تقدم أحد نواب مجلس الشعب أو مجلس الأمة أو النواب أو البرلمان، فقد تغيرت الأسماء طبقا لنظم الحكم وتردد الاسم بين الأسماء العربية مثل الشعب والأمة والأسماء المعربة عن الفرنسية أو الإنجليزية مثل البرلمان،
باقتراح كي يصدر البرلمان قرارا للحفاظ على الأسماء العربية وتحريم الأسماء الأجنبية منذ شهادة الميلاد حتى البطاقة الشخصية وجواز السفر وجميع الأوراق الرسمية الخاصة بالمواطن. واستهجن معظم النواب هذا الاقتراح حتى ولو كان يعبر عن نية طيبة في الحفاظ على اللغة العربية ونقائها من العجمة التي بدأت تغزوها خاصة في الأيام الأخيرة. وهو اقتراح جاد بصرف النظر عن قدرة القرار لو صدر على تغيير عادات الشعب وتلقائية الوالدين وحقهما في اختيار الأسماء للمواليد الجدد، بعد أن فكرا فيها طويلا قبل الولادة. ويعبر كل اسم يختاره الوالدان عن مدى الفرحة بالمولود الجديد. فالأنثى تسمى جولييت أو سونيا. والذكر يسمى جورج أو جاك. والباعث وراء ذلك هو التغريب أي أثر الغرب في الثقافة العربية والولاء له والتخلي عن الشخصية الوطنية. ويتم ذلك من الأقباط والمسلمين على حد سواء.
ومن يسير في شوارع القاهرة يكفيه أن يرى أسماء المحلات الأجنبية مثل كوافير أو كاربت مع أن أسماءها العربية متاحة، مصفف الشعر لأن كلمة حلاق مرتبطة بحلاق الصحة، وسجاد، ولكن صاحب المحل يظن أنه بالاسم الأجنبي الفرنسي أو الإنجليزي تكثر زبائنه فيزداد دخله على حساب اللغة الوطنية. أما أسماء البضائع الأجنبية فما أكثرها مثل تويوتا، شيفورليه، رينو، سوزوكي للسيارات أو شارب للأجهزة الكهربائية، أو بلو جينز للملابس، أو تاكي للأثاث. الفرق هو الكتابة بحروف لاتينية أم بحروف عربية كما كان يفعل اليهود في إسبانيا، يكتبون باللغة العربية ولكن بحروف عبرية. أما أسماء الفنادق فكلها أجنبية، هيلتون، شيراتون، كونراد، سميراميس، سوفيتيل، وندسور، ميتروبوليتان، وهي فنادق الدرجة الأولى. وفي مقابلها أسماء مكة، والمدينة، والأزهر، والحسين وهي فنادق الدرجة الثالثة أو الرابعة. أما الوجبات السريعة فمعظمها بالإنجليزية مثل هامبورجر، تشيز برجر، كومبو أو بالإيطالية مثل بيتزا، وهناك محلات تجمع بين اللغتين مثل بيتزاهت. أما أسماء مواقع التواصل الاجتماعي فما أكثرها مثل فيسبوك، تويتر، واتساب، إنستجرام. ومعظم أسماء الأدوية أيضا بالرغم من وجود ما يقابلها بالعربية مثل فيتامين، أنتي بيوتك، جلسرين، بيتادين، وبعض تحليلات الدم مثل هيموجلوبين. وقد حاولت سوريا تعريب الطب إلى طب عربي خالص بأسماء عربية خالصة كما حاولت إسرائيل إيجاد مقابل عبري لكل ألفاظ الحداثة الغربية.
ولا يقال إن ذلك شيء طبيعي.
إذ يتم تحول لغة الغالب إلى لغة المغلوب كما تحولت الألفاظ العربية خاصة في العلوم والأطعمة إلى اللغات الأجنبية في مرحلة انتصار الحضارة العربية مثل السكر، الزيتون، قهوة، شأي إلى اللغتين الإسبانية والإنجليزية. وقد خرجت قواميس عدة باللغة الإسبانية عن الألفاظ العربية التي دخلت اللغة الإسبانية وهي بالآلاف. والسؤال هو: في أي مرحلة من التاريخ، مرحلة الغالب أم مرحلة المغلوب؟ وهل التحرر الوطني يكتمل دون تحرر لغوي كما حدث في الجزائر بعد الاستقلال في مرحلة التعريب؟ ولا يدافع عن التعريب العرب فقط بل كل من يتكلم العربية لأنه عربي. فالعروبة ليست بأبٍ أو أم إنما العروبة هي اللسان. والحرص على النقاء اللغوي يتم في كل لغة خاصة اللغة الألمانية. فكل لفظ أجنبي شاع في كل اللغات له مقابل ألماني أصيل. وهكذا فعل العرب القدماء عندما ترجموا المنطق اليوناني. بدأوا بالتعريب؛ أي النقل الصوتي للفظ اليوناني ثم حولوه إلى لفظ عربي أصيل مثل قاطيغورياس أي المقولات، بيري هرمنياس أي العبارة، أنالوطيقا أي التحليلات، سيللوجستيقا أي القياس، ريطوريقا أي الخطابة، ديالكتيك أي الجدل، بويطيقا أي الشعر. ونحن مازلنا في مرحلة التعريب أي النقل الصوتي للفظ الأجنبي. واتسعت هذه المرحلة ولم تتوقف كلما زادت التبعية الثقافية للغرب. وهو ما دفع الحركة السلفية إلى التمسك بالألفاظ العربية. فاللغة العربية هي لغة القرآن. ومن فرّط في اللغة فرّط في دينه. وهو ما دعا مجمع اللغة العربية الذي يسيطر عليه الاتجاه المحافظ مثل مجمع البحوث الإسلامية إلى افتعال لفظ عربي في مقابل اللفظ الأجنبي مثل «شاطر ومشطور وبينهما طازج» ترجمة لساندويتش. وهو ما دفع الناس أيضا للحديث بالعامية وترك الفصحى مما سبب السخرية من المأذون والشيخ وأستاذ اللغة العربية عندما يتحدث بالفصحى كما صورت بعض الأفلام المصرية. وجنّد البعض أنفسهم للدفاع عن العامية ضد الفصحى بل ترجمة معظم الأعمال الأدبية لشكسبير وجوته بالعامية تقريبا للناس مما قد يدفع الناس أكثر وأكثر للبعد عن الفصحى واعتبارها لغة ميتة. بل إن بعض أساتذة الجامعات يحاضرون للطلاب بالعامية. وانتشرت من خلال أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة. ونسى المتحدث بالعربية قواعد النحو بمن في ذلك رؤساء الدول ووزراء الثقافة.
وتكون فضيحة أمام بعض رؤساء الدول ووزراء الثقافة العرب الذين مازالوا يتكلمون بالفصحى ويعرفون قواعد النحو، وأن تأتي من مصر أم العرب وكعبة العلم وموطن الأزهر الشريف واتحاد مجامع اللغة العربية. وقد تصبح اللهجات العامية لغات وطنية فلا يستطيع العربي أن يخاطب العربي في نفس الوقت الذي ندعو فيه إلى الوحدة العربية. وقد استطاعت إسرائيل أن توحد شعبها من كل حدب وصوب من خلال اللغة العبرية. والحجة أن الإيطالية لهجة عامية من اللغة اللاتينية. وقد يأتي الاعتراض من الإخوة الأقباط للتمسك بالأسماء اليونانية خاصة للبابوات. والرد أن هناك أسماء عربية مسيحية يتفق عليها الجميع مثل موسى، يحيى، يعقوب. فالعروبة هي الجامع بين الأديان والطوائف.