جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

67 دقيقة.. مانديلا! | بقلم: عبد الحسين شعبان
67 دقيقة.. مانديلا!



بقلم: عبد الحسين شعبان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
25-07-2019 - 1560

في الـ 9 تشرين الثاني عام 2009 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار يوم الـ 18 من يوليو / تموز من كل عام «يوماً عالمياً لنيلسون مانديلا» تقديراً وعرفاناً لدفاعه عن قيم السلام والحرّية والتسامح وحقوق الإنسان والمساواة ومناهضة التمييز العنصري، الذي قضى جلّ حياته يناضل من أجلها. وأصبحت تلك المثل والمعاني الإنسانية ملازمة له، سواء في سجنه المعتّق، والذي دام 27 عاماً، أو بعد تحرّره وإطلاق سراحه، ولا سيّما عند انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1994، فلم يدع الكراهية أو الحقد أو الانتقام تتسلّل إلى قلبه وتسيطر على عقله، لأنه ترك الماضي وراءه، وكان يتطلّع إلى المستقبل بثقة وأمل.
وكان مكسيم غوركي الروائي الروسي قد وصف أحد ثوريّي عصره بأنه كان «نصف عقله يعيش في المستقبل»، وأظن أن مثل هذا الوصف ينطبق بدرجة كبيرة على مانديلا، فحين أصبح رئيساً لجنوب إفريقيا شرع بإعداد خطة للمصالحة الوطنية عبر مقتضيات العدالة الانتقالية، ولم يبقَ أسير الماضي، بل ذهب بنظره بعيداً إلى المستقبل، ولا سيّما في البحث عن سبل التعايش بين الأجناس والأعراق والتكوينات وعن المشترك الإنساني القاسم المشترك الأعظم.
وتستوجب العدالة الانتقالية المساءلة لما حصل، وذلك لكشف الحقيقة كاملة، ليطلع عليها الضحايا أو عوائلهم، ومن ثم لجبر الضرر على المستوى الاجتماعي والأخلاقي، بهدف إبقاء الذاكرة حيّة وإطلاق أسماء الضحايا على مؤسسات ومرافق عامة ثقافية واجتماعية، إضافة إلى التعويض المادي والمعنوي على المستوى الشخصي.
ولكيلا يتكرّر ما حصل، لا بدّ من إصلاح الأنظمة القانونية والقضائية والأمنية، وتهيئة الظروف المناسبة للانتقال الديمقراطي عبر مصالحة وطنية بعيداً عن الثأر والكيدية، في ظل أوضاع انتقالية، تتجه فيها البلاد للانتقال من ضفة إلى أخرى، ومن حكم عنصري «أقلوّي» إلى حكم ديموقراطي «تعدّدي».
وفي عام 1989 أُسست «مؤسسة مانديلا»، ودعت كل فرد إلى تخصيص 67 دقيقة من وقته لمصلحة «العمل من أجل الآخرين»، وتعود رمزية الرقم 67 إلى أن مانديلا قضى 67 عاماً من حياته في خدمة الآخرين ومساعدتهم، فمقابل كل عام دقيقة، وإذا ما أضيفت الجهود الجماعية إلى بعضها، فستكون لها قيمة حقيقية، سواء على مستوى المؤسسة أو الجمعية أو منظمة المجتمع المدني أو الحي أو البلدة أو المدينة أو الدولة، فضلاً عن هدفها الإنساني وتأثيرها النفسي في المضحي بجزء من وقته أو راحته أو ماله أو على الآخر الذي يحتاج إليها.
وإذا كان الاحتفال هذا العام اختار شعار «العمل من أجل الآخرين»، فإنه في سنوات سابقة رفع شعارات عديدة منها «العمل ضد الفقر»، أو ضد «مرض نقص المناعة - الإيدز» أو غيرها، والذي كانت ترافقه حملات توعوية وتعليمية تتعلّق بالشعار الأساسي، فضلاً عن مساعدة اللاجئين والنازحين والمهاجرين من إفريقيا ومن البلدان النامية، بما فيها من البلدان العربية.
ومنذ عام 1999 بدأت مؤسسة مانديلا عملاً مكثفاً في المجال الإنساني مركزة على التنمية الريفية والتعليم، وخصوصاً بناء المدارس والصحة، ولا سيّما ضد وباء «الإيدز»، فضلاً عن سوء التغذية ونقصها وضعف وتدهور التعليم وازدياد البطالة واتساع نطاق الهجرة، ولعل جميع تلك الإشكاليات حين لا تجد حلاً مناسباً وإنسانياً، فإنها ستكون تربة صالحة لتفقيس بيض العنف بكل أشكاله وألوانه ومبرّراته، بما فيه «الإرهاب الدولي»، ولا سيّما في ظلّ التعصّب والتطرّف التي تولّده تلك التحديات الأساسية.
لقد تسامى مانديلا على الأحقاد والضغائن، وجنح خارج ردود الفعل إلى الفضاء الإنساني، وسعى لمشاركة وشراكة الجميع وفقاً لمبادئ المواطنة التي آمن بها، والتي تقوم على الحرية والمساواة والعدالة، إضافة إلى المشاركة، وكانت مساعدة المستضعفين والنساء والأطفال هدفاً أساسياً لديه، خصوصاً في المجتمعات الأقل تطوراً، بل إنه كان يشعر بالسعادة حين يساعد الآخرين، فثمة تلازم بين التضحية والعطاء، وإذا كان الأخير للغير، فإن التضحية للنفس، وهكذا يجد الإنسان قيمة في نفسه يريدها قيمة عند الآخر، وكلّ ذلك جزء من العمل الخيري والتطوّعي.
ووفقاً لعلم النفس الاجتماعي، فإن الإنسان يشعر بالرضا والتأثير الإيجابي الذي يحدثه عمل الخير لمصلحة الآخرين، وقد توصل مانديلا إلى ذلك من خلال سيرته المهنية والقانونية وفترة سجنه ومعاناته وقناعته بأن العنف لن يولد إلّا العنف، وإنّ أي تقدّم حقيقي لن يحدث إلّا في ظروف السلام والتعايش والتسامح، وكان نيله جائزة نوبل للسلام حافزاً جديداً ومسؤولية إنسانية مضاعفة لمواصلة مشواره بعد إنهاء نظام الفصل العنصري الذي حكم البلاد أكثر من قرنين من الزمان، وهو الذي كان يردّد «لا يمكن إيقاف سيرنا نحو الحرية، وعلينا ألا نسمح للخوف بأن يقف في سبيلنا».
إن 67 دقيقة من عمل الخير من كل عام لا تعيق مسيرة أي إنسان، بل على العكس تسهم في «أنسنته» وجعله يرفل بالسعادة والراحة، فعسى أن يكون لكل إنسان 67 دقيقة!

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


نسف منازل وادي الحمص هو نسف لمعاهدة اوسلو
بقلم: عدنان علامه

رحلة الأمميين العرب من اليسار إلى اليمين
بقلم: وليد محمود عبد الناصر



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عبد الحسين شعبان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//