جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

الصين تتغير | بقلم: د. عبدالحسين شعبان
الصين تتغير



بقلم: د. عبدالحسين شعبان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
20-06-2018 - 1427

كان مجرد ذكر اسم كونفوشيوس إيجابياً في الصين، يعني أنك ستصنّف في خانة «الأعداء»، لأنه حسب التوصيف السائد يعتبر «عدواً رجعياً». وهو ما جاء عليه زعيم الصين «التاريخي» المعاصر ماوتسي تونج، في أكثر من مناسبة، وخصوصاً خلال التجمّعات الطلاّبية الغاضبة في فترة الثورة الثقافية 1965-1976.

وقد تم طي صفحات تلك الحقبة المتشدّدة، واتّجهت الصين منذ أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات لولوج مرحلة جديدة شهدت انفتاحاً تدرّجياً، ولا سيّما على التراث التاريخي ورموزه واستلهام ما هو إيجابي منه. وهكذا أعيد الاعتبار إلى الفيلسوف كونفوشيوس وأنتج فيلماً عنه، بصفته قائداً عسكرياً موهوباً ومعلماً كبيراً للقيم الإنسانية والمثل التقدمية.

وإذا كان ثمة تحوّل في الجانب الثقافي، فلأن الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والإنسانية بشكل عام شهدت تطوراً ملحوظاً، وخصوصاً أن مسألة التفكير بالمستقبل والتطلّع إليه بقراءة منفتحة للتراث التاريخي الفكري والثقافي والفلسفي، كانت حاضرة جداً. حتى وإن بدا أن الأمر يحتاج إلى زمن لمحو ما تركته عملية التشويه والاستعداء لكونفوشيوس والكونفوشيوسية والقطيعة الأبستمولوجية مع التراث، إلّا أن التوجّه الجديد كان بمثابة صحوة للصين ترافقت مع تقدّمها العلمي والتكنولوجي وسياسة الانفتاح الاقتصادي التي اتبعتها، إضافة إلى علاقاتها الدولية الجديدة.

لقد استخدم اسم كونفوشيوس أداة مغرضة لمهاجمة «أعداء» الشيوعية أيام ارتفاع أعلام الثورة الثقافية وصخبها الذي هزّ الشوارع والميادين، ولا سيّما بملاحقة الضمائر ومحاربة التفكير الحر، تلك التي كانت ذريعة لتصفية الخصوم والمنافسين، لكنه بدا اليوم أن الاسم ذاته يعمل كأداة إيجابية ذات بعد أخلاقي في الصين الحالية. وكانت دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت العام 2008 في الصين مناسبة لتسليط الضوء على أفكار كونفوشيوس، وخلال حفل افتتاح الدورة الأولمبية تمت الإشارة إلى «المنتخبات الأدبية» لكونفوشيوس، وكانت مدرسة الكادر الحزبي في شنغهاي قد أقيمت على طاولة القراءة والكتابة الخاصة بكونفوشيوس، كما تم تأسيس «المعهد الكونفوشيوسي»، وقد لاحظنا مثل هذا الاهتمام خلال زيارتنا للصين في إطار ندوة فكرية ل «الحوار العربي - الصيني» بدعوة من المعهد الصيني للدراسات الدولية.

ولفت انتباهي الاهتمام الكبير، بل والشغف الخاص من جانب المنظمين حين جئت على ذكر كونفوشيوس في بحثي الموسوم: «الفلسفة التاوية وصنوها الفلسفة الصوفية: وحدة الوجود والحضور بالغياب» مع أنني تلمّستُ وجود بقايا تحفّظات لدى الجيل الأكبر الذي تأثّر بنقد «الماوية» لأفكار كونفوشيوس والفلسفة الكونفوشيوسية باعتبارها ضد النظرية الماركسية وتطبيقاتها الماوية أو ضد «تصيين الماركسية».

ويبدو أن الجيل الأكثر حداثة والأصغر سنّاً يميل أكثر من سابقه إلى التلاقح بين الفلسفة الصينية القديمة والفلسفة الماركسية، خصوصاً وأن القسم الأكبر من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني الذي يربو عددهم على 80 مليوناً أخذ يتخلّى عن الفكر الماوي المتشدّد مع استمرار تقديره واحترامه لشخص الزعيم التاريخي ماوتسي تونج.

ولم يكن الاهتمام بالفكر الكونفوشيوسي حكومياً فحسب، بل إن الاهتمام المجتمعي، وخصوصاً الأكاديمي كان أكبر بكثير، ولا سيّما من جانب المجتمع المدني، وذلك في محاولة لإضفاء الطابع الإنساني على النظام السياسي الشيوعي في الصين، والذي لا يزال يحمل ثقله المركزي.

ويكمن أحد أسباب الاهتمام بالكونفوشيوسية في الشعور بالاعتزاز للخصوصية الصينية والانتماء إلى تراث عريق، لا سيّما بعد مرحلة عاصفة من النقد والتبشيع والتغييب، ومثل تلك الخصوصية تعني ابتداع طريق خاص ليس بالضرورة يمرّ عبر التجربة الغربية باعتبارها التجربة الديمقراطية الوحيدة على المستوى العالمي، فقد كانت هناك محاولات خلال العقد الماضي لمزاوجة الديمقراطية بالكونفوشيوسية، والأمر لا يقتصر على التنافس الانتخابي، بل القدرة على الأداء والأهلية وشرعية المنجز التاريخي، أما ما يتعلّق بالمرونة والتواضع والعاطفة، فهذه يمكن أن تضع إطاراً ومقاربة أخلاقية للإجراءات السياسية والممارسات العملية انطلاقاً من جوهر الكونفوشيوسية وروحها.

فهل مثل هذا التوجّه سيجعل الصين أكثر قرباً من الديمقراطية الغربية أم ثمة مراجعات في إطار الديمقراطيات الغربية ذاتها؟ وهذه تحتاج إلى إعادة قراءة لأدائها، وهي التي يطلق عليها مرحلة «ما بعد الديمقراطية»، ولا سيّما بصعود الشعبوية اليمينية في العديد من بلدان أوروبا والولايات المتحدة ورمزها الأكبر هو دونالد ترامب.

ربما سيكون التوقف عند التجربة الصينية بما تحمله من امتدادات «شرقانية» على الرغم من أنها لم تخلع معطفها الماركسي القديم بعد، مفيداً لجهة مقاربة التجارب الأخرى، ولكن النجاح الكبير الذي حققته خلال العقود الأربعة الماضية كفيل بقراءة جديدة للموديل الصيني.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


تاريخ العلوم بين التجربة العفوية والتجربة الحاسمة
بقلم: د. زهير الخويلدي

الخطاب الثقافي العربي
بقلم: د. حسن حنفي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. عبدالحسين شعبان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//