يكفي اجتماع الأمين العام الأممي غوتيريش مع وزير الخارجية والمغتربين السوري، كما يكفي الوضع المزري لأمين عام جامعة الدول العربية وهو يستجدي من الفريق السوري التحية، فلقد قلب وليد المعلم الطاولة على المتباكين على القانون الدولي وفتح باب القانون الدولي على مصراعيه، وأعاد الاعتبار لمبدأ السيادة الذي تجاهله السبعة الذين أصدروا بيانا ضدّ سورية للتشويش.
لا شيء سيردع سورية عن استكمال مهمتها الوطنية، فالشعب السوري في نهاية المطاف هو الذي يقرر، والشعب السوري هو في أرضه ويباشر سيادته الشعبية فوق ترابه ومن خلال مؤسساته الحكومية والمدنية والباقي ليسوا سوى متطفّلين على السيادة السورية.
لقد فضح وليد المعلم أنّ الذي لم ينفذ التزاماته التي أقرتها لقاءات إستانة وسوتشي هو تركيا وذلك من خلال دعم تنظيم النّصرة الذي يهيمن على إدلب والشمال الغربي، وهي بذلك - أي إدلب - أصبحت تشكل تجمعا هو الأكبر في العالم للإرهابيين، وهذا يكفي ليخول سوريا الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، وأكد وليد المعلم على أنّ سوريا منحت ما يكفي من الوقت من أجل إنجاح تلك المبادرات بخصوص الوضع في إدلب، وهكذا أوضح وزير الخارجية السوري بأنّ كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا يواصلان وجودهما العسكري غير الشرعي فوق جزء من التراب السوري معتبرا اتفاقهما حول إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية يعتبر انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة. ولم يكتف بهذا القدر بل تابع التأكيد على أنّ سورية ستتخذ الإجراءات التي يخولها لها القانون الدولي لمواجهة أي انتشار لأي قوة أجنبية دون موافقة الدولة السورية، محملا تركيا تبعات ما تقوم به من أعمال غير مشروعة فوق التراب السوري، مشيرا إلى الأعمال التخريبية التي تقوم بها أيضا قوات سوريا الديمقراطية بحق المواطنين بالحسكة والرقة ودير الزور وحلب بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وذكر بأن ما تسميه واشنطن بالمعارضة المعتدلة تقوم بأعمال وحشية بحق الشعب تفوق تلك التي تقوم بها داعش والقاعدة، وقد أكد وليد المعلم على موقف سوريةالثابت ألا وهو العزم على تطهير كامل التراب السوري من الإرهاب والتواجد الأجنبي.
لقد أكد وليد المعلم بأنّ أوّل ما يجب فعله لحل المشكلة السورية هو وقف سياسات العدوان، وبأنّ أي حلّ سياسي في غياب وقف العدوان ودعم الإرهاب هو وهم. وقد اتهم المعلم دول بنهجها سياسات استعمارية وفرض عقوبات من طرف واحد وهذا يعني أنها تتصرف خارج أي أساس أخلاقي وقانوني.
ومع أنّ خطاب وزير الخارجية السوري كان واضحا ومتشبّثا بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة إلاّ أنّ المقترح السوري لحلّ الأزمة لا زال يواجه التجاهل، وذلك لسبب بسيط هو أنّهم وباسم مصالح الشعب - شعب آخر- يسعون لإطالة عمر الأزمة السورية، لأنهم بالأحرى يخدمون مصالح استقوائية. لم تكن يوما الإمبريالية طرفا في الحلّ ولا في السلام ولا في أي مبادرة لخدمة الشعوب، ولكن ما جرى الأيام الماضية في اجتماعات الأمم المتحدة هو ملحمة من المجاملات والمفارقات التي لم تعد مقنعة، وربما هناك عزوف أممي على مستوى الشعوب وعدم ثقة بمصداقية المؤسسة الأممية.
تدرك سورية أنّ كل هذا اللغو السياسي الذي أطلقه خصومها لا يستند إلى أي مصداقية بل هو انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة وكذا لميثاق جامعة الدول العربية، لكنها تدرك أنّ الجامعة نفسها لا تملك قرارها وأنّ قرار وقف العدوان يوجد في عواصم غربية وليس في المنطقة العربية. لكم كان غريبا أن نسمع أصواتا ناشزة تتحدث عن ابتعاد سوريةعن الأمة العربية، وهذا إسفاف في القول والنظر، لأنّ جامعة الدول العربية بوضعها الراهن لا تمثل الشعوب العربية ولا هي ناطقة باسم الأمة العربية، ولكن في موضوع سوريا نرى أنّ الجغرافيا تثأر من خلال انحشار خصوم سوريا في الزاوية، فهم مطالبون اليوم بتدبير مرتجعات الإرهاب وكيفية تدبير هزيمة المشروع التخريبي في سوريا، إنها إدلب التي تشكل امتحان اللحظة الأخيرة في معركة طالت أكثر من اللزوم ولكنها أخسرت أيضا من راهنوا عليها وراهنوا على سقوط سوريا، وهو الحدث البارز اليوم الذي أصاب الجسد الدولي بالوهن وخصوم سورية بالكوليرا السياسية.