بقلم: خالد العبود
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 12-11-2018 - 2457 تابعتُ بعض الأخوة السوريين وهم منشغلون في التأكيد على "سوريتهم" بعيداً عن العروبة، وهو شعور يمكن أن يفهم إذا ما تمّ فهم وإدراك المذبحة التي سيقت لها سورية خلال السنوات الماضية، وما تعرض له السوريون من قتل وتشريد وتهجير فاق الوصف، خاصة وأنّ "النظام العربيّ" كان مساهماً أساسيّاً بهذه المذبحة..
تجاوز انشغال بعض الأخوة السوريين المستوى العاطفي في بحثهم لهويتهم، حيث بدأ البعض يجهد في تأصيل هذه الفكرة، غير أنّ هناك ملاحظات يجب ان نركّز عليها، كي يتم الانتباه لخطورة ما يعمل عليه بعضنا: - لقد وصل الأمر جديّاً إلى محاولة تأكيد لهذه الدعوات، من خلال التركيز على "الأمة السورية"، وهم بذلك يحاولون ان يخلطوا بين معنى سورية بحدودها السياسيّة الحالية، ومعنى سورية الطبيعيّة، حيث يبدو لنا أن هناك من يريد العبث بالوجدان الجمعي للسوريين لجهة هذا العنوان، خاصة حين ندرك ان سورية الطبيعية هي اوسع واكبر من سورية السياسية اليوم، بمعنى انّ "لبنان" و"الأردن" و"فلسطين" من ضمن هذه "الأمّة"، غير أن سورية الدولة بحدودها الحالية تعرّضت للعدوان من "الأردن" ومن "فلسطين" من خلال "حماس"، كما تعرّضت للعدوان من أطراف "لبنانيّة" أكثر مما تعرضت له من "مصر" و"الجزائر" و"المغرب" و"تونس" و"السودان"، حيث كانت "موريتانيا" متفهّمة للموقف السوريّ والحالة والدور السوريّ أكثر بكثير من بعض السوريين أبناء كثير من المحافظات السورية، وهذا يعني أنّ الفكرة "السوريّة" الطاردة للعروبة والتي يعتبرها البعض وجوداً حقيقيّاً موضوعيّاً يختلف عن محيطه العربيّ، لجهة العدوان على سورية، إنما هو ادعاء باطل تماماً!!!!.. - طالما أنّ السوريين قد انقسموا حول العدوان على بلادهم، وحول فهمهم لطبيعة هذا العدوان، فإنّه من الطبيعي أن ينقسم المجتمع العربي بذات الطريقة ايضاً، بعيدا عن النظام السياسيّ العربي الذي لا نغفر له موقفه ابداً.. - إنّ المغالاة من قبل بعضنا على أنّ السوريين، بالمعنى الطبيعي لوجودهم، إنّما هم أبناء حضارة، في حين أنّ الآخرين من المحيط العربي ليسوا كذلك، فإنّني اريد أن أوضّح بأن هذا المعنى يؤدي إلى أنّ "الأردن"، على سبيل المثال، جزء من هذه الحضارة في حين أن بلاد "نجد" أو "الحجاز" أو حتى "اليمن" العظيم من غير حضارة!!!.. - إنّ هذا الموقف لبعض الأبناء السوريين يذكّرني "بردّة السادات"، بعد زيارته "للقدس"، حين بدأ يركّز على الهوية والجذر "الفرعونيّ" لأهلنا في "مصر"، فخرج علينا مثقفو السلطة وهم يصدّرون بأنّ "مصر" أكبر من العروبة، وأنّ "مصر" وقعت تحت الاحتلال العربيّ، وهي الآن تتحرّر منه، وكان هناك من يسوّق هذه المعاني والمفاهيم خدمة لأجندات عزل "مصر" وتحييدها، ونعتقد ان ذات السيناريو يستعمل مع سورية، بعيداً عمّن يدفع باتجاه ذلك.. - يجب ان نفرّق بين مفهوميّ "الأمّة العربيّة" وبين "الدولة الوطنية السوريّة"، فجامع أفراد وأبناء الدولة مختلف عن جامع أبناء الأمّة، وليس كلّ من ينتمي إلى الدولة في سورية ينتمي إلى الأمة، كذلك بالنسبة لأبناء الأمة فهم ليسوا جميعاً ينتمون لأبناء الدولة السورية.. - إنّ إصرار البعض منّا على أنّنا أمّة قائمة بحدّ ذاتها، فإنّه يحقّ لنا ان نطرح عليه السؤال التالي: ما هي هوية هذه الأمّة التي تختلف فيها عن محيطها العربيّ، وهل الذي يجمع أبناء "دمشق" و"بيروت" و"عمّان"، على سبيل المثال، يفرّقهم عن أبناء "بغداد" و"القاهرة" و"تونس"؟!!.. - البعض يخلط بين سورية الدولة وبين سورية الأمّة، فيريد لسورية الدولة ان تكون أمّة سوريّة، وهذا في تقديرنا تسطيح معرفيّ شديد، لا يمكن له أن يتحوّل إلى واقع موضوعيّ، باعتبار أنّ الغالبية العظمى للشعب في الدولة السورية ينتمي إلى الامّة العربيّة، وهي امّة ذات مقومات هامة جدّاً، أهم هذه المقومات لغتها الحيّة والمتميّزة.. - وهنا يجب ان نفرّق بين مفهومي "الهوية" و"الخصوصية"، فالأمّة العربيّة هي أمّة صاحبة "هويّة"، في حين انّ الجزء "الشاميّ" الشرقيّ من هذه الأمّة، أو الجزء الغربيّ "الجزائريّ" منها على شواطئ المتوسط، لكلّ منهما "خصوصيّة" في "الهويّة" ذاتها، لذلك فإنّ بعضنا يرى انّ هناك "هوية سورية" في حين نراها "خصوصيّة سورية" في ظل "هوية عربية" جامعة..
لا يوجد صور مرفقة
|