هل للأمة شخصية مستقلة ؟وهل تفقد الأمم شخصياتها ؟وإن فقدتها فماهو المصير ؟
إن الامة هي تلك الجماعة من الناس ،التي يضمها إطار شامل ،معنوي كان كثقافتها الواحدة وأسسها الفكرية ،أومادي كالأرض الواحدة ،وليست هذه كتلك ،
فمايميز الإنسان عن غيره من الاحياء هي ذاته الموسومة بالمعرفة والإدراك والتفكيروالقابلة للتطور. إن الثابت الوحيد في نمط الحياة الإنسانية هو قابليتها للتغيير والإبداع ...
فالامة التي يشكلها إطار ثقافي لها من التماسك ماليس لتشكيلة أخرى، وهو الذي يرسم للأمة ملامحها الشخصية ،فالحضارة تقوم على الثقافة والثقافة ينتجها الفكر والفكر تثيره التساؤلات… ولنا أن نسأل إذا عن شخصية أمتنا ،أين هي ؟وماهي ؟وهل شخصيتها حاضرة وعلينا تعريفها وممارسة الحياة بمايلائمها ،أم أن علينا صياغتها ؟
ندرك جيدا أن الأمم تتمايز عن بعضها في المكونات الثقافية والقيم وفي العقل الجمعي ،والروح العامة ،وأن لكل أمة شخصيتها وعليها أن تثق بها ،لأننانلاحظ أن المتقمص لشخصية غيره يبدو فاشلا مثيرا للاشمئزاز، غير مقدر قيمة ذاته .
إن مثل هذا الشخص نعتبره مريضا أوغير متزن ، وكذلك الأمة ،إن لم تثق بذاتها وشخصيتها فهي أمة مريضة ،وعلاجها العودة إلى الذات ،ومعرفة الإمكانات ونقاط الضعف ،ثم الانطلاق في مسيرة التطور،على قاعدة من الرضا والثقة بالنفس .
هل يمكن أن نقيم في دولة من دول الخليج العربي بنايات على النمط الأوروبي ؟كلا ،فهم عادة يبنونها لتلائم حاجتهم للشمس بينما يحتاج أهل الخليج إلى الظل .
ومن الغباء أن نطلب من الشعوب العربية عدم التركيز والانهماك في المصنع الذي ينتج إنسانا ذا بعد واحد ،بينما نعاني نحن من التشتت .وقس على ذلك المجالات الأخرى في الاقتصاد والتربية والاجتماع وغيرها .
نعم من المطلوب أن نتعلم علومهم ،ونستفيد مماقد يفيدنا منهم ،لكن بمايتلائم مع مقتضيات الواقع ومتغيراته .نحن نعاني من الإفراط في اتجاهين -اتجاه الغلو في الماضي وتقاليده بغثها وسمينها ،واتجاه الهجرة عن الذات والذوبان في الآخر.
لماذا لانصنع مستقبلنا ونشيّدحضارتنا بمايتلائم وشخصيتنا الذاتية ؟
أو بتعبير آخر : لم لانبحث عن ذاتنا كأمة ثم نخطوا بثقة نحو مستقبل يلائمنا ؟
إن البحث عن الذات ينطلق من المرتكزات الثقافية ،والثقافة الراسخة هي نتاج المنطق سليم .ومن هنا نسأل :هل نحن بحاجة إلى إعادة النظر في منطقنا الفكري ومبادئ معرفتنا كأمة عربية إسلامية ؟