جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

القرارات الأميركية العبثية | بقلم: زياد الحافظ
القرارات الأميركية العبثية



بقلم: زياد الحافظ  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
27-05-2018 - 1552
القرارات الأميركية الأخيرة منذ دخول ترامب البيت الأبيض قبل 17 شهر، سواء على الصعيد الخارجي أو على الصعيد الداخلي لها دلالات كبيرة كنّا قد ذكرنا بعضها سابقا. والسمة الرئيسية لهذه القرارات هي التخبّط الناتج عن حالة إنكار لواقعها الفعلي سواء في العالم أو في الداخل الأميركي. حالة الانكار هي إنكار التراجع البنيوي وليس الظرفي لمكانة الولايات المتحدة والتي بدأت منذ عدّة عقود تبلورت بشكل أوضح مع ولاية كلنتون ومن بعده مع بوش واوباما. أما ترامب فوصوله إلى البيت الأبيض يعكس المأزق الداخلي الأميركي في البيئة الحاكمة كما يساهم في تكبير الثغرات ونقاط الضعف البنيوية الأميركية ويُسرّع التراجع فالأفول وربما الانهيار الكامل.
أما على الصعيد الخارجي يجب الاعتراف بأن ترامب ينفّذ وعوده الانتخابية بغض النظر عن جدواها وأحقّيتها، وذلك دون الاكتراث للنتائج. فما هي النتائج التي يحصدها أو قد يحصدها في مستقبل قريب؟
بالنسبة لقراره بالانسحاب من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في إيران فهناك تداعيات استراتيجية سلبية على الولايات المتحدة. فنقض الاتفاق الذي أبرمته الإدارة السابقة الأميركية والتي وافق عليها بالإجماع مجلس الأمن للأمم المتحدة يعني أن مصداقية كلام ووعود والتزامات الولايات المتحدة تناثرت في مهب الريح. أصبح الآن من الصعب الوثوق بأي شيء تقوله الولايات المتحدة. وهذا ينذر بفشل الوصول إلى تفاهم مع كوريا الشمالية. فإذا إيران التي لا تملك سلاحا نوويا تمّ التخلّي عن اتفاق معها لعدم زيادة نسبة تخصيب الأورانيوم فماذا عن قيمة وعود الولايات المتحدة باحترام أي اتفاق مع كوريا الشمالية التي تملك سلاحا نوويا؟ من جهة أخرى تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون حول اتباع "النموذج الليبي" يعني أن ما يهمّ الولايات المتحدة هو قلب النظام القائم في كوريا الشمالية وقتل رئيسه كما حصل في ليبيا. هذا يعني أن الولايات المتحدة في موقع العداء لكوريا الشمالية سواء تمّ التوصّل إلى تفاهم معها أم لا.
والعداء لكوريا الشمالية يقلق حلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا الذين لا يريدون أي مجابهة عسكرية. لكن ما يمكن أن يحصل هو ابتعاد كوريا الجنوبية عن الولايات المتحدة والاقتراب من شقيقتها الشمالية والتفاهم مع كل من الصين وروسيا. فأمن شرق آسيا لا يمكن أن يستقرّ مع استمرار السياسة الأميركية الحالية. هذا يعني أن مصير مجموعة الأسيان قد إما تتفكك وينفرط عقد تحالفي استمر لعدة عقود وإما إن تراجع مجموعة الأسيان علاقاتها مع الولايات المتحدة وتتقارب أكثر فأكثر من الصين وروسيا وفي الحالتين هذه خسارة استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة.
سياسة التلويح بالعصا لم تعد تنفع، وخاصة العصا العسكرية، حيث بات واضحا أن الاسطول السابع الأميركي غير جاهز لأي مواجهة طويلة مع الصين. والجهوزية تطال أهلية القطع البحرية وقياداتها على المواجهة في ظل عدم الاستثمار في الصيانة والتدريب. والدليل على ذلك حوادث الاصطدام ببواخر مدنية بسبب عدم الكفاءة والارهاق الذي أصاب طواقم القطع الأميركية فتمّ إقالة قيادات تلك القطع. وهناك تقارير أميركية عديدة تفيد بأن الجهوزية للقوّات المسلّحة كافة ضعيفة جدا ولا تستطيع مواجهة متوسّطة أو طويلة المدى أي خصم جدّي لديه العدّة والعتاد والإرادة. أضف إلى ذلك الكلفة الباهظة لأي مواجهة في المشرق مع إيران ومحور المقاومة التي قد تكلّف تريليون دولار سنويا وفقا لشهادة الجنرال ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة أمام الكونغرس الأميركي، فما بال المواجهة مع الصين أو روسيا؟
