منذ أكثر من أسبوع كتبت عن جهد الجهاز الدعائي التركي في تغيير دلالات الألفاظ، وكانت مسألة مذابح الأرمن فى نهاية عهد حكم السلطان عبدالحميد الثانى أحد الأمثلة فى هذا السياق، وتلقيت رسالة على البريد الإلكترونى من الصديق الدكتور رفعت سيد أحمد المفكر السياسى المرموق يعدد فيها وقائع تاريخية تدين الدولة العثمانية وتصمها بالوحشية والعدوان، وهو التاريخ الذى ربما تحاول سلطات أردوغان فى أنقرة أن تقوم ببعثه اليوم ضمن محاولات إحياء العثمانية من جديد الأمر الذى فشل على نحو مدو بنشوب ثورة 30 يونيو العظمى فى مصر ونهاية فصل المؤامرة التى كانت الدولة العثمانية الجديدة أحد مشاهدها.. ومن ضمن عناصر الرصد الذى أرسله لى الدكتور رفعت: مجزرة التلال ضد الطائفة العلوية السنية موقعة مرج دابق عام 1516.
استباحة حلب ومعرة النعمان أسبوعاً كاملاً مما أدى إلى استشهاد 40 ألفا فى حلب و15 ألفا فى معرة النعمان. استباحة دمشق عام 1516 لمدة ثلاثة أيام واستشهاد عشرة آلاف سورى. استباحة ريف حمص وحلب وحماة والحسكة واستشهاد عشرات الآلاف من السكان. المذابح التى جرت بعد خروج جيش محمد على باشا من لبنان فى مناطق حاصبيا والشوف وزحلة حيث استشهد 82 ألف لبنانى. مذابح عام 1860 وهى أعمال عنف وقعت بين السكان وبين دمشق وساحل لبنان حيث كانت الدولة العثمانية تغذى الصراع.
عام 1895 مجازر ديار بكر وطور عابدين حيث استشهد أكثر من 15 ألفا من الأرمن والسريان والآشوريين. جاءت مجازر الأرمن بين 1915 ـ 1916 التى راح ضحيتها مليون ونصف مليون أرمنى فى ديار بكر وأرمينيا وأذربيجان وشمال العراق وشمال حلب والشدادة ودير الزور والأناضول وأضنة وطور عابدين وطوروس.
وأخيرا مجازر السريان والكلدان والآشوريين التى استمرت من 1916 إلى 1920 وراح ضحيتها 500 ألف شهيد فى سهل أورميا وعُرفت باسم مذابح (سيمو) وكذلك مذابح الأرثوذكس واليونان البونتيك من عام 1914 إلى عام 1923 واستشهد فيها 350 ألف إنسان.. ياله من تاريخ دموى موغل فى الوحشية والعدوانية لقد عززت تلك الرسالة قناعاتى بأن تراث العثمانيين فى القتل يجعلنا مطالبين بالحذر الشديد أمام دعوة إحياء العثمانية التى لا تعنى سوى إحياء القتل وجنون سفك الدماء حيث لن يرضى السلطان أردوغان إلا بهما.