جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

المثقفون بين الواجب والممكن | بقلم: د. إبراهيم أبراش
المثقفون بين الواجب والممكن



بقلم: د. إبراهيم أبراش  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
11-02-2018 - 1557
ثلاثة متغيرات حاكمة في أية مقاربة راهنة لمسألة الثقافة والمثقفين والعلاقة بين المثقف والسلطة في (العالم العربي) وهي : 
1- هيمنة الانشغالات الأمنية والسياسية والبحث عن متطلبات الحياة اليومية على حساب تراجع دور ومركزية الثقافة والمثقفين .
2- تسطيح معنى المثقف والثقافة وغلبة الكم على الكيف .
3- عملية إزاحة للمثقف الشمولي أو الوطني الجامع لصالح المثقف الطائفي والمذهبي والأثني .
 هذه المتغيرات أو المستجدات أثرت على مكانة ودور الثقافة والمثقفين ونظرة الجمهور لهم . ما قبل الانهيارات الكبرى التي اصابت الدولة الوطنية بسبب فوضى الربيع العربي  كان الإشكال الرئيسي عند الحديث عن الثقافة والمثقفين تتمركز حول حرية الرأي والتعبير وعلاقة المثقف بالسلطة والسلطان ،وآنذاك كانت السلطة سلطة واحدة ومهيمنة وهي سلطة الدولة المحتكرة لأدوات الهيمنة والتسلط ،والسلطان هو الحاكم ملكا أو رئيسا حيث لا سلطة تعلو على سلطته ، أما اليوم فلم تعد سلطة الدولة السلطة الوحيدة التي تحتكر أدوات القهر والتسلط ،ولم يعد هناك سلطانا وحيدا متفردا بالسلطة في حيزها السياسي أو الاجتماعي .
السلطان اليوم لم يعد الحاكم الوحيد الأوحد بل جماعات متعددة كل منها تنصب نفسها مرجعية للشعب ولكل منها سلطتها وسلطانها ،سلطان المال أو سلطان الدين أو سلطة الانتماءات المحلية أو عصبيات ما قبل الدولة ، وقدرتها على المنع والمنح وقدرتها على التحشيد والاستقطاب ،وبالتالي أصبح المثقف في مواجهة سلطات متعددة عليه مواجهتها جميعا إن أراد أن يكون مثقفا بالمفهوم الحقيقي للمثقف ، أو الانضواء تحت سلطة إحداها مما قد يفقده صفة المثقف .
من منطلق أن المثقفين والمفكرين بكل تسمياتهم أو تصنيفاتهم – المثقف /المفكر العضوي ،المثقف / المفكر الطليعي ،المثقف / المفكر النقدي ، المثقف /المفكر الرسولي الخ - يجب أن يكونوا في الطليعة وفي حالة تصادم مستمر مع كل أوجه الفساد والشطط في ممارسة السلطة ، وفي حالة اشتباك مع الحياة اليومية ومشاكلها وتحدياتها ، والسراج المنير الذي يمنح الأمل ويوجه الرأي العام نحو الطريق الصواب للخروج من الأزمة ، من هذا المنطلق يلوم البعض المفكرين والمثقفين ويحملونهم مسؤولية ترك المجال لأشباه المثقفين ولمنتحلي صفة المفكر ولكَتَبة السلطان وتجار الفتاوى الدينية الخ ويلومونهم لأنهم انزووا وكثيرون منهم هاجر إلى بلاد الغرب التي طالما انتقدوا سياساتها .
دون تبرئة المثقفين من المسؤولية إلا أن المفكر والمبدع ليس فدائيا دائما وبالضرورة . فدائية المفكر والمثقف واستعداده للتضحية بحياته دفاعا عن فكره وعن قضايا الأمة وإن كانت تتأتى من شخصية المثقف وقوة وأهمية إبداعه ومن الرأي العام الذي يجله ويحترمه ، إلا أن شجاعة وفدائية المثقف تُستمد أيضا وتتعزز من فضاء الحرية ، حرية الرأي والتعبير التي يكفلها القانون ، وفي العالم العربي انحسر فضاء الحرية عما كان قبل ما يسمى الربيع العربي . صحيح أن حرية الرأي والتعبير لم تكن سابقا بأفضل حالها وكانت محدودة ومُحاصَرة والسجون تعج بالمعتقلين السياسيين ولكن الحالة كانت افضل من اليوم  .
عندما يغيب الأمن وتسود فوضى وحرب أهلية يصبح القتل فيها على الهوية أو لمجرد الشبهة ودون محاكمة آنذاك تتراجع فضيلة الشجاعة والتحدي عند المثقفين ورجال الفكر الصادقين ، ويتوشح بها العسكريون والسياسيون ومن والاهم من الكَتَبة وأشباه المثقفين ،وحتى هؤلاء يستمرون صامدين في الميدان ليس لشجاعتهم بل لأن لهم مصالح مادية يدافعون عنها ولأنهم يتحركون بحماية الجيش والأمن ، وعندما يتحرك المثقف والمفكر متسلحا بمسدس أو بمرافقين مسلحين تسقط عنه صفة المثقف . لا شك أن الأنظمة العربية ما قبل فوضى الربيع العربي لم تكن أنظمة ديمقراطية ،ولكن كان في سدة الحكم قادة كبار يحترمون أو يخشون نسبيا الفكر والمفكرين ويأخذون بعين الاعتبار الثقافة والمثقفين حتى وإن اختلفوا معهم في الرأي . قادة يقدمون أنفسهم أو يزعمون أنهم يمثلون ويحمون القضايا الكبرى والفكر المعبر عنها ،الوطن والوطنية ،القومية والعروبة والمشروع القومي ، الثورية والتقدمية والتحرر من الاستعمار الخ ، أما اليوم فغالبية القادة والزعماء يفتقدون الصفة التمثيلية الجامعة لا على مستوى الدولة الوطنية ولا على مستوى المشروع القومي العربي ولا على مستوى تمثيل الفكر الثوري والتقدمي والتحرري . 
غالبية الأنظمة السياسية اليوم يسيطر عليا  الهاجس الأمني وكيفية الحفاظ على كراسي الحكم وعلى جغرافيا دولة حتى وإن كانت في حدود عشيرتهم وطائفتهم ، والحفاظ على مصالحهم التي هي ثوابتهم ومرجعياتهم بل يفرضونها كثوابت ومرجعيات للشعب أو ما تبقى منه ! .
المشكلة لا تكمن في تراجع  الفكر والمفكرين والثقافة والمثقفين بالإطلاق ،فمثل هؤلاء موجودون وربما أكثر عددا وأكثر حضورا إعلاميا في زمن السبرانية والمال السياسي . نحن نتحدث عن مضمون الفكر والثقافة وعن نوعية المثقفين ورسالتهم ، فمن يملأ المشهد الثقافي والفكري اليوم  يعكسون ويعبرون عن فكر طائفي أو مذهبي أو فئوي ، ويعبرون عن ثقافة فرعية أو مضادة ، أو كتبة مأجورين لهذه الجهة الخارجية أو تلك . 
وأخيرا فإن الفجوة كبيرة ولا شك ما بين الواجب الذي على المثقفين القيام به والممكن الذي يقومون به الآن ، وهي فجوة لا يتحمل المسؤولية عنها المثقفون فقط بل النظام السياسي برمته وخصوصا السياسيون ، وأسوء هؤلاء السياسيون الذين يتولون مناصب ثقافية وسياسية معا ، فهذا الجمع بين الوظيفتين أو الدورين يجعلهم سياسيين فاشلين ويسيئون للثقافة في نفس الوقت. 
إن كان المثقفون لا يتحملون الدور الرئيس فيما تشهده المنطقة من أزمات وانهيارات إلا أن عليهم الرهان لإظهار المخاطر التي تهدد المنطقة وهويتها وتاريخها كما سيكون لهم دور في استنهاض الحالة الوطنية وإعادة بناء الدولة على أساس الديمقراطية والمواطنة والشراكة السياسية ، لأن فوضى السلاح والحرب الأهلية مصدرها وأساسها خلل وفوضى في الثقافة والفكر وخلل في المنظومة القيمية .

