بقلم: حسام خلف
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 03-12-2018 - 1719 خاض العالم -ويعنينا هنا العربي- مواجهات وحروب دموية ضد التنظيمات التكفيرية والتطرف الديني، فلم تسلم مصر ولا الجزائر ولالبنان ولا الأردن ولا السودان ولادول الخليج -فضلاً عن سوريا والعراق- من هذا الفكر ومفرزاته على ساحة الواقع… من اضطرابات وقلق ودماء وتدمير، فطال تدميره البنى الاجتماعية قبل البنى الحجرية ،وبنية الإنسان قبل بنية العمران ...ولازالت تجاربنا في مواجهة هذا المد تجارب عسكرية استئصالية في حين أنه يتجدد ويتمدد ويستشري كل مدة أكثر من سابقاتها ...
ولتكرار التجربة بهذا الشكل دون محاولة لإبداع طرق أخرى دلالة على أن الإطار الفكري الذي نقارب به الأفكار لم يتبدل طوال تلك السنين… وزاوية النظر هي هي. بينما يقول التفكير الاستراتيجي أنك: إن فشلت في معالجة الأمر مرة بعد مرة فإن عليك تغيير الإطار… والنظر من زاوية أخرى. إن التفكير في ظاهرة الإرهاب الديني يقودنا للتساؤل عن كيفية عمل المنظومة الإرهابية ،أي أن نسأل : كيف يشتغل الإرهاب في الواقع؟ فإذا مااستطعنا تكوين رؤية شاملة عن النظام الذي يشتغل الإرهاب من خلاله ،عرفنا النقاط التي نستطيع أن نتدخل فيها لتعطيل هذا النظام. وعند التأمل في الحالة الإرهابية نجد أن لها نوعين من المدخلات… مدخلات فكرية وأخرى بشرية… فالأيديولوجيات الدينية المتطرفة مدخلات أساسية في عملية إنتاج الإرهاب والشباب المتدين اليائس (الجاهل ) المتحمس للتغيير مدخلاتها البشرية. يتم العمل في غرف عمليات مظلمة- تعمل كأنظمة للتحكم- على تجنيد الشباب المذكور وتأطيرهم فكريا من خلال الأيديولوجيات (المتطرفة )،وجمع الأموال من داعمين اقليميين ومحليين ،ثم يتم التخطيط للعمليات وإطلاقها. ونحن عادة لانرى إلا تلك النتيجة من تفجيرات وأعمال ارهابية ونواجهها بعد إنتاجها. بينما تبقى تلك المراحل المتقدمة تعمل حتى في حال القضاء على بنية التنظيم العسكرية ومن ثم تنتج نفسها بأشكال أخرى قد تكون أشد خطرا وإيذاء. فماذا لو فكرنا إلى جانب الأعمال الإجرائية بتعطيل عمل المنظومة في نقاطها الحساسة ؟ أي العمل على إيقاف العجلة قبل الوصول للمخرجات الإرهابية ووضع العصي في العجلة من أول انطلاقها . فالنقطة الأهم التي يمكن العمل على معالجتها هي نقطة ماقبل الأدلجة ، فمادام هناك أيديولوجيا متطرفة ،وشباب يائس عاطل جاهل ،سيبقى الإرهاب مستمرا ،والسؤال الكبير هو : هل نستطيع تقديم أيديولوجيا تستقطب هذا الشباب (المصاب بالظمأ الديني ) تكون على نفس السوية من الجاذبية ولكن نتائجها إيجابية للمجتمع ؟ مثلا أن يتم تكريس مراكز أبحاث ومفكرين متخصصين بالفكر الديني بحيث يقومون على نقد تلك الأيديولوجيات الهدامة بنفس أدواتها ،وتقديم أيديولوجيات مقاربة (جهادية ) تكون بديلا عن تلك لكنها موجهة لمحاربة العدو الصهيوني مثلا،وعند إذن نكون قد عطلنا مدخلات المنظومة واستثمرنا في هذه الطاقات الشبابية . ويتم هذا بالترافق مع عمل إعلامي وتنظيمي بحيث يتم توجيه هذه الطاقات لمحاربة الصهيونية بدلا من مواجهة المجتمعات التي يعيشون فيها . طبعا ليس هذا حلا جذريا إنما هي مقاربة جديدة للحل على فرض بقاء السوية الفكرية للمجتمعات العربية على حالها وبقاء الأزمات وحالة اليأس السائدة. أما لو تم العمل على مشروع نهضة متكامل الأبعاد، يبدأ فكريا بفلسفة الأفكار ورفع السوية المعرفية الأخلاقية للمجتمع، ينتج عنها فاعلية اقتصادية معرفية انتاجية وإنسانية متقدمة فذلك مانأمل ويأمل كل صاحب هم يعنى بالشأن العام.
لا يوجد صور مرفقة
|