بقلم: د. كمال خلف الطويل ✅
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب 11-11-2017 - 2135 فاض الحديث مدراراً في الاّونة الأخيرة عن نذر حرب تتجمع في سماء الشرق , لتسّاقط عواصف دمار ولهب على أرضه.
والحال أن هناك من الدواعي والأسباب عند صنّاع قرار واحدٍ من معسكري الاصطفاف القائم ما تغريه بالمضيّ الى حافة الهاوية , بل ومحاولة القفز فوقها الى فوز ... أقصد هنا ثالوث المدرسة الترامبية في المؤسسة الأمريكية الحاكمة , معطوفةً على حلفائها في الخليج , ومصحوبةً باسرائيل. هم يرَون خسراناً في سوريا يتراكم , وتدافعاً في العراق يتعاظم , وفشلاً في اليمن يتزايد , وكلّه على خلفية انحسار المدّ الجهادي في شطري "سوراقيا العربية". عندهم أنه لم يتبقَّ إلا لبنان ساحة اشتباك وإلهاء تفيد في جرّ الخصوم الى الانشغال به , والعودة الى كرٍّ جديد في ذينك الشطرين. هل ذلك في المتناول ؟ إجراء حساب عقلي بارد لموازين القوى في الاقليم وما بعده يشي بسقفٍ متدنٍ لمقدرة استعمال القوة المفرطة عند راغبيها , وذلك لجملة عوامل , منها الفارق الفسيح بين أن تبدأ حرباً وبين أن تعرف كيف تنهيها وفق دفتر شروطك ؛ فما أيسر أن ينقلب المحدود مبتغاً إلى شاملٍ غير مرغوب , ومنها أن تبادلية الردع ما فتئت ضابط الإيقاع , ومنها أن شواهد حربٍ من أساطيل وغيرها غائبة , ومنها أن عدم الفوز في حرب كهذه إيذانٌ بتصفية اّخر معاقل المهاجِم غرباً: لبنان , ومنها أن دولة الأمن القومي الأمريكية لا تشاطر نظيرها الترامبي سبُلَه وطرائقه , ومنها أن اللجوء الى اسرائيل هو , في ذاته , برهان خيبة لحليفها الاقليمي , وعُذر انفضاض من حوله حتى وإن كان حنَق حليف الحليف – المحلي - من المهاجَم طافح. طيب , ما بديل خيار الميدان المتوفر لراغبي الانقضاض ؟ في كلمةٍ , هو المال. وهنا أيضاً , فالسقف ليس أعلى بكثير من سقف خيار الميدان , فإيذاء الوسط الشعبي المحسوب عليهم في لبنان سيفضي الى خسارته بأسرع وأكثر من الرهان عليه منتفضاً على خصومهم , وإيصال الليرة اللبنانية الى قاعٍ صفصفا سيكفل انفجاراً أمنياً تصعب السيطرة عليه , وسيرتدّ على الكلّ وفي صدارتهم المتسببين به , كما أن مردود الإيذاء على الوسط المستهدَف ليس بفارقْ. أقرب ما يكون المشهد هو إلى ذلك الكوري ؛ فالزعيق صارخ والحناجر صادحة والتهديد مروّع , لكن ترجمة ذلك فعلاً فاعلاً مضبوطٌ بسقوف واطئة تكاد الأعناق أن تتدلى خفيضةً تحتها. وكما التهويل خادعٌ فالتهوين مضرّْ , فالمال والأمن عرضةٌ لانتهاك , لكن مفاعيله وإن كانت بعضُ وازنةْ إلا أنها حُكماً غير فارقةْ. لعقدٍ ونيّف ولبنان يعيش حقبة "لا حرب .. لا سلم" لم يهددها حتى الانقسام الكبير حول الصراع السوري , والذي بلغ حد الاحتراب بين طرفيه فوق ساحته. سؤال اليوم هو: هل انفلتت ضوابط الاشتباك وأسرج المشتبكان خيولهما الى ساحة النزال ؟ عندي أن الفارق بين الرغبة والقدرة لدى المتحرّق متسّع لحدّ الدرء , وأن محصّلة الصراخ , وبعض العقوبات , وشغور السرايا , هي ما في الوسع، والله أعلم.
لا يوجد صور مرفقة
|