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


بغداد – واشنطن، أي تاريخ وأي مستقبل؟
بقلم: عبد الحسين شعبان

الثّقافة والدّولة والمعارضة .. والسّياسة وبديهيّات مستقبل الصّراع
بقلم: اللواء الدكتور بهجت سليمان



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. إبراهيم أبراش |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2024
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       64 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       فلسطين- غزة:ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 41118//وزارة الصحة الفلسطينية: 13 شهيداً جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة في قطاع غزة منذ فجر اليوم//وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً بحي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة//خمسة شهداء في قصف الاحتلال حي الزيتون ومخيم جباليا//       ندد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة، واصفاً الحادثة بالمروعة.// سابق يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات التالي العدو الإسرائيلي يواصل اعتداءاته على الجنوب اللبناني//       القوات الروسية تطهر 10 بلدات وقرى من قوات نظام كييف في كورسك//تنديد دولي باستهداف الاحتلال الإسرائيلي لموظفي الأمم المتحدة في غزة//       أحبار الأمة والعالم :المقاومة اللبنانية تستهدف مستوطنتي روش هانيكرا ومتسوفا بالصواريخ//كوبا تدعو المثقفين السوريين لدعم الرسالة المناهضة لإعادة إدراجها على قائمة الدول الراعية للإرهاب//       ستشهاد مواطنين اثنين جراء عدوان إسرائيلي بمسيرة على ريف القنيطرة//       المقداد لـ مانزي: نرحب بالعمل مع الوكالات الأممية وتسهيل عملها//تمديد فترة قبول طلبات المشاركة في منافسات الموسم الجديد من الأولمبياد العلمي السوري//الزراعة تناقش آليات دعم بذار القمح والأعلاف واستبدال بساتين الحمضيات الهرمة//       الاحتلال الإسرائيلي يسلم الصليب الأحمر جثامين 84 شهيداً قتلهم خلال عدوانه على قطاع غزة//المقاومة الفلسطينية توقع عدداً من جنود الاحتلال قتلى ومصابين جنوب قطاع غزة// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا)// سابق المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في مستوطنة (أفيميم) وموقع (بركة ريشا) التالي وسائل إعلام لبنانية: استشهاد ٤ أشخاص جراء غارة لطيران العدو الإسرائيلي على بلدة مفيدون جنوبي لبنان//       نزوح قسري لآلاف الفلسطينيين من شمال قطاع غزة//39653 شهيداً منذ بدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة//وزارة التربية الفلسطينية: أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//المكتب الإعلامي في غزة يطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اختطاف الاحتلال لجثامين الشهداء وسرقة أعضائهم//       فلسطين:شهداء وجرحى جراء عدوان الاحتلال المتواصل لليوم الـ 306 على قطاع غزة//حماس تعلن اختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي//24 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       مذكرة تفاهم بين جامعتي البعث والبترول التكنولوجية الإيرانية // وضع مركزي تحويل كهربائيين جديدين بالخدمة في السويداء//صحة السويداء تستلم سيارات إسعاف لتلبية احتياجات المواطنين//