عودة إلى الملف النووي الإيراني فإن التهديدات التي أطلقها بومبيو تجاه إيران والدول الأوروبية ساهم في توسيع الشرخ بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. على ما يبدو فإن الولايات المتحدة لم تعد تلجأ إلى الدبلوماسية التي تعتبرها مضيعة للوقت وفقا لبومبيو بل لممارسة الضغط عبر التهديد بالعقوبات وحتى العمل العسكري لتغيير سياسات أو حتى أنظمة كفنزويلا أو كوريا الشمالية أو إيران. وهذا يدلّ على عدم خبرة وحماقة في منتهى الخطورة للأمن العالمي. نتيجة لذلك الأسلوب في التعامل مع الأمور التي تهمّ حلفاء الولايات المتحدة التي لا تكترث الأخيرة لها، يجري نقاش داخل الاتحاد الأوروبي حول إما المزيد من التمايز مع الولايات المتحدة في قضايا السياسة والدفاع والأمن أو المراوغة وتصريف الوقت لعلّ يتم إما إقصاء ترامب أو عدم ترشيحه لولاية ثانية. تصريح المستشارة الألمانية انجيلا مركل بأنه لم يعد من الممكن الاتكال على الولايات المتحدة، وبالتالي يجب التفكير في بناء قوّة عسكرية أوروبية تقوم بمهام الدفاع بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، يصبّ في منحى إنجاز استقلالية سياسية وعسكرية عن الولايات المتحدة. على صعيد آخر إن ما يبحث عنه المسؤولون في الاتحاد هو الآلية والصيغة القانونية لحماية الشركات الأوروبية التي ستستهدفها العقوبات الأميركية. فإذا ضمنت الحكومات الأوروبية وحمت الشركات التي تتعامل مع الجمهورية الإسلامية في إيران فتصبح المواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وحكومات دول الاتحاد الأوروبي مما ينسف التحالف الأطلسي ويعزل الولايات المتحدة. والمعضلة هنا هي البلطجة الأميركية في اعتبار القانون الأميركي فوق قانون دول العالم وبالتالي يخرق أحد أهم مبادئ القانون وهو المساحة الجغرافية التي يكون سائدا فيها. ما يقوم به الأميركيون هو تعدّي واضح وصارخ على سيادة الدول عبر تجاوز قوانينهم واعتبار القانون الأميركي قانونا دوليا. كلام الرئيس الإيراني ردّا على إملاءات بومبيو كان في منتهى الوضوح: "من أنتم"؟
أما قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس وفقا لقانون أميركي تمّ التصويت عليه في منتصف التسعينات من القرن الماضي فهو مثل آخر على عدم اكتراث الولايات المتحدة بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، التي جميعها تخالف شرعية القرار الأميركي.
قرارات ترامب ضربت عرض الحائط كافة القوانين الدولية وكأنها لا تعنيه. بهذا العمل هدم ترامب الهيكل القانوني الذي يحمي العلاقات الدولية والعلاقات التجارية بين دول العالم. فلا داعي لمؤسسات دولية كمؤسسة الطاقة النووية الدولية، أو المحكمة الدولية، أو حتى مجلس الأمن، إلخ. فالشرعية الدولية أصبحت فقط شرعية الولايات المتحدة. فما تقوله الولايات المتحدة يصبح قانونا على الجميع. فلا يجب أن نستغرب وجود ردود فعل من قبل دول وازنة كروسيا والصين تعيد الاعتبار إلى القوانين والمؤسسات والشرعية الدولية بمعناها الحقيقي وليس بالمعنى الأميركي.
قرارات الإدارة الأميركية لحماية لما تعتقد مصالحها التجارية تشكّل تحوّلا في مسار العلاقات الاقتصادية الدولية وتنذر بحروب تجارية ومالية وتنسف قاعدة الاستقرار الدولي كشرط أساسي للنمو. اقتراح مجموعة 4 مقابل مجموعة 7 (أي خارج الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وإيطاليا واليابان) قوامها فرنسا المانيا روسيا والصين وفقا لاقتراح رئيس وزراء ووزير الخارجية الفرنسي السابق دومينيك دي فيلبان يعني أنه يوجد بين النخب الأوربية من يريد أن يمارس استقلاليته عن الهيمنة الأميركية. من هذه الناحية يلتقي دي فيلبان مع المستشارة الألمانية حيث بدأت في ألمانيا وسائر الدول الأوروبية مراجعة بين النخب سواء كانت في السلطة أو خارجها. فقرارات الإدارة الأميركية أصبحت تشكّل خطرا حتى على وجود الاتحاد الأوروبي. ليس من البسيط أن يقول دي فيلبان في مقابلة له على محطّة راديو مونت كارلو أن التبعية للأطلسي أصبحت خطرا على سلامة الدول الأوروبية.
العالم يناقش بجدّية اليوم قيمة التفاهم مع الولايات المتحدة التي لم تعد تختبئ وراء أي شيء للتملّص من أي التزام كانت قد أقرّت به. فما قيمة التفاهمات والوعود التي تطلقها الولايات المتحدة التي تخرقها قبل أن يجفّ الحبر الذي استعمل لصوغ أي اتفاق؟ كيف إذن سيتعامل العالم مع الولايات المتحدة التي لا تستطيع أن تحترم كلمتها؟ أليس ذلك من عوالم الدولة المارقة؟ لقد أقدمت الولايات المتحدة على نسف حكم القانون في العلاقات الدولية تماهيا مع إجراءات الإدارة الحالية بنسف قاعدة دولة القانون في الداخل وعدم الاكتراث له. أليس ذلك شبيها بجمهورية الموز التي ساهمت في إيجادها في أميركا اللاتينية بعد الحرب العالمية الثانية حيث حكم القانون غاب عن رعاية شؤون البلاد؟
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


حول الثقافة السياسية
بقلم: محمود موالدي

المراهنون على ترامب لإسقاط ايران، حصانكم خاسر
بقلم: ميلاد عمر المزوغي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب زياد الحافظ |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//