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، إلى وضع قواعد قانونية تكفل ضمان مكافحة تلك الجرائم ومعاقبة مرتكبيها، وهو ما تحقق من خلال تقنين مبادئ نورمبرغ التي تُعد أول محكمة دولية فعلية لمعاقبة المُتهمين بارتكاب جرائم دولية من هذا النوع، ولهذا كلفت الأمم المتحدة لجنتها القانونية بموجب قرارها رقم (177) بتاريخ 21 - تشرين الثاني 1947 أن تتولى (صياغة مبادئ القانون الدولي المعترف بها في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ وفي حكم هذه المحكمة). وقد عينت اللجنة Spiropouls مقرراً، وكلفته إعداد المشروع وتقديمه إلى اللجنة وهو ما تم بالفعل خلال الدورة الثانية للجنة (5 حزيران - 29 تموز سنة 1950)، إذ اعتمدت اللجنة هذا التقرير وقدمته إلى الجمعية العامة في دورة انعقادها الخامسة في 3 آب 1950. وقد تضمن هذا التقرير صياغة لسبعة مبادئ تشكل الأساسيات القانونية التي ينبغي أن تحكم المسؤولية الشخصية عن الجرائم الدولية. ففي ضوء هذه المبادئ قامت اللجنة بتعيين الجرائم الدولية المعاقب عليها في القانون الدولي فحددتها بأنها تشمل الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ثم حددت اللجنة في المبادئ الستة الأخرى النظام القانوني الذي ينبغي أن ينظم موضوع المسؤولية الشخصية عن هذه الجرائم، وتشمل: 1- المسؤولية الدولية للفرد: حيث اعتبرت اللجنة أن «كل شخص يرتكب فعلاً يشكل جريمة حسب القانون الدولي يسأل عن فعله ويوقع عليه العقاب». 2- سيادة القانون الدولي على القانون الداخلي: وهو ما تم التعبير عنه بعبارة «أن عدم معاقبة القانون الداخلي على فعل يعتبره القانون الدولي جناية دولية لا يعفي الفاعل الذي ارتكبه من المسؤولية في القانون الدولي». 3- عدم الاعتداد بالحصانة في الأعمال التي تشكل جرائم في نظر القانون الدولي: وقد عبرت اللجنة عن هذا المبدأ بإشارتها إلى «أن ارتكاب الفاعل لجريمة دولية بوصفه رئيساً للدولة أو حاكماً لا يعفيه من المسؤولية في القانون الدولي». 4- عدم جواز الدفع بأمر الرئيس للإعفاء من المسؤولية: وقد تمت صياغة هذا المبدأ على النحو الآتي: «أن ارتكاب الجريمة بناء على أمر من حكومة الفاعل، أو من رئيسه في التسلسل الوظيفي، لا يعفيه من المسؤولية في القانون الدولي شريطة أن تكون له القدرة على الاختيار». 5- المحاكمة العادلة: باعتبار أن «كل شخص متهم بارتكاب جريمة من جرائم القانون الدولي، له الحق في محاكمة عادلة سواء بالنسبة للوقائع أو بالنسبة للقانون». 6- الاشتراك في الجريمة الدولية: ووفقاً لهذا المبدأ فإن الشريك في الجريمة الدولية يعتبر مسؤولاً مسؤولية جنائية عن عمله الذي شارك به في ارتكاب الجريمة، وذلك بصرف النظر عن كون هذه المشاركة سابقة أو معاصرة أو لاحقة لارتكاب الجريمة. كما أن تبني هذا المبدأ يؤدي إلى إنزال جميع المساهمين في الجريمة منزلة الفاعل الأصلي. وعليه فإن السلوك في القانون الدولي عند ارتكاب الجريمة الدولية أوسع مما هي عليه صورته في القانون الداخلي، إذ يشمل التآمر وتدبير الخطة والتنظيم والمساعدة والتحريض، وكل صور المشاركة الأخرى الخاصة بالإعداد للجريمة أو اقترافها. علماً أن مواجهة هذه الجرائم ومكافحتها يتطلب تعاوناً متعدد الأوجه والمجالات على جميع الصعد، الوطنية والإقليمية والدولية، فلا يجوز لدولة أن تتقاعس عن ملاحقة وعقاب مجرم دولي بذريعة أنه لم يهدد أمنها وسلامتها أو لم يرتكب أياً من جرائمه في مواجهتها، ومن هنا فإن هناك التزاماً قانونياً دولياً على عاتق الدول على الصعيدين، الوطني المحلي، لمكافحة الجرائم الدولية. ومصدر هذا الالتزام وأساسه القانوني في اتفاقيات جنيڤ لعام 1949 التي عُنيت بالتفريق ما بين «الانتهاكات» و«الانتهاكات الجسيمة» التي عدّتها تلك الاتفاقيات من جرائم الحرب، وفرضت التزامات محددة على عاتق كل الدول لمنعها وقمعها ومواجهتها، وهو ما نصت عليه المادة (49) من الاتفاقية الأولى والمادة (50) من الاتفاقية الثانية والمادة (129) من الاتفاقية الثالثة والمادة (146) من الاتفاقية الرابعة التي أشارت إلى أنه: 1- يتعين على الأطراف السامية المتعاقدة أن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعّالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية. 2- يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلي محاكمه، أياً كانت جنسيتهم. وله أيضاً، إذا فضل ذلك، وطبقاً لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلى طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم مادامت تتوافر لدي الطرف المذكور أدلة اتهام كافيه ضد هؤلاء الأشخاص. أي إن الأثر القانوني الأوّل المترتب في حال ارتكاب تلك الجرائم الدولية هو: 1- وجوب تجريم تلك الأفعال والممارسات المكونة للجرائم الدولية الُكبرى والخطيرة وضمان معاقبة مرتكبيها. 2- وجوب محاسبة الشخص المعني عن ارتكاب أي من تلك الجرائم الدولية التي تُعد من الانتهاكات الجسيمة والمخالفة لقواعد القانون الدولي، سواء أمام المحاكم الوطنية أو بتسليمهم إلى دولة أخرى تريد محاكمتهم، وتمتلك أدلة كافية لتوجيه الاتهامات لهم، وهو ما يُشكل جوهر التعاون الإقليمي والدولي في هذا الصدد. وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي يمكن إجمال أهمّ المواثيق التي تحدد أبعاد الجرائم الدولية وترسي أسس معاقبة مرتكبيها في مجموعة الأعراف الدولية التي تكوّن القانون الدولي الإنساني ولاسيما تلك الخاصة بتقرير الحماية الإنسانية لكل أفراد البشر، وتحرّم تعرّضهم لأيّ هجمات، وهذه الأعراف استقرّت منذ وضعت اتفاقيات لاهاي لسنتي 1899و1907، وكذلك اتفاقيات جنيڤ لعام 1949. قانون مجلس الحلفاء رقم (10) بشأن معاقبة الأشخاص المرتكبين لجرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية الصادر في 6/12/1945 والذي طبقته المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج. ميثاق المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى الصادر في 29/4/1946 الذي طبقته المحكمة في محاكمة مجرمي الحرب في طوكيو. برتوكول جنيڤ الدولي الأوّل الذي تمّ إلحاقه باتفاقيات جنيڤ والذي يرسى قاعدة حماية المدنيين في زمن المنازعات المسلحة الدولية، والذي تمّ التوقيع عليه من الدول الأعضاء في اتفاقيات جنيڤ في عام 1977. مشروع قانون الجرائم ضدّ أمن وسلامة الإنسانية الصادر بوثيقة الأمم المتحدة رقم (أ/2693) لسنة 1954، ومشروع قانون الجرائم ضدّ أمن وسلامة الإنسانية والذي وضعته لجنة القانون الدولي في جلستها رقم (46) والصادر بوثيقة الأمم المتحدة رقم (أ/46/10) في عام 1991. قانون المحكمة الدولية لمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقوانين الإنسانية والتي تم ارتكابها في يوغوسلافيا السابقة والصادر في 25/5/1993 بوثيقة الأمم المتحدة رقم (827) لسنة 1993. قرار مجلس الأمن رقم (955) لسنة 1994 والذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا سنة 1994 بموجب وثيقة الأمم المتحدة رقم (955) لسنة 1994. مشروع قانون الجرائم التي تم ارتكابها ضدّ أمن الجنس البشري وسلامته الذي أعدته لجنة القانون الدولي، والذي ورد في وثيقة الأمم المتحدة رقم (32) لسنة 1996. إضافةً إلى ميثاق روما لعام 1998 الخاص بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي ابتدأت عملها فعلياً بدءاً من 1/7/2002. الخلاصة : ومن كل ما سبق يتضح أنّ الجرائم الدولية لا تزال من الموضوعات الخلافية في القانون الدولي، فلا يزال من الصعب تحقّق ما يمكن تسميته بالاتّفاق الكامل على أنواع الجرائم الدولية، الأمر الذي يؤكد أنّ عملية تعريف المفاهيم والجرائم الدولية تخضع في جانب كبير منها للعوامل والتفاعلات السياسية والاعتبارات المصلحية، وهذه تحكم التفاعلات ما بين الدول المختلفة في المحافل والمؤتمرات الدولية، التي عادة ما يتمّ خلالها وضع التعريفات والاتفاق على الخطوط العريضة التي تشكّل الأركان التي تقوم عليها الأنواع المختلفة للجرائم الدولية.
- سالم محمد سليمان الاوجلي، أحكام المسؤولية الجنائية عن الجرائم الدولية في التشريعات الوطنية، الطبعة الأولى (الناشر الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، مصراتة، ليبيا2000). - محمد عبد المنعم عبد الخالق، الجرائم الدولية، دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب، رسالة دكتوراه منشورة (الطبعة الأولى، القاهرة 1989). - عبد الواحد محمد الفار، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، بلا رقم الطبعة (دار النهضة العربية، القاهرة 1995). - عبد الله سليمان سليمان، المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي (ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1992). - حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية، دراسة تحليلية تطبيقية (دار النهضة العربية، القاهرة 1999).